الذكاء الاصطناعي يساعد الفلكيين على تقدير أعمار النجوم
تاريخ النشر: 16th, July 2023 GMT
تمكّن فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة كيل البريطانية من تطوير تقنية للتعلم الآلي تساعد علماء الفلك على تقدير أعمار النجوم بشكل أفضل من الطرق المستخدمة حاليا، والتي تعتمد على استنتاج التركيب الكيميائي للنجوم.
ويعدّ "تعلم الآلة" (Machine Learning) من فروع الذكاء الاصطناعي التي تُعنى بتحسين جودة النتائج، بناء على التعلم من كمية كبيرة جدا من البيانات.
وعلى سبيل المثال، فإنه للتفريق بين شكل الكلب وشكل القطة يتم تغذية الذكاء الاصطناعي بعشرات أو مئات الآلاف من صور الكلاب، ثم نفس العدد تقريبا من صور القطط، وهنا تبحث برمجيات الذكاء الاصطناعي عن أنماط إحصائية تتشابه فيها القطط مع بعضها وتختلف تماما عن الكلاب.
بعد ذلك، يحوّل الذكاء الاصطناعي تلك الأنماط إلى قوانين ذات طابع احتمالي، يستخدمها عند فحص صور جديدة لم تعرض عليه من قبل، ومع كل صورة جديدة تضاف لقاعدة بياناته فإنه يحسّن من أدائه في المرة القادمة. وذلك يشبه الطريقة التي نتعلم بها نحن البشر أيَّ شيء في حياتنا، منذ نعومة أظفارنا.
استخدم الباحثون بيانات صادرة من تلسكوب غايا عن أكثر من 6 آلاف نجم (وكالة الفضاء الأوروبية) استنفاد الليثيوموبحسب الدراسة الجديدة التي أُعلِن عنها في المؤتمر الوطني لعلم الفلك 2023 المقام في جامعة كارديف البريطانية، فقد استند الباحثون إلى فرضية علمية سميت "استنفاد الليثيوم". فخلال عمر النجم، يؤدي كل من الحرارة والضغط المتزايدين في النواة إلى تغيير التركيب الكيميائي لأغلفة النجم الخارجية، وبشكل خاص تتناقص كمية عنصر الليثيوم بمرور الوقت.
وبالتبعية، يمكن استخدام تلك الفكرة لتحديد عمر النجم بتحديد كمية الليثيوم فيه، ويتم ذلك عن طريق دراسة الضوء القادم من النجوم البعيدة، حيث يترك عنصر الليثيوم ما يشبه البصمة في طيف ذلك الضوء، والتي يمكن قراءتها عبر تلسكوبات مثل "غايا" (Gaia)، وهو مرصد فضائي أطلقته وكالة الفضاء الأوروبية عام 2013، يهدف إلى تجميع قائمة ثلاثية الأبعاد لما يقرب من مليار من النجوم.
وفي بيان صحفي صادر من الجمعية الفلكية الملكية، جاء أن الباحثين من هذا الفريق استخدموا بيانات صادرة من غايا عن أكثر من 6 آلاف نجم، لتغذية برمجية للتعلم الآلي، ثم من خلال فحص البيانات تتوصل تلك البرمجية لنمذجة العلاقة بين درجة حرارة النجم ووفرة الليثيوم المقاسة وعمره.
ويأمل الباحثون في أن تحسّن تلك الآلية الجديدة من دقة تقديرات الفلكيين لأعمار النجوم، خاصة أن هذا النوع من التقنيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ما زال في بداياته، وتتسارع تطوراته يوما بعد يوم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
"ديب سيك"... تهديد صيني حقيقي لعمالقة الذكاء الاصطناعي الأمريكيين؟
شهد عالم الذكاء الاصطناعي مؤخرًا دخول منافس جديد بقوة على الساحة، وهو روبوت المحادثة الصيني "ديب سيك-آر1" (DeepSeek-R1)، الذي أطلقته شركة صينية ناشئة تحمل الاسم نفسه. تمكن هذا التطبيق، خلال أيام فقط من إطلاقه في 20 يناير 2025، من تجاوز المنافسين الأمريكيين مثل ChatGPT (أوبن إيه.آي) وGemini (جوجل) ليصبح التطبيق المجاني الأكثر تحميلًا على متجر آبل.
هل يمثل هذا التطور تهديدًا حقيقيًا لكبار الشركات الأمريكية؟ وهل يمكن أن يُعيد "ديب سيك" تشكيل خريطة المنافسة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي؟
النجاح السريع والمفاجئيعود سبب الضجة التي أثارها "ديب سيك" إلى أدائه القوي وتكلفته المنخفضة مقارنة بالمنافسين الأمريكيين. ووفقًا لموقع "بانديلي" الصيني المتخصص، فقد تصدر التطبيق قائمة أكثر التطبيقات المجانية تحميلًا في كل من النسخة الأمريكية والصينية من متجر آبل في 27 يناير، وهو إنجاز غير مسبوق لشركة صينية ناشئة في هذا المجال.
أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في نجاح "ديب سيك" هو تركيزه على المهندسين المحليين بدلًا من الاعتماد على المواهب الأجنبية، كما تفعل بعض الشركات الصينية الأخرى. ويقول غوانغيو تشياو-فرانكو، الخبير في التكنولوجيات الناشئة بجامعة رادبود الهولندية:
"بدلًا من البحث عن المواهب في الخارج، تركز ديب سيك على المهندسين الشباب المتخرجين حديثًا من الجامعات الصينية، مما يمنحها ميزة تنافسية من حيث التكلفة والكفاءة".
تكلفة أقل وفعالية أكبروفقًا لتقرير نشرته الشركة الصينية، فإن تكلفة تدريب نموذج ديب سيك-آر1 بلغت 5.6 مليون دولار فقط، مقارنة بمئات المليارات من الدولارات التي تنفقها شركات وادي السيليكون مثل أوبن إيه.آي وجوجل.
ماريو كرين، مدير الأبحاث في معهد ماكس بلانك بألمانيا، أشار إلى أن هذه التكلفة المنخفضة قد تعود إلى استخدام "ديب سيك" تقنيات مختلفة لتقليل الحاجة إلى الإشراف البشري المكلف أثناء تدريب النموذج. كما أن الشركة توفر نموذجها بشكل مفتوح المصدر، مما يمنح المطورين والمستخدمين فرصة لتعديله بحرية، على عكس النماذج المغلقة مثل ChatGPT وGemini.
وقد علق سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه.آي، على نجاح "ديب سيك" بقوله:
"نموذج آر1 مذهل، خاصة بالنظر إلى ما يقدمه مقابل السعر. ولكننا لا نزال نؤمن بأن القدرة الحاسوبية الأكبر ستظل العامل الأساسي في نجاح نماذج الذكاء الاصطناعي المستقبلية".
التأثير الاقتصادي والمنافسة المحتدمةيبدو أن نجاح "ديب سيك" لم يقتصر فقط على جذب المستخدمين، بل كان له أيضًا تأثير فوري على أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في وادي السيليكون. فقد شهدت أسهم كل من مايكروسوفت، جوجل، ميتا، وإنفيديا انخفاضًا ملحوظًا بعد الإعلان عن تقدم التطبيق الصيني، حيث خسرت إنفيديا وحدها أكثر من 12% من قيمتها السوقية في بداية الأسبوع.
المحلل المالي ألكسندر باراديز من شركة IG France علق على هذا التطور قائلًا:
"قد يكون لديب سيك تأثير هائل على النموذج الاقتصادي للذكاء الاصطناعي في أمريكا الشمالية، خاصة وأن الشركات الكبرى تعتمد على فرض رسوم مرتفعة لتغطية تكاليفها الهائلة، بينما يقدم المنافس الصيني بديلًا أقل تكلفة وفعالًا".
الذكاء الاصطناعي والمنافسة الجيوسياسيةلا يمكن فصل نجاح "ديب سيك" عن السياق السياسي والاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة. فبينما تحاول واشنطن فرض قيود على تصدير التقنيات المتقدمة إلى الصين، يثبت نجاح "ديب سيك" أن بكين قادرة على تطوير تقنياتها الخاصة رغم هذه القيود.
يقول يان لو كون، كبير الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في "ميتا":
"نجاح ديب سيك هو دليل على تفوق نماذج المصدر المفتوح على نماذج الذكاء الاصطناعي المغلقة التي تهيمن عليها الشركات الأمريكية".
من جانب آخر، يبدو أن الحكومة الصينية تستغل نجاح "ديب سيك" لتعزيز مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي. فمؤسس الشركة، ليانغ وينفينغ، كان الرئيس التنفيذي الوحيد لشركات الذكاء الاصطناعي المدعو لحضور اجتماع مع رئيس الوزراء الصيني في 20 يناير، مما يعكس اهتمام الحكومة بدعم وتطوير هذه التقنيات.
عقبات وتحديات مستقبليةرغم نجاح "ديب سيك"، فإن التحديات لا تزال قائمة، خاصة فيما يتعلق برقابة الحكومة الصينية على المحتوى. فقد لاحظ مستخدمون أن الروبوت يتجنب الإجابة عن أسئلة تتعلق بالأحداث السياسية الحساسة، مثل احتجاجات ميدان تيانانمن أو وضع تايوان، حيث يرد بعبارات مثل:
"أنا مساعد ذكاء اصطناعي مصمم لتقديم إجابات مفيدة وغير مؤذية".
وهذا قد يشكل عائقًا أمام انتشار التطبيق عالميًا، حيث أن المستخدمين في الدول الغربية قد ينظرون إلى هذه الرقابة بعين الريبة.
هل "ديب سيك" هو المستقبل؟بفضل مزيج من التكنولوجيا المتقدمة والتكلفة المنخفضة والمصدر المفتوح، نجح "ديب سيك" في إحداث زلزال في قطاع الذكاء الاصطناعي العالمي خلال فترة قصيرة. ولكن يبقى السؤال: هل سيتمكن من الاستمرار في هذا الزخم ومنافسة عمالقة وادي السيليكون على المدى الطويل؟
يرى بعض المحللين أن "ديب سيك" قد يكون مجرد بداية لموجة جديدة من الابتكارات الصينية التي ستغير قواعد اللعبة في سوق الذكاء الاصطناعي، بينما يرى آخرون أن قيود الرقابة الصينية قد تحد من انتشاره عالميًا.
في كل الأحوال، من الواضح أن "ديب سيك" قد فتح الباب أمام مرحلة جديدة من المنافسة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث لم تعد الهيمنة الأمريكية في هذا المجال أمرًا مسلمًا به.