الثروة .. خطيئة الماضي واعتزاز اليوم
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
المناطق_متابعات
هل يعد جمع المال خطأ من الناحية الأخلاقية؟ إذا طرحت هذا السؤال على معظم الغربيين اليوم، فستكون الإجابة “لا”. توسع الثروة هو، في النهاية، سبب وجود التمويل الحديث، سواء أكان ذلك عن طريق صناديق التحوط، أو خطط التقاعد أو غيرها من الاستثمارات.
لكن قبل سبعة قرون في أوروبا، كان الرد سيكون مختلفا – كما يوضح معرض جديد في مكتبة مورجان في نيويورك، عبر النظر إلى ما حدث عندما دخلت النقود لأول مرة في التداول على نطاق واسع في الغرب “أولا باستخدام العملات المعدنية، ثم عبر فكرة العملات الورقية، المستوردة من الصين”.
وتضيف جاكسون أن الأمولة أثارت أيضا “أزمة قيم”، لأن الكنيسة المسيحية عدت المال خطيئة بطبيعتها. لهذا فإن الأعمال الفنية من تلك الفترة، مثل لوحة “الموت والبخيل” لهيرونيموس بوش، كانت تحتوي على صور مفصلة للجشع.
كانت الطريقة الوحيدة أمام الأغنياء لتجنب الهلاك هي نبذ الترف، أو تقديم التبرعات لدعم الفن، والتعليم والدين. لم يكن رأس المال الاقتصادي يحظى بالإعجاب في حد ذاته – ليس إلا إذا تم تحويله إلى رأسمال “ثقافي”، على حد تعبير المفهوم الذي طوره عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو، الذي يشمل رأس المال السياسي، والأخلاقي والاجتماعي أيضا.
وبعد مرور ثمانية قرون، قد تبدو هذه مجرد معلومات تاريخية تافهة. لكن الرسالة الواردة من مكتبة مورجان “التي كانت في الأصل مجموعة شخصية لممول وول ستريت جون بيربونت مورجان” تستحق التأمل اليوم. خاصة في وقت تتزايد فيه الشعبوية السياسية – وبينما يتسابق الأمريكيون لتقديم تبرعات خيرية معفاة من الضرائب قبل نهاية العام.
في العقد الماضي، تفجرت المناقشات حول عدم المساواة في مجتمع الاقتصاد بعد انقطاع طويل، في أعقاب نشر الكتاب الأكثر مبيعا بشكل مفاجئ لـ2014 للخبير الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي. يجادل هذا الكتاب بأن عدم المساواة قد تزايدت بشكل لا يرحم في العصر الحديث لأن عوائد رأس المال الاقتصادي التي يحتفظ بها الأغنياء تواصل تجاوز النمو – وهي وجهة نظر تم تحديها العام الماضي في كتاب من تأليف فيل جرام، وروبرت إكيلوند وجون إيرلي.
لكن رغم أن هذا الصراع حول الأرقام مثير للاهتمام – ومن المرجح أن يزداد حدة – إلا أنه لا يجسد سوى جزء من القصة. وكما يوضح المؤرخ الاقتصادي جويدو ألفاني في كتابه عن تاريخ الأغنياء في الغرب، هناك أيضا قصة مذهلة حول التحولات الثقافية.
من بعض النواحي، يحتفظ الاقتصاد السياسي الغربي اليوم بأصداء خافتة للمشاعر المعروضة في مكتبة مورجان. حيث يستمر الساسة اليساريون في انتقاد النزعة المالية المفرطة والثراء المتطرف. ويستمر الأغنياء في تحويل جزء على الأقل من رأسمالهم الاقتصادي إلى رأسمال ثقافي، وأخلاقي وسياسي. في العام الماضي، على سبيل المثال، قدم الأمريكيون نحو 500 مليار دولار في شكل تبرعات خيرية.
ومع ذلك، يحدد ألفاني اختلافين بارزين بين الماضي والحاضر. أولا، أصبح تكديس الأموال أكثر قبولا الآن “في الولايات المتحدة على الأقل” مما كان عليه. فكر فقط في الكيفية التي يثير بها نشر “قوائم الأغنياء” السنوية الإعجاب والفضول، فضلا عن الغضب. أو حقيقة أنه عندما أجرى دونالد ترمب حملته الرئاسية لـ2016، أشاد بثروته على وجه التحديد كعلامة على النجاح. وكتب ألفاني: “يبدو أن الكثير قد تغير منذ العصور الوسطى عندما كان يطلب من الأغنياء ألا يبدو أنهم أثرياء (…) لأن هذا كان يعد خطيئة بطبيعتها”.
كما يرى ألفاني أن هناك ضغوطا أقل على الأغنياء اليوم لإعادة توزيع ثرواتهم في أوقات الأزمات. ويقول: “لم يعد الأغنياء يقومون بما كان دورهم الاجتماعي الرئيس على مدى قرون عديدة”، مشيرا إلى أنه رغم أن ضرائب الثروة كانت شائعة في الماضي، إلا أنها مثيرة للجدل إلى حد كبير اليوم. وبدلا من ذلك، نشأ نظام بيئي قانوني يعمل على تمكين الأغنياء من خفض فواتيرهم الضريبية إلى أدنى حد ممكن. والمناسبة الوحيدة التي حدثت فيها عملية إعادة توزيع كبيرة في القرن الماضي كانت بعد الصدمة العنيفة التي أحدثتها الحرب العالمية الثانية.
علاوة على ذلك، أود أن أستشهد بتمييز ثالث “رغم أن ألفاني لا يؤكده”: عملية تحويل رأس المال الاقتصادي إلى رأسمال ثقافي وسياسي أصبحت أكثر إثارة للجدل من الناحية الأخلاقية.
في القرون الماضية، عندما كان الأغنياء يقدمون تبرعات للفنانين، أو المفكرين، أو المشاريع الاجتماعية، كان يفترض أنهم قادرون على السيطرة على المؤسسات التي يرعونها. واليوم، يواصل الأغنياء ممارسة نفوذهم، لكن بطريقة خفية: ففكرة أنه يمكنهم استخدام التبرعات بشكل واضح للسيطرة على السياسة، أو الفن أو الحياة الفكرية هي فكرة مثيرة للجدل. ما علينا إلا أن ننظر إلى ردة الفعل العنيفة التي حدثت عندما دعا المانحون الأمريكيون الأغنياء مثل عمالقة المال بيل أكمان ومارك روان إلى إقالة رؤساء الجامعات.
أو بعبارة أخرى، إحدى السمات المميزة – والمفارقة – لاقتصادنا السياسي الغربي الحديث هي أنه رغم كونك غنيا لم يعد خطيئة بطبيعتها، إلا أن هناك قلقا أخلاقيا بشأن فكرة استخدام الثروة بشكل علني للسيطرة على السياسة، أو الثقافة أو الحياة الفكرية. إنها مفارقة ربما كانت ستجعل حتى جون بيربونت مورجان يضحك بينه وبين نفسه.
4 يناير 2024 - 3:39 صباحًا شاركها فيسبوك X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد4 يناير 2024 - 2:55 صباحًا“جفاف اليدين” مُحاصر شتاءً بـ”الصبار” أبرز المواد4 يناير 2024 - 2:51 صباحًاترامب يقدم استئنافاً لإلغاء منعه من خوض الانتخابات التمهيدية في كولورادو أبرز المواد4 يناير 2024 - 2:49 صباحًابريطانيا .. فوضى شديدة في حركة النقل وبدء أطول إضراب للأطباء خلال 7 عقود أبرز المواد4 يناير 2024 - 2:46 صباحًابريطانيا تستعد لطرح علاج يساعد في الإقلاع عن التدخين أبرز المواد4 يناير 2024 - 2:33 صباحًاالبيت الأبيض: حماس ما زالت تملك “قدرات كبيرة” في غزة4 يناير 2024 - 2:55 صباحًا“جفاف اليدين” مُحاصر شتاءً بـ”الصبار”4 يناير 2024 - 2:51 صباحًاترامب يقدم استئنافاً لإلغاء منعه من خوض الانتخابات التمهيدية في كولورادو4 يناير 2024 - 2:49 صباحًابريطانيا .. فوضى شديدة في حركة النقل وبدء أطول إضراب للأطباء خلال 7 عقود4 يناير 2024 - 2:46 صباحًابريطانيا تستعد لطرح علاج يساعد في الإقلاع عن التدخين4 يناير 2024 - 2:33 صباحًاالبيت الأبيض: حماس ما زالت تملك “قدرات كبيرة” في غزة ودية الأخضر أمام لبنان "مغلقة" تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024 | تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوكXيوتيوبانستقرامواتساب فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوكXيوتيوبانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عنالمصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: أبرز المواد4 ینایر 2024 رأس المال صباح ا إلا أن
إقرأ أيضاً:
"أوبك": الإمارات تواصل نموها الاقتصادي القوي
أكدت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، أن دولة الإمارات العربية المتحدة مستمرة في إظهار نمو اقتصادي قوي، لاسيما في القطاع غير النفطي.
وذكرت "أوبك"، في تقريرها لشهر نوفمبر "تشرين الثاني" الصادر، اليوم الثلاثاء، أن المالية العامة لدولة الإمارات استمرت في قوتها خلال الربع الثاني من العام الجاري، مع زيادة الإيرادات بنسبة 9.1% على أساس سنوي، مقارنة بـ 4.3% على أساس سنوي في الربع الأول من نفس العام.وأرجع التقرير الزيادة في الإيرادات، إلى تحسن الإيرادات الضريبية ما يعكس النشاط الاقتصادي المستمر في الدولة والتي بلغت نحو 95.5 مليار درهم في الربع الثاني من عام 2024.
ولفت تقرير "أوبك" إلى التوسع في التعويضات الاجتماعية والمزايا للموظفين في الدولة، ما يشير إلى استمرار الأسس الاقتصادية الصحية، وأشار إلى مواصلة القطاع السياحي نموه في دبي بعدما استقبلت الإمارة 11.9 مليون زائر دولي في الفترة من يناير "كانون الثاني" إلى أغسطس "آب" 2024، مقارنة بنحو 11.1 مليون زائر دولي في الفترة نفسها من 2023.
وذكر التقرير أن مؤشر مديري المشتريات (PMI) للإمارات من "إس آند بي جلوبال"، ارتفع ليصل إلى 54.1 في أكتوبر "تشرين الأول"، من 53.8 في سبتمبر، مدفوعاً بتزايد تسلم طلبات العمل الجديدة وارتفاع الطلب بشكل عام.