مع بداية 2024.. خيارات أوكرانيا قليلة أمام حاجاتها وتحدياتها
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
كييف- يبدو أن أوكرانيا مقبلة على 2024 بتفاؤل أقل مما كان الحال نهاية السنة الماضية. لا سيما وهي أمام واقع مغاير خلفته ثاني سنوات الحرب الروسية في 2023، والتحديات الجمة التي تحملها السنة الجديدة على مستويات عدة.
عجز في الميزانيةولعل أول تلك التحديات يكمن في الميزانية المقررة للعام 2024، التي يبلغ العجز فيها نحو 41 مليار دولار من إجمالي يصل إلى 93 مليارا، 47 مليارا منها مخصصة لقطاع الدفاع والأمن، وهذا للسنة الثانية على التوالي في خضم الحرب.
وتكمن مشكلة أوكرانيا في تراجع متوقع للدعم المالي الغربي، الذي كان طوق نجاة لاقتصاد أوكرانيا منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022.
وتوضح النائبة روكسولانا بيدلاسا، رئيسة لجنة الميزانية في البرلمان الأوكراني، للجزيرة نت، أن المانحين الرئيسيين هم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وتتوقع أوكرانيا الحصول على 18 مليار يورو من الاتحاد، و8.5 مليارات دولار من الولايات، يضاف إليها مبلغ مقرر بحجم 3.3 مليارات، إذا لم تحصل عليه أوكرانيا حتى نهاية العام".
وتضيف: "مع الأسف، لا توجد ضمانات بأن هذه الأموال ستخصص بالكامل، وهناك مخاوف من أن مبلغ الدعم المالي قد يتراجع أصلا".
التعب واحتمال "الضغط"
والحديث هنا يقود إلى حقيقية "تعب" اقتصادات دول الغرب الرئيسية من دعم أوكرانيا، وخيبة الأمل في عواصمها من نتائج الدعم العسكري الذي قدمته لكييف خلال 2023، بدون أن يحدث فارقا ملموسا على جبهات القتال.
من جهته يؤكد أوليكسي كوشيل، رئيس مؤسسة "الخيارات الأوكرانية" للدراسات الإستراتيجية، في حديث للجزيرة نت "هذا صحيح ومتوقع، وربما تضغط بعض العواصم على كييف للتقدم أو التفاوض أو حتى التنازل أمام روسيا".
وتابع في السياق ذاته "ولكن دعونا لا نبالغ، فانتخابات بولندا التشريعية الأخيرة -على سبيل المثال- حسمت لصالح متحمسين أكثر لدعم أوكرانيا؛ وأعتقد أن توقف حرب إسرائيل على قطاع غزة قد يعيد الاهتمام بقوة إلى الملف الأوكراني".
المساعدات الأميركية لأوكرانيا منذ 24 يناير/كانون الثاني حتى 31 يوليو/تموز 2023 (الجزيرة) خطة "ب" لسد العجزومع غياب اليقين بشأن التمويل، يجري العمل على الخطة "ب" الاحتياطية من قبل البنك الوطني الأوكراني، وفق ما أعلن رئيسه أندريه بشنى.
الخطة تحد أو تلغي عددا من برامج ومشاريع الدولة، وتعيد توجيه الضرائب، من الميزانيات المحلية إلى ميزانية الدولة، بشكل يلغي العمل وفق قانون "اللامركزية"، بحسب النائبة روكسولانا بيدلاسا.
ولعل من أبرز الهواجس التي تشغل الأوكرانيين عامة والمسؤولين خاصة، الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وقبلها انتخابات البرلمان الأوروبي في شهر يونيو/حزيران.
كوشيل يفسر هذه الهواجس، بكون ملف أوكرانيا سيلعب دورا فيها، وإذا لم تستطع البلاد إحداث فارق على الأرض قبلها، فقد يتقدم المعارضون لدعم حرب طويلة الأمد في أوروبا، وقد يتأثر ترشح بايدن سلبا أمام الجمهوريين.
وفوز شخص مثل ترامب (الرئيس الأميركي السابق) -على سبيل المثال- سيكون -على الأغلب- مشكلة كبيرة بالنسبة لأوكرانيا"، على حد قوله.
الانتخابات المحلية
والأمر المتعلق بالانتخابات قد لا يكون سهلا في داخل أوكرانيا، التي أصبحت الخلافات بين قادتها السياسيين والعسكريين أكبر من أن تُخفى.
ومن المتوقع أن تقبل البلاد على انتخابات رئاسية خلال مارس/آذار 2024، وقد تدمج أيضا مع الانتخابات البرلمانية التي أُجلت في 2023 بسبب الحرب.
ووفق أنتون هروشيتسكي، نائب مدير معهد كييف للدراسات الاجتماعية، فإن "شعبية الرئيس فولوديمير زيلينسكي تراجعت بشكل واضح خلال 2023، وخاصة بعد أن دب الخلاف بينه وبين رئيس هيئة الأركان (فاليري زالوجني)؛ ولكنه يبقى الأوفر حظا في هذه الانتخابات، لأن شعبيته تتجاوز 80% في عدد من استطلاعات الرأي".
ويضيف، في حديث مع الجزيرة نت "الخوف ليس من الانتخابات، بل من أن تزيد حدة الانقسام بين الهيئة ومؤسسة الرئاسة مع اقتراب الانتخابات، ويتحول الاهتمام نحوها بدلا من مسار الحرب".
مراجعة خطة التحريريتوقع كثير من المراقبين أن يقدم زيلينسكي فعلا على سلسلة إقالات في مؤسسات الدفاع بداية العام المقبل، وبحسب إيفان ستوباك، الخبير العسكري في "المعهد الأوكراني للمستقبل"، والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني، فإن "الرئيس يملك حق ذلك، وسيقدم عليه".
أما أوليكسي ميلنيك، خبير مركز "رازومكوف" للدراسات الإستراتيجية، فيقول للجزيرة نت "من الواضح أن على أوكرانيا مراجعة خططها لتحرير البلاد في 2024، لأن إخفاقاتها أساس الخلاف الداخلي والامتعاض الخارجي. يجب أن تطور إنتاجها الدفاعي أكثر، لأن الاعتماد على أسلحة الغرب فقط لا يصح في هذه الظروف".
معارضة التنازل تتراجعوعلى خلفية الحرب، ورغم التحديات والضغوط المتوقعة، يبدو أن العام المقبل لن يشهد تفاوضا ينهي الحرب بين الجانبين، لا سيما في ظل معارضة أوكرانية عارمة لأي تفاوض أو تنازل يصب في روسيا، أو تجميد الوضع الراهن.
ومع ذلك، يشير معهد كييف للدراسات الاجتماعية إلى أن نسبة الرافضين للتفاوض تراجعت من 85% إلى 74%، وزادت بالمقابل نسبة المؤيدين لتقدم "بعض التنازلات، من 10 إلى 19%.
يقول أنتون هروشيتسكي، نائب مدير المعهد: "موجة التفاؤل تراجعت في أوكرانيا بفعل غياب الانتصارات، والكثيرون يتوقعون اليوم طول أمد الحرب".
وأضاف المتحدث نفسه "من المحتمل جدا أن تزداد نسبة المتشائمين القابلين بالتنازلات في 2024، لكنها لن تطغى أبدا على نسبة معارضيها. مفتاح المشاعر العامة في أوكرانيا سيكون موقف الشركاء الغربيين ودعمهم المناسب لأوكرانيا".
تنظر الحكومة بتفاؤل إلى اقتصاد البلاد، متوقعة أن تبلغ نسبة النمو ما بين 4% و5% في 2024 (شترستوك) نمو الاقتصاد وتراجع التضخموفي إطار الإيجابيات المتوقعة في 2024 (على قلتها)، تنظر الحكومة بتفاؤل إلى اقتصاد البلاد، متوقعة أن تبلغ نسبة النمو ما بين 4% و5% في 2024.
وفيما يتعلق بنسب التضخم، يرى رئيس رابطة البنوك الأوكرانية، أندريه دوباس، أنها "ستكون في حدود 8-12% ولكن هذا يعتمد أيضا على عوامل دعم الشركاء الدوليين، والإقراض والتمويل، ونفقات الحرب".
لكنه بالمقابل يرى أنه "رغم تراجع التضخم (من 26.6% في بداية سنة 2023 إلى 9% مع نهايتها)، سيبقى الأوكرانيون يشعرون بارتفاع أسعار المواد والخدمات، لأن الدخل لم يرتفع، وطفرة الأسعار التي أحدثتها سنة الحرب الأولى مستمرة".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
“هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق
وأكمل بالقول: “معظم فترة الحرب، رفض نتنياهو مناقشة الترتيبات لما بعد الحرب في قطاع غزة، ولم يوافق على فتح باب لمشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، واستمر في دفع سيناريو خيالي لهزيمة حماس بشكل تام. والآن، من يمكن الاعتقاد أنه اضطر للتسوية على أقل من ذلك بكثير”.
ورأى هرئيل أن رئيس حكومة العدو، هذا الأسبوع، قد حقق ما أراده، إذ إن حماس وضعت عوائق في طريق تنفيذ الدفعات التالية من المرحلة الأولى في صفقة الأسرى، لكن نتنياهو تمكن من التغلب عليها، على حد تعبيره، موضحًا أنه: “حتى منتصف الليل يوم الأحد، تأخر نتنياهو في الموافقة على عبور مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال القطاع، بعد أن تراجعت حماس عن وعدها بالإفراج عن الأسيرة أربيل يهود من “نير عوز””، ولكن بعد ذلك أعلنت حماس نيتها الإفراج عن الأسيرة، وفق زعمه، فعلّق هرئيل: “حماس وعدت، والوسطاء تعهدوا، أن يهود ستعود بعد غد مع الجندية الأخيرة آغام برغر ومع أسير “صهيوني” آخر، والدفعة التالية، التي تشمل ثلاثة أسرى “مدنيين” (من المستوطنين)، ستتم في يوم السبت القادم”. لذلك، قاد تعنّت نتنياهو – ومنعه عودة النازحين الفلسطينيين – على تسريع الإفراج عن ثلاثة أسرى صهاينة في أسبوع، على حد ادعاء الكاتب.
تابع هرئيل: “لكن في الصورة الكبيرة، قدمت حماس تنازلًا تكتيكيًّا لإكمال خطوة استراتيجية، أي عودة السكان إلى شمال القطاع”، مردفًا: “أنه بعد عودتهم إلى البلدات المدمرة، سيكون من الصعب على الكيان استئناف الحرب وإجلاء المواطنين مرة أخرى من المناطق التي عادت إليها حتى إذا انهار الاتفاق بعد ستة أسابيع من المرحلة الأولى”، مضيفًا: “على الرغم من نشر مقاولين أميركيين من البنتاغون في ممر “نِتساريم” للتأكد من عدم تهريب الأسلحة في السيارات، لا يوجد مراقبة للحشود التي تتحرك سيرًا على الأقدام، من المحتمل أن تتمكن حماس من تهريب الكثير من الأسلحة بهذه الطريقة، وفق زعمه، كما أن الجناح العسكري للحركة، الذي لم يتراجع تمامًا عن شمال القطاع، سيكون قادرًا على تجديد تدريجي لكوادره العملياتية”.
وادعى هرئيل أن حماس تلقت ضربة عسكرية كبيرة في الحرب، على الأرجح هي الأشد، ومع ذلك، لا يرى أن هناك حسمًا، مشيرًا إلى أن هذا هو مصدر الوعود التي يطلقها “وزير المالية في كيان الاحتلال” بتسلئيل سموتريتش، المتمسك بمقعده رغم معارضته لصفقة الأسرى، بشأن العودة السريعة للحرب التي ستحل المشكلة مرة واحدة وإلى الأبد، ويعتقد هرئيل أن: “الحقيقة بعيدة عن ذلك، استئناف الحرب لا يعتمد تقريبًا على نتنياهو، وبالتأكيد ليس على شركائه من “اليمين المتطرف”، القرار النهائي على الأرجح في يد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المتوقع أن يستضيف الأخير نتنياهو قريبًا في واشنطن للاجتماع، وهذه المرة لا يمكن وصفه إلا بالمصيري”.
وأردف هرئيل ، وفقا لموقع العهد الاخباري: “ترامب يحب الضبابية والغموض، حتى يقرر، لذلك من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوكه”، لافتًا إلى أنه وفقًا للإشارات التي تركها ترامب في الأسابيع الأخيرة، فإن اهتمامه الرئيسي ليس في استئناف الحرب بل في إنهائها، وأكمل قائلًا: “حاليًا، يبدو أن هذا هو الاتجاه الذي سيضغط فيه على نتنياهو لإتمام صفقة الأسرى، وصفقة ضخمة أميركية – سعودية – صهيونية وربما أيضًا للاعتراف، على الأقل شفهيًّا، برؤية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية”.
وقال هرئيل إن “نتنياهو، الذي أصرّ طوال السنوات أنه قادر على إدارة “الدولة” (الكيان) وأيضًا الوقوف أمام محكمة جنائية، جُرّ أمس مرة أخرى للإدلاء بشهادته في المحكمة المركزية، رغم أنه يبدو بوضوح أنه لم يتعاف بعد من العملية التي أجراها في بداية الشهر، واستغل الفرصة لنفي الشائعات التي تفيد بأنه يعاني من مرض عضال، لكنه لم يشرح بشكل علني حالته الصحية”، مشددًا على أن نتنياهو الآن، من خلال معاناته الشخصية والطبية والجنائية والسياسية، قد يُطلب منه مواجهة أكبر ضغط مارسه رئيس أميركي على رئيس وزراء الكيان الصهيوني.