الخرطوم– مع نزوح أكثر من 2.2 مليون شخص بسبب الحرب في السودان، غالبيتهم من الخرطوم (حوالي 1.5 مليون شخص)، توقفت الحركة التجارية في العاصمة وانتقلت إلى بعض الولايات التي شهدت أسواقها انتعاشا اقتصاديا، وأخرى أصابها الركود.

وتحتل الولاية الشمالية المرتبة الثانية من حيثُ استقبال النازحين، حيث بلغ عددهم أكثر من مليوني نازح، وأكد والي الولاية الشمالية الباقر أحمد أن هناك زيادة في الطلب على السلع والمنتجات، وارتفاع في الأسعار.

وكشف -في حديثه للجزيرة نت- عن شروع الولاية في تقديم تسهيلات لإقامة صناعات محلية تعتمد على المنتجات المحلية للولاية، مشيرا إلى قدوم عدد من المصدرين للولاية.

وحول الأثر الاقتصادي، أكد الباقر أحمد ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، في حين تم تكوين لجان طوارئ، منها طوارئ السلع الاستهلاكية للسيطرة على الأسعار.

وأشار إلى انتعاش الحركة التجارية داخل الأسواق وبين الولاية والولايات الأخرى، مؤكدا أن الولاية أصبحت واحدة من النوافذ القليلة بالبلاد التي يقصدها العديد من التجار من ولايات مختلفة للتسوق، كما تحولت حاليا إلى أهم نقطة تجارية بالبلاد.


خسائر النشاط التجاري بالخرطوم

وفي الخرطوم، قُدرت خسائر النشاط التجاري بالمليارات إثر الحرب التي اندلعت شرارتها منتصف أبريل/نيسان الماضي، مع توقف كامل للصادرات والتصنيع المحلي، كما شهدت الواردات شللا كاملا، وفقا لتصريحات أمين المال بالغرفة التجارية، ورئيس لجنة الطوارئ ببورتسودان إبراهيم أبوبكر.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد أبوبكر أن نهب وحرق المناطق الصناعية خاصة في مخازن الصادرات في المنطقة الصناعية "سوبا والباقير" أثّرا في عملية الصادرات التي انخفضت إلى أقل من 60%، في وقت يوجد فيه 50% من الصمغ والفول والسمسم في هذه المخازن.

استهداف المصانع

أكد أبوبكر استهداف المصانع بالنهب، وهجرة 70% من المصدرين، وتوقف الاستثمارات السعودية والخليجية، إضافة إلى فرض السلطات الحكومية رسوم في الطرق القومية، وزيادة أخرى في الرسوم بنسبة 200%، بينما تم حجز آلاف الأطنان من البضائع في الخياري بولاية القضارف، بجانب فرض قوات الدعم السريع جبايات في الطرق.

بالمقابل أكد وكيل وزارة التجارة والتموين عبد الباقي عيسى -في حديثه للجزيرة نت- أنه من الصعوبة بمكان حصر خسائر النشاط التجاري نتيجة الحرب.

وقال إنه لا توجد معلومات متوفرة حاليا، في حين يصعب حصر التجار الذين توجهوا إلى الولايات أو خارج السودان.

وحول الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها وزارة التموين، أوضح عبد الباقي عيسى أن المكاتب الثلاثة التابعة لإدارة الصادر والوارد توجد في البحر الأحمر والشمالية وولاية الجزيرة، مشيرا إلى أنها تعمل وفق خطة طوارئ يتم التركيز فيها على استيراد السلع الاستهلاكية.


بورتسودان مقرا للحركة التجارية

وأكد أمين المال بالغرفة التجارية إبراهيم أبوبكر أن الحركة التجارية أصبحت تدار حاليا من بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، وصارت مقرا لمعظم المصدرين والتجار واتحاد الغرف التجارية وشهادات المنشأ والسجل التجاري، مشيرا إلى أن 90% من عقود الصادر تصدر من بورتسودان، مما أسهم في الانتعاش الاقتصادي في المدينة.

النشاط التجاري في الجزيرة

تحدث مدير الأسواق بولاية الجزيرة أحمد الحافظ للجزيرة نت عن انتعاش الحركة التجارية في مدينة ود مدني، مشيرا إلى أنها أصبحت مركزا لتجارة التجزئة. ولفت إلى أن المشكلة الرئيسية التي تواجه التجار حاليا هي إيجاد أماكن للعرض وارتفاع الإيجارات، وقال إنه تم تشكيل لجنة وزارية للمساعدة بتوفير الحلول.

ارتفاع إيجار العقارات

وفي حديثه للجزيرة نت، قال مدير شركة "علقم" للأنشطة المتعددة محمد مبارك -وهو أحد التجار الذين نقلوا نشاطهم التجاري من الخرطوم إلى مدينة ود مدني بولاية الجزيرة- إن معارض ومخازن شركته تعرضت للنهب، واضطر للاستعانة بعناصر من الدعم السريع لتأمين الطريق مقابل رسوم باهظة.

وأضاف أن هناك ارتفاعا في إيجار العقارات، وصعوبة بالحركة بسبب صغر حجم المدينة، وتابع أن العمل بات يمضي بشكل جيد عقب فتح المعارض لوجود حاجة للمواد الغذائية.

ندرة السلع الأساسية

وحول تأثير استقبال المدينة للنازحين، قال عضو الغرفة التجارية بولاية الجزيرة محمد عبد الرحمن -في حديثه للجزيرة نت- إن المدينة لم تكن مستعدة لهذه الأعداد التي وفدت إليها مما أثر سلبا من جهة زيادة أسعار الخدمات والسلع الأساسية.

ارتفاع مستويات الدخل

يرى الباحث الاقتصادي عمر محجوب أنه ما زال هناك تأخر في نقل النشاط الاقتصادي من العاصمة، وقال إن الأزمة تتمثل في عدم وجود قدرات أو إمكانية لتعديل سلسلة التوريد.

وأضاف أن ما حدث من انتعاش لبعض المدن ليس نتيجة تخطيط، وإنما بسبب أصحاب العقارات والسلع، وارتفاع مستويات الدخل في هذه المدن، ونمو الناتج المحلي الإجمالي لها.


انتعاش أسعار الأصول

وفي ولاية القضارف، وفد ما يقارب من 87 ألف، منهم 23 ألف و600 عابرين من جنسيات مختلفة، وبعثات دبلوماسية، بحسب والي الولاية محمد عبد الرحمن محجوب، الذي أكد أنه تم إنشاء ما لا يقل عن 32 مركز إيواء لاحتواء 7.5 آلاف نازح.

وكشف الوالي -في حديثه للجزيرة نت- عن استقرار سوق السلع الاستهلاكية، في وقت أصدرت فيه حكومة الولاية قرارا باستيراد السلع عن طريق التجارة الحدودية من إثيوبيا.

من جانبه، قال آدم حسن من غرفة طوارئ القضارف -في حديثه للجزيرة نت- إن توافد الفارين من الحرب في الخرطوم أدى إلى انتعاش أسعار الأصول الثابتة، وزيادة القوة الشرائية، خاصة في الموارد التموينية، وزيادة الأيدي العاملة.

أزمة كاش

بالمقابل قال الأمين العام للغرفة التجارية لولاية القضارف أسعد الضو، في حديثه للجزيرة نت، إن السوق تشهد حالة من الركود. وكشف الضو عن أزمة تسويق الذرة، حيث كانت الخرطوم تستقبل 12 ألف طن يوميا من القضارف، بجانب الدخن الذي كان يسوق للأبيض في كردفان ونيالا في دارفور.

وأشار إلى أن الطريق نحو مدن النهود وأم روابة والفاشر ونيالا أصبحت غير آمنة، مؤكدا توقف الحركة التجارية، مع وجود أزمة سيولة نقدية طاحنة.

من جانبه، قال أمين قرض -تاجر نقل عمله إلى القضارف- إن الصعوبات التي واجهته تمثلت في انعكاسات الحرب على توفير مواد التشغيل وضعف القوة الشرائية للأفراد.

حرب الخرطوم

الصحفية الاقتصادية نازك شمام أكدت، في حديثها للجزيرة نت، أن الحرب في العاصمة الخرطوم أثرت على النشاط التجاري والاقتصاد السوداني الذي يعتمد على نشاطي الاستيراد والتصدير. وقالت إنه ومع نزوح النشاط التجاري إلى المدن المتاخمة لحدود الدول المجاورة -مثل مدن ولايات دارفور التي تتاخم تشاد ومدن الولايات الشمالية التي تتاخم مصر- فتح معظم التجار محلات بهذه المدن للاستفادة من حركة الاستيراد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مشیرا إلى إلى أن

إقرأ أيضاً:

منازل سكان الفاشر السودانية باتت أنقاضا بعدهجوم شامل لقوات الدعم

بورت سودان (السودان) «أ.ف.ب»: يحاول سكان مدينة الفاشر السودانية بصعوبة التحرك بين أنقاض منازلهم بعد أن بدأت قوات الدعم السريع التي تحاصر المدينة منذ شهور، ما وصفته الأمم المتحدة بـ«هجوم شامل» عليها.

ومن المقرر أن تناقش الجمعية العمومية للأمم المتحدة المنعقدة اليوم النزاع المستمر منذ 17 شهرا في السودان والذي أوقع عشرات الآلاف من الضحايا وتسبب في أكبر أزمة نزوح في العالم.

ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن الثلاثاء الماضي طرفي النزاع في السودان إلى استئناف المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة بينهما منذ أبريل 2023. لكن على الأرض تجدد القصف في الفاشر وطاول منازل المدنيين.

وقال التيجاني عثمان الذي يقطن في جنوب المدينة: «غالبية منازل حيّنا دُمّرت تماما».

وأضاف: «بات الحي شبه خال من السكان»، بعد شهور من الحصار والاشتباكات ونقص الغذاء.

وأدت الاشتباكات العنيفة التي دارت أمس السبت بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني إلى سقوط 14 قتيلا مدنيا و40 جريحا، بحسب ما قال مصدر طبي لفرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته خشية تعرّضه للأذى.

وتدارك: «غير أن هذه الحصيلة أبعد ما تكون من الرقم الفعلي»، موضحا أن «الناس عادة يدفنون موتاهم حيث هم موجودون بدلا من المخاطرة بعبور منطقة اشتباكات في الطريق إلى المستشفى».

وقال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش السبت إنه «يشعر بقلق بالغ من التقارير عن هجوم شامل» لقوات الدعم السريع، وحض قائدها محمد حمدان دقلو على «التحلي بالمسؤولية وإصدار أوامر فورية بوقف هجوم قوات الدعم السريع».

ومنذ مايو، تفرض قوات الدعم السريع حصارا على الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، المدينة الكبيرة الوحيدة في هذا الإقليم الشاسع غرب البلاد التي لا تخضع لسيطرتها.

وأوقعت المعارك مئات القتلى داخل المدينة وفق منظمة أطباء بلا حدود الإنسانية. كما أدت إلى نزوح مئات الآلاف في الأسابيع الأخيرة وإلى مجاعة في مخيم زمزم للنازحين القريب من الفاشر. وتحوط بالفاشر العديد من مخيمات النازحين، من بينها زمزم وأبوشوك اللذان ضاقا بمئات الآلاف من هؤلاء منذ بدء الحرب بسبب حصار قوات الدعم السريع وقصفها.

واستنادا بشكل خاص إلى صور للأقمار الاصطناعية، أفاد مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل في الولايات المتحدة بأن المدنيين كانوا يهربون «سيرا على الطريق من الفاشر إلى زمزم».

واستغل سكان بقوا في المدينة، مثل محمد صفي الدين، فرصة الهدوء الحذر صباح الأحد لجلب طعام لأسرهم.

وقال صفي الدين: «الوضع الغذائي صعب، نعتمد على مراكز الطبخ» التي يديرها متطوعون وانتشرت في مختلف أنحاء البلاد وتعد خط الدفاع الأخير في مواجهة المجاعة في مناطق مثل الفاشر.

ويواجه طرفا النزاع، الجيش وقوات الدعم السريع، اتهامات بارتكاب جرائم حرب بينها استهداف المدنيين والقصف العشوائي للمناطق السكنية.

مقالات مشابهة

  • منازل سكان الفاشر السودانية باتت أنقاضا بعدهجوم شامل لقوات الدعم
  • «نبراسكا» الولاية الفاصلة بين هاريس وترامب.. هل تحسم «كرسي» البيت الأبيض؟
  • محافظ المركزي العراقي للجزيرة نت: نراجع باستمرار حذف أصفار الدينار ولا قيود على أرصدتنا بأميركا
  • ضبط الآثار السودانية- اليد الطويلة للمخابرات !!
  • اندلاع اشتباكات عنيفة في مارب (فيديو)
  • برنت: رحبت بمشاركة سيدتين ليبيتين في برنامج للسلام بالولايات المتحدة
  • كيف ساهمت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز الملف؟
  • خبراء للجزيرة نت: لبنان مقبل على حرب مفتوحة دون اجتياح
  • وزير الاتصالات يشارك في فعاليات "أيام عمل قمة الأمم المتحدة للمستقبل" بالولايات المتحدة
  • لدى العالم أساس قانوني متين لو أراد حلًا للأزمة السودانية