دعم أميركي لإسرائيل يتخطى السلاح ويمتد للتجارة والاقتصاد
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
مدد الرئيس الأميركي جو بايدن قبل انتهاء عام 2023 شروط وامتيازات التجارة المتبادلة المعفاة من الرسوم الجمركية لإسرائيل، وذلك على العديد من المنتجات الزراعية لمدة عام ينتهي في 31 ديسمبر/كانون الأول 2024. وقال بيان للبيت الأبيض إن التمديد سيتيح وقتا إضافيا للحكومتين لإبرام اتفاق يحل محل اتفاق تجاري يعود إلى عام 2004 ينظم تبادل المنتجات الزراعية بين الدولتين.
وتجمع اتفاقية تجارة حرة بين الولايات المتحدة وإسرائيل منذ عام 1985، وكانت أول اتفاقية تجارة حرة تدخل فيها الولايات المتحدة على الإطلاق، ولا تزال اتفاقية التجارة الحرة بين الدولتين سارية المفعول.
ووقعت الولايات المتحدة لاحقا 20 اتفاقية تجارة حرة مع دول من مختلف القارات، منها 3 دول عربية هي الأردن وعُمان والمغرب. ورغم أن الاتفاقية مع إسرائيل هي الأقدم، فإنها لم تكن شاملة مثل اتفاقيات التجارة الحرة الأحدث، واقتصرت بالأساس على تسهيل التجارة والاستثمار بين البلدين. وألغت تلك الاتفاقية الرسوم على معظم السلع المصنعة المتداولة بين البلدين، لكنها لم تتطرق للمنتجات الزراعية، وذلك لحماية المزارعين الأميركيين.
وساعدت اتفاقية التجارة الحرة على نمو التجارة بين الدولتين بأكثر من 8 أضعاف منذ بدء العمل بها، وأصبحت الاتفاقية أداة مهمة جدا لدعم الاقتصاد الإسرائيلي.
أكثر من 50 مليار دولاروتشير البيانات الرسمية المتوفرة لدى مكتب الممثل التجاري الأميركي إلى أن حجم تبادل السلع والخدمات بين الدولتين تخطى الـ50 مليار دولار عام 2022. وبلغت الصادرات الأميركية 20 مليار دولار، وبلغت الواردات 30.6 مليار دولار، وبلغ العجز التجاري للسلع والخدمات الأميركية مع إسرائيل 10.7 مليارات دولار.
وصدرت الشركات الأميركية 14.2 مليار دولار من البضائع و5.8 مليارات دولار من الخدمات إلى إسرائيل. وشملت الصادرات الرئيسية الآلات، والأجهزة الميكانيكية، والزجاج، والمعادن والمواد الكيميائية، وركزت صادرات الخدمات الأميركية إلى إسرائيل على قطاعات النقل والسفر والخدمات المالية.
وفي المقابل صدرت الشركات الإسرائيلية 21.4 مليار دولار من البضائع أهمها الأسمدة والحجارة النفيسة والإلكترونيات ومنتجات طبية، و9.2 مليارات دولار من الخدمات إلى الولايات المتحدة في العام نفسه. وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر للشركات الإسرائيلية 10.6 مليارات دولار في عام 2022 في السوق الأميركية، خاصة في مجال العقارات ومؤسسات التحوط المالي والتصنيع.
وبلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الأميركي "إف دي آي" (FDI) في إسرائيل 42.5 مليار دولار عام 2022، ويتوجه الاستثمار الأميركي المباشر في إسرائيل إلى مجالات التصنيع وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات المهنية، والعلمية، والتقنية.
ومنذ توقيع اتفاقية التجارة الحرة عام 1985، أصبحت الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وذلك بعدما نمت تجارة السلع والخدمات الثنائية بينهما 8 أضعاف. ولتسهيل التعاون الاقتصادي، تجتمع سنويا مجموعة التنمية الاقتصادية المشتركة بينهما "جيه إي دي جي" (JEDG) لمناقشة الشراكة الاقتصادية ومجالات النمو المحتمل. كما تنسق الولايات المتحدة وإسرائيل عن طريق عدة آليات، منها مؤسسة العلوم، ومؤسسة البحث والتطوير الزراعي، ومؤسسة البحث والتطوير الصناع، ومؤسسة التعليم الأميركية الإسرائيلية. وفي يوليو/تموز الماضي، عقدت الولايات المتحدة وإسرائيل حوارا إستراتيجيا رفيع المستوى حول التكنولوجيا للشراكة في التكنولوجيات الحرجة والناشئة لمواجهة التحديات العالمية.
المساعدة والتعاون الأمنيانللولايات المتحدة التزام ثابت بأمن إسرائيل، والذي يظهر بوضوح في دعم عسكري كامل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تدعمه مساعدات أمنية ضخمة لإسرائيل، منها مذكرة التفاهم لمدة 10 سنوات بقيمة 38 مليار دولار (3.8 مليارات سنويا) والتي تم إبرامها عام 2016. وتماشيا مع مذكرة التفاهم تلك، تقدم واشنطن 3.3 مليارات دولار سنويا في شكل تمويل عسكري و500 مليون دولار إضافية لتمويل الدفاع الصاروخي.
منظمة "أيباك" تروج لمقولة إن إسرائيل تستثمر في الاقتصاد الأميركي وتخلق فرص عمل وتشجع الابتكار(الفرنسية)
ويدعم تمويل الدفاع الصاروخي العديد من برامج الدفاع الصاروخي التعاونية، ومنذ عام 2022، تقدم واشنطن مليار دولار إضافية كتمويل تكميلي لتجديد مخزون إسرائيل من الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية. وحتى عام 2020، قدمت الولايات المتحدة لإسرائيل ما قيمته 146 مليار دولار من المساعدات العسكرية (من غير إدخال معدل التضخم طبقا لبيانات خدمة أبحاث الكونغرس)، ويقدر بعض الخبراء إجمالي قيمة المساعدات بعد تعديلها لمراعاة التضخم لتصل إلى 236 مليار دولار.
ترويج لإسرائيل.. وضمان أميركي لاقتصادهاوتروج منظمة أيباك AIPAC، أكبر منظمات اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، لمقولة إن "إسرائيل تستثمر في الاقتصاد الأميركي، وتخلق فرص عمل أميركية، وتشجع الابتكار الأميركي". وتشير أيباك إلى أن الاستثمارات الإسرائيلية المباشرة في الولايات المتحدة توظف ما يقارب من 100 ألف أميركي. في الوقت ذاته، تبرز أيباك أن الولايات المتحدة هي أكبر مستثمر في إسرائيل.
وتوفر إسرائيل فرصة قوية لممارسة الأعمال التجارية لأكثر من ألفين و500 شركة أميركية. وتمثل الشركات الإسرائيلية ثاني أكبر مصدر للإدراج الأجنبي في بورصة ناسداك بعد الصين، أكثر من الشركات الهندية واليابانية والكورية الجنوبية.
ومنذ عقود، تتيح واشنطن لإسرائيل ضمانات قروض بمليارات الدولارات، وامتد في البداية حتى السنة المالية 2005. ومنذ ذلك الحين، مدد الكونغرس البرنامج 6 مرات، ويستمر البرنامج حاليا حتى نهاية السنة المالية 2028. وبشكل عام، قد تنظر إسرائيل إلى ضمانات القروض الأميركية كخيار الملاذ الأخير في حالة تدهور الأوضاع الاقتصادية، إذ يمكن أن تستخدمه خزينتها إذا أصبحت إصدارات السندات المحلية والدولية غير المضمونة مكلفة للغاية.
ويعتقد المسؤولون الإسرائيليون أنه على الرغم من أنهم لم يستخدموا ضمانات القروض في السنوات الـ18 الماضية، فإن الحفاظ على البرنامج يعزز الوضع المالي للبلاد بين الدائنين الدوليين في أسواق رأس المال خاصة في فترات التوتر كتلك التي تشهدها إسرائيل منذ بدء عمليات طوفان الأقصى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة التجارة الحرة ملیارات دولار بین الدولتین ملیار دولار دولار من عام 2022
إقرأ أيضاً:
عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»
البلاد- بيروت
فيما تواصل إسرائيل قصف الجنوب والضاحية والبقاع في محاولة لتفكيك البنية العسكرية لحزب الله، يراوغ الحزب في ملف تسليم السلاح، متمسكًا بشروطه، فيما تبذل الدولة اللبنانية جهودًا شاقة لبسط سيادتها دون الانزلاق إلى صدام داخلي أو استفزاز آلة القتل الإسرائيلية.
وفي أحدث تطور، زار رئيس لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، الجنرال الأمريكي جاسبر جيفرز، بيروت، أمس (الأربعاء)، حيث التقى الرئيس اللبناني جوزيف عون بحضور السفيرة الأمريكية ليزا جونسون. اللقاء شهد تأكيدًا لبنانيًا على ضرورة تفعيل اللجنة والضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها وانسحابها من خمس تلال جنوبية لا تزال تحتلها، إضافة إلى إطلاق الأسرى اللبنانيين. كما قدم جيفرز خلفه، الجنرال مايكل جاي ليني، الذي سيتولى رئاسة اللجنة خلال المرحلة القادمة، وهو قائد قوة المهام في القيادة المركزية الأمريكية.
اللقاء جاء قبيل مغادرة عون إلى الإمارات برفقة وزير الخارجية يوسف رجّي، في زيارة رسمية تستمر يومين، تهدف إلى تعزيز العلاقات وجذب الدعم العربي لجهود الأمن والإصلاح وإعادة الإعمار، في ظل ظرف دقيق يتطلب دعمًا سياسيًا واقتصاديًا فوريًا.
بالتوازي، واصل الجيش اللبناني تنفيذ مهامه جنوب الليطاني، حيث أعلن الرئيس عون في لقاء مع وفد معهد الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن، الثلاثاء، أن الجيش يطبق القرار 1701 رغم العراقيل الميدانية المتمثلة ببقاء إسرائيل في خمس نقاط حدودية. وأكد أن “قرار حصرية السلاح لا رجوع عنه”، وأن عملية سحب السلاح ستتم بالحوار، تجنبًا لأي اضطرابات أمنية.
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة فؤاد سلام أن الغارات الإسرائيلية على الضاحية وسواها تشكّل “خرقًا واضحًا لترتيبات وقف الأعمال العدائية”، مطالبًا بتفعيل آلية المراقبة الدولية. كما شدد خلال استقباله وفد نقابة الصحافة على أن لبنان ملتزم بالاتفاق وعلى إسرائيل أن تلتزم أيضًا، مضيفًا أن بقاء الدعم الأمريكي والفرنسي مهم لضمان ذلك.
ورغم إعلان حزب الله دعم الدولة، بدا موقفه أكثر تصلبًا في الخطاب الأخير لأمينه العام نعيم قاسم، الذي وضع ثلاثة شروط مسبقة قبل أي حوار حول السلاح: انسحاب إسرائيل، وعودة الأسرى، وبدء إعمار ما دمرته الحرب. وهو ما رآه مراقبون تناقضًا مع موقفَي رئيس الجمهورية والحكومة، وتراجعًا عن مضمون البيان الوزاري الذي نال ثقة “الحزب” نفسه.
السلطة الرسمية اللبنانية تراوح مكانها في ملف السلاح، متسلّحة بالتهدئة والحوار كسبيل لتفادي صدام داخلي، بينما يربط الحزب مصير سلاحه بتحولات الإقليم، خصوصًا في ضوء المفاوضات بين طهران وواشنطن. وعلى الأرض، لم تتوقف إسرائيل عن شن الغارات، متذرعة بعدم تفكيك قدرات الحزب، ومتمسكة بالبقاء في نقاط حدودية رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي وُقّع برعاية أمريكية فرنسية أواخر نوفمبر الماضي.
وكان الاتفاق نص على وقف الأعمال العدائية، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب، مقابل انسحاب الحزب من جنوب الليطاني، وتوسيع انتشار الجيش اللبناني وقوات “يونيفيل”، إلا أن التنفيذ تعثر وسط مماطلة إسرائيلية ومراوغات من حزب الله.
بين تصعيد إسرائيلي لا يهدأ، ومناورات حزب الله ومواقفه المتباينة حول حصر السلاح، تقف الدولة اللبنانية في مفترق طرق حرج. فالمضي نحو السيادة يتطلب مواجهة مزدوجة: مقاومة الضغوط الخارجية دون الخضوع لها، ومراكمة التوافق الداخلي دون الانفجار من الداخل.