موقع النيلين:
2025-04-23@22:30:50 GMT

شائب العرب يرعوه البهم

تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT


عدت في إجازتي الحالية بالولايات المتحدة إلى علم سميته “علم اجتماع استرذال العمر” حين علقت على كلمةٍ في سبعينات القرن المنصرم عن جيل حركة مؤتمر الخريجين (في كتابي “عبير الأمكنة”). وما أعادني إليه أن الولايات المتحدة ربما ضمت الآن قطاعاً غزيراً مرموقاً من السودانيين ممن بلغوا سن الشيخوخة. وقد أقاموا بأمريكا من باب بر الولد بهم.

وأكثرهم ممن قام بأدوار مفصلية مختلفة في وجوه الحياة السودانية. ولكنهم حين جاء وقت إذاعتها للجيل الخلف وجدوا أنفسهم في بلد طيرها عجمي.

كتبت مرة أقول إنه لعل أكثر مواردنا إهداراً هي العمر كمستودع للرؤية والخبرة والقيادة. وخسارتنا فيه أكثر من إهدار المال العام، أو الدم العام. فاضطراب السياسة هزَّأت بالعمر بالتطهير والإحالة والفصل مما زلزل استقرار الصفوة الحاكمة وغير الحاكمة بالذات. فحين روَّعت السياسة أمن هذه الفئة أخذت “تتطلش” من وظيفة إلى أخرى، ومن أخرى إلى هجرة، وتسرب العمر من بين يديها وهي في هذه الملطشة التي جعلت من العمر زفة لا وقاراً أو حكمة أخرى.

فقدنا ثروتين اثنتين حين أسقطنا دلالة العمر الذي لم تكبر به العقول. الثروة الأولى هي أنه لم يعُد بوسع العمر أن يشتبك مع ماضيه مقوِّماً للخطأ، أو متيقناً من الصواب مما ينتفع به الجيل الطالع بصراً وخلقاً. وإعادة النظر في حياة المرء نعمة كبيرة. وقد قرأت لكاتب أعاد النظر في موقفٍ له قديم وضال ليخلص إلى أنه ليس هناك ما يستجمع ويشحذ طاقة الذهن للتحري والبحث في أمرٍ ما أكثر من اكتشافك أنك أخطأت فيه فيما مضى.

أما الثروة الثانية، التي تسربت منا بفضل ازدراء العمر فهي أن معمرينا تورطوا في الحاضر يعيشون رزق اليوم الفكري والروحي باليوم. وبعبارة أخرى، فهم لم ينعموا بتحدي العمر الذي قال عنه الشاعر الغربي ت. س. إليوت إنه كلما تقدم بنا أصبح العالم أكثر غرابة في ناظرينا، وأصبحت أنماطه أكثر تعقيداً. فتورطنا في الحاضر حال بيننا وبين أن ينمي الجيل المعمر الماضي كماضٍ وكتاريخ وكثروة روحية وحكمية غراء. وقد جاء عند كاتب ألمعي أن الناس الذين يعلمون لمستقبل أفضل هم في الواقع عشاق عظام للماضي. فالماضي في نظر هذا الكاتب، مستدير كامل، وذو استعداد فطري لإثارتنا واستفزازنا، والإساءة إلينا. فهو الذي يغرينا بتحطيمه كما أنه يستفزنا لتزيينه وتحسينه. فالسبب الأول والأخير الذي يطلب لأجله الناس أن يكونوا سادة المستقبل هو أن يغيِّروا من ماضيهم الآسر الكامل.

نبه الدكتور البوني مرة الى منزلة العمر في المجتمع ” القبلي” التقليدي. وكنت قرأت عن جماعة في أمريكا اللاتينية تسمى جيل العجائز فيها بـ “جيل الصدى”. وتقصد أنها الجماعة المعمرة التي رسالتها في المجتمع أن ترد وقائع الحاضر إلى شبيه أو مثيل لها في الماضي. ولذا ينشأ الناشئة على هذا الجدل الخصيب بين الماضي والحاضر، فلا يستبد بهم الحاضر ولا يروعهم الماضي، ويكونون بين ذلك قواماً: مبدعين وهميمين ومؤثرين.

يكبر الجيل عندنا بغير هذه الألفة مع الماضي لأنه أسير نزوة الحاضر وإغراءاته الجسام. ولذا يعيش الجيل اللاحق في مسغبة الروح والفكر والتاريخ. فالمستقبل الذي يرنو إليه الحدث لا ينبني على الصدى: على جدل الماضي والحاضر.

عبد الله علي إبراهيم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

"سناب شات" في ورطة.. دعوى واتهام بـ"إدمان الأطفال والتضليل"

رفعت ولاية فلوريدا الأميركية، دعوى قضائية على الشركة المالكة لتطبيق سناب شات لتبادل الصور واتهمتها باستخدام خصائص في التطبيق تتسبب في إدمان الأطفال على متابعته وبفتح حسابات لأطفال في الثالثة عشرة من العمر وما دون ذلك.

وقالت الدعوى إن خصائص واستخدامات سناب شات تتضمن إمكانية التصفح دون حدود وإشعارات فورية والتشغيل التلقائي لمقاطع الفيديو وأنماطا تتعلق بتعليقات وانطباعات المستخدمين بما يخالف قانونا في الولاية وقعه الحاكم رون ديسانتس العام الماضي لحماية الصحة العقلية والنفسية للأطفال من تبعات التعرض المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي.

ووصفت ولاية فلوريدا في الدعوى ما فعلته شركة سناب شات بأنه "شنيع" لأنها تروج لسناب شات على أنه آمن للأطفال في سن 13 رغم أنه قد يستخدم لمشاهدة صور إباحية وشراء مخدرات وأنشطة أخرى مؤذية.

وجاء في الدعوى "سناب تخدع أولياء الأمور في فلوريدا بشأن المخاطر المحتملة للسماح لأطفالهم في سن المراهقة باستخدام هذه المنصة، لأنها لا تلغي حسابات المستخدمين في سن 13 ولا تطلب موافقة أولياء الأمور على فتح حسابات لمن هم في 14 و15 من العمر".

وقالت سناب شات في بيان إن قانون ولاية فلوريدا يتعدى على حقوق كفلها التعديل الأول للدستور الأميركي للبالغين والأطفال.

وأضافت أن هناك "حلولا تتعلق بالخصوصية" في أنظمة التشغيل وعلىى متجر التطبيقات وعلى مستوى الأجهزة لمعالجة مسألة السلامة عبر الإنترنت والتحقق من العمر.

مقالات مشابهة

  • تغييرات صغيرة تساعد النساء على تقليل آثار الشيخوخة
  • "سناب شات" في ورطة.. دعوى واتهام بـ"إدمان الأطفال والتضليل"
  • من هم المرشحون لخلافة البابا فرنسيس؟
  • الدوري السعودي.. مقارنة بين أرقام بنزيما في الموسم الماضي والحالي
  • إسرائيل ترحب بالغارات الأمريكية في اليمن وتدعو لنهج أكثر حزما ضد الحوثيين
  • الحوثيون: واشنطن نفذت ألف غارة على اليمن منذ آذار الماضي
  • 5 مرشحين.. من سيقود الفاتيكان بعد وفاة البابا فرنسيس؟
  • رفع أنقاض الماضي
  • متى يبلغ الذكاء ذروته؟ دراسة لجامعة ستانفورد تجيب
  • الرمان قد يصبح درعاً واقياً للقلب مع التقدم في العمر