دبي: «الخليج»
استضافت الجلسة الختامية لـ«المنتدى الاستراتيجي العربي» الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة «مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية»، والدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السموّ رئيس دولة الإمارات، ونبيل فهمي، وزير الخارجية المصري الأسبق، وأدار الجلسة التي كانت بعنوان «ماذا يريد العالم العربي من العالم؟»، الصحفي والإعلامي عماد الدين أديب.


الشباب أمل المستقبل
وقال الأمير تركي الفيصل: إن التطور المذهل والانفتاح والتنوير المجتمعي والفكري، في شباب الأمة العربية من الخليج إلى المحيط، يبثّ الأمل في المستقبل. فهناك ثورة ذهنية وإبداعية في شتى المناطق العربية. ويجب التركيز على المستقبل الذي ينبع من هذه الأمة الناهضة بجميع مكوناتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وأضاف «إذا عدنا إلى مرحلة حكم شاه إيران في سبعينات القرن الماضي، نرى أن علاقته بصنّاع القرار والمسؤولين الأمريكيين، كانت على أساس أنه «شرطي الخليج»، وعلى ذلك مُنح من الإمكانات العسكرية والدبلوماسية ما يخوله القيام بتلك المهمة. وفي المقابل كان هناك توافق أمريكي مع إسرائيل؛ لتكون «شرطي البحر المتوسط»، ومن ثمّ كان هناك تعاون وثيق بين الطرفين: إيران وإسرائيل، إلا أن الثورة الإيرانية بعثرت كل الأوراق وخلطتها. ومع ذلك استمر التعاون بين إسرائيل وإيران، حتى بعد الثورة الإيرانية، كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية، كمثال فضيحة «إيران كونترا» أو «إيران غيت». إذن لا شك في أن هناك تمازجاً بين هذا المثلث (أمريكا، إسرائيل، إيران)؛ فإدارة بايدن لا تزال تسعى إلى عقد الاتفاق النووي مع إيران، بغض النظر عن الإضرار بمصالح الدول العربية وتحديداً دول الخليج». وأضاف «إذا كان موقفنا في منطقتنا قوياً فلن تؤثر فينا هذه التداعيات والتجاذبات. فالفشل هو فشل جميع الدول العربية، حتى إننا في العالم العربي فشلنا في أن تكون لنا لحمة قوية تمنع عنا هذه الأخطار، كما ألوم الفلسطينيين بسبب الخلاف بين «حماس» والسلطة؛ للسبب نفسه الذي يؤدي إلى النتيجة نفسها».
وقال «حدثت اتصالات عدة بين السعودية وأمريكا، من أجل ما يُسمى التطبيع مع إسرائيل، إلا أن الموقف السعودي الثابت هو أن القضية الفلسطينية تُحلّ أولاً، ثم يتلو ذلك ما يمكن حدوثه من إحلال السلام في المنطقة. ولم تكتف المملكة بذلك بل دعت وفداً من السلطة الفلسطينية للاجتماع مع المبعوث الأمريكي الخاص بهذه المبادرة؛ فالمملكة لا تتحدث بالنيابة عن الفلسطينيين. كما اشترطت على الولايات المتحدة، شروطاً تتعلق بالتسليح ونوعيات الأسلحة، إذا مضت هذه المحاولات قدماً».
وأكد الفيصل قوة العلاقات بين السعودية والإمارات، وقال «هناك 36 رحلة طيران بين البلدين يومياً، وهذا الرقم يخبرك عن مدى قوة العلاقة بين البلدين؛ فالمواطن السعودي إماراتي، والمواطن الإماراتي سعودي».
3 معارك
قال د. أنور قرقاش، مستشار صاحب السمو رئيس الدولة: إن هناك هجوماً لا أخلاقياً ولا إنسانياً على غزة، وأعتقد أن أمامنا مهمتين متوازيتين، أولاهما التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته، بالتوازي مع النظر إلى المستقبل.
وأضاف قرقاش في جلسة «ماذا يريد العالم العربي من العالم؟»، والتي أقيمت في ختام المنتدى الاستراتيجي العربي: «لا بد من الوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية التي تهمش الخسائر في الأرواح التي نراها في غزة، ولا بد من إيجاد مسار سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي».
وأشار إلى أن قيادة الإمارات مدركة للظروف المحيطة بالمنطقة، لذا تعمل على مهمتين رئيسيتين، أنها جزء من هذا الزمان والمكان، فهي بهذا الوعي تحاول أن تدير الأزمات الحالية، وعلى رأسها حرب غزة، وفي المقابل أمامها مهمة أخرى هــي التسلح بالعلم وتعزيز الاقتصاد، ولفت إلى أن ما تم في الإمارات خلال السنوات الأخيرة، يدل على أنها لم تتوقف، فالعالم لن ينتظرنا حتى ننتهي من حل جميع مشاكلنا؛ ولذا لا بد من مجاراة ما يحدث حولنا والتعامل معه.
وقال مستشار صاحب السمو رئيس الدولة: «النظام العربي يخوض 3 معارك اليوم.. موقعه في العالم.. والتعامل مع الدول الإقليمية غير العربية.. ومعركة داخلية سببتها محاولات تهميش دور الدولة الوطنية العربية لصالح بعض الميليشيات».
وفسّر: «تخوض الوطنية العربية ثلاث معارك: الأولى معركة موقعها في العالم، وما إذا كنا سندع هذا العالم يتقدم ونتأخر نحن، على الرغم من أن هناك تجارب ناجحة في الإمارات والسعودية. والمعركة الثانية مع الدول الإقليمية غير العربية؛ كيف نتعايش مع إيران وهي مستفيد كبير جداً من حرب غزة، بينما تركيا تراجع دورها من خلال دعمها العديد من جماعات الإسلام الحركي. ولذلك لا بد من أن نجد أطراً للتعامل مع إيران؛ حيث يرى الكثير من الأصوات في إيران أن مصلحة بلادهم هي في التعاون مع العالم العربي، وهذه الأصوات أو الأطراف تشجع ذلك. ثم نأتي إلى إسرائيل، فأقول: لا بد من إيجاد مسار سياسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والوقوف في وجه العنجهية الإسرائيلية، والتعامل مع ما تفعله في غزة».
وتابع: «المعركة الثالثة هي معركة داخلية، بمعنى أن هناك دعوات لتهميش الدولة الوطنية العربية، والنظام الرسمي العربي، لصالح ميليشيات؛ فالدولة الوطنية هي التي يجب أن تكون فاعلة في مختلف القضايا؛ مثل قضيتي غزة والسودان وغيرهما، من أجل إقناع الجماهير العربية أن النظام الرسمي العربي لديه أدواته ولديه تأثيره»، مؤكداً أن هذه المعارك الثلاث معارك شديدة الأهمية لا بد من خوضها بنجاح.
وأكد قرقاش بالقول: «العلاقة بين الإمارات والسعودية نموذج للعلاقات العربية؛ فكل إيجابي في السعودية هو إيجابي للإمارات والعكس صحيح».
بناء القدرات العربية
وقال نبيل فهمي «يمر العالم حالياً بعاصفة مكتملة، فبعد أن كان هناك قطبان، أصبح هناك قطب أوحد، ثم أقطاب متعددة، وهذه الأقطاب لا تعلم ماذا تريد، بما فيها الولايات المتحدة، فأمريكا لا تعرف هل تريد أن تكون دولة عالمية أم دولة عظمى؟! لأن هناك فرقاً بين الاثنتين. وعلينا نحن العرب عدم الاعتماد على الغير أكثر من اللازم، لكن من دون انعزال، فلا بدّ من بناء قدراتنا والتعاون إقليمياً ودولياً. ومن جانب آخر الأخذ بزمام المبادرة في التعامل مع القضايا الإقليمية، بما في ذلك اتخاذ قرارات واضحة، وأعني بذلك إلزام الجميع باحترام القانون؛ حيث إن العمود الفقرى للأمن العربي هو احترام القانون، فإذا لم نستطع فرض احترام القانون كأساس للعلاقات الدولية سندفع الثمن. وهذا ينطبق على الوضع في غزة».
وأضاف «اليسار الإسرائيلي قد انكمش، وأعني بذلك «حزب العمل»، لأسباب عدة. فنحن حالياً نتعامل مع اليمين المتطرف، وعلينا التعامل معه بالحزم والحكمة، لأن هناك أموراً غير مقبولة ستؤثر في استقرار المنطقة كلها. وفي تقديري إذا طرحنا موقفاً أكثر وضوحاً عن ثمن عدم الذهاب إلى السلام، وأن الجميع سيدفعون كلفة باهظة، فربما أمكن الوصول إلى حلّ».
وقال فهمي «سيكون للجانب المصري رد فعل قوي إذا حدث تهجير، فهناك لدى مصر خطوط حمر، وهناك أمور سيادية لا نقبل المساس بها، والمساس بالحدود مساس باتفاقية السلام».

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات العالم العربی لا بد من أن هناک

إقرأ أيضاً:

قفص الرئاسة في إيران

آخر تحديث: 6 يوليوز 2024 - 12:07 مبقلم: فاروق يوسف  إيران انتخبت وهي ستنتخب. ولكن ما معنى الديمقراطية الإيرانية في ظل هيمنة ولاية الفقيه وسيطرة المرشد الأعلى للثورة الإسلامية على القرار السياسي؟مرشح المحافظين المتشدد سعيد جليلي ومرشح الإصلاحيين مسعود بيزشكيان انتقلا من الجولة الأولى إلى الجولة الثانية وهي الأخيرة التي سيتمكن من خلالها أحدهما من أن يكون رئيسا للجمهورية الإسلامية. بالتأكيد هناك مسافة تفصل بين رئيس محافظ ورئيس إصلاحي. ولكن تلك المسافة تصغر وتكبر حسب الزاوية التي يتم النظر من خلالها. فتجربة رئيس إصلاحي ليست جديدة على إيران. كان هناك حسن روحاني وهو إصلاحي معمم. حين زار روما اضطرت إدارة متحفها إلى تغطية التماثيل الأثرية الرومانية العارية بناء على رغبة الرئيس الذي زار المتحف. لا ينظر العالم باهتمام إلى الانتخابات الرئاسية في إيران كما يفعل مع الانتخابات في دول تعرف شعوبها أن هناك قيمة لأصواتها في إحداث التغيير. ليست الديمقراطية في إيران فرصة للتغيير ،بعد أكثر من أربعين سنة على هيمنة الولي الفقيه ومؤسساته على مقاليد الحكم صار الإيرانيون على دراية بأساليب اللعبة الديمقراطية في بلادهم. فلا فرق بين محافظين وإصلاحيين إلا على مستوى الخطاب الموجه إلى العالم الخارجي. وهو خطاب يتسم بالكثير من الخداع والكذب إذا ما كان إصلاحيا وبالمناورة والتضليل إذا ما كان محافظا. ولكن الرئيس سواء كان محافظا أو إصلاحيا لا بد أن يكون مؤمنا بخط الإمام الخميني القائم على مبدأ تصدير الثورة الذي يتولى الحرس الثوري شؤونه. وهو ما يعني أن مؤسسة الرئاسة هي أدنى مرتبة من مؤسسة الحرس الثوري التابعة مباشرة إلى المرشد الأعلى. يبدو الرئيس الإيراني مغلوبا على أمره ولكنه ليس كذلك عمليا. كل الذين حكموا إيران في سياق ديمقراطيتها كانوا معادين للعالم العربي كما لو أن قدسهم ليست جزءا من ذلك العالم. في ذلك يكمن أحد أهم المؤشرات على خضوعهم التام والطوعي لتعليمات الولي الفقيه. فالعداء للعالم العربي يشكل واحدة من أهم مفردات الثورة الإسلامية.ذلك العداء هو ما كشفت عنه التنظيمات المسلحة التي نشرتها إيران في العالم العربي؛ حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن والحشد الشعبي في العراق. كل تلك التنظيمات إنما وُجدت من أجل القفز على العروبة كما لو أنها لم تكن. لذلك فإن التفكير برئيس إيراني إصلاحي باعتباره أملا في استقرار المنطقة هو نوع من الخيال الساذج. الشعب الإيراني اليائس من رئاسته لن ينتخب إلا رئيسا عدوّا للعرب. ذلك هو الخيار الوحيد أمامه وهو بحكم تربيته الوطنية والطائفية لن يرى شرا في ما يفعل. سيكون ذلك فعلا ثانويا.لا يثير العداء للعرب هواجس الإيرانيين العاديين. ما يخيفهم حقا درجة العداء للعالم الخارجي. ولقد كشف النظام الإيراني عن موهبة عالية في التحكم بتلك الدرجة من خلال سلوك حرباوي متلوّن،لا يثير العداء للعرب هواجس الإيرانيين العاديين. ما يخيفهم حقا درجة العداء للعالم الخارجي. ولقد كشف النظام الإيراني عن موهبة عالية في التحكم بتلك الدرجة من خلال سلوك حرباوي متلوّن. يلين القرار السياسي الإيراني حين يشتد حزم المجتمع الدولي ممثلا بالغرب، أما حين تنخفض حدة الصوت الغربي فإن النظام الإيراني يتشدد. وفي الحالين يعرف صناع القرار في الغرب أن القرار الأخير بيد المرشد الأعلى وأن مَن يفاوضونهم مجرد دمى محشوة بكلام، كل الهدف منه شراء الوقت. لا ينظر العالم باهتمام إلى الانتخابات الرئاسية في إيران كما يفعل مع الانتخابات في دول تعرف شعوبها أن هناك قيمة لأصواتها في إحداث التغيير. ليست الديمقراطية في إيران فرصة للتغيير. فالرئيس هناك سواء كان محافظا أم إصلاحيا لا يفكر أصلا في التغيير بقدر ما يفكر في إثبات ولائه لمبادئ الثورة وإخلاصه لها. رضا الولي الفقيه هو الغاية التي لا يتم الوصول إليها إلا عن طريق التصالح مع مؤسسة الحرس الثوري وهي عبارة عن أخطبوط يمد أذرعه إلى الدولة بسياستيها الداخلية والخارجية وإلى الاقتصاد بصادراته ووارداته، وإلى المجتمع باعتباره مختبرا لتطبيق قوانين الدولة الدينية التي يقوم الحرس بحمايتها. وسط ذلك النشاط المحتدم والمحكم تحل مفردة “إصلاح” بطريقة شاذة. علينا هنا أن نتأمل طويلا مفهوم الإصلاح على الطريقة الإيرانية وإن كان ذلك التأمل يغلب عليه اليأس. يضع الإصلاحيون في أجندتهم مسألة إصلاح النظام وهو نظام يغلب عليه الفساد بسبب هيمنة الحرس الثوري عليه. تلك عملية ترقيع لا غنى عنها في محاولة خداع الرأي العام الإيراني الذي سبق له وأن عبر عن استيائه من كبت الحريات العامة وبالأخص حرية المرأة.وليس من باب التشاؤم القول إن الرئيس الإيراني المقبل، سواء كان محافظا أم إصلاحيا لن يجرؤ على إطلاق الحريات العامة، فهو شخصيا لا يعمل بحرية. الرئيس سجين مؤسسة يحكم المرشد الأعلى قبضته عليها.

مقالات مشابهة

  • عاجل.. موقف إنساني من رئيس مودرن سبورت تجاه أسرة أحمد رفعت
  • هل يعود العرب الى لبنان بعد الحل؟
  • قفص الرئاسة في إيران
  • مصطفى عمار: مهرجان العلمين وضع مصر على خريطة المهرجانات العالمية
  • غزة وأوكرانيا.. كيف سيتعامل ستارمر مع أكبر أزمتين في العالم؟
  • يديعوت: رغم التفاؤل هناك عقبات قد تعرقل كل جهود مفاوضات صفقة التبادل
  • بالفيديو.. غضب عربي يلاحق بوق الكابرانات دراجي يتطور إلى حملة واسعة تدعو إلى مقاطعة قنوات بي إن سبورتس
  • تحركٌ عربي لتجميد مشاركة إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • تحرك جديد لجامعة الدول العربية تجاه إسرائيل
  • الجولة الثانية من الإنتخابات الرئاسية.. أي المسارين ستختار إيران  ؟( تقدير موقف)