البوابة نيوز:
2024-11-21@23:31:27 GMT

ساندرا نشأت.. رحلة الخمس ثوانٍ نحو المستقبل

تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT

مرة أخرى الجميلة ساندرا نشأت التى لا أخشى الذهاب إلى السينما لمشاهدة أحد أفلامها منفردًا ودون مرافق يصف لى الحركة والصورة فى مشاهدها حتى لو تخللتها بعض لحظات الصمت.
٢٢ ديسمبر الماضى كان الإعلان عن عودة المخرجة السينمائية المتألقة ساندرا نشأت فى سينما الزمالك؛ هذه المرة بمشروع متكامل حمل عنوان (فى المدرسة).


المشروع يتضمن ٥٢ فيلما سينمائيا تتراوح مدة الفيلم الواحد بين ٥ إلى ١٠ دقائق على الأكثر.
كان العرض الأول لـ١١ فيلما من المشروع واتفقت مع أحد زملائى لمرافقتى ليشرح لى ويصف المشاهد، لكنه اعتذر فى اللحظة الأخيرة، وصار علىّ التوجه إلى السينما وحيدًا فلا مبرر للخشية من الاستماع إلى أعمال ساندرا نشأت دون مرافق.
ليست المرة الأولى، ملاكى إسكندرية شاهدته بمفردى لأول مرة والإيقاع المتناغم بين المشاهد والموسيقى التصويرية جعلنى أرى الصورة عبر الصوت وكأنى أراها بعينى، وهذا ما حدث أيضًا مع الـ١١ فيلما بمشروع ساندرا الجديد.
الاهتمام الدقيق لموسيقى تصويرية أبدعها مصطفى الحلوانى تنقل الصورة كما هى أضاف إلى متعة الاستماع متعة المشاهدة بخيال الكفيف وتلك هى عبقرية ساندرا السينمائية.
كانت ليلة أكثر برودة مقارنة بالليالى السابقة عليها، لكن ما أن استغرقتنى الأفلام بأفكارها وأداء ممثليها وتفاعل الجمهور معها حتى بدأ الدفء يتسرب إلى المكان ليحيط الجميع فتشعر حقيقة بكل معانى ودلالات ما نسميه بدفء الأسرة المصرية.
"فى المدرسة" مشروع صاغت أفكاره ساندرا نشأت بعينها التى أعتقد أنى لو تلمّستها وجدت عدسة سينمائية لا عين بشرية عادية.
فى التفاصيل تكمن أحلام وأوجاع أطفالنا ومشاعرهم المتضاربة التى تصيغ فى المجمل شكل مستقبلنا، ومشروع "فى المدرسة" ركز اهتمامه بتفاصيل تلك التفاصيل التى تبدو صغيرة بالنسبة للكثيرين، لكن العين السينمائية عندما كثفت الأضواء عليها فى فيلم مدته ٥ دقائق أو ١٠ على الأكثر كشفت كم هى كبيرة، بل وحاسمة فى تحديد مسار رحلتنا نحو المستقبل.
يقول النقاد المختصون إن الصورة السينمائية تتميز بقدرتها على إظهار أعماق الشخصية والأبعاد والزوايا المختلفة للحدث أو الظاهرة؛ وهكذا كان تأثير الصورة السينمائية فى إبراز أبعاد وعمق أحاسيس ومشاعر أطفالنا وما يعانونه من أوجاع وما يتردد فى أذهانهم الصغيرة من أفكار.
الأفلام الأحد عشر التى تم عرضها هى: (يوم الجمعة - مدام ديدى - صورة الفصل - أبجد هوز - المتحف - الواد لأبوه - كل هذه اللايكس - أولوه ميسى - أم على – الكراسة - الشك ملوش رجلين).
إضافة إلى عرضها فى بعض دور السينما ولأول مرة فى مصر أتاحتها ساندرا نشأت عبر تطبيق تفاعلى ( second – ٥ ثوانٍ) حيث يشترك الجمهور بالتفاعل مع الفيلم باختيار الإجابة الأنسب عن تساؤله خلال ٥ ثوانٍ ليكون شريكًا فى تحديد مسار الحدث أو النهاية وهذه التجربة أتيحت لأول مرة على تطبيق نتفليكس ولجأت إليها ساندرا لتجعل جميع أفراد الأسرة شركاء فى صناعة الفيلم.
لا تسمح هذه المساحة لنقل وشرح محتوى الأفلام الأحد عشر لكن وعلى سبيل المثال نجد فيلم "الولد لأبوه" يناقش الأزمة النفسية التى قد يقع فيها الطفل عندما يريد خوض تجربة جديدة تختلف عن تجربة والديه.
فقد أتيحت للطفل البطل فرصة التمثيل مع مخرج كبير زار مدرسته واحتار طويلًا فى الإجابة عن التساؤل الدائر بداخله "أحكى لأبويا ولا محكيش؟!" ثم قرر أن يعرض الأمر على والده الطبيب المشهور الذى حببه فى الفن والفنانين، لكنه فى ذات الوقت يعده ليكون طبيبًا مثله؛ وفى رد فعله الأول رفض الأب رغبة ابنه بشدة ونوع من القسوة لكنه وبمراجعة نفسه احتار هو الآخر بين السماح لابنه بخوض تجربة جديدة قد تقوده إلى امتهان مهنة صعبة وشاقة مثل مهنة التمثيل أم يرفض ليفرض اختياره على ابنه فهو الطريق الذى سبق واختاره لنفسه وعرف صعوباته ومزاياه.
وبالنهاية يجيب الأب عن سؤاله الحائر بالموافقة على أن يخوض طفله هذه التجربة الجديدة.
أثناء المشاهدة تظهر هذه التساؤلات على الشاشة أمام جمهور السينما ليتفاعل ويشترك فى اختيار الإجابة الأنسب من وجهة نظره.
الأفلام عالجت المشاكل النفسية التى يتعرض إليها الأطفال بسبب الخلافات الأسرية الدائمة بين الآباء، وأحلام السفر والهجرة الذى يراود البعض، والمشكلات التى يتورط فيها المراهقون خلال التعامل مع منصات التواصل الاجتماعى، وكلها تدور داخل تفاصيل اليوم العادى للأسرة المصرية بمختلف شرائحها وفئاتها الاجتماعية.
هناك ٤١ فيلما آخر فى طريقهم إلى النور بعد انتهاء أعمال المونتاج لتتضمن منصة "الخمسة ثوانٍ" ٥٢ عملًا يناقش كيف نتعامل مع أدق تفاصيل مشاعر وأحلام وأفكار وأوجاع أطفالنا التى تصيغ فى واقع الأمر شكل وطبيعة رحلتنا نحو المستقبل.
الممثلون جميعهم أشخاص عاديون ليس من بينهم محترف، الأطفال من أبناء مدارسنا والكبار يشبهوننا ويشبهون هذه الملايين التى نلتقيها فى الشارع كل يوم؛ لكن عبقرية العدسة السينمائية التى فى رأس ساندرا نشأت مكنتها من التقاط أبطالها الذين سكن الفن والإبداع نفوسهم فظهروا جميعًا كمحترفين.
من الإنصاف سرد أسماء كل من شارك وساعد فى صناعة هذا المشروع السينمائى المختلف والجديد فى شكله ومضمونه لأن شعور الامتنان والعرفان نحو كل نجوم هذا المشروع أول ما سيجتاحك، ساعد ساندرا نشأت فى الإخراج فادى أكرم، هانى سيف، هادى البسيونى الذى شارك أيضًا فى التصوير والمونتاج والتمثيل، واعتمدت ساندرا على ورشة لكتابة سيناريو وحوار الأفلام بمشاركة رفيق مرقس ومحمود الخواجة وزينة، وشارك فى التمثيل جيلان علاء وبشير شوشة ومدام ديانا والطفل آسر وآخرون والجميع أشخاص عاديون.
مهندس الصوت رحيم، ومشرفة ملابس الممثلين ميساء عارف، أما التصوير كان أحمد عبد العزيز الذى أبدع فى نقل الصورة التى أرادتها المخرجة فى التعبير عن الفكرة.
فى المجمل مشروع "فى المدرسة" عمل سينمائى متكامل لا يقل فى جماله وإبداعه عن أى فيلم روائى طويل، ونتمنى أن تتكرر التجربة بمشاريع سينمائية جديدة تفاعلية تشرك الجمهور المصرى بمناقشة تفاصيل حياته اليومية وما يواجهه من تحديات ومعاناة إنسانية تقترب من تفاصيل مشاعره وأحاسيسه الدقيقة.
*كاتب صحفى
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ة ساندرا نشأت المخرجة السينمائية ساندرا نشأت فى المدرسة

إقرأ أيضاً:

عبقرية صلاح جاهين

يقول عمنا «كما أحب أن أناديه» عن نفسه فى الرباعيات «فى يوم صحيت شاعر براحة وصفا الهم زال والحزن راح واختفى... خدنى العجب وسألت روحى سؤال.. أنا مت؟ و لا وصلت للفلسفة؟»، كان جاهين الفيلسوف يدعو الناس دائماً أن يشربوا كلماتهم ليدركوا طعمها إذا كانت حلوة أو مُرة، حقيقى إننى أشرب أشعار هذا الفيلسوف بغض النظر عن طعمها، وأنا أنضم إلى رأى الكاتب الكبير «يحيى حقى» عندما قال «لقد خدعنا صلاح وهو يصف نفسه تارة بالبهلوان وتارة بالمرح– فإن الغالب على الرباعيات هى نغمة الحزن»، فهذا الشاعر الذى فارق الحياة منذ حوالى نصف قرن تقريباً، ما زالت الطاقة الإبداعية التى غرسها فى وجداننا سوف تأتى ثمارها كلما اقترب أحد من قراءة أشعاره التى تكشف روعة الشعر ووعى الفيلسوف الذى يلاحظ ما لا يلاحظه عامة الناس. وإننى أشعر كلما قرأت رباعية من رباعياته أن الرجل يحيا بيننا ويحكى لنا عما يراه فى زماننا، من تلك الأبيات التى ذكرتنى به «النـدل لما اغتنى أجر له كام طبال.. والطبل دار فى البــــلد عمَّال على بطَّال.. لاسمعنا صوت فى النغم ولا شعر فى الموال.. أصـــــل الندل مهمــا عِلى وكتر فى أيده المال.. لا فى يوم هيكون جدع ولا ينفع فى وســـط رجال.» الله عليك يا عمنا.. فقد أنتشر الأندال فى كل مكان وسيطروا وأصبح الكون كله داخل بطونهم.

لم نقصد أحداً!

مقالات مشابهة

  • «جمال الغيطانى»
  • «الغيطانى» حكاء الماضى.. سردية الوجع الإنسانى
  • مهرجان القاهرة السينمائي.. أحلام وقضايا الشعوب العربية تتلاقى في رحلة من السعادة والمتعة
  • تامر كروان: معرفة الموسيقار بالعناصر السينمائية تجعله قادرا على تحليل رؤية المخرج
  • تامر كروان: هناك الكثير من الأعمال السينمائية التى لا تعتمد على الموسيقى
  • شكراً.. حسين فهمى!
  • الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام: المهرجانات السينمائية أصبحت تمثل صوت الناس في عالم يسوده الصمت
  • أحمد عز يشيد بمبادرة ساندرا نشأت وقناة مدرستنا "5 seconds"
  • عبقرية سعد!!
  • عبقرية صلاح جاهين