البوابة نيوز:
2024-09-30@11:17:08 GMT

ساندرا نشأت.. رحلة الخمس ثوانٍ نحو المستقبل

تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT

مرة أخرى الجميلة ساندرا نشأت التى لا أخشى الذهاب إلى السينما لمشاهدة أحد أفلامها منفردًا ودون مرافق يصف لى الحركة والصورة فى مشاهدها حتى لو تخللتها بعض لحظات الصمت.
٢٢ ديسمبر الماضى كان الإعلان عن عودة المخرجة السينمائية المتألقة ساندرا نشأت فى سينما الزمالك؛ هذه المرة بمشروع متكامل حمل عنوان (فى المدرسة).


المشروع يتضمن ٥٢ فيلما سينمائيا تتراوح مدة الفيلم الواحد بين ٥ إلى ١٠ دقائق على الأكثر.
كان العرض الأول لـ١١ فيلما من المشروع واتفقت مع أحد زملائى لمرافقتى ليشرح لى ويصف المشاهد، لكنه اعتذر فى اللحظة الأخيرة، وصار علىّ التوجه إلى السينما وحيدًا فلا مبرر للخشية من الاستماع إلى أعمال ساندرا نشأت دون مرافق.
ليست المرة الأولى، ملاكى إسكندرية شاهدته بمفردى لأول مرة والإيقاع المتناغم بين المشاهد والموسيقى التصويرية جعلنى أرى الصورة عبر الصوت وكأنى أراها بعينى، وهذا ما حدث أيضًا مع الـ١١ فيلما بمشروع ساندرا الجديد.
الاهتمام الدقيق لموسيقى تصويرية أبدعها مصطفى الحلوانى تنقل الصورة كما هى أضاف إلى متعة الاستماع متعة المشاهدة بخيال الكفيف وتلك هى عبقرية ساندرا السينمائية.
كانت ليلة أكثر برودة مقارنة بالليالى السابقة عليها، لكن ما أن استغرقتنى الأفلام بأفكارها وأداء ممثليها وتفاعل الجمهور معها حتى بدأ الدفء يتسرب إلى المكان ليحيط الجميع فتشعر حقيقة بكل معانى ودلالات ما نسميه بدفء الأسرة المصرية.
"فى المدرسة" مشروع صاغت أفكاره ساندرا نشأت بعينها التى أعتقد أنى لو تلمّستها وجدت عدسة سينمائية لا عين بشرية عادية.
فى التفاصيل تكمن أحلام وأوجاع أطفالنا ومشاعرهم المتضاربة التى تصيغ فى المجمل شكل مستقبلنا، ومشروع "فى المدرسة" ركز اهتمامه بتفاصيل تلك التفاصيل التى تبدو صغيرة بالنسبة للكثيرين، لكن العين السينمائية عندما كثفت الأضواء عليها فى فيلم مدته ٥ دقائق أو ١٠ على الأكثر كشفت كم هى كبيرة، بل وحاسمة فى تحديد مسار رحلتنا نحو المستقبل.
يقول النقاد المختصون إن الصورة السينمائية تتميز بقدرتها على إظهار أعماق الشخصية والأبعاد والزوايا المختلفة للحدث أو الظاهرة؛ وهكذا كان تأثير الصورة السينمائية فى إبراز أبعاد وعمق أحاسيس ومشاعر أطفالنا وما يعانونه من أوجاع وما يتردد فى أذهانهم الصغيرة من أفكار.
الأفلام الأحد عشر التى تم عرضها هى: (يوم الجمعة - مدام ديدى - صورة الفصل - أبجد هوز - المتحف - الواد لأبوه - كل هذه اللايكس - أولوه ميسى - أم على – الكراسة - الشك ملوش رجلين).
إضافة إلى عرضها فى بعض دور السينما ولأول مرة فى مصر أتاحتها ساندرا نشأت عبر تطبيق تفاعلى ( second – ٥ ثوانٍ) حيث يشترك الجمهور بالتفاعل مع الفيلم باختيار الإجابة الأنسب عن تساؤله خلال ٥ ثوانٍ ليكون شريكًا فى تحديد مسار الحدث أو النهاية وهذه التجربة أتيحت لأول مرة على تطبيق نتفليكس ولجأت إليها ساندرا لتجعل جميع أفراد الأسرة شركاء فى صناعة الفيلم.
لا تسمح هذه المساحة لنقل وشرح محتوى الأفلام الأحد عشر لكن وعلى سبيل المثال نجد فيلم "الولد لأبوه" يناقش الأزمة النفسية التى قد يقع فيها الطفل عندما يريد خوض تجربة جديدة تختلف عن تجربة والديه.
فقد أتيحت للطفل البطل فرصة التمثيل مع مخرج كبير زار مدرسته واحتار طويلًا فى الإجابة عن التساؤل الدائر بداخله "أحكى لأبويا ولا محكيش؟!" ثم قرر أن يعرض الأمر على والده الطبيب المشهور الذى حببه فى الفن والفنانين، لكنه فى ذات الوقت يعده ليكون طبيبًا مثله؛ وفى رد فعله الأول رفض الأب رغبة ابنه بشدة ونوع من القسوة لكنه وبمراجعة نفسه احتار هو الآخر بين السماح لابنه بخوض تجربة جديدة قد تقوده إلى امتهان مهنة صعبة وشاقة مثل مهنة التمثيل أم يرفض ليفرض اختياره على ابنه فهو الطريق الذى سبق واختاره لنفسه وعرف صعوباته ومزاياه.
وبالنهاية يجيب الأب عن سؤاله الحائر بالموافقة على أن يخوض طفله هذه التجربة الجديدة.
أثناء المشاهدة تظهر هذه التساؤلات على الشاشة أمام جمهور السينما ليتفاعل ويشترك فى اختيار الإجابة الأنسب من وجهة نظره.
الأفلام عالجت المشاكل النفسية التى يتعرض إليها الأطفال بسبب الخلافات الأسرية الدائمة بين الآباء، وأحلام السفر والهجرة الذى يراود البعض، والمشكلات التى يتورط فيها المراهقون خلال التعامل مع منصات التواصل الاجتماعى، وكلها تدور داخل تفاصيل اليوم العادى للأسرة المصرية بمختلف شرائحها وفئاتها الاجتماعية.
هناك ٤١ فيلما آخر فى طريقهم إلى النور بعد انتهاء أعمال المونتاج لتتضمن منصة "الخمسة ثوانٍ" ٥٢ عملًا يناقش كيف نتعامل مع أدق تفاصيل مشاعر وأحلام وأفكار وأوجاع أطفالنا التى تصيغ فى واقع الأمر شكل وطبيعة رحلتنا نحو المستقبل.
الممثلون جميعهم أشخاص عاديون ليس من بينهم محترف، الأطفال من أبناء مدارسنا والكبار يشبهوننا ويشبهون هذه الملايين التى نلتقيها فى الشارع كل يوم؛ لكن عبقرية العدسة السينمائية التى فى رأس ساندرا نشأت مكنتها من التقاط أبطالها الذين سكن الفن والإبداع نفوسهم فظهروا جميعًا كمحترفين.
من الإنصاف سرد أسماء كل من شارك وساعد فى صناعة هذا المشروع السينمائى المختلف والجديد فى شكله ومضمونه لأن شعور الامتنان والعرفان نحو كل نجوم هذا المشروع أول ما سيجتاحك، ساعد ساندرا نشأت فى الإخراج فادى أكرم، هانى سيف، هادى البسيونى الذى شارك أيضًا فى التصوير والمونتاج والتمثيل، واعتمدت ساندرا على ورشة لكتابة سيناريو وحوار الأفلام بمشاركة رفيق مرقس ومحمود الخواجة وزينة، وشارك فى التمثيل جيلان علاء وبشير شوشة ومدام ديانا والطفل آسر وآخرون والجميع أشخاص عاديون.
مهندس الصوت رحيم، ومشرفة ملابس الممثلين ميساء عارف، أما التصوير كان أحمد عبد العزيز الذى أبدع فى نقل الصورة التى أرادتها المخرجة فى التعبير عن الفكرة.
فى المجمل مشروع "فى المدرسة" عمل سينمائى متكامل لا يقل فى جماله وإبداعه عن أى فيلم روائى طويل، ونتمنى أن تتكرر التجربة بمشاريع سينمائية جديدة تفاعلية تشرك الجمهور المصرى بمناقشة تفاصيل حياته اليومية وما يواجهه من تحديات ومعاناة إنسانية تقترب من تفاصيل مشاعره وأحاسيسه الدقيقة.
*كاتب صحفى
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ة ساندرا نشأت المخرجة السينمائية ساندرا نشأت فى المدرسة

إقرأ أيضاً:

الحرب فى السينما المصرية

مع الدم المسفوك ليلا ونهارًا فى لبنان وفلسطين، أتساءل: متى ومن سينتج أفلامًا جميلة مؤثرة توثق جرائم الدولة المارقة فى حق شعوبنا؟ ومن يجرؤ على إنجاز تلك الأفلام، بينما العالم كله يشاهد عاجزًا القتل والتدمير والتشريد دون أن يتمكن من إيقاف القصف والصواريخ والقنابل؟

بامتداد قرن من الزمان لم تتوقف السينما المصرية عن رصد الثورات والمعارك والحروب التى خاضتها مصر سواء ضد الاحتلال الإنجليزى أو العدو الإسرائيلى. صحيح أن الأفلام التى تعرضت لفضح جرائم الاحتلال الإنجليزى لم يتم إنتاجها إلا بعد ثورة 23 يوليو 1952 وطرد ذلك الاحتلال البغيض، إلا أن تلك الأفلام كشفت للأجيال الجديدة بطولات المصريين وبشاعة الاحتلال.

أما بشأن الجار البلطجى الذى زرعته قوى كبرى ومازالت ترعاه، فإن هناك عددًا لا بأس به من أفلام مهمة تناولت معاركنا معه فى حروب 1956 و1967 وحرب الاستنزاف وأخيرًا حرب أكتوبر 1973 التى نحتفل بمرور 51 عامًا على انتصارتها بعد أيام قليلة.

(الطريق إلى إيلات) يعد من الأفلام القليلة الرائعة التى تناولت بطولات الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف التى جرت فى نهايات ستينيات القرن الماضي، وقد أخرجته الفنانة القديرة السيدة إنعام محمد على عام 1994، ولعب البطولة كل من عزت العلايلى ونبيل الحلفاوى وصلاح ذوالفقار.

ونأتى إلى أفلام أكتوبر الشهيرة، والتى شاهدتها بشغف شديد فور عرضها للمرة الأولى سنة 1974، إذ إن بينى وبين تلك الحرب المجيدة علاقة خاصة جدًا، فأشقائى الكبار الثلاثة إبراهيم وفكرى وفوزى كانوا هناك على الجبهة يقاتلون ويحررون ويدافعون عن أرض الوطن وكرامته.

من أبرز تلك الأفلام (بدور) و(الوفاء العظيم) و(الرصاصة لا تزال فى جيبي)، وكلها بطولة محمود ياسين، أما (أبناء الصمت) فبطولة محمود مرسى ونور الشريف وميرفت أمين، ثم قدمت الفنانة القديرة ماجدة فيلم (العمر لحظة) عام 1978.

لكن يبقى فيلم (حكايات الغريب) الذى أنتجه التليفزيون المصرى عام 1992 من أهم الأفلام التى رصدت بذكاء وجمال فنى صراعنا مع المحتل البغيض. الفيلم أخرجته إنعام محمد على عن قصة لجمال الغيطانى كتب لها السيناريو والحوار الأستاذ محمد حلمى هلال. لعب أدوار البطولة كل من محمود الجندى وشريف منير ومحمد منير وحسين الإمام ونهلة رأفت ومدحت مرسى... وضيفة الشرف الفنانة القديرة هدى سلطان.

فى ظنى أن (حكايات الغريب) أفضل ما قدمته السينما المصرية عن ذلك الصراع التاريخي، ولولا ضعف الصورة نتيجة الكاميرات القديمة لاحتل هذا الفيلم مكانا مرموقا فى تاريخنا مع صناعة الأفلام.

على أية حال، ها هى الأيام تمر والسنوات تمضى والعقود تتوالى ومازال الصراع مشتعلا، ومازالت ذكرى حرب أكتوبر توقد فى الروح مصابيح المجد الذى كان، وأتذكر بكل توقير وإجلال وفخار أشقائى الكبار الثلاثة وكل جنود مصر وشعبها وضباطها وقياداتها العسكرية الباسلة التى خططت بذكاء وعلم وحزم من 11 يونيو 1967، حتى يوم النصر العظيم. أما شهداء تلك الحرب، فلهم المجد فى الأعالى ولأرواحهم السلام.

 

مقالات مشابهة

  • الحليب في الريف.. «مصدر خير كتير.. قريش وجبنة قديمة وزبدة وفطير»
  • الحرب فى السينما المصرية
  • رحلة إنتاج «كوب اللبن» من القرية والمزرعة لمراكز «التجميع والتصنيع»
  • أشرف غريب يكتب: الإسكندرية تنتظر مهرجانها
  • «الأهلي»: مساهمات التنمية المجتمعية تجاوزت 13 مليار جنيه
  • الكهرباء: خطة متكاملة لترسيخ ثقافة ترشيد الاستهلاك والتصدي لسرقات التيار
  • تفاصيل رحلة عودة الزمالك إلى القاهرة بعد حصد لقب السوبر الإفريقي
  • شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: تجربة مصر الفتاة والمعركة مع سمير رجب
  • العالم يعيش أفلام سينما الحروب المرعبة
  • السحر فى واقعنا المعاصر