موقع النيلين:
2024-12-17@09:29:24 GMT

شائب العرب يرعوه البهم

تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT


عدت في إجازتي الحالية بالولايات المتحدة إلى علم سميته “علم اجتماع استرذال العمر” حين علقت على كلمةٍ في سبعينات القرن المنصرم عن جيل حركة مؤتمر الخريجين (في كتابي “عبير الأمكنة”). وما أعادني إليه أن الولايات المتحدة ربما ضمت الآن قطاعاً غزيراً مرموقاً من السودانيين ممن بلغوا سن الشيخوخة. وقد أقاموا بأمريكا من باب بر الولد بهم.

وأكثرهم ممن قام بأدوار مفصلية مختلفة في وجوه الحياة السودانية. ولكنهم حين جاء وقت إذاعتها للجيل الخلف وجدوا أنفسهم في بلد طيرها عجمي.

كتبت مرة أقول إنه لعل أكثر مواردنا إهداراً هي العمر كمستودع للرؤية والخبرة والقيادة. وخسارتنا فيه أكثر من إهدار المال العام، أو الدم العام. فاضطراب السياسة هزَّأت بالعمر بالتطهير والإحالة والفصل مما زلزل استقرار الصفوة الحاكمة وغير الحاكمة بالذات. فحين روَّعت السياسة أمن هذه الفئة أخذت “تتطلش” من وظيفة إلى أخرى، ومن أخرى إلى هجرة، وتسرب العمر من بين يديها وهي في هذه الملطشة التي جعلت من العمر زفة لا وقاراً أو حكمة أخرى.

فقدنا ثروتين اثنتين حين أسقطنا دلالة العمر الذي لم تكبر به العقول. الثروة الأولى هي أنه لم يعُد بوسع العمر أن يشتبك مع ماضيه مقوِّماً للخطأ، أو متيقناً من الصواب مما ينتفع به الجيل الطالع بصراً وخلقاً. وإعادة النظر في حياة المرء نعمة كبيرة. وقد قرأت لكاتب أعاد النظر في موقفٍ له قديم وضال ليخلص إلى أنه ليس هناك ما يستجمع ويشحذ طاقة الذهن للتحري والبحث في أمرٍ ما أكثر من اكتشافك أنك أخطأت فيه فيما مضى.

أما الثروة الثانية، التي تسربت منا بفضل ازدراء العمر فهي أن معمرينا تورطوا في الحاضر يعيشون رزق اليوم الفكري والروحي باليوم. وبعبارة أخرى، فهم لم ينعموا بتحدي العمر الذي قال عنه الشاعر الغربي ت. س. إليوت إنه كلما تقدم بنا أصبح العالم أكثر غرابة في ناظرينا، وأصبحت أنماطه أكثر تعقيداً. فتورطنا في الحاضر حال بيننا وبين أن ينمي الجيل المعمر الماضي كماضٍ وكتاريخ وكثروة روحية وحكمية غراء. وقد جاء عند كاتب ألمعي أن الناس الذين يعلمون لمستقبل أفضل هم في الواقع عشاق عظام للماضي. فالماضي في نظر هذا الكاتب، مستدير كامل، وذو استعداد فطري لإثارتنا واستفزازنا، والإساءة إلينا. فهو الذي يغرينا بتحطيمه كما أنه يستفزنا لتزيينه وتحسينه. فالسبب الأول والأخير الذي يطلب لأجله الناس أن يكونوا سادة المستقبل هو أن يغيِّروا من ماضيهم الآسر الكامل.

نبه الدكتور البوني مرة الى منزلة العمر في المجتمع ” القبلي” التقليدي. وكنت قرأت عن جماعة في أمريكا اللاتينية تسمى جيل العجائز فيها بـ “جيل الصدى”. وتقصد أنها الجماعة المعمرة التي رسالتها في المجتمع أن ترد وقائع الحاضر إلى شبيه أو مثيل لها في الماضي. ولذا ينشأ الناشئة على هذا الجدل الخصيب بين الماضي والحاضر، فلا يستبد بهم الحاضر ولا يروعهم الماضي، ويكونون بين ذلك قواماً: مبدعين وهميمين ومؤثرين.

يكبر الجيل عندنا بغير هذه الألفة مع الماضي لأنه أسير نزوة الحاضر وإغراءاته الجسام. ولذا يعيش الجيل اللاحق في مسغبة الروح والفكر والتاريخ. فالمستقبل الذي يرنو إليه الحدث لا ينبني على الصدى: على جدل الماضي والحاضر.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

إجراء قرعة نهائيات بطولة الجيل القادم لرابطة محترفي التنس بجدة

 

أجريت مساء أمس مراسم قرعة بطولة نهائيات الجيل القادم لرابطة محترفي التنس في نسختها الثانية، التي ينظمها الاتحاد السعودي للتنس، ورابطة محترفي التنس، وبإشراف وزارة الرياضة، وبرعاية من صندوق الاستثمارات العامة، وذلك خلال الفترة من 18-22 ديسمبر الجاري، بمدينة الملك عبدالله الرياضية.
وأسفرت القرعة عن مجموعتين، ضمت المجموعة الأولى (الزرقاء) كلًا من: الفرنسي أرثر فيلس، والتشيكي جاكوب مينشيك، والأمريكي ليرنر تين والبرازيلي جواو فونسيكا، فيما جاء كل من الأمريكي أليكس ميك يلسن والصيني شانغ جونشينغ والفرنسي لوكا فان أش، والأمريكي نيشيش با سافاريدي في المجموعة الثانية (الحمراء).
وستلعب المواجهات في دور المجموعات بنظام الدوري حيث يلعب كل لاعب ثلاث مواجهات ضد بقية اللاعبين في المجموعة، وسيتأهل أصحاب المركزين الأول والثاني من كل مجموعة ليواجه بعد ذلك متصدر المجموعة (الزرقاء) وصيف المجموعة (الحمراء) في المباراة الأولى للدور نصف النهائي، ويلعب متصدر المجموعة (الحمراء) ضد وصيف المجموعة الزرقاء) في المباراة الثانية، وسيحجز الفائزان بتلك المباريات مقعدهما في النهائي الكبير يوم الأحد المقبل.
وفي نسخة هذا العام ووسط أجوائها التنافسية التي تجمع بين أفضل اللاعبين في العالم، ستلعب المباريات بنظام مطوّر من خمس مجموعات، مع تحديد الفائز في كل مجموعة بأربعة أشواط بدلًا من الستة التقليدية، وفي حال التعادل بنيتجة 3-3، سيتم اللجوء إلى كسر التعادل، ولتسريع وتيرة المباريات، تم تقليص الوقت بين النقاط إلى 15 ثانية بدلًا من 25 ثانية، في حال كانت النقاط السابقة تتكون من ثلاث ضربات أو أقل، كما سيتمكن الجمهور من التحرك بحرية داخل الإستاد أثناء اللعب، باستثناء المناطق المحددة.
يُذكر أن النسخة الثانية من الحدث تشهد زيادة قياسية في إجمالي جوائز البطولة لتصل إلى 2.05 مليون دولار، وبجانب الجائزة المالية، سيضيف الفائز اسمه إلى قائمة الأبطال المرموقة التي تضم الإيطالي يانيك سينر اللاعب المصنف أول عالميًا، والإسباني كارلوس ألكاراز بطل 4 بطولات كبرى واليوناني ستيفانوس تسيتسيباس، الحاصل على 11 لقبًا في بطولات رابطة محترفي التنس

مقالات مشابهة

  • رئيس الحكومة يعلن إطلاق الجيل الخامس من الإتصالات 5G سنة 2026
  • حزب الجيل يحذر من مخططات الفوضى الخلاقة ويؤكد دعمه للقيادة السياسية
  • الجيل الثاني.. الرى: مصر وضعت خطة شاملة لتعظيم الاستفادة من المياه
  • إجراء قرعة نهائيات بطولة الجيل القادم لرابطة محترفي التنس بجدة
  • إحدى أدوات حروب الجيل الرابع.. «السوشيال ميديا» خطر كبير يهدد المجتمع
  • خبير : مصر أعادت بناء مستقبلها من العشوائيات إلى مدن الجيل الرابع
  • التثاقف بين المسلمين من الجيل الثاني في أوروبا..
  • أكثر من 60 ضربة جوية صهيونية على سوريا في غضون ساعات
  • تعود من الماضي .. فورد اسكورت RS تظهر مرة أخرى وبهذا السعر
  • سجون صدام أكثر دموية وبشاعة من سجون الأسد.. فلماذا لم يتعاطف العرب مع العراقيين كما تعاطفوا مع السوريين ؟!