علي جمعة يفسر قول النبي "انقطعت النبوة وبقيت المبشرات"
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن النبي ﷺ جلس إلى صحابته الكرام وقال لهم :" انقطعت النبوة فلا نبي بعدى ولا رسول"، تخيل الصحابة أن خبر السماء قد انتهى، وأن الوحى قد انتهى، وأن المرجع الأعلى ﷺ لا يكون فينا، فشق ذلك على الصحابة وتكلم بعضهم مع بعض، منهم من يبكى، ومنهم من قد حزن حزناً شديداً، ومنهم من قد اعتزل الناس، عندما تصوروا أن هذا اليقين وأن هذه اللطافة والحلاوة سيحرمون منها خاصة بعد أن ينتقل رسول الله ﷺ إلى الرفيق الأعلى، ولذلك عندما انتقل ﷺ إلى الرفيق الأعلى، قالوا : "أنكرنا قلوبنا".
تخيل نفسك وأنت قد انفتحت عليك أبواب السماء ورب العالمين يخاطب نبيه أمامك، وتخيل نفسك وقد أغلق عليك الباب، فشق ذلك على الصحابة، فسلاهم النبي ﷺ قال: " انقطعت النبوة وبقيت المبشرات" قالوا وما المبشرات يا رسول الله؟ قال: " الرؤية الصالحة يراها العبد الصالح أو ترى له" ، فأرشدنا إلى أن الله لا يقطع مدده عن المحسنين من عباده, وأن الله - سبحانه وتعالى - لا يزال ينزل رحماته على عباده، ولا يكون محسناً إلا من كان من أمة المسلمين، ولا يكون محسناً إلا من اتقى الله في السر والعلن، ولا يكون محسناُ إلا من تورع عن حرمات الله، ولا يكون محسناً إلا من ذكر الله كثيرا، فمن كانت هذه صفته بقيت المبشرات فيه ومنه وله؛ "فيه" بالرؤية الصالحة يراها, و"منه" حيث يذكر الله حين يرى، و"له" حيث يرى الناس الرؤى الصالحة له.
والنبي ﷺ يعلق الرؤيا على النظر؛ نظر البصيرة وعين البصيرة لا على السمع، فيقول ﷺ : " من رآني فقد رآني حقا، فإن الشيطان لا يتمثل بي "، نعم الشيطان لا يتمثل بسيدنا رسول الله ﷺ مناما ولا يقظة، قال العلماء : علق النبي ﷺ الرؤيا بالنظر والصورة والشكل، لا بالكلام والسمع .
يشكو بعض الناس أنهم يرون رسول الله ﷺ فيحدثهم بما يخالف الشريعة، فاعلم أن رؤيتك للنبي حق، وأن سماعك منه ما يخالف الشريعة قد يكون من إلقاء الشيطان؛ فمناط الرؤيا الشكل والصورة، وليس مناط الرؤيا السمع، فإنك لو سمعت شيئاً مخالفاً للكتاب والسنة فعليك أن ترفضه وأن ترده ، أو مخالفاً للواقع المحسوس، أو كان أمراً بالمنكر ونهياً عن المعروف، أو إثماً ، أو قطيعة رحم، لو كان شيء من ذلك فرده ولو أنك قد رأيت صورة سيدنا محمد ﷺ، فالرؤيا مناطها الصورة والشكل وهو حق، وليس مناطها الكلام.
الرؤيا حق .. خاصة إذا كانت لنبي الله ﷺ , ومناطها إنما هو الصورة لا السمع، وهى ليست بحجة إذا خالفت الشرع الشريف أو الواقع المعيش.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رسول الله النبی ﷺ الله ﷺ إلا من
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: من أراد النجاح فليطلبه بالله.. والتوكل عليه سر الطمأنينة وتحقيق المقاصد
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان الله عز وجل يقول تعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإن أردت أن يُستجاب دعاؤك، وأن تبلغ النجاح فيما تطلبه وترجوه، فعليك أن تطلبه بربك.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه كان سيدنا النبي ﷺ يقول دائمًا: «والذي نفس محمد بيده»، يعيش تحت سلطان الله وأمره، ويُعلِّمنا سيد الخلق المصطفى ﷺ أن الأمور لا تُنال إلا بالله رب العالمين.
فإذا سأل أحدُنا أخاه أمرًا من أمور الدنيا وقال: "بالله عليك أن تفعل كذا"، كان سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا سمعها، فعل ما طُلب منه، فقيل له: إنهم يخادعونك! ، فكان يقول: "مرحبًا بمن خدعني في الله، وخدعني بالله"، أي: ما دام قد استعان باسم الله، فقد وجب الوفاء، تعظيمًا لله سبحانه وتعالى.
فمن أراد إنجاح مقاصده، فليطلبها بالله، وقد يطلب بالله من الخلق أيضًا. وإذا دعونا الله، أو استعنا به، أو حتى سألنا به غيره، وجدنا الأمور تتحقق بنحوٍ عجيب، لا يُفسَّر إلا بأنه سبحانه هو الفاعل.
وهذا دليلٌ أخر على وجود الله، يجيب الملاحدة إذا قالوا: لمَ تؤمنون بالله كل هذا الإيمان؟ ولمَ لا نؤمن نحن؟
فنقول: لنا تجربة مع الله؛ نُصلي فنرتاح، نذكره فتطمئن قلوبنا، ندعوه فيستجيب، نناجيه فيتحقق المطلوب، بطريقة عجيبة خارجة عن الأسباب، لا تفسير لها إلا أنه الله.
وهذا ما يجعل إيماننا يزداد يومًا بعد يوم. أما هم فلم يجرِّبوا، لم يُصلّوا، لم يذكروا، لم يدعوا، بل أرادوا أن يتحرروا من التكليف، وأن يتفلتوا من رباط العبودية، فحُرموا من لذة القرب، وحلاوة الطاعة، وطمأنينة الإيمان.
وهذا هو الفارق بين المؤمن وغيره؛ المؤمن توكّل على الله، ومن تجربته الروحية والعملية اليومية يرى أثر التوكل، ويوقن بصدق الوحي. فإذا قرأ: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، وجد قلبه يطمئن حقًّا.
وإذا غض بصره وجد في قلبه نورًا، وإذا خشع في صلاته وجد لذةً لا توصف.
فكيف له أن يترك هذا الخير العظيم، لأجل قول من لم يذق شيئًا من ذلك؟ {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} أي: الله كفايته، وكفايتي.
وحسبنا الله ونعم الوكيل؛ أي: الله يكفيني، وهو الذي يحقق رجائي، ويستجيب دعائي، ويبلغني مقصودي.
فهو سبحانه: قبل كل شيء، ومع كل شيء، وبعد كل شيء.
هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، وهو على كل شيء قدير، وبكل شيء عليم، وبكل شيء محيط.