بالمناسبة هناك نقاط عبرت عنها تقدم بقيادة حمدوك فيما يتعلق بفكرة العيش المشترك المرتكز على المساواة و ما يتعلق بمسألة الحق في الحقوق و هذا يحتاج لجهد فكري كبير لأن مسألة إنزال فكرة المساواة على أرض الواقع تحتاج لفكر عباقرة الرجال و هم في أغلب الأحيان يدركون لحظات تكوّن مفاصل الزمن و يدركون بشكل واضح لا لبس فيه كيف تتحوّل المفاهيم لتدفع الإنسانية التاريخية دفعا نحو التقدم و السير نحو الإزدهار المادي.


بعدها يصبح الإنسان التاريخي واثق من أن تجربته ستمكنه من إدراك أن المجتمع لا يحتاج لأوامر من خارجه أي أن تأتي من جهة أن يصبح للخطاب الديني قوة سياسية أو اقتصادية كما هو حال مجتمعنا السوداني التقليدي خلال الخمسة قرون الأخيرة أي منذ قيام سلطنة الفونج.
للأسف مسيرة المجتمع السوداني خلال الخمسة قرون الأخيرة مسيرة معاكسة لسير مواكب الإنسانية نضرب مثلا أن الإصلاح الديني في عام 1517 في أوروبا تزامن مع قيام سلطنة الفونج في وقت كانت مسيرة الانسانية التاريخية تسير نحو هدف تحقق اليوم في قيم الجمهورية و مواثيق حقوق الإنسان عكسه نجد حال مجتمعنا السوداني التقليدي يعكس أقبح صورة و هو مقيّد و غائص في وحل فكر الخطاب الديني و يريد أن يأبّد صورة مجتمع سوداني يأبى أن يغادر فكر القرون الوسطى.
و معروف عن تاريخ القرون الوسطى أن فكره كان لا تشغله فكرة العدالة و المساواة و هنا ينام سر فكر الإنسانيين الكبار و تفكيرهم فيما كان سائد من غياب لفكر يبحث في ظاهرة المجتمع البشري عن فكرة المساواة و عبر فكر الإنسانيين الكبار إنفتح باب الحديث عن فكرة المساواة التي تشغل بال الإنسان منذ ليل الحياة و كان فكر الإنسانيين مقاوم لفكر الكنيسة التي كانت تحاول المحافظة على حالة إنشغال الإنسان بفكرة الخلاص الأخروي. و من هناك بداء فكر الإنسانيين يجر الإنسانية التاريخية من ظلام القرون الوسطى و يسير بها نحو أفق فكر عصر الأنوار و كان الثمن باهظا من العرق و الدم و الدموع.
حال مجتمعنا السوداني و ثقافته ابنة ذهنية تاريخ الخوف لم ينتج غير أحزاب الطائفية في السودان و هي أحزاب بفكر خطاب ديني لم يغادر أفكار ما قبل الإصلاح الديني و ما زال أتباع الطائفية غارقيين في ايمانهم التقليدي و تقديسهم و تبجيلهم للامام و الختم و المرشد عند الكيزان و للأسف عندما أنفتح الباب للتأثر بالخارج لم تجلب ذهنية النخب السودانية ابنة تاريخ الخوف غير شيوعية تقليدية كدين بشري موازي لأحزاب دينية و هي أحزاب الطائفية بختمها و امامها و جماعة كيزانية بمرشد لتقدم الأستاذ الشيوعي ليكمل مربع كساد الفكر بأضلاعه الأربعة المرشد للكيزان و الختم للختمية و الامام للأنصار و الأستاذ الشيوعي الذي ينسب له الحزب الذي قد أصبح يشكل للشيوعي السوداني الذي لا يؤمن بفكرة الدولة من الأساس صورة دولة متخيلة لشيوعي منتشي فيها بحتمياته التي تقابل السياجات الدوغمائية لأتباع وحل الفكر الديني في السودان.
خلال سبعة عقود فشلت جميع الأحزاب السودانية في ترسيخ فكرة قيم الجمهورية و سادت وسط أتباع الاحزاب السودانية روح الخنوع للامام و الختم و المرشد و الأستاذ الشيوعي و هي إنعكاس للأنساق الثقافية المضمرة و هي تعكس صورة مجتمعنا السوداني التقليدي و خنوعه لثقافة سلطة الأب و ميراث التسلط لذلك تجد الشيوعي السوداني قابل بأن يقرر أعضاء اللجنة المركزية بدلا عنه و يفكروا بدلا عنه و هو خانع مثل أتباع الكنيسة في القرون الوسطى و لا يستطيع شق عصا الطاعة مثله و الكوز الخانع للمرشد أو الأنصاري الخانع للامام و الختمي الخانع للختم و كلهم كالميت بين يدي غاسله لا ينشدون غير صورة الخلاص الأخروي.
حالهم معاكس لحال من أجاب على سؤال ما التنوير الذي أجاب عنه عمانويل كانط و الإجابة بأن لا تترك أي كان أن يفكر بدلا عنك لا المرشد و لا الختم و لا الامام و لا الأستاذ الشيوعي الذي قد أصبح مانجلك الشيوعي السوداني.
المهم في الأمر أن ما يشغل بال البشرية اليوم هو كيف تحقق فكر المساواة بين أفراد المجتمع و قد أفرزت تجربة الانسان بأن الديمقراطية الليبرالية ليست نظم حكم فحسب بل فلسفة تحقيق فكرة العيش المشترك عبر تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع البشري بعيدا عن حقول رؤية الفكر الديني لأن الإنسانية و عقلها التاريخي قد نضج و أصبح يستدل على عقلانية الفرد و أخلاقيته و لا يحتاج لأوامر من خارج المجتمع عبر مهماز الفكر الديني الذي ينخس به المرشد و الامام و الختم بطن أتباعه ليحسهم على تحقيق فكرة الخلاص الأخروي. الديمقراطية قد أصبحت بديلا للفكر الديني الذي لا يمكن أن يحقق فكرة المساواة بين أفراد المجتمع و هذا أصعب حقيقة لا يريد أتباع الفكر الديني في السودان مواجهتها و التغلب عليها أي أن الدين لا يجلب المساواة و قد رأينا كيف حكم الكيزان السودان عبر ثلاثة عقود و هم يكرّسون لفكرة اللا عدالة و اللا مساواة بين أفراد المجتمع بسبب خنوعهم لفكرهم الديني الذي لا يفضي لفكرة المساواة و لهذا قلنا أن الكوز السوداني هو تجسيد لآخر صور القرون الوسطى و ثقافة تكريس اللا مساواة في محاولة تحقيق دولة الإرادة الإلهية.
و لا يختلف عن الكوز الامام الصادق المهدي و كان لا يستحي بأن يقول نحن أغلبية مسلمة و معنا أقلية مساكنة و يمكننا أن نعطيهم من الحقوق و غيره من فكر الامام الصادق المهدي الذي يجسد فكر رجل الدين أكثر من السياسي الذي يعرف بأن المساواة في الحقوق لا تتم إلا بإبعاد الفكر الديني سواء كان فكر ديني لأغلبية أو أقلية لهذا قلنا أن حال مجتمعنا السوداني التقليدي لا يقدم إلا مفكر تقليدي لا يؤمن بالمساواة كحال الصادق المهدي الذي يصف الآخر بأنه أقلية مساكنة و رغم هذا يتحدث الصادق المهدي عن تحول ديمقراطي يريد تحقيقه بفكره فكر القرون الوسطى.
و يجد الصادق المهدي من يبجّله و يقدّسه من بين الشيوعيين السودانيين كما رأينا كمال الجزولي و الحاج وراق في لجنة تخليد فكر الصادق المهدي كمفكر قرون وسطى لا يتحرج من فكرة اللا مساواة و اللا عدالة و نجد من بعد ذلك من يتواطى معه ككمال الجزولي و الحاج وراق كتواطؤ حسن حنفي مع خطاب الكيزان الديني و تواطؤ عبد الخالق محجوب و بحثه لدور للدين في السياسة السودانية و تبعه محمد ابراهيم نقد كمتواطي مع الخطاب الديني الى أن وصل لعلمانية محابية للأديان و هو يجسد جبن و خوف أتباع اليسار و تواطؤهم مع الخطاب الديني كما يصفهم هشام شرابي.
نقول لحمدوك عبر تقدم يمكنك أن تقطع علاقة تواطؤ النخب السودانية مع الخطاب الديني و تقول لهم أن ديمقراطية توكفيل تعني المساواة التي لا تتحقق في حقول رؤية الخطاب الديني و أن الدين شأن فردي يمثل أفق الرجاء للفرد في مواجهته لمصيره و لا يحتاج لوساطة رجال الدين. لأن الانسان عقلاني و أخلاقي و يعرف أن الدين ظاهرة اجتماعية أما علاقة الفرد في صراعه مع مجتمعه لا تحققها غير معادلة الحرية و العدالة التي لا تتحقق بغير فصل الدين عن الدولة.
و على الشعب السوداني أن يدرك بأنه لا يمكنه مغادرة محطات الحروب كالحرب العبثية و الجهل و الفقر و المرض قبل مغادرته لمحطة فكر وحل الفكر الديني الذي لا يمكنه تحقيق فكرة المساواة و فكرة العيش المشترك و عليه على حمدوك أن يخرج رأسه من بين كتفيه و يطرد خجله نتاج روح الخنوع للأنساق الثقافية المضمرة من الرمال و يقول لكل صاحب خطاب ديني و كل متواطئ مع الخطاب الديني أن المساواة بين أفراد المجتمع و فكرة العيش المشترك لا يحققها غير التاريخ الطبيعي للإنسانية التي لا يمثلها غير الفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الاقتصادي.
و نقول لحمدوك أنك عندما درست يا حمدوك الاقتصاد و نظرياته و تاريخ الفكر الاقتصادي و نظريات النمو الاقتصادي نظن أنك قد شفيت أو قد كنست من عقلك كل أوساخ زمن إنتمائك للحزب الشيوعي السوداني كما قال الامام محمد عبده عندما طالبه رجال الأزهر أن يرجع لهم شهادة تخرجه من الأزهر لأنه كان له فكر إصلاح مفارق لدربهم قال الامام محمد عبده أنه أحتاج لعشرة سنوات حتى يكنس الأوساخ التي رماها الأزهر في عقله و كذلك حمدوك بعد دراسته للإقتصاد و نظرياته و معرفته باقتصاد التنمية يكون قد فارق وسخ الحزب الشيوعي السوداني كمفارقة محمد عبده لأفكار الأزهر المتحجرة و عليه نريد من حمدوك أن تكون تقدم طريق تحقيق المساواة و العدالة عبر الديمقراطية التي قد أصبحت بديلا للفكر الديني كما يقول توكفيل.

taheromer86@yahoo.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الشیوعی السودانی الصادق المهدی الفکر الدینی الدینی الذی الذی لا

إقرأ أيضاً:

باجعالة يؤكد اهتمام الحكومة بمثل هذه الأنشطة والمشاريع التي تخدم المجتمع

الثورة / قاسم الشاوش

دشن اتحاد نساء اليمن بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والعدل وحقوق الإنسان وبدعم برنامج الأمم المتحدة الانمائي أمس، بصنعاء توزيع حقائب التمكين الاقتصادي للمستفيدين ضمن إعادة الادماج.

وفي الحفل الختامي لهذا المشروع أكد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل سمير محمد باجعالة أن حكومة البناء والتغير تولي اهتماماً كبيراً بمثل هذه الأنشطة والمشاريع التي تخدم المجتمع خاصة المعسرين والقاطنين بدور الإيواء وممن فقدوا مهنهم بسبب مشاكل مالية وأزمات اقتصادية. مشيراً إلى أنه لأول مرة تمنح وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل قطاعاً كاملاً باسم التكمين الاقتصادي .

وقال باجعالة إننا نستهدف اليوم 50 حالة ممن تم اختيارهم ضمن إعادة الإدماج، بذلك نشكر كل من ساهم في إنجاح هذا المشروع الذي بدء اتحاد نساء اليمن تنفيده وهذا في غاية الأهمية لأنه يدخل الفرحة والسرور في قلوب الكثير من المستضعفين في المجتمع نبارك هذه الجهود العظيمة التي بدلها اتحاد نساء اليمن التي تأتي في مكانها الصحيح كما نشكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على دعمه لمثل هذه المشاريع التي تخدم المجتمع

من جهته قال مستشار وزير العدل عدنان الصالحي أن تدشين مشروع توزيع حقائب التمكين الاقتصادي للمستفيدين ضمن إعادة الادماج. يعد النواه الأولى في حماية المجتمع خاصة الفئات المستضعفة مشيراً إلى أن الاهتمام بالفئات الضعيفة يأتي متسقاً مع توجهات الدولة، التي تولي الاهتمام بهذه الشريحة أهمية كبيرة، بل يعد إنصافها والانتصاف لمظلوميتها ضمن الأهداف الأساسية التي تسعى الدولة إلى تحقيقها. داعياً كافة الجهات المعنية إلى تفعيل دورها في هذا الجانب بما يضمن الاستمرارية والديمومة لهذه المشاريع بعد انتهاء هذا المشروع.

بدورها أكدت رئيسة اتحاد نساء اليمن فتحيه عبد الله بان هذا المشروع هدف إلى تعزيز وصول النساء والفتيات إلى العدالة وتوفير الخدمات الأساسية لتحسين المستوى المعيشي والمساعدة القانونية والتمكين الاقتصادي للسجينات والسجناء المفرج عنهم والنزيلات في دور الإيواء وكذا إكسابهم العديد من المهارات الحياتية والمهنية مشيرة إلى أنه تم توزيع حقائب التمكين الاقتصادي، ودعم المشاريع لـ50 مستفيدا ومستفيدة، في مجال الصيانة المتنقلة والبرمجة وصناعة الحلويات والمعجنات وعربيات مأكولات وصناعة البخور والعطور وغيرها من المجالات . منوه بأن يكون المستفيدون والمستفيدات قد أخذوا موضوع التمكين المهني بجدية من اجل تطوير مهاراتهم والسعي إلى إيجاد المهنة التي تدربوا عليها وتحسين وضعهم المعيشي .

تصوير/ فؤاد الحرازي

مقالات مشابهة

  • الاتحاد السوداني للعلماء يرفض التعديلات على الوثيقة الدستورية التي حمّلها مسؤولية الحرب
  • بينهم أسرة حمدوك.. مئات القتلى بمجزرة في السودان
  • السوداني يرعى توقيع اتفاق تأهيل أربعة حقول في كركوك مع شركة بريطانية
  • مفتي الجمهورية يشارك بندوة "الأسرة في عصر التحديات" بجامعة بنها
  • محجوب فضل بدری: صياد النجوم فی أبْ قَبَّة فحل الديوم !!
  • إبراهيم عيسى: 80% من المساعدات التي تقدم لسكان قطاع غزة مصرية
  • مفتي الجمهورية من جامعة القاهرة: أحذر الطلاب من الحرية المنفلتة التي تهدم العادات والقيم
  • باجعالة يؤكد اهتمام الحكومة بمثل هذه الأنشطة والمشاريع التي تخدم المجتمع
  • تقدم متسارع.. الجيش السوداني يفك الحصار عن مدينة الأبيّض بشمال كردفان
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!