خيارات اليمن الاستراتيجية تبدد الهيمنة الأمريكية في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
يمانيون – متابعات
شكلت الخطوات التصعيدية التي اتخذها قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، مسنودا بإجماع شعبي يمني واسع تضامنا مع الشعب الفلسطيني صدمة قوية للكيان الصهيوني، وتسببت في حالة من الرعب لدى أمريكا ودول الغرب.
ففي خطوة غير متوقعة، أصبح البحر الأحمر من خليج العقبة حتى باب المندب محرم على الكيان الصهيوني العبور فيه سواء بسفن تابعة له أو شركات متعاملة معه أو أي سفن وبواخر تمتلكها شخصيات إسرائيلية.
وفي محاولة بائسة لكبح الموقف اليمني الرسمي والشعبي الداعم للشعب الفلسطيني جاء التحرك الأمريكي لمحاولة السيطرة على الممر المائي في البحر الأحمر، بحجة حماية الملاحة، إلا أن الهدف منه في حقيقة الأمر حماية السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى موانئه لدعمه ومده بالسلاح والوقود والغذاء في الوقت الذي ما يزال أبناء قطاع غزة يتعرضون لحصار جائر ومنع دخول كل المساعدات الغذائية والدوائية لهم على مرأى ومسمع من العالم.
منيت الغطرسة الامريكية بخيبة أمل في تشكيل ذلك التحالف الذي حاولت توريط عدد من الدول فيه من أجل مصالح إسرائيل، حيث تراجعت العديد من الدول التي كانت قد وافقت على المشاركة فيه، وتخلى الحلفاء الرئيسيين لأمريكا عن مشاركتها في هذه التحركات الهادفة لمنع البحرية اليمنية من استهداف سفن الكيان الصهيوني والمتجهة إلى الموانئ التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني في فلسطين.
أرادت الإدارة الأمريكية من خلال ذلك التحالف تقديم رد دولي على عمليات القوات البحرية اليمنية ضد السفن الإسرائيلية والمرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، إلا أن العديد من حلفاء أمريكا أبدوا عدم رغبتهم في أن يكونوا مرتبطين علناً بهذا التحالف وأعلن البعض الآخر رفض الانخراط فيه.
وعزت تقارير صحفية إحجام بعض حلفاء الولايات المتحدة عن الاشتراك في هذا التحالف إلى حالة التفكك والانشقاق والشرخ الذي يعانيه التحالف من جهة كما يعكس اهتزاز صورة أمريكا، ويكشف مدى ضعفها وتهاوي الهيمنة التي كانت تعرف بها.
ورغم تأييد التحرك الأمريكي من قبل بريطانيا واليونان ودول أخرى، إلا أن العديد ممن ورد ذكرهم في الإعلان الأمريكي سارعوا إلى الانسحاب وعدم التورط بالمشاركة في هذا التحالف بشكل مباشر، وهذا ما يعكس حسب مراقبين خوف هذه الدول من ردة الفعل اليمنية العسكرية، التي تقول وتنفذ ما تقوله.
وتعليقا على التحركات الأمريكية في البحر الأحمر أكد عضو السياسي الأعلى محمد علي الحوثي في تصريحات صحافية أن التحالف المزعوم، هو لحماية السفن الإسرائيلية وليس لحماية الملاحة الدولية.. موضحا أن أمريكا عندما تدعو لعسكرة البحر الأحمر فإنها تؤكد أنها هي من يريد منع الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، وتسعى من خلال ذلك لدعم المجازر وحرب الإبادة التي يتشارك فيها الأمريكي مع الصهاينة ضد سكان غزة.
كما أكد أن أمريكا ستكون الخاسر الأكبر في حال تسببت في توسيع المعركة في البحر الأحمر، لافتا إلى أن الشعب اليمني لا يأبه بكل ما تقوم به واشنطن وسيواصل دوره وواجبه من أجل إيقاف العدوان على غزة.
وأشار محمد علي الحوثي إلى أن عمليات القوات المسلحة والبحرية اليمنية لم تحدث أي تأثير على الملاحة الدولية كونها تستهدف فقط السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى الكيان الغاصب في الأراضي المحتلة، بينما كل السفن في مأمن ولها مطلق الحرية في الملاحة البحرية.
وكانت مصادر غربية رجحت أنه لم يتضح بعد ما إذا كان الفشل الأمريكي ناتج عن خلافات مع حلفائه الإقليميين أم بسبب ما تواجهه من صعوبات لوجستية تتعلق بالتمويل، لكن الإخفاق يضاف إلى سلسلة فشل أمريكي في ظل انحياز واشنطن الكامل للكيان الصهيوني في عدوانه الغاشم على غزة وتصاعد الغضب الشعبي في المنطقة والذي يحد من دعم الأنظمة التابعة لها خشية تداعيات سياسية واجتماعية.
وأرجع مراقبون هذه الاعتراضات والتحفظات الواضحة، والمشاركة المحدودة جدا في التحالف المزعوم، إلى أن هذا التحالف وُلد ميتا أصلا، إذ أن الولايات المتحدة أرادت فقط أن تصنعَ غطاء دوليا لتحركها العدائي في البحر الأحمر، بعد فشلها في صنع تحالف حقيقي.
وأشاروا إلى أن اعتراضات وتحفظات الدول المشاركة في التحالف الأمريكي، تفسر وصول الرسائل الواضحة التي وجهها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في كلمته التاريخية في العشرين من ديسمبر الماضي، التي حذر فيها دول العالم من الانجرار وراء مساعي الأمريكيين لتوريطها من أجل حماية كيان العدو الصهيوني والتصعيد في المنطقة.
لم تنته الخيارات اليمنية عند هذه المواقف فحسب بل انها كانت واضحة من خلال التهديدات الصريحة والواضحة لقائد الثورة في تحذيراته من مساعي أمريكا لعسكرة البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية، والتي أكد فيها على مسؤولية كل البلدان المشاطئة للبحر الأحمر في التحرك ضد الموقف الأمريكي العدواني والمتطفل لما له من أضرار على الملاحة الدولية.
كما تضمنت التحذيرات دعوة تلك الدول لأن يكون لها موقف صريح ضد الموقف الأمريكي الذي ينتهك حقوق هذه البلدان ويهدد أمنها واستقرارها.
قدم قائد الثورة النصح لكل الدول التي يسعى الأمريكي لتوريطها بألا تورط نفسها، وألا تضحي بمصالحها وتخسر أمن ملاحتها خدمة للصهاينة.. لافتا إلى أن من يتحرك مع الأمريكي ويورط نفسه في حماية السفن الإسرائيلية فإنه يقدم خدمة لإسرائيل حصرا ويضر بالملاحة الدولية.
أظهر خطاب قائد الثورة حالة التخبط الواضحة في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وحقيقة الهيمنة التي تدعيها مستقوية بوكلائها في المنطقة والذين تخلوا عنها إثر تحذيرات قائد الثورة التي يأخذها العالم على محمل الجد.
مثلت الخيارات الاستراتيجية اليمنية قوة ضاربة في المنطقة قصمت ظهر أمريكا وبددت هيمنتها وحضورها في البحرين الأحمر والعربي، ومحاولاتها تدويل الممرات البحرية وعسكرتها ردا على الموقف اليمني الذي أربك كل أوراق تحالف حماية السفن الإسرائيلية الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة.
وأكد مراقبون ومتابعون بأن الخطاب التاريخي لقائد الثورة كان له تأثير قوي على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، وحظي بحضور لافت في تعرية قوى الخيانة والعمالة، كما أنه أكد موقف اليمن الثابت تجاه نصرة الشعب الفلسطيني والانحياز لأكبر قضية في تاريخ الأمة، وهي مواقف لا تقبل الشك حول عدالتها وانتصارها مهما شكل الأعداء من تحالفات عالمية وأطلقوا ألسنتهم بتهديدات فارغة ورنانة.
وفي مقابل اهتزاز مكانة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية كقوى عظمى ظلت على مدى عقود مهيمنة على العالم، برز موقف اليمن قيادة وشعبا في مناصرة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، ما جعله يتصدر وبجدارة المواقف العربية والإسلامية، بل ويتصدر المشهد بعد أن وقف في وجه قوى الشر والطغيان والإجرام العالمي.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: حمایة السفن الإسرائیلیة الکیان الصهیونی الملاحة الدولیة فی البحر الأحمر قائد الثورة فی المنطقة إلى أن
إقرأ أيضاً:
“لينكولن” تفشل في ترميم قوة الردع الأمريكي واستعادة ثقة الفرقاطات الغربية
يمانيون – متابعات
من حيث لا تشتهيه السفن المعادية، جرت الصواريخ اليمنية من البر والبحر مستهدفة السفينة (Anadolu S) في البحر الأحمر لعدم استجابتها لتحذيرات القوات البحرية أولًا وانتهاك الشركة المالكة قرار حظر الدخول إلى موانئ فلسطين المحتلة، ليعيد اليمن بهذه العملية وما سبقها وما سيتبعها التأكيد على مواصلة عمليات فرض الحصار البحري على كيان العدو الإسرائيلي حتى وقف العدوان عن غزة ولبنان وإدخال المساعدات الغذائية لأهالي القطاع المحاصر.
منذ عام والعمليات اليمنية البحرية المساندة لغزة، لم تهدأ ودائرة الاستهداف تتسع يومًا بعد آخر بما يواكب التطورات الميدانية، واستحقاقات الرد على جرائم حرب الإبادة الجماعية في غزة لتشمل كل الشركات التي تتعاون مع كيان العدو وإلى المدى الذي يمكن أن تصله القدرات اليمنية من المحيط الهندي وحتى البحر الأبيض المتوسط مرورًا بالبحر العربي والبحر الأحمر.
فيما ندر من الحالات المسجلة لمرور بعض السفن المشمولة بقرار الحظر في مسرح العمليات البحرية لا يبدو أن الشركات المالكة لهذه السفن تغامر وتتحدى القرار اليمني بناء على ما تصوره الولايات المتحدة “الركن الشديد” الذي تأوي إليه السفن لتجنيبها مخاطر التهديد والاستهداف بتشكيل التحالفات العسكرية البحرية وإرسال المدمرات وحاملات الطائرات، لأن الواقع يشهد بغير ذلك فثمة فشل مركب لا يخفى على أحد.
مدمرة إيطالية تلحق بركب الهاربين من البحر الأحمر
البحرية الأمريكية عاجزة عن توفير الحماية لمدمراتها وحاملات طائراتها هذه هي الحقيقة ومع تواصل مسلسل الهروب من البحر الأحمر للفرقاطات الغربية تعتمد بعض الشركات الأجنبية لإبحار سفنها من البحر الأحمر على أسلوب التمويه والتهريب وإخفاء الارتباط والتعاون مع الكيان الصهيوني الغاصب ومن بعده أمريكا وبريطانيا.
وإلى قائمة طويلة من الفرقاطات الأمريكية والغربية المنسحبة من البحر الأحمر على وقع النيران اليمنية انضمت المدمرة الإيطالية “أندريا دوريا”؛ لتترك وراءها عبئًا ثقيلًا على المهمة الأوروبية “أسبيدس” في توفير الحماية للملاحة الصهيونية شأنها شأن التحالف الأمريكي البريطاني.
انسحاب المدمرة الإيطالية بعد أقل من خمسة أشهر من انضمامها للأسطول الغربي وقيادتها لعملية “اسبيدس” يضعف التحالف الأوروبي ويقلل من فاعلية هجماته الاعتراضية للقدرات اليمنية كون المدمرة “دوريا” متخصصة في تدمير الصواريخ الموجهة، كما وأنه يضع هذا التحالف على المحك وعلى طريق الانفراط والتقلص لانسحاب فرقاطات ألمانية ودنماركية وفرنسية وبلجيكية.
الانسحاب الإيطالي من البحر تزامن أيضًا مع إعلان البنتاجون عن مغادرة حاملة الطائرات “يو إس إس ابراهام لينكولن” الشرق الأوسط بعد تعرضها قبل أيام لهجوم يمني استباقي استمر لثمان ساعات في البحر العربي الأمر الذي أثبت من جديد أن البحرية الأمريكية لا تزال تعاني من نقاط ضعف مكلفة وقاتلة والتموضع بعيدًا عن مياه البحر الأحمر لا يكفي لتجنب الضربات المكثفة والدقيقة من اليمن, كما وأن ذلك لا يعطي لأمريكا الأفضلية لشن اعتداءاتها على المدن اليمنية متى شاءت وأينما تريد.
للمرة الثانية خلال هذا العام اضطرت الولايات المتحدة لترك البحر الأحمر دون حاملة طائرات، ما يمثل دافعًا للدول الأخرى لمغادرة مسرح العمليات الأكثر تهديدًا وتعقيدًا بما فيها المدمرة الإيطالية ومؤشرًا على التراجع المثير للقوة البحرية الغربية, وهذا ما عبرت عنه مجلة أوروبية في أعقاب اتخاذ ألمانيا قرارًا بتجنب سفنها الحربية البحر الأحمر.
فاقد الشيء لا يعطيه، والصواريخ بحاجة لصواريخ
مجلة بلومبرغ قالت في تقرير جديد لها: إن الولايات المتحدة بحاجة إلى المزيد من الصواريخ لإسقاط الصواريخ اليمنية بعد الانفاق المكلف للتصدي للضربات اليمنية والإيرانية ضد كيان العدو، كمخاطر جدية ومتزايدة تهدد أصول أمريكا وحلفائها.
وكشفت بلومبرغ أن البحرية الأمريكية أنففت ما يقرب من 2 مليار دولار على الذخائر ، بما في ذلك أكثر من 100 صاروخ اعتراضي من طراز “ستاندرد روكتس”, على أن المشكلة الأكبر تتمثل في تعقيدات سلاسل التوريد ومحدودية القدرة الإنتاجية وفق المجلة إذ قد يستغرق الأمر حوالي ثلاث سنوات حتى يتم شراء طلب من الصواريخ وإنتاجها وتسليمها لا سيما مع الحاجة الأمريكية لترميم قوة الردع لدخلولها في مواجهة طويلة الأمد استنزفت الكثير من قدراتها.
سردية “إغلاق الممرات المائية” تبخرت
سردية “إغلاق الشحن والممرات المائية” التي تروجها واشنطن لتوريط المزيد من الدول الغربية في مهمة حماية سلاسل إمدادات العدو الإسرائيلي التجارية لم تعد مقنعة لأحد, لا سيما مع اشتداد الحصار على غزة ووصوله إلى أعلى مستوياته ليرتفع صوت الدول المطالبة بإنهاء الصراع في غزة والعمل على تخفيف حدة التصعيد بإغاثة الشعب الفلسطيني ووقف جرائم القتل بحقه, لا بالتحشيد والتحريض العسكري والذي قد ينتهي بحرب إقليمية مدمرة وذات عواقب وخيمة على الأوروبيين إذا ما امتد الحصار إلى مضيق هرمز.
فشل واشنطن في وقف العمليات البحرية المناصرة لغزة يؤكد أن مهمة الأسطول البحري الغربي ليست حاسمة، ولم تقدم شيئًا لناحية تقليص الخسائر الاقتصادية والضغوط السياسية التي تفرضها التكاليف الباهظة لمرور السفن عبر رأس الرجاء الصالح بدلًا من مضيق باب المندب إلى جانب تكلفة صيانة السفن الحربية في المنطقة والإنفاق الكبير على الأسلحة المستخدمة لإحباط العمليات اليمنية، وغيرها من التكاليف.
—————————————
موقع أنصار الله – إسماعيل المحاقري