الولايات المتحدة – تمكنت دراسة حديثة أخيرا من فك الشفرة السرية المخبأة داخل فستان حريري عتيق يعود تاريخه إلى قرن من الزمان والذي استعصى على خبراء التشفير لمدة عقد من الزمن.

وألقت نتائج الدراسة بعض الضوء على هوية المرأة التي كانت تمتلك هذا الفستان في ثمانينيات القرن التاسع عشر.

وقبل عشر سنوات، في عام 2013، اشترت أمينة الآثار سارة ريفرز-كوفيلد فستانا حريريا برونزيا من العصر الفيكتوري من متجر للتحف في ولاية ماين بالولايات المتحدة.

وعند قلب التنورة من الداخل إلى الخارج، اكتشفت جيبا مخفيا يحتوي على كرة ممزقة من الأوراق.

وكشفت الأوراق عن عشرين سطرا من كلمات غامضة، مثل Bismark omit leafage buck bank، وCalgary Cuba unguard confute duck fagan، وSpring wilderness lining one reading novice. وكانت هناك أيضا أرقام بين السطور.

ولما يقارب عقدا من الزمن، ظلت هذه الكلمات، التي شاركتها ريفرز-كوفيلد على مدونتها على الإنترنت، دون حل وكانت صعبة علة محللي الشفرات في جميع أنحاء العالم.

وبالنسبة للبعض، يعد “تشفير فستان الحرير” أحد أفضل 50 رمزا وشفرات لم يتم حلها في العالم.

ومع استبعاد العديد من النظريات، ضيّق مصممو التشفير عبر الإنترنت الاحتماليات إلى أنه من المحتمل أن يكون نوعا من الرموز التلغرافية المختصرة.

وأوضح الباحث واين تشان في دراسة حول التشفير في عام 2022: “بما أن شركات التلغراف تتقاضى مقابل عدد الكلمات في البرقية، أصبحت رموز ضغط الرسالة لتقليل عدد الكلمات شائعة”.

وأشار الدكتور تشان إلى أن عبارة مثل “الطاقم جميعهم في حالة سكر” (The crew are all drunk) ربما تم استبدالها بالكلمة الرمزية “CRIMPING”.

وبعد الاطلاع على أكثر من 150 كتابا للشفرات التلغرافية، وجد تشان تلميحات لحل الرسالة المشفرة في كتاب قديم عن تشفير الطقس الذي يستخدمه فيلق الإشارة بالجيش الأمريكي.

وكتب الدكتور تشان: “تبين أن التشفير هو عبارة عن رمز تلغرافي يستخدم لنقل ملاحظات الطقس من قبل خدمة إشارة الجيش الأمريكي ولاحقا من قبل مكتب الأرصاد الجوية الأمريكي”.

ويحتوي الكتاب على بعض الأمثلة التي تبدو مشابهة للكلمات المشفرة الموجودة في الفستان.

ولم يتمكن تشان، محلل الكمبيوتر في جامعة مانيتوب في كندا، من معرفة ما تعنيه الكلمات فحسب، بل حدد اليوم الذي من المحتمل أن تكون كتبت فيه، وهو: 27 مايو 1888.

وباستخدام نسخة من كتاب رموز تلغراف الطقس الذي أرسلته إليه الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، استنتج الدكتور تشان أن الرسائل المشفرة في الفستان كانت من محطات الأرصاد الجوية لخدمة الإشارة في الولايات المتحدة وكندا.

ووجد أن كل سطر في الكلمات المشفرة يشير إلى ملاحظات الطقس في مكان ووقت محددين من اليوم، ويتم إرسالها في شكل برقية إلى مكتب خدمة الإشارة المركزي في واشنطن العاصمة.

وبدأ تنسيق رسائل الطقس في ذلك الوقت بموقع المحطة غير المشفر متبوعا بكلمات مشفرة لدرجة الحرارة/الضغط، ونقطة الندى، وهطول الأمطار/اتجاه الرياح، وملاحظات السحابة، وسرعة الرياح/ملاحظات غروب الشمس.

لذا فإن عبارة Bismark omit leafage buck bank كانت رمزا لمدينة بسمارك في داكوتا الشمالية الحالية حيث تبلغ درجة حرارة الهواء 56 درجة فهرنهايت، وضغط جوي قدره 30.08 بوصة زئبقية (omit)، ودرجة تكثيف تبلغ 32 درجة (leafage) في يوم صاف مع عدم هطول الأمطار والرياح الشمالية (buck) وغروب الشمس الصافي بالإضافة إلى سرعة الرياح 12 ميلا في الساعة (bank).

وبينما تم فك الشفرة، فإن هوية صاحبة الفستان وسبب وجود رموز الطقس المخبأة في جيب سري ما تزال لغزا.

المصدر: إندبندنت

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

إقرأ أيضاً:

زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة

على خطى الكواكبي وسليمان الحلبي مشى كثير من أدباء وكتاب سوريا، لم يخشوا سيف السلطة، ولم تلههم الوعود، ولم تردعهم ظلمة السجن ولا قبضة السجان، وواصلوا طريقهم، فلما ضاق عليهم الخناق قفزوا هاربين بجلدهم وعمرهم إلى فضاء أوسع من الحرية.

ولكن طالت سنوات القهر واستطال جحيمها وامتد ليل القهر لعشرات السنين، وانكوى بناره الأهل والأحباب، دون أن يبدو فجر في الأفق. وفي لحظة ما بزغت شمس الحرية وانقشع الظلام والضباب، ولكن عن مآس إنسانية، وأشلاء بشرية، وعيون أطفأها اليأس، وقلوب أمرضها الحزن، وجراحات لا تندمل، ومئات الآلاف من الأرواح زهقت في جحيم  التعذيب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حلم على جنبات الشام أم عيد؟ تفاعل الشعر مع انتصار الثورةlist 2 of 2إبراهيم عبد المجيد: الفلسفة والفنون غذاء الكاتب في عصر الذكاء الاصطناعي وهيمنة الصورةend of list

هنا فقط، انتبهنا إلى مأساة شعب سجن وعذب وسلخ جلده حيا بدعوى الدفاع عن الوطن. وهنا فقط علمنا كم عاني الكتاب وتعذبوا من أجل أن يكتبوا نص الحرية التي لا تجيء، فكان عذابهم مضاعفا.

زكريا تامر، ولد في دمشق عام 1931، نشأ في حي البحصة بين ساحة المرجة وبوابة الصالحية، وعمِل حدّادا قبل أن يتحوّل إلى حرفة الأدب وكتابة القصة والصحافة، ظل زكريا تامر مخلصا وملتزما لقلمه ومبدئه، وبالرغم من أنه يعيش خارج سوريا في منفى اختياري في بريطانيا، فلم يكن من زمرة المثقفين المتاجرين بالشعارات، وبقي ملتصقا بنقاء حروفه، مثل حدَّاد يعرف كيف ينقي الكلمات بالنار والكير، وعندما اندلعت ثورة شعبه السوري وقف إلى جانب الناس، ورفض محاباة القتلة، وفي لقاء صحفي، سألوه: متى تعود إلى سوريا؟

إعلان

قال "ليس مهما أن أبقى في أكسفورد أو أعود إلى دمشق..!!".

وبطول عمره في الكتابة كان كثيرا ما يراهن على الشعب الذي يراه المستبد خاضعا، ولكنه ليس خنوعا، بل صبرا مريرا وهو ينزف كرامته وشرفه ودمه، ويقول تامر للطاغية المستبد: لا تأمن لهذا الشعب، لأنك لا تعرف متى سيكون انفجاره، ولهذا شبه الشعب بالنمر، لأن النمر لا يمكن ترويضه، وفي قصة "النمور في اليوم العاشر" يقول للطاغية: لا يغرك طاعة الشعب وخضوعه ومسايرته لجبروتك، لأنه مهما طال الزمان أو قصر سينتفض ضدك، وبدلا من أن تكون فوق ظهره ستصبح تحت أقدامه.

زكريا تامر كان يغذي مخيلته بكثير من الكتابات عن نهاية الحاكم المستبد الذي بنهايته يعود للوطن وجهه النضر من جديد (مواقع التواصل) النمور تأكل الحشائش

وكان كثيرا ما يسخر من النظام في كتاباته، وحملت نصوصه غواية العبث بالشرطة ومداهماتها من خلال كتاباته وتحولاته التي كانت تبدعها مخيلته، عندما تدهمه الشرطة وهو جالس مع زوجته لكنها لا تراه لترحل بدون صيد ثمين، وفي كل مرة كان زكريا تامر يسخر منهم كثيرا كما جاء في قصة "سنضحك.. سنضحك كثيرا":

"في يوم من الأيام، اقتحم رجال الشرطة بيتنا، وبحثوا عنّي وعن زوجتي، ولم يتمكنوا من العثور علينا لأنّي تحوّلت مشجبا، وتحوّلت زوجتي أريكة يطيب الجلوس عليها. وضحكنا كثيرًا عندما خرجوا من البيت خائبين.

 

وفي يوم من الأيام، كانت السماء زرقاء لا تعبرها أي غيمة، فقصدنا أحد البساتين، فإذا رجال الشرطة يدهمون البستان بعد دقائق طامحين إلى الإمساك بنا، ولكنهم لم يوفقوا لأنّي تحوّلت غرابًا أسود اللون، دائم النعيب، وتحوّلت زوجتي شجرة خضراء، غزيرة الأغصان. وضحكنا كثيرًا من إخفاقهم،..".

ويعدد لنا تحولاته في المطعم، عندما يتحول سكينا أما زوجته فتتحول لكأس، وفي الشارع يتحول هو لحائط وزوجته لإعلان ملون، وفي المستشفى يتحول هو لرداء أبيض متسخ وزوجته لخزانة خشبية مليئة بالثياب، ويتحول طفلهم لبوق في سيارة إسعاف مسرعة، .. "وضحكنا كثيرًا من بلاهتهم، وسنظلّ نضحك".

إعلان

وكان يغذي مخيلته بكثير من الكتابات عن نهاية الحاكم المستبد الذي بنهايته يعود للوطن وجهه النضر من جديد، ومن مقولاته الشهيرة: "يحترق الطاغية فيستعيد كل مواطن وجهه الإنساني المفقود منذ عقود، وينبت الياسمين في دماء الشرايين".

عن زكريا تامر، يقول الناقد صبري حافظ إن "قصصه التي خلصها من زيادات الطابع القومي، والطابع القصصي أيضا، يتحدث فيها عن الإنسان العربي، الدمشقي غالبا، وهو يعاني من الفقر المادي والمعنوي، وتعذبه أشواق مؤرقة إلى عالم نظيف وهادئ ومليء بالمنطق والعدالة، هذا الإنسان الفقير المحبط الذي تبهظه أثقال هذا الركض اليائس وراء رغيف الخبز اليابس الذي لا يكاد يسد رمقه في شتى أنحاء عالمنا العربي هو بطل زكريا تامر الأثير".

ويتابع حافظ واصفا بطل قصص تامر بأنه "إنسان بسيط يحب الحياة ويريد أن ينفلت من شرائع الموتى، وأن يطرح خلف ظهره كل المواريث القديمة، ولكن دونما جدوى، فالجميع يطاردونه، ويعيش هذا البطل، وهو بطل مضاد بالطبع في عالم يسوده منطق مقلوب، يحاكم بمقتضاها رجاله ويسامون العذاب، وتقطع أوصالهم وتلقى في نهر يشير إلى الصعيد الجغرافي كثيرا إلى نهر بردى، وإلى أنهار 7 هي منابعه الـ7".

ولأن زكريا تامر فنان مبدع، غايته إرهاف وعي الإنسان وإثارة القلاقل، وإقلاق المستنيمين إلى دعة التردي والفساد، وتهديد الطغاة بتذكيرهم دائما بأن نهايتهم بشعة ووشيكة، وهذا ما تفعله كل قصص مختاراته السبعة، بحسب حافظ، "وهمه في بعض مجموعاته هو الكشف عن عسف السلطة السياسية، وتعرية أشكال القمع الاجتماعي والاقتصادي المراوغة وهي تفعل فعلها في الإنسان العربي، وتسومه شتى صنوف العذاب، فإن همه في بعضها الآخر صدمة القارئ لاكتشاف دوره هو كإنسان عادي في إحكام سيطرة هذا القمع عليه، وفي تكريس مواضعات الواقع الشائه، وإحكام قبضة منطق المقلوب على كل ما حوله".

القصة في "النمور في اليوم العاشر" عن الاستبداد والتجهيل والسياسة ولعنتها وسلوكها المنافق وعن الوطن وظلمه وحنين المغترب إليه (الجزيرة) الحياة أحيانا أبشع من الموت

ومختارات زكريا تامر مثقلة بالكوابيس المرة عبر فانتازيا سوداء قاتمة يرتد فيها الميت إلى الحياة، فيرى أن الحياة أبشع من الموت، وقصصه تمسخ فيها الكائنات حتى تخرج عن طبيعتها التي جبلت عليها، وتستسلم لآيات القهر المراوغ في "النمور في اليوم العاشر" ، ويباع فيه الإنسان والأوطان بأبخس الأثمان "المخزن العربي"، و ترتكب فيه الجرائم لأوهى الأسباب "العشاء الأخير"، بينما تمر أبشع الجرائم  بلا عقاب "رجل غاضب" أو تدهم البريء فيه تهمة لا يستطيع ردها "في ليلة من الليالي" ويقبل الجلادون بهمة على أبشع الأعمال وأكثرها وحشية ثم يتذمرون حينما يطلب منهم تنظيف الغرفة في "الجريمة"، وتلاحق التهم أبطال تاريخنا القومي "الذي أحرق السفينة" بينما تستمتع النماذج الشائهة بكل ثمار الحضارة الحديثة (بحسب صبري حافظ).

إعلان

وللحلم والأسطورة في أدب زكريا تامر نصيب كبير، لأن الحلم نوع من الخيال التعويضي ذي الصبغة العقلية، يرتق به البطل واقعه المهلهل، وفي قصة "شمس صغيرة" التي تقدم ذروة الالتحام بين الأسطورة الشعبية والواقع المعاش، فيكسب كل منهما الآخر بعدا جديدا.

مجموعة قصصية (مكونة من 11 قصة قصيرة) أصدرها زكريا تامر كثاني إنتاجاته الأدبية سنة 1963 بعنوان "ربيع في الرماد" وهو عنوان إحدى القصص التي تضمنتها المجموعة (الجزيرة)

قصص زكريا تامر مشغولة بتفكيك آلية عمل السلطة وأجهزتها الأيديولوجية من الداخل سواء أكانت هذه السلطة مبنية على القوة الغاشمة، أم على الحق الوراثي، أم على الاستبداد المطلق، أم على أجهزة المخابرات، أم على أجهزة الإعلام الحديثة، أم على الانتخابات المزورة لإرادة الجماهير والمتاجرة بها، فإنها في النهاية سلطة غاشمة وعبثية، وسلطة لا تعترف بالحرية وليس لها مشروعية.

مقالات مشابهة

  • دعاء البرد الشديد.. كلمات تحميك من الشتاء القارس احرص عليها
  • إحباط إدخال مخدرات مخبأة داخل علب سجائر إلى سجن عراقي
  • زكريا تامر.. حداد سوري صهر الكلمات بنار الثورة
  • بعد تأييد إعدامه.. 8 سيدات شكلن كلمات سر في حياة سفاح التجمع
  • كلمات أغنية برج الثور.. محمد رمضان يُجيب على سؤال الـ 5 ملايين جنيه
  • فستان لافت.. نانسي عجرم تتألق احتفالا بالكريسماس
  • مايا دياب بدون "بطانة" في حفل موريكس دور (صور وتفاصيل)
  • إبطال بطاقات الائتمان في تركيا التي تستخدم هذه الكلمات والأرقام في كلمات المرور
  • نسيت إننا في الشتاء.. فستان مايا دياب في «موريكس دور» يثير الجدل
  • المهرة.. ضبط كمية كبيرة من المخدرات مخبأة داخل اسطوانة غاز