موقع النيلين:
2025-04-01@05:37:22 GMT

شائب العرب يرعوه البهم

تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT


عدت في إجازتي الحالية بالولايات المتحدة إلى علم سميته “علم اجتماع استرذال العمر” حين علقت على كلمةٍ في سبعينات القرن المنصرم عن جيل حركة مؤتمر الخريجين (في كتابي “عبير الأمكنة”). وما أعادني إليه أن الولايات المتحدة ربما ضمت الآن قطاعاً غزيراً مرموقاً من السودانيين ممن بلغوا سن الشيخوخة. وقد أقاموا بأمريكا من باب بر الولد بهم.

وأكثرهم ممن قام بأدوار مفصلية مختلفة في وجوه الحياة السودانية. ولكنهم حين جاء وقت إذاعتها للجيل الخلف وجدوا أنفسهم في بلد طيرها عجمي.

كتبت مرة أقول إنه لعل أكثر مواردنا إهداراً هي العمر كمستودع للرؤية والخبرة والقيادة. وخسارتنا فيه أكثر من إهدار المال العام، أو الدم العام. فاضطراب السياسة هزَّأت بالعمر بالتطهير والإحالة والفصل مما زلزل استقرار الصفوة الحاكمة وغير الحاكمة بالذات. فحين روَّعت السياسة أمن هذه الفئة أخذت “تتطلش” من وظيفة إلى أخرى، ومن أخرى إلى هجرة، وتسرب العمر من بين يديها وهي في هذه الملطشة التي جعلت من العمر زفة لا وقاراً أو حكمة أخرى.

فقدنا ثروتين اثنتين حين أسقطنا دلالة العمر الذي لم تكبر به العقول. الثروة الأولى هي أنه لم يعُد بوسع العمر أن يشتبك مع ماضيه مقوِّماً للخطأ، أو متيقناً من الصواب مما ينتفع به الجيل الطالع بصراً وخلقاً. وإعادة النظر في حياة المرء نعمة كبيرة. وقد قرأت لكاتب أعاد النظر في موقفٍ له قديم وضال ليخلص إلى أنه ليس هناك ما يستجمع ويشحذ طاقة الذهن للتحري والبحث في أمرٍ ما أكثر من اكتشافك أنك أخطأت فيه فيما مضى.

أما الثروة الثانية، التي تسربت منا بفضل ازدراء العمر فهي أن معمرينا تورطوا في الحاضر يعيشون رزق اليوم الفكري والروحي باليوم. وبعبارة أخرى، فهم لم ينعموا بتحدي العمر الذي قال عنه الشاعر الغربي ت. س. إليوت إنه كلما تقدم بنا أصبح العالم أكثر غرابة في ناظرينا، وأصبحت أنماطه أكثر تعقيداً. فتورطنا في الحاضر حال بيننا وبين أن ينمي الجيل المعمر الماضي كماضٍ وكتاريخ وكثروة روحية وحكمية غراء. وقد جاء عند كاتب ألمعي أن الناس الذين يعلمون لمستقبل أفضل هم في الواقع عشاق عظام للماضي. فالماضي في نظر هذا الكاتب، مستدير كامل، وذو استعداد فطري لإثارتنا واستفزازنا، والإساءة إلينا. فهو الذي يغرينا بتحطيمه كما أنه يستفزنا لتزيينه وتحسينه. فالسبب الأول والأخير الذي يطلب لأجله الناس أن يكونوا سادة المستقبل هو أن يغيِّروا من ماضيهم الآسر الكامل.

نبه الدكتور البوني مرة الى منزلة العمر في المجتمع ” القبلي” التقليدي. وكنت قرأت عن جماعة في أمريكا اللاتينية تسمى جيل العجائز فيها بـ “جيل الصدى”. وتقصد أنها الجماعة المعمرة التي رسالتها في المجتمع أن ترد وقائع الحاضر إلى شبيه أو مثيل لها في الماضي. ولذا ينشأ الناشئة على هذا الجدل الخصيب بين الماضي والحاضر، فلا يستبد بهم الحاضر ولا يروعهم الماضي، ويكونون بين ذلك قواماً: مبدعين وهميمين ومؤثرين.

يكبر الجيل عندنا بغير هذه الألفة مع الماضي لأنه أسير نزوة الحاضر وإغراءاته الجسام. ولذا يعيش الجيل اللاحق في مسغبة الروح والفكر والتاريخ. فالمستقبل الذي يرنو إليه الحدث لا ينبني على الصدى: على جدل الماضي والحاضر.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

أحمد نخلة: تعلمت من نادي المقاولون العرب الإنضباط

أكد أحمد نخلة، لاعب النادي الأهلي الأسبق، أنه لعبت في نادي المقاولون العرب لمدة ٧ مواسم، مشيرا إلى أنه خلال فترة تواجدي بالنادي تلقيت عرض الأهلي، ووافقت عليه.

بشرى سارة لجماهير الأهلي بشأن كريم فؤادأحمد حسن: جوزيه مدرب عنيد.. وكان المحرك الرئيسي للقرارات داخل الأهلي

وقال أحمد نخلة، خلال لقاء له لبرنامج "خط أحمر"، عبر فضائية "الحدث اليوم"، أنه خلال فترة تواجدي بالمقاولون تعلمت الانضباط والإلتزام داخل الملعب، وهو ما سرت عليه خلال فترة تواجدي بالملعب.

رغبته بالانتقال للأهلي

وتابع لاعب النادي الأهلي الأسبق، أن الفنان سعيد صالح أكد على رغبته لي بالإنتقال للأهلي.

مقالات مشابهة

  • الجيل: الاصطفاف خلف القيادة السياسية واجب وطني وموقف المصريين يؤكد رفضهم القاطع لتهجير الفلسطينيين
  • أمين تنظيم الجيل: احتشاد المصريين بعد العيد يعكس دعم القيادة السياسية ورفض التهجير
  • أحمد نخلة: تعلمت من نادي المقاولون العرب الإنضباط
  • زيلينسكي: روسيا أطلقت أكثر من ألف طائرة مُسيّرة و1310 قنابل انزلاقية على أوكرانيا خلال الأسبوع الماضي‎
  • الولايات المتحدة تبحث عن مقاتلة من الجيل السادس لتحل محل طائرة Super Horne القديمة
  • الجيل: رؤية الرئيس السيسي في بناء الجمهورية الجديدة تستند إلى سياسات تنموية شاملة
  • العيد في العراق بين الماضي والحاضر: ما الذي طرأ على المجتمع
  • الهيئة العامة للنقل: أكثر من 26 مليون شحنة خلال رمضان 1446هـ بنمو 18% عن العام الماضي
  • خنخنة قطعان القرود ضد شعب العراق
  • بنسبة نمو 18 % عن العام الماضي.. شركات نقل الطرود تنقل أكثر من 26 مليون شحنة وطرد بريدي خلال رمضان الجاري