واشنطن-(د ب ا)- يرى الباحث دومينيك سانسون أنه في خطوة مفاجئة إلى حد ما ، قررت تركيا أن تدعم محاولة السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وسوف تجعل العضوية الوشيكة ستوكهولم الدولة الـ32 التي تنضم للحلف وأعلن أمين عام الناتو ينس ستولتنبرج في العاشر من الشهر الجاري أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان قد تخلى (أو على الأقل نحى جانبا)تحفظاته السابقة “ووافق على عرض بروتوكول انضام السويد على الجمعية الوطنية الكبرى التركية (البرلمان) في أقرب وقت ممكن والعمل عن كثب مع الجمعية لضمان المصادقة “.
وقال سانسون، وهو كاتب صحفي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، إن كثيرين لم يتوقعوا هذه الأخبار ، و خاصةً مع مراعاة حقيقة أنه قبل ذلك بعدة ساعات فقط طالب أردوغان بقبول انضمام تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي كشرط مسبق لدعم
أنقرة لانضمام السويد للناتو. وكان قد تم تقديم الطلب الأولي لستوكهولم للانضمام للحلف في شهر أيار/مايو عام 2022رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا . غير أن أنقرة كانت مترددة في دعم طلب الدولة الاسكندنافية بسبب فشلها الملحوظ في القيام بحملة ضد أعضاء حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه). ولدي السويد بعض من قوانين اللجوء الأكثر سخاء في الاتحاد الأوروبي وقبلت ملايين اللاجئين على مدار العقود العديدة الماضية، بما في ذلك الكثير من الأكراد .وتزعم أنقرة أن بعضا من هؤلاء الأشخاص لهم صلات بحزب العمال الكردستاني وبالتالي يعملون انطلاقا من السويد للتخطيط لهجمات وبث فوضى سياسية في تركيا . وانتقد أردوغان أيضا رفض السويد أن تدين بشدة مظاهرات القوميين التي تم خلالها حرق القرآن. ولكن تم فيما يبدو إزالة العديد من العراقيل بعدما التقى ستولتنبرج مع كل من أردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون في العاشر من الشهر الجاري.ولم تكن هناك أي إعلانات لاحقة فيما يتعلق برغبة تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأضاف سانسون أنه يبدو بدلا من ذلك أن العامل الآخر ، الذي يؤثر على قرار أنقرة لعرقلة محاولة السويد ، وهو الرغبة في تأمين صفقة للحصول على طائرات مقاتلة من طراز إف 16- من الولايات
المتحدة مقابل وعود بأنه لن يتم استخدامها لتهديد اليونان، قد لعب دورا أكبر . وتعمل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن على صفقة بمشاركة أربع دول سوف تمهد الطريق لبيع طائرات إف 16-، ولذا فإن من المؤكد أنه تم استخدام إحراز تقدم على تلك الجبهة كوسيلة ضغط للحصول على موافقة تركيا على عضوية السويد في الناتو. ولايجب أن تكون المساومة الجيوسياسية مفاجئة وهي ببساطة إعادة تأكيد على الحكمة القديمة بأنه لايمكن الحصول على شئ ما بدون مقابل. والأمر الأكثر أهمية هو أن عضوية السويد الوشيكة دليل على الالتزام المتزايد بالأمن الجماعي الذي انتشر في أرجاء أوروبا عقب غزو روسيا وبانضمامها للناتو، تجلب السويد معها عدد سكان يبلغ عشرة ملايين نسمة وإجمالي ناتج محلي بأكثر من 500مليار دولار ، والتزمت مؤخرا بزيادة إنفاقها الدفاعي إلى ما لا يقل عن 2% (وهذا معيار من المفترض أن تطبقه كل دولة عضو في الناتو). وتابع سانسون أنه للأسف ، هذه الحقيقة لن يكون لها أي تأثير على تشجيع الولايات المتحدة على الانسلاخ عن أوروبا ودعم خلق إطار أمني أكثر استقلالية للأخيرة. ويبلغ إجمالي الناتج المحلي الجماعي للناتو بدون الولايات المتحدة حاليا 1ر20تريليون دولار مقارنة بـ 6ر1تريليون دولار لروسيا ويبلغ عدد سكان هذه الدول 585مليون ( مقابل 160مليون نسمة تعداد روسيا ما يجعل عدد الأخيرة ضئيلا بالنسبة لهم). ورغم انضمام دولة عضو متقدمة اقتصاديا أخرى إلى الحلف عبر الأطلسي ،فإن المدخلات الإضافية للسويد تمثل مجرد قطرة في بحر الموارد الضخم بالفعل للناتو. والمنطق الخاص بأوروبا مستقلة موجود منذ عام 1991، ولكن الإرادة السياسية لتقليص دور الولايات المتحدة الدفاعي المتضخم بشكل كبير في القارة مفقودة بشكل كبير في واشنطن وبنفس القدر في برلين أو بروكسل . ويبلغ الانفاق العسكري الأمريكي حاليا حوالي 800مليار دولار مقارنة بانفاق الناتو بدون الولايات المتحدة البالغ 300مليار دولار. و لاتزال تركيا تعد أكبر مساهم بشكل كبير في جزء الانفاق والموارد للناتو بدون الولايات المتحدة. وكان شراء أنقرة للمنظومة الصاروخية سطح جو الروسية إس 400- ازدراء كبيرا لواشنطن ، وأسفر ذلك عن فرض عقوبات على تركيا . ومما لاشك فيه أن احتمال العضوية في الاتحاد الأوروبي يشكل حافزا اقتصاديا قويا لتركيا ،ولكن العودة إلى أحضان الولايات المتحدة وكسب دعمها ربما قد لعب أيضا دورا . وبعد وقت قصير من موافقة تركيا على انضمام السويد ، أعلنت إدارة بايدن استكمال صفقة طائرات إف 16-إضافة إلي الدعم الأمريكي لجهود أنقرة للتحديث العسكري . ولا يحاول أي شخص بما في ذلك أولئك في دوائر السلطة ، أن يخفي دور مبيعات الدفاع الأمريكية في إملاء سياسة أوسع نطاقا عبر الأطلسي. ومع تنحية الهواجس الأخلاقية جانبا، ليس هناك أي شئ غامض إزاء بيع واشنطن الأسلحة بهدف ممارسة النفوذ الجيوسياسي؛ ومع ذلك من المهم إدراك هذا النهج الديناميكي إذا أراد المرء أن يفهم التطورات الدولية في مجملها. ولا يمكن أن يكون هناك أدنى شك بشأن حقيقة الدور الأمريكي الميهمين على البيئة الأمنية الأوروبية . ولكن الأحداث التي تتكشف تشير إلى أن واشنطن هى الفائز الحقيقي اقتصاديا وايديولوجيا. ومن أطراف الدول الاسكندنافية مع القطب الشمالي مرورا بقلب القارة وحتى أطراف الأناضول التركية ، هناك تدفق لالتزامات جديدة بالدفاع عن مبدأ السيادة الوطنية وقال سانسون إنه بينما من المؤكد أن غزو أوكرانيا قد دفع القارة الأوروبية للتقارب أكثر معا ، فإنه عزز أيضا السيطرة الأمريكية على هذه الكتلة الصلبة على نحو متزايد . وسواء كان لذلك أي فائدة حقيقية أو لا تعود على مواطني الولايات المتحدة ،فإن هذا أمر يعد بالطبع قضية أخرى تماما.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
الاتحاد الأوروبی
الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
ترامب: من المفيد إبقاء تيك توك في الولايات المتحدة لفترة قصيرة
أشار الرئيس المنتخب دونالد ترامب الأحد إلى أنه يفضل السماح لتيك توك بالاستمرار في العمل في الولايات المتحدة لفترة قصيرة على الأقل، قائلاً إنه تلقى مليارات المشاهدات على منصة التواصل الاجتماعي خلال حملته الرئاسية.
كانت تعليقات ترامب أمام حشد من المؤيدين المحافظين في فينيكس بولاية أريزونا واحدة من أقوى الإشارات حتى الآن على أنه يعارض خروجًا محتملًا لتيك توك من السوق الأمريكية.
أقر مجلس الشيوخ الأمريكي قانونًا في أبريل يلزم الشركة الأم الصينية لتيك توك، بايت دانس، بالتخلي عن التطبيق، مشيرًا إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.
سعى مالكو تيك توك إلى إلغاء القانون، ووافقت المحكمة العليا الأمريكية على الاستماع إلى القضية. ولكن إذا لم تحكم المحكمة لصالح بايت دانس ولم يحدث أي سحب للاستثمارات، فقد يتم حظر التطبيق فعليًا في الولايات المتحدة في 19 يناير، قبل يوم واحد من تولي ترامب منصبه.
من غير الواضح كيف سيشرع ترامب في التراجع عن أمر سحب الاستثمارات من تيك توك، الذي تم تمريره بأغلبية ساحقة في مجلس الشيوخ.
"أعتقد أننا سنضطر إلى البدء في التفكير لأننا، كما تعلمون، بدأنا في استخدام تيك توك، وحظينا باستجابة رائعة بمليارات المشاهدات، ومليارات ومليارات المشاهدات"، قال ترامب للحشد في AmericaFest، وهو تجمع سنوي تنظمه مجموعة Turning Point المحافظة.
وقال: "لقد أحضروا لي مخططًا، وكان سجلًا، وكان من الجميل جدًا رؤيته، وعندما نظرت إليه، قلت،" ربما يتعين علينا الاحتفاظ بهذا المغفل لفترة قصيرة ".
التقى ترامب بالرئيس التنفيذي لشركة TikTok يوم الاثنين. قال ترامب في مؤتمر صحفي في نفس اليوم إنه كان لديه "نقطة دافئة" لـ TikTok بفضل نجاح حملته على التطبيق.
لقد زعمت وزارة العدل أن السيطرة الصينية على TikTok تشكل تهديدًا مستمرًا للأمن القومي، وهو موقف يدعمه معظم المشرعين الأمريكيين.
تقول TikTok إن وزارة العدل أخطأت في بيان علاقات تطبيق الوسائط الاجتماعية بالصين، بحجة أن محرك توصية المحتوى وبيانات المستخدم مخزنة في الولايات المتحدة على خوادم سحابية تديرها شركة Oracle Corp (ORCL.N)، تفتح علامة تبويب جديدة، في حين يتم اتخاذ قرارات تعديل المحتوى التي تؤثر على المستخدمين الأمريكيين في الولايات المتحدة.