النفط يرتفع على وقع المخاوف حيال إمدادات الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
ارتفعت أسعار النفط في التعاملات المبكرة، اليوم الخميس، لتواصل تحقيق مكاسب حادة من الجلسة السابقة، وسط المخاوف حيال إمدادات الشرق الأوسط في أعقاب توقف الإنتاج بحقل في ليبيا وتصاعد التوتر بسبب حرب إسرائيل على غزة.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 33 سنتا بما يعادل 0.42 في المئة إلى 78.58 دولار للبرميل.
سعر برميل النفط الكويتي يرتفع إلى 80.
وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 40 سنتا أو 0.55في المئة إلى 73.10 دولار.
وارتفع كلا الخامين القياسيين أمس الأربعاء بنحو 3 في المئة عند التسوية في أول ارتفاع منذ خمسة أيام، وشهد الخام الأميركي أكبر زيادة يومية بالنسبة المئوية منذ منتصف نوفمبر.
وأدت احتجاجات أمس إلى توقف كامل للإنتاج في حقل الشرارة النفطي الليبي، الذي يمكن أن ينتج ما يصل إلى 300 ألف برميل يوميا.
وأمس أيضا، قُتل ما يقرب من 100 شخص في انفجارين وقعا خلال مراسم لإحياء ذكرى القائد الإيراني البارز قاسم سليماني الذي لاقى حتفه في هجوم بطائرة مسيرة أميركية عام 2020.
كما يستمر دعم أسعار النفط نتيجة التوتر الإقليمي الناجم عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وظلت المخاوف المتعلقة بالشحن في البحر الأحمر قائمة بعد أن قال الحوثيون إنهم «استهدفوا» سفينة حاويات متجهة إلى إسرائيل.
كما تلقت السوق دعما من بيانات معهد البترول الأميركي التي أظهرت انخفاض مخزونات الخام الأميركية 7.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 29 ديسمبر، وهو ضعف الانخفاض الذي توقعه محللون استطلعت «رويترز» آراءهم.
ومع ذلك، ارتفعت مخزونات البنزين بنحو 6.9 مليون برميل، مقابل توقعات انخفاضها 200 ألف برميل، وزادت مخزونات نواتج التقطير أكثر من المتوقع.
المصدر: الراي
إقرأ أيضاً:
بين “الشرق الأوسط الجديد” و “إسرائيل الكبرى”
يمانيون – متابعات
غيرَ مَــــرَّةٍ، ظهر مجرمو الحرب الصهاينة يحملون خرائطَ جديدةً للمنطقة تُعبِّرُ بشكل أَو بآخر عن حلم صهيون بما يُسمى “إسرائيل الكُبرى”، وَبالمثل كَثيرًا ما تكرّرت التصريحات الأمريكية عن “الشرق الأوسط الجديد” وَبين الأمرَينِ صلةٌ وثيقة، بل إن مصطلح أَو تعبير “الشرق الأوسط الجديد” هو المرادفُ الأمريكي لمشروع “إسرائيل الكُبرى” لماذا نذهب لذلك؟ ما وجه العلاقة ما الدلائل والشواهد على الذهاب إلى هذا الاستنتاج؟
من حلف “الدائرة“ إلى شد الأطراف ثم بترُها:
مع عودة للجذور الأولى لنشأة الكيان الصهيوني نجد أن “إسرائيل الكبرى” تمتد “من نهر النيل إلى نهر الفرات” كما زعم ذلك المجرم ثيودور هرتزل وهو معتقد يحمله المجرمون الصهاينة، وعملوا بكل وسيلة على التأصيل له كموروث ديني يدَّعي أن الأرض الموعودة تمتَدُّ من نهر النيل في مصر إلى نهر الفرات بالعراق، وإن كان الوصول إلى تحقيقه على أرض الواقع يحتاجُ لتدرُّجِ بدأ بمخطّط عُرِفَ في ما بعدُ بـ “حلف الدائرة”، وَهذا قضى بتطوير علاقات الكيان مع الدول الأجنبية المحيطة بالدول العربية كإيران الشاه وتركيا وإثيوبيا وغيرها لتهديد الدول العربية والضغط عليها وإبقاء بؤر الصراع قائمةً بينها وبين الدول العربية لإضعافها.
هذه الاستراتيجيةُ عُرِفَت أَيْـضًا بـ “تطويق الطوق” في إشارة للطوق العربي الذي يلُفُّ فلسطينَ المحتلّة.
وقد عبَّرت عن نجاح هذا المخطّط وهذه الاستراتيجية غولدا مائير في مؤتمر حزبِ العمل 1960 بقولها: “لقد نجحنا في إقناع الدول المحيطة بالدول العربية لإقامة (حلف الدائرة) ليشكِّلَ سورًا حول تلك الدول، يدرأ الخطر”.
في الأثناء كان الصهاينة يسيرون في مخطّط التطبيع مع الطوق العربي، ومن المعروف ما أنجزه الصهاينة في هذا المضمار، وقد امتد إلى منطقة الخليج العربي التي لم تكن بعيدةً عن مشروع “إسرائيل الكُبرى”؛ إذ سبق وعمد الصهاينة لرسم خارطة لفلسطين المحتلّة تدخل فيها أجزاء من منطقة الخليج العربي، عبّر عنها في وقت مبكر جِـدًّا نورمان بنتويش في كتابه (فلسطين اليهود الماضي والحاضر والمستقبل) الصادر عام 1919م، وقد نقل هذه الجزئية وأشَارَ إليها الكثيرُ ممن بحثوا الصراع العربي مع العدوّ الإسرائيلي.
ونجاح كيان العدوّ في عقد تحالفات مزعومة مع الأنظمة الخائنة في البحرين والإمارات والسعوديّة لا يعني أن الخليج العربي سيكون بمعزل عن خرائط التقسيم، هذا المشروع قائم على استغلال التعدد الطائفي والمذهبي وتحويله لمخلب ومخرز للتفكيك.
ونحن نعرف إلى أي مدى يضرب هذا التنوع بلدان الخليج، خَاصَّة العربية السعوديّة، مع مشاعر عميقة ومتراكمة بالتهميش والإقصاء، بل ومظالم تاريخية لم تعد تقتصر راهنًا على الشيعة، بل امتدت لتيارٍ سُني واسع وعريض يبتعدُ عن قصور الأمراء من بني سعود.
بالعودة إلى دول التطويق من المهم أن نشيرَ إلى أن مسار التطبيع مع الدول المطبِّعة لم يكن معزولًا عن مخطّط التقسيم والتفتيت، وكَثيرًا ما عبَّر الصهاينة عن ذلك؛ فتحدَّثوا عن إنشاء دولة مسيحية في لبنان بعد ضم الجنوب اللبناني حتى نهر الليطاني إلى “إسرائيل”.
وَعن تقسيم الأردن يقول بن غوريون عام 1956م: “لا حقَّ للأردن في الوجود ويجبُ تقسيمُه بضم شرق الأردن إلى العراق الذي عليه الالتزام باستيعاب اللاجئين الفلسطينيين وَتوطينهم في أراضيه وضم ما تبقى من الأردن غرب النهر إلى إسرائيل”.
وَفي سياق التمهيد لعملية توسع “إسرائيل” والوصول إلى خارطتها الكبرى، كان التقسيم والتفتيت لمنطقتنا هدفًا رئيسيًّا لكيان العدوّ، وقد اتبع لذلك استراتيجية “شد الأطراف ثم بترها”؛ أي مد الجسور وإقامة العلاقات مع الحركات والكيانات بعد تخليقها ودعمها، ثم جذبها للانفصال، وَهذا هو المقصود بالبتر، وقد دعا بن غوريون للانتقال بعد دعمِ المعسكر المسيحي في لبنانَ لإقامة تحالف وتعاون مع الأكراد في العراق والدروز في سوريا وفي جنوب السودان، وَلم يكن ما سبق من خطط حاصِلَ أوهام أَو خيال يدغدغ المشاعر، بل كان فلسفةً تُترجَمُ وبرنامج عمل ينفَّذُ مع الحلفاء في الغرب الكافر.
ومن مرحلة لأُخرى، حرص الصهاينة أَيْـضًا في التعبير عنها كاستراتيجية، وفي ثمانينيات القرن الماضي عبّرت عنها وثيقةُ عوديد ينون -الدبلوماسي الصهيوني ومستشار مجرم الحرب أرييل شارون- التي نُشرت مع توضيح أنها تتعلق بمشروع “إسرائيل الكُبرى” القائم على إضعاف الدول العربية وتقسيمها لاحقًا في إطار المشروع التوسُّعي الصهيوني، وعلى الاستيطان بالضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من فلسطينَ وضم الضفة وقطاع غزة لـ “إسرائيل” مع أجزاء من لبنانَ وسوريا والأردن والعراق ومصر والسعوديّة؛ انطلاقًا من تفتيت الدول العربية القائمة حَـاليًّا لدويلات صغيرة، تصبح كُـلٌّ منها معتمدةً على “إسرائيل” في بقائها.
وتشدّد وثيقة بينون على تفتيت مصر إلى الكانتونات الآتية:- دويلة قبطية مسيحية عاصمتها الإسكندرية في أعالي مصر، ودويلة النوبة عاصمتها أسوان، ودويلة إسلامية عاصمتها القاهرة، وما دون ذلك يكون تحتَ النفوذ الإسرائيلي، أَو بعبارة أدقَّ ضمن “إسرائيل الكُبرى”.
ونصت الوثيقة على تقسيم العراق إلى كانتونات ثلاثة للأكراد والشيعة والسُّنة، وتقسيم لبنان وسوريا وَإيران وَباكستان وَالسودان وليبيا وبقية دول المنطقة على أُسُسٍ عِرقية أَو طائفية، وَفْـقًا لحالة كُـلّ دولة، وسبق وكُتب أن أخطرَ من عبّر عن رؤية “إسرائيل الكُبرى” من نهر النيل إلى الفرات أَو مُعتقد “الأرض الموعودة” هو عوديد ينون، وَسيتولى من بعده رسم الخرائط مفكِّرو المحافظين الجدد ومنظِّروهم في أمريكا.
من برنارد لويس إلى رالف بيترز:
بعد وثيقة عوديد ينون بعقدٍ، نشرت مجلة صادرةٌ عن البنتاغون مشروعًا لبرنارد لويس، وهو أُستاذ ما يُعرَف بالمحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية، خطط فيه لتقسيم الشرق إلى أكثرَ من ثلاثين دويلة إثنية ومذهبية؛ لحماية المصالح الأمريكية و”إسرائيل” حسب مخطَّط يقيم دولةً للبلوش من إيران وباكستان وأُخرى للبوشتونستان من باكستان وأفغانستان ودولة للكرد من إيران والعراق وتركيا، مع تجزئة إيران لعدة كانتونات حسب قومياتها المختلفة.
وينص مخطّط برنارد لويس على تفتيت العراق لكيانات ثلاثة في الشمال والوسط والجنوب، ومثلها سوريا بين الدروز والعلوية والسُّنة، والأردن تنقسم بين البدو وكيان آخر يضم لفلسطين المحتلّة، أما السعوديّة فأعاد خارطتَها إلى ما قبل 1933م، وجَزَّأَ لبنان لكيانات حسب قومياته.
وقسّم مصرَ بين إسلامية وقِبطية، والسودان بين زنجية وعربية، ومثلها موريتانيا، ولم يمر عقدٌ على مشروع لويس حتى بدأت أمريكا مع الألفية الثالثة برسم خارطة شرق أوسط جديد بحدود جديدة وتقسيم مختلف، هذه الخطة بشّرت بها علنًا ورسميًّا وزيرةُ الخارجية السابقة كوندوليزا رايس عام 2006م من تل أبيب -يافا المحتلّة- قالت رايس: “الشرق الأوسط الجديد سيولدُ من رحم هذه الحرب” في إشارة إلى العدوان على لبنانَ حينها، ثم كرّرت ذلك بنبرةٍ لا تخلو من الابتهاج والدموية، وتعليقًا على تكثيف العدوان على لبنان والضاحية الجنوبية بالتحديد منها بقولها: “هذه آلامُ المخاض.. الآن يولد شرق أوسط جديد”.
ودونَ أن تأتيَ رايس على الكثير من التفاصيل، لكن كان واضحًا أن الأمريكان والصهاينة يسعون لإسقاط جنوبِ الليطاني كخطوة أولى على طريق “إسرائيل الكُبرى” وَأَيْـضًا تحييد حزب الله من دائرة التأثير في لبنان، لكن النتائج كانت مُغايرة.
لاحقًا نشرت مجلةُ الجيش الأمريكي بعضَ تفاصيل خطة (الشرق الأوسط الجديد) ومنها تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات على أَسَاس عِرقي وطائفي، وتفتيت المملكة السعوديّة إلى دولة في الشرق وأُخرى في مكة والمدينة، فيما يلحق شمالُ السعوديّة بالأردن وَيلحق جزءٌ من الجنوب باليمن، فيما تبقى باقي دول الخليج الكويت وَقطر وعُمان بشكلها الحالي، أما الإمارات وإيران فتشهدان بعضَ التغييرات، فيما تقسَّمُ اليمنُ إلى دولتين وفق خُطة الشرق الأوسط الجديد، وهذه هي ما تُعرَفُ بخريطة (حدود الدم) لرالف بيترز وهو ضابطٌ أمريكي عمل في الاستخبارات العسكرية، انطلق في تقديم المخطَّط الأمريكي الصهيوني مَمَّا يصف بالحقوق الضائعة للأقليات؛ نتيجة التقسيم الأول -في إشارة لسايكس بيكو-، ومن منظوره يجب أن يعاد التقسيم، وَفْـقًا للتركيبة السكانية غير المتجانسة القائمة على المذاهب والقوميات والأقليات، وهكذا نجد أن التصوُّرَ للشرق الأوسط الجديد لصيقٌ للغاية بمشروع “إسرائيل الكُبرى” وهو مدخلٌ واسعٌ لتحقيقِ حلم صهيون.
—————————————
المسيرة| عبدُالحميد الغُرباني