العام الجديد: بين الماضي والمستقبل
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
العام الجديد: بين الماضي والمستقبل
نحتاج لجهة بحثية وفكرية عربية تضع استراتيجية انتقال سلس وصادق من إشكالات الماضي لرحاب المستقبل الذي كُتب عنه الكثير بمناسبة العام الجديد.
أليس الحديث عن اتخاذ خطوات مستقبلية دون مواجهة خطوات ماضية سبقتها ثرثرة بلا معنى؟ حتى الحديث عن انتقال الوطن العربي إلى أن يكون جزءاً من نظام بريكس.
هل حقاً يمكن الحديث عن المستقبل بينما الماضي يشير لألف قيد ستفرضه أمريكا المعادية لبريكس وهي التي تتحكم بالحياة الاقتصادية والسياسية العربية بأشكال لا تعدّ ولا تحصى؟
هل ستنبري جهات مدنية عروبية أو عروبية -إسلامية، بعمل استراتيجية انتقال وطرحها على الأمة؟ فلعل المستقبل آنذاك يصبح الحديث عنه قابلا للتحقق، وليس رغائبيا لا يقدم ولا يؤخر.
هل يمكن الحديث عن مزيد من الاندماج والتوحيد الخليجي وأداء دور أكبر في الجامعة العربية بينما يعيش مجلس التعاون مشكلة تطبيع بعض دوله مع الكيان الصهيوني بينما تمتنع دول أخرى؟
* * *
كانت أغلب الكتابات أو الأحاديث التي قرأتها أو سمعتها، بمناسبة حلول العام الجديد، تركزّ على تمنيات واقتراحات بشأن التغييرات المطلوبة في شتّى الحقول الحياتية، من أجل خروج الوطن العربي من الحالات المأساوية التي يعيشها الآن.
لكن باعتقادي أنه يجب أن تسبق ذلك، كتابات وأحاديث بشأن ما يجب أن يراجع من ماضٍ، فإما أن يترك أو يعدل، قبل الانتقال إلى مرحلة تلك المقترحات المستقبلية. تفرض ضرورة تلك المعادلة عظم التغيرات التي رانت على المشهد العربي برمّته خلال السنوات القليلة الماضية.
فمثلاً أن السّقم الذي حلّ بإرادة وكفاءة وفاعلية الجامعة العربية، والذي حتماً يبرر الحديث عن إصلاحات جذرية في وظائفها وأساليب عملها وأسس علاقاتها مع أعضائها من الدول العربية القطرية، يحتاج أولاً الحديث عن الغياب الكارثي لأهم أعمدة تلك الجامعة التاريخية المتألقة مثل مصر والعراق وسوريا، وعن وسائل وإمكانيات رجوعهم الفاعل السابق.
هذا لا يعني التقليل من أهمية الأعضاء الباقين، وإنما التأكيد على أن الجامعة لن تستطيع الخروج من أوضاعها الحالية، بينما بعض من مكوناتها الأساسية الكبرى ذات الوزن التاريخي والالتزامي الكبير تعاني الأمراض والفواجع التي تعيشها.
...
فاذا أضفنا، مثلاً، الأسقام التي يعاني منها لبنان والسودان وليبيا واليمن، وأضفنا الإمكانيات الكبرى للتلاعب بقضية فلسطين وبوجود شعبها في الحياة العربية، نستطيع أن نرى أن الحديث عن المستقبل الكلي، سيصبح هذراً إذا لم يسبقه حديث عن تفاصيل الماضي القريب، الذي منه سيولد المستقبل.
ويمكن أن نأخذ كمثل ثان من أجل المزيد في توضيح الصورة حديث البعض عن مستقبل مجلس التعاون الخليجي. فهل يمكن الحديث عن مزيد من خطوات الاندماج والتوحيد ولعب دور أكبر في الجامعة العربية بينما يعيش المجلس حالياً مشكلة قيام بعض دوله بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، بينما تمتنع بعض دوله الأخرى عن التطبيع.
فكيف الحديث عن تسهيل انتقال الأفراد ما بين أقطاره وتوحيد البطاقة الشخصية والاندماج الأقوى في اقتصاده وبناء منظومة أمنية متضامنة ما بين أقطاره، مع وجود حالة التطبيع تلك بكل ما تأتي به من تناقضات وتراجعات عن التزامات قومية، واستحالة وجود موقف واحد في السياسة الخارجية ومقاطعة اقتصادية، وفي التعاون مع هذا العدو أو ذاك للأمة العربية؟
باختصار، أليس الحديث عن أمنية اتخاذ خطوات مستقبلية، من دون مواجهة خطوات ماضية سبقتها هو ثرثرة لا معنى لها؟ حتى الحديث عن انتقال الوطن العربي إلى أن يكون جزءاً من نظام بريكس.
هل حقاً يمكن الحديث عن ذلك المستقبل بينما الماضي يشير إلى وجود ألف قيد ستفرضه دولة تعادي بريكس، هي الولايات المتحدة، التي تتحكم بالحياة الاقتصادية والسياسية العربية بأشكال لا تعدّ ولا تحصى؟
ما نريد أن نقوله أن هناك حاجة لجهة بحثية وفكرية عربية تضع استراتيجية انتقال بسلالة وصدق، وكأولويات متسلسلة، من إشكالات الماضي إلى رحاب المستقبل الذي كتب عنه الكثيرون بمناسبة العام الجديد.
سيكون من الأفضل لو أن الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أناطت تلك المهمة بجهة فكرية بحثية موضوعية صريحة لتقوم بذلك، إذا لم تقم مثل تلك الجهات بالمهمة فالسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنبري جهات مدنية شعبية، عروبية أو عروبية -إسلامية، بعمل تلك الاستراتيجية وطرحها على الأمة الرسمية والمدنية، فلعل المستقبل آنذاك يصبح الحديث عنه بشكل منطقي قابل للتحقق، وليس بشكل رغائبي لا يقدم ولا يؤخر.
*د. علي محمد فخرو سياسي بحريني، كاتب قومي عربي
المصدر | الشروقالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأمنيات الماضي المستقبل تطبيع الكيان الصهيوني الجامعة العربية بريكس العام الجديد مجلس التعاون الخليجي الجامعة العربیة یمکن الحدیث عن العام الجدید
إقرأ أيضاً:
مفاوض إسرائيلي سابق يؤكد إن بلاده فوتت فرصتين العام الماضي لتأمين هدنة في غزة وتسريع إطلاق سراح الأسرى
سرايا - أكد مفاوض "إسرائيلي" سابق أن "اسرائيل" فوتت فرصتين العام الماضي لتأمين هدنة في غزة وتسريع إطلاق سراح الرهائن، ما دفع مكتب رئيس الوزراء إلى إصدار رد سريع السبت.
وقال أورين سيتر الذي استقال من فريق التفاوض الإسرائيلي في تشرين الأول/أكتوبر، في تصريحات بثتها القناة الإسرائيلية الثانية عشرة السبت “من وجهة نظري، فوتنا فرصتين لتوقيع اتفاق… في آذار/مارس وتموز/يوليو” من العام الماضي.
وأضاف “لم نبذل كل ما في وسعنا لإعادتهم في أسرع وقت ممكن”.
اتهمت شخصيات من المعارضة وبعض عائلات الرهائن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم بذل جهود كافية لتأمين إطلاق سراح الرهائن وعرقلة المحادثات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر، وذلك لتحقيق مكاسب سياسية شخصية.
لكن نتنياهو رفض السبت تصريحات سيتر، وقال مكتبه في بيان إن “ادعاءاته بأن كان من الممكن التوصل إلى اتفاق في وقت سابق لا أساس لها على الإطلاق”.
وجاء في البيان أنه “لو لم يقف رئيس الوزراء بحزم، لما كان من الممكن إطلاق سراح نصف الرهائن الأحياء على الأقل في المرحلة الأولى” من الهدنة الحالية.
وأضاف “كما شهد مسؤولون أميركيون كبار مرارا، فإن حماس رفضت المشاركة في المفاوضات لعدة أشهر وكانت العقبة الوحيدة أمام التوصل إلى اتفاق”.
وتابع البيان أن الموقف الثابت لرئيس الوزراء نتنياهو، إلى جانب تهديدات الرئيس ترامب، أدى إلى استسلام حماس، والإفراج عن رهائننا، وحماية المصالح الأمنية لـ "إسرائيل".
تنفّذ حماس و "إسرائيل" حاليا المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار التي تمتد 42 يوما.
وقال سيتر إنه يريد “التحدث عن الحقائق”، معتبرا أنه كان من الممكن تجنب مقتل رهائن في الأسر و”المعاناة غير الضرورية”، لكنه أوضح أنه يضع المسؤولية الأساسية عن الجمود الذي وصلت إليه المفاوضات في العام الماضي على عاتق حماس.
منذ دخول الهدنة بين "إسرائيل" والحركة الفلسطينية حيز التنفيذ، تم إطلاق سراح 19 رهينة إسرائيليا احتجزوا في غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، مقابل أكثر من ألف معتقل فلسطيني في سجون "إسرائيل".
ومن المقرر إطلاق سراح 33 رهينة إسرائيليا، قضى منهم ثمانية على الأقل، خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 كانون الثاني/يناير.
ومن المتوقع أن تشمل المرحلة الثانية التي لم تبدأ المفاوضات بشأنها بعد، إطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين وإنهاء الحرب.
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
وسوم: #ترامب#غزة#الاحتلال#الثاني#رئيس#الوزراء#الرئيس
طباعة المشاهدات: 908
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 16-02-2025 09:50 AM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...