عندما تلعب السلحفاة مع الأسود.. جيرونا حكاية للتاريخ ضد "أكلشيهات" الزمن المتهالكة
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
منذ بداية ظهوره عام 1930 خليفة لفريق يونيو سبورتيفو جيرونا، في أقليم كتالونيا، نتيجة لسقوط الأخير في الأزمة الاقتصادية، لم يتوقع أكثر المتفائلين بفريق جيرونا إلا صعود النادي إلى الدرجة الثانية فقط.
حيث ظل النادي الكتالوني حبيسًا للدرجات الثانية والثالثة في الدوري الإسباني، خاصة بعد الحرب الأهلية في إسبانيا والمشاكل في إقليم كتالونيا، بالإضافة إلى هيمنة العملاق برشلونة، والقطب الآخر للمدينة إسبانيول.
ومع ذلك، ظهرت نقطة جديدة في تاريخ النادي، ولعلها بداية النهوض والثورة، وذلك بعد استحواذ مجموعة " سيتي جروب " على ما يقارب من 47% من أسهم النادي.
وبناء على التطور الذي حدث، صعد فريق جيرونا لأول مرة في تاريخه لبطولة الليجا الإسبانية في عام 2017، لكن لم يستطيع أن يستمر أكثر من موسمين، ليقابلها استقرار في دوري الدرجة الثانية لمدة ثلاثة مواسم متتالية.
ولكن في الموسم الماضي، تحت قيادة ميجيل سانشيز " ميتشل " ويترأسه بيري غوارديولا، شقيق بيب مدرب مانشستر سيتي، أختلف الموضع تمامًا، بعد أن احتل الفريق الكتالوني المركز العاشر، من ثم أداء بعقلية البطل هذا الموسم، والمنافسة مع ريال مدريد على الصدارة.
- استراتجية " ستي جروب " وتغيير قواعد القوىفمنذ أن استحوذت مجموعة أبوظبي للاستثمار، المملوكة للشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات، على نادي مانشستر سيتي الإنجليزي عام 2008، واستثمرت فيه بشكل ذكي ليتحول سريعا من ناد مهمش متخم بالديون إلى أحد عمالقة إنجلترا وأوروبا، كانت هناك استراتجية جديدة للنهوض بكرة القدم خلال خمس قارات حول العالم.
وبالفعل كان مانشستر سيتي هو البذرة التي خرجت منها المجموعة التي تضم 11 ناديا في الوقت الحالي مملوكة للمجموعة، حيث ضمت المجموعة ناديي نيويورك سيتي الأمريكي وملبورن سيتي الأسترالي في عام 2013، وفي 2014 استحوذت المجموعة على ملكية نادي يوكوهاما مارينوس الياباني، ثم عادت للتوسع في 2017 بضم نادي مونتيفيديو توركي الأوروجواياني، يليه جيرونا الإسباني.
وخلال عام 2019 استحوذت المجموعة على ملكية نادي سيشوان جيونيو المنافس في دوري الدرجة الأولى الصيني، وبعد عدة أشهر استحوذت المجموعة على حصة أغلبية في نادي مومباي سيتي الهندي، من ثم نادي لوميل المنافس بدوري الدرجة الثانية البلجيكي يليه نادي تروا الفرنسي، وكان وقتها في الدرجة الثانية، وذلك عام 2020.
وفي عام 2021 أصبحت أندية بوليفار البوليفي بالإضافة أولمبيك الفرنسي (الدرجة الرابعة) شريكي للمجموعة، وأخيرًا انضم أليهم في 2023 باليرمو الإيطالي.
من هنا ظهر الهدف الأساسي للمجموعة وهو الاستحواذ على أندية وأكاديميات وشركات التسويق الرياضي، والتي تطمح دائما لزيادة الانخراط في صناعة كرة القدم داخل وخارج الملعب، والعثور على أفضل المواهب الكروية وتطويرها، وذلك من خلال تبادل الخبرات والتقنيات ومنهجية تدريب الموظفين واللاعبين وغيرها من المساعي المشتركة بين الأطراف الموجودة داخل المجموعة.
وبناء على ذلك تأثر فريق جيرونا بتلك الاستراتيجية " الأم " التي تسيطر على منهجية المجموعة في الوقت الحالي، من خلال الاعتماد على بيري جوارديولا، في التخطيط الرياضي، بالإضافة إلى الحصول على لاعبين من داخل المجموعة أمثال أليكس جارسيا، بالإضافة إلى يان كوتو من مانشستر سيتي الانجليزي.
- شخصية ميتشل واستنساخ " التيكي تاكا "من ينظر منكم إلى أداء جيرونا هذا الموسم، يبتسم ويتخيل استراتيجية فريقين " برشلونة - مانشستر سيتي " التمريرات القصيرة بين اللاعبين، والتحرك خلف دفاعات الخصوم، مع خلق مساحات للظهيرين للتقديم والدخول إلى عمق الملعب ليس مجرد " تكتيك " بل هي " تيكي تاكا " ولكن مصغرة نظرًا للإمكانيات الحالية للاعبو جيرونا.
ومع ذلك غير ميجيل سانشيز " الرسم التكتيكي " لجيرونا هذا الموسم، فلم يستقر على خطة بعينها معتمدًا على " اللامركزية " في تحركات لاعبيه على أرضية الملعب من ثم التحرر الهجومي.
حيث اعتمد ميشيل على خطط ( 1-3-2-4 و1-2-3-4 والتي ساهمت في الفوز على برشلونة بأربعة أهداف مقابل هدفين، و1-1-4-4 والتي اعتمدها خلال مواجهة الليلة الماضية أمام أتلتيكو مدريد، 3-4-3 والتي حقق من خلالها فوزًا صعبًا امام أوساسونا بنفس نتيجة برشلونة، و1-5-4 والتي كانت سببًا رئيسًا في السقوط أمام ريال مدريد بثلاثية نظيفة ).
ويرجع نجاح تلك الاستراتيجية إلى أسباب عديد الأسباب أبرزها نوعية اللاعبين، بالإضافة إلى التحرر الهجومي على أرضية الملعب، حيث أن هناك ثلاث لاعبين رئيسيين في هذا النهج وهم ( أليكس جارسيا ) المحرك الأساسي للفريق، والداعم الرئيسي لربط وسط الملعب بخطي الهجوم والدفاع، وهو ما ظهر بتسجيله ثلاثة أهداف وتقديم أربع تمريرات حاسمة لزملائه خلال 19 مباراة ( سافيو موريرا ) الجناح الأيمن الذي يعتمد عليه سانشيز في مهمتي اختراق الدفعات، والتوغل للعمق للقيام بالزيادة الهجومية في قلب الملعب في خطط 3-4-3 و1-3-2-4 و1-2-3-4 وهو ما انعكس على أداءه الهجومي بتسجيل خمسة أهداف وصناعة مثلها حتى الآن ( أرتم دوبياك ) الذي يمثل قوة كبيرة في هجوم ميتشل، حيث يعود اللاعب إلى منطقة الوسط ليكون المحطة الأولى لجارسيا، من ثم الإنخراط داخل دفاعات الفريق المنافس ليكون أول من يستقبل الكروات المرسلة من الظهيرين أرناو مارتينيز، ميغيل جوتوريز، وسجل هذا الموسم الموسم 11 هدف، وصنع خمسة آخرين.
- شقيق جوارديولا واختيار الصفقاتيعد بيري جوارديولا، شقيق بيب مدرب مانشستر سيتي، شخصية رئيسيه في نجاح نادي جيرونا، والذي يتولى منصب رئيس مجلس الإدارة، حيث يعد من أفضل الشخصيات في مجال الاستشارات للاعبي كرة القدم، فهو صاحب خبرة كبيرة في هذا المجال.
وعمل بيري جوراديولا بخبرته على اختيار أفضل الصفقات المميزة لدعم الفريق، إلى جانب التنسيق الواضح مع شقيقه بيب في استعارة عدد من اللاعبين الشباب لدعم صفوف الفريق الإسباني في كل موسم وفق أهداف متفق عليها، الأمر الذي أسهم بشكل كبير في دعم صفوف جيرونا، والانتقال إلى مرحلة فنية متطورة من أجل منافسات الكبار بجدية، والوصول إلى مراتب متقدمة.
وتعاقد بيري مع إريك جارسيا، بابلو توري من برشلونة على سبيل الإعارة، من ثم سافيو موريرا من توروا أيضًا بنفس الطريقة، باولو جزانيجا من فولهام في صفقة إنتقال حر، وداني بليند أيضًا بنفس الطريقة، وأنخيل هيريرا بقيمة 5 مليون يورو من مانشستر سيتي الانجليزي، بالإضافة إلى أرتم دوبياك.
- كبوة برشلونة وريال مدريد وأزمة الإصاباتوتعد المرحلة الانتقالية الصعبة التي يمر بها برشلونة في الوقت الحالي من أبرز الأسباب التي أظهرت قوة جيرونا هذا الموسم في الليجا، حيث يعمل البلوجرانا على إعادة التأهل لبناء فريق قادر على المنافسة، في الوقت الذي يُحرم فيه النادي من التعاقد بحرية، في ظل الوضع الاقتصادي الحالي.
في الوقت ذاته عانى برشلونة من أزمة كبيرة، بعد إصابة عدد كبير من اللاعبين، لعل أبرزهم بابلو جافي الذي تعرض لإصابة بقطع في الرباط الصليبي للركبة، مارك أندريا تير شتيغن الذي تعرض لإصابة في الظهر، ومن قبلهم كلا من رافينها دياز، لامين يامال، جول كوندي، والبولندي روبيرت ليفاندوفسكي، رونالد أراوخو.
على الجانب الآخر سيطرت أزمة الرباط الصليبي، على فريق ريال مدريد، بعد أن تلقى اللوس بلانكوس ضربة قوية بإصابة الثلاثي تيبو كورتوا، إيدير ميليتاو، بالإضافة إلى ديفيد ألابا بقطع في الرباط الصليبي للركبة، ثم تأثر النادي أيضًا بعد غياب فينيسيوس جونيور، وإدواردو كامافينجا، أوريلين تشاواميني.
وبناء على ذلك استغل جيرونا تلك الكبورات لصراع اللوس بلانكوس على لقب الليجا بعد مرور 19 جولة حتى الآن، من عمر المسابقة، حيث يحتل المركز الثاني برصيد 48 نقطة، وهو نفس رصيد ريال مدريد المتصدر بفارق الأهداف.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: جيرونا الدوري الاسباني نادي جيرونا الليجا تقرير كامل الدرجة الثانیة بالإضافة إلى مانشستر سیتی هذا الموسم ریال مدرید فی الوقت
إقرأ أيضاً:
ميلاد عام جديد ورحيل آخر !
بعد أيام معدودة، سنجد أنفسنا ندخل عاما ميلاديا جديدا، رقم آخر يضاف إلى مسيرة حياتنا على الأرض، وميلاد عام هو بالنسبة للكثيرين من الناس عبارة عن حلم آخر يأتي إلى الحياة بصرخات الوجع والاشتياق، ورغم ذلك سيضاف إلى ما تبقى من أمنيات سابقة لم تتحقق حتى هذه اللحظة.
يسير بنا قطار الحياة متجاوزا كل المشاهد والأحداث التي لا نفيق أو نتعلم من مرورها، بل نحن كجمهور يحضر عرضا مسرحيا يضحك ويتأثر قليلا ثم يكمل حياته، كذلك هو قطار العمر لا يتوقف إلا عندما يحين موعد النزول وهنا نستشهد بمقولة رافقتنا دهرا وجب علينا ذكرها فهي تقول: «كنا نعتقد أن الغد أجمل، حتى كبرنا واكتشفنا أن الجمال الحقيقي كان بالأمس وليس في الغد».
بالأمس كان معنا الونيس والجليس، أما اليوم، فنحن نكمل مشوارنا وقد فقدنا الكثير من رفقاء الرحلة والمزيد من القوة على مواصلة الحياة بكل ما فيها من مظاهر استحدثها البشر بمسميات مختلفة ليطمسوا قليلا من وجه الشقاء الإنساني والتعب الذي ينهك أجساد البشر.
واقعنا الحالي يشدنا نحو عباءة الفرح الذي يستمد قوته من الاعتقاد بأننا سنترك عاما قديما قد مضت أيامه وشهوره، لذا علينا كغيرنا من الحالمين بوهج السرور أن نبتهج بقدوم عام جديد، فعليا قد نجهل ماذا يخبئ في جعبته من أحداث لكنه عام ربما أفضل من الذي سيسقط قريبا في خانة الذكريات، نشعر بأن هناك أملا بحجم السماء والأرض سيخرج إلى الوجود، واعتقاد أن ما قد مضى من أوجاع شعر بها العالم ستسقط هي الأخرى في «مزبلة التاريخ أو مقبرة الزمن»، في هذه الأيام القليلة نشعر بأننا بحاجة إلى معانقة أرواحنا المتعبة ولملمة أوراق الخريف المتطايرة، نحس أن هناك شوقا خفيا جديدا يشق طريقه في صدورنا، قد يكون مبعثه ومنبعه يأتي من ذلك الحلم الذي راودنا طويلا وانتظرناه أكثر مما ينبغي وهو العيش بسلام دون ألم أو فقد أو حزن على ما مضى من الزمن.
ستنجلي ظلمة الليل ويأتي صباح يتنفس كعادته من رئة صحية، يخرج إلينا في صورة بهجة تملأ القلب سرورا وتجعل من شرايين القلوب تتدفق دماء نظيفة، ومشاعر طفولية هي الأخرى ستولد قريبا في إحدى حجرات القلوب المعبأة بنبض كان منخفضا في لحظات البؤس والانتظار، أما مراكب الأيام فستبدأ هي الأخرى تشق عباب الزمن وما تبقى من أعمارنا فيها ونحن لا نزال في قطار الحياة.
اعتدنا منذ أن أبصرنا ضوء الشمس أننا نسير في طريقنا دون أن نعلم شيئا عن الغيب؛ لأنه بيد الله تعالى، لكن ما نعرفه تماما هو أن الأيام ستنقضي سريعا كطيف عبر دون أن نحس به، أو عبارة أخرى هو حلم تجلى ثم تبخر مع صرخة ألم من قلب مفجوع برحيل مفاجئ أو متوقع لقلب عانى كثيرا من الصدمات والمرض.
تقول الروائية والقاصة السعودية ليلى الجهني، في كتابها «في معنى أن أكبر»: «إنني أكبر وأنفق جل وقتي كي أفهم الزمن، فلا أفهمه، لذا أشعر أنه عدوي الخفي الذي يضرب دون أن يكون باستطاعتي درء ضرباته عني. لا أعرف كيف يمضي؟ ولِمَ يمضي؟ وكيف أننا نحيا فيه ونعجز أن ندركه كما ينبغي له؟ أهو شيء يمرُنا ونمرُه، أم حال تعترينا؟ وإذا مضى فإلى أين يمضي؟ أين تذهب كل أعوامنا التي تغادرنا؟ ولِمَ لا يمكن أن نحتفظ بها في مكان ما كثيابنا وأشيائنا العتيقة»؟.
أبعد ذلك نسأل: هل علينا أن نقفز فرحا كلما تقدمنا في العمر سنة كاملة؟!، هذا يذكرني تماما كلما احتفلنا بعيد ميلادنا السنوي، نفرح لأنه يوم مولدنا، لكننا نجهل أننا نفقد عاما كاملا من حياتنا في الحياة !.
إذن هل علينا أن نحتفل كغيرنا من شعوب الأرض بعام جديد رغم أن جراح العام الذي لم تنته ساعاته بعد لا تزال ندية مخضبة بدماء الأبرياء وبكاء الثكالى ويتم الأطفال في مدن الموت والألم؟ ينقسم العالم بين محتفل بقدوم عام جديد، وقسم ينظر إلى الآمال المعلقة أن تتحقق ليشعر بالسلام والأمان غيره من شعوب الأرض المعذبة بنزاعات وحروب ودمار لا تتوقف! لدينا شعور مكتمل النمو بأن الشمس ستشرق يوما، وسيكشف ضوء النهار عن جراح نزفت على أرض التقمت أجساد الأبرياء، سنفرح يوما عندما نشعر أن الحرية هي جزء من فرح لا يعكره محتل أو غاصب أو حاقد، ستشرق قريبا شمس هدنة تضع الحرب أوزارها، ويعيد الأبرياء ترقيع قلوبهم التي مزقتها الحروب.