تخادم أنظمة البترودولار واللوبي الصهيوني
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
صادفت رسالة مصورة منشورة على إحدى منصات التواصل الاجتماعي أرسلها أحد السودانيين المناوئين لقوات الدعم السريع إلى ضابط في مليشيات شرعية الفنادق يتساءل بعتاب عن صحة الأخبار المتواترة التي تقول بأن هناك مرتزقة من مناطق اليمن المحتلة يقاتلون في صفوف قوات الدعم السريع ” الجنجويد ” ، طبعاً مليشيات الجنجويد أرسلها نظام البشير للقتال كمرتزقة مع تحالف العدوان ضد اليمن، هؤلاء هم قوات الدعم السريع اليوم بقيادة حميدتي، ومنذ أشهر انقلبوا على جيش البشير “الذي صار سجيناً ” ، ولأن تحالف دول العدوان على اليمن اعتمد في حربه على مرتزقة محليين واقليميين ومن ضمنهم قوات الجنجويد السودانية، فإنه لا غرابة أن يستنجد ممولو هذه الجماعات بالحرب في السودان, وهناك مثل يقول “صانع السم لا بد أن يذوقه”، وكما قالت العرب في مأثورها أيضا ” ما تموت العرب إلاّ متوافيه”.
أن تقاتل مع مصالح غيرك نظير أجر تأخذه وهذا الطرف المُستخدم ” المُمول” يتعامل معك كمرتزق، فإنك بالتأكيد ستغدو عبئاً عليه في المستقبل، ألم تستخدم أمريكا وأنظمة البترودولار المجاهدين الأفغان العرب كمرتزقة وما إن استنفذت حاجتها إليهم تحولوا إلى إرهابيين بعد أن كانت تصفهم بالثوار عندما كانوا يقاتلون السوفيت في سبيل مصالحها، وكأني أرى بالعين المجردة ما يعتمل في هذا البلد، جميع المليشيات التي انضوت تحت راية تحالف دول العدوان ضد اليمن وتعاملت معهم كمرتزقة عملاء، فهؤلاء سيكونون عبئاً على الممولين لا محالة، وفي أول اصطدام معهم سيتحولون في نظرهم إلى إرهابيين، التعريف الأثير لدى أمريكا وأنظمة البترودولار، وهو تعريف بالقتل.
الإنسان لدى قوى الهيمنة وسيلة وليس غاية، قابل للاستخدام لمرة واحدة ويتم رميه في المقبرة هذا إذا بقي له أثر بعد قصف طيران الدرون -كما حدثت العديد من القصص- ولعل قصة أنور العولقي أقرب مثال يمكن الاستشهاد به..
واحدة من استراتيجيات أمريكا واللوبي الصهيوني والمتصهينين العرب الملتحقين والتابعين لهم، أن تظل المجتمعات العربية في حالة إنقسام ونزاع وصراع دائم، فهذا الوضع يضمن ديمومة بقاء هذه الكيانات وعلى رأسها الكيان الصهيوني الأهم لبقاء وديمومة مصالحها، ومن خلالها تقدم لهم أفضلية زائفة في عيون رعاياها، باعتبار أن الأنظمة الجمهورية تعيش أزمة وفوضى وحروباً دائمة، هذه الاستراتيجية يتم إدارتها ضمن تكتيكات إشعال الحروب والانقسامات وتوظيف جزء من ريع النفط، بعضه يصرف رشوة إلى رعاياهم، وبعضه الآخر يصرف إما رشوة إلى نخب خارجية مثقفين وإعلاميين ومفكرين وفنانين أو في نشأة مليشيات مرتزقة تزعزع الأوضاع في الدول المفترضة بأنها عدوة لها ومصالحها، وأغلبها أنظمة جمهورية وليست نفطية أو خطابها ثوري أو قومي شعبوي..
لقد درجت أنظمة البترودولار الوراثية على زعزعة الأنظمة الجمهورية في المنطقة لحساب المتربول العالمي المسيطر عليه من قبل اللوبي الصهيوني، فلقد ذهبت أنظمة البترودولار إلى تصدير أزماتها البينية إلى داخل الأنظمة الجمهورية من خلال خلق اصطفافات مع هذا النظام أو ذاك من أنظمة البترودولار، وأضحت هذه الأزمة العميقة بشكل واضح في العقد الأخير منذ انتفاضة ما عرف بالربيع العربي، حيث برزت الاصطفافات بشكل واضح من خلال المليشيات والأحزاب، فحركة الأخوان قطرية، والليبراليون اصطفوا مع الإمارات وشيوخ قبائل وقوى تقليدية اصطفت منذ وقت مبكر مع المملكة السعودية بحكم كشوفات اللجنة الخاصة.
وعلى الرغم من خلافات المصالح بين أنظمة البترودولار البينية إلاّ أن هناك جامعاً مشتركاً يوحدها ويتمثل بإجماعها على زعزعة الاستقرار في الأنظمة الجمهورية وتصفية حساباتها البينية يعزز أفضلية الأنظمة الوراثية في وعي شعوبها، ومع الأسف فإن هذا الصراع جر معظم فرقاء الصراع داخل الأنظمة الجمهورية إلى التطبيع مع الكيان وأبرز مثال السودان، فكلا الطرفين السودانيين المتحاربين يتوهمان بأن التطبيع وكسب رضا اللوبي الصهيوني يمكنهما من كسب المعركة على الآخر، فصارا يتسابقان على هذا الوهم …!!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
نجم الفرقد
لطالما كان للنجوم حضور قوي في الثقافة العربية، ولا تزال الكثير منها تحمل أسماء عربية حتى اليوم، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى في سورة الأنعام: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»، وارتبط العرب بالنجوم بشكل وثيق، فأطلقوا عليها أسماء ووصفوها بدقة، ولم يقتصر تأثيرها على علم الفلك وحسب، بل امتد أيضًا إلى الشعر والأدب، حيث تغنّى بها الشعراء وحيكت حولها الأساطير، مستخدمين إياها لرسم صور خيالية تربط بين النجوم وتوضح مواقعها في السماء ضمن حكايات وقصص مشوقة.
والنجم الذي نتحدث عنه اليوم هو نجم الفرقد، ويسميه العرب أيضًا الفرقدان، وهو نجم يأتي متلازمًا مع نجم آخر، فـيظهران فـي السماء بالقرب من نجم القطب الشمالي، فـي كوكبة الدب الأصغر، وجاء فـي لسان العرب أن معنى كلمة الفرقد هو صغير البقر، كما أن العرب كانوا يشبهون هذين النجمين بالأخوين اللذين لا يفترقان أبدًا، ويقال فـي التراث العربي عنهما «لا ينام الفرقدان»، فـي إشارة إلى أن هذين النجمين يُشاهدان طوال الليل فـي السماء، ويعد نجم الفرقد من ضمن أكثر النجوم ورودًا فـي الشعر العربي، فهو يُضرب به المثل فـي الرفعة والعزة والمنعة والشرف، فأكثروا من ذكره فـي قصائدهم على مر العصور. وقد اعتمد البحارة العرب على نجم الفرقد فـي تحديد الاتجاهات أثناء رحلاتهم البحرية، خاصة فـي الليل، نظرًا لثبات موقعه النسبي فـي السماء الشمالية، كما أنه يُرى طوال العام ولا يغيب تحت الأفق، وقد ذكره البحار العماني الشهير أحمد بن ماجد فـي منظوماته الفلكية مبينًا موقعه وطرق الاستدلال به فـي السماء. وإذا أتينا إلى ما قاله العلم الحديث عن هذا النجم، فنجد أن الدراسات تقول إن هذا النجم العملاق الأبيض يُقدَّر بحوالي 9 أضعاف قطر الشمس، كما أن درجة حرارة سطحه تصل إلى 7100 درجة مئوية، وهذا يعني أنه أكثر حرارة من شمسنا، ولذلك، هو أكثر لمعانًا من شمسنا بحوالي 420 مرة على أقل تقدير، ويبعد عن الأرض بحوالي 97 سنة ضوئية. وأما عن حضوره فـي الثقافة العربية، فقد تحدثت عنه كثيرًا كتب التراث، وتناوله الشعراء بكثرة فـي قصائدهم، ولو أتينا إلى الشعر العماني لوجدنا أن أشهرهم ذكروه فـي قصائدهم، فهذا الشاعر العماني أبو مسلم البهلاني يذكره فـي إحدى قصائده الوعظية، ويقول إن الزوال سيصل حتى نجم الفرقدين، فقال:
سيعلو البلاء إلى الفرقدي
ن ينتهب الصحبة الخالدة
ويصدع فـي قبة الشمس من
غوائله صدعة صاعدة
أما الشاعر سليمان النبهاني فقد ذكر هذا النجم فـي قصيدة غزلية شبه فـيها نجمي الفرقدين بعيني حبيبته، فقال:
تَيَّمت قلبي بعينيْ فرقدٍ
مُفردٍ فاجأه الرعبُ لَهِقْ
وبخّدِ عَندمّيٍ واضح
بمياه الحُسن ريَّانَ شرِقْ
وفـي قصيدة غزل أخرى يقول:
كالفَرقدِ الأحوى الأغرّ إذا
لرْبرَبهِ تبدَّى
تفترُّ عن كالأقْحَوان
سقاهُ نوءُ النجم رَعدا
ونجد الشاعر ابن شيخان السالمي يورد هذا النجم فـي معرض مدحه لممدوحين ويقول إنهما ارتفعا عزًا وشرفًا على نجمي السها والفرقد، فقال:
لكن نجوتم بالهُمَامَيْنِ اللذي
ن انحطَّ دونهما السها والفرقدُ
والنصرُ أقبل فاتحًا أبوابه
لهما وقال لجوا ببابي واصْعدوا
ويقول فـي قصيدة أخرى:
ليلي وليلكم يؤرَّق
ذا وهذا يرقُدُ
لكم التنعم فارقدوا
ولي السها والفرقدُ
مالي وللدهر المُعَ
ادي دائمًا يتهدّدُ
ولو نظرنا إلى أشعار الستالي لوجدنا أنه أيضًا أورد هذا النجم وقرنه بنجم السها كما فعل ابن شيخان، وقد جاء ذكره فـي قصيدة مدح مخمسة، فهو يقول:
له الفخارُ كلُّه من الغمام ظِلّهُ
ووبّلهُ وطَلّهُ وفـي العُلى مَحّلهُ
حيثُ السهُّا والفَرقدُ
وأما الشاعر سعيد بن مسلم المجيزي المشهور بأبي الصوفـي، فنجد أنه ضمن هذا النجم فـي بعض قصائده فـي المدح، فهو يقول:
يومٌ تَضمَّخ بالفَخارِ أَديمُه
فغدا بسطح الفرقدين وراحا
فانْعَمْ نَعِمْت أبا سعيد إنما
بختانِ نجلِك قَدْ نعمتَ صباحا
ومن الشعراء الذين أوردوا ذكر الفرقد فـي قصائدهم الشاعر المشهور «ابن رزيق»، وهو حميد بن حمد بن رزيق، الذي يقول فـي إحدى قصائد المدح:
لا والذى للحُسنِ أودعَ وجْهَهُ
قمرًا وقلَّدَ نَحرَه بالفرقدِ
وجَلا ظلامَ البُؤْسِ عنّا والعَنا
بشباةِ صَمْصامِ الأمير محمدِ
ونجد كذلك فـي ديوان الشاعر هلال بن سعيد بن عرابة ذكرًا لهذا النجم فـي قصيدة مدح، يقول فـيها:
بسيفٍ يباري البرقَ يفري به العِدا
ولم يَبْقَ من أجسادِهم أبدًا جَزْلُ
وناديه فوقَ الفرقديْنِ محلُّه
وأعداؤه طُرًّا يَدُوْسهم النَّعْلُ