دورة أدب المقاومة فى معرض كتاب 2024 (٢-٢)
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
ما الذى يمكن قوله أوفعله والناس نيام؟ لا أحد هنا أوهناك يمكن أن يتلقف فكرة ما فيعمل عليها.. يدرسها.. يطورها.. يضيف إليها.. يستفيد منها أو ينفذها إذا كانت صالحة! لا أظن أن الدولة لا تريد التقدم لهذا الوطن، ومن هنا لا أتصور أن الذين بيدهم مقاليد الأمور فى الثقافة وصناعة الضمير والوجدان يحق لهم أن يهملوا الأفكار التى ننفذ منها إلى المستقبل.
المقاومة ليست سبة ولا جريمة وليست نفيًا للرغبة فى السلم والأمن. المقاومة تعنى امتلاك القدرة على التحرر الدائم من مكائد الاستعمار ومؤامراته.. ومواجهة أطماعه. من هنا ليس غريبًا أن أدعو فى هذه السطور- وسابقتها- إلى إحياء جذوة الوطن المقاوم فى نفوس عربية-مصرية تدرك أن المستقبل مرهون بالبقاء على أهبة الاستعداد.. كما كنا نتعلم فى زمن مضى: يد تبنى ويد تحمل السلاح.
كتبت الأسبوع الماضى داعيًا من بيدهم أمر الثقافة وتنظيم معرض الكتاب، إلى تخصيص هذه الدورة لأدب المقاومة، وأن يكون اسم الأديب الفلسطينى الكبير غسان كنفانى مقرونًا بها، تقديرًا لما قام به الفسلطينيون من أعمال جسورة أعادت إحياء القضية، بعد أن لفظت–أو كادت- أنفاسها الأخيرة. صحيح أن هذا تم عبر استشهاد الآلاف من الفلسطينيين، لكنها فى النهاية أثمان يجب دفعها من أجل استعادة الأرض المغتصبة والحقوق العربية السليبة فى فلسطين. ومثلما كان الثمن باهظًا عليهم، كان باهظًا وأكثر فداحة على المحتلين الغاصبين ومن يدعمونهم (العدد الحقيقى لخسائرهم نقلا عن صحفى إسرائيلى أسكتوه إلى الأبد: 8435 إسرائيليًا، 902 فرنسيًا، 1385 أمريكيًا، 79 قتيلًا بريطانيًا، 48 إيطاليًا، 62 من المرتزقة).
لا أقول إن المقاومة انتصرت، أوخسرت، ولكن أتحدث عن دعمها بما نملك من إبداع وأفكار.. من وسائل وأدوات ومبدعين.. لدينا دورة معرض يمكن أن يقترن اسمها باسم أدب المقاومة، ولدينا أديبة فلسطينية تعد رمزًا فى هذه المرحلة، بعد أن أوقف تكريمها معرض فرانكفورت الدولى وهى «عدنية شلبى»، ووجب دعوتها لتكريمها فى القاهرة، وإتاحة الفرصة للكتاب الذين أبدعوا فى نصرة المقاومة ليتحدثوا، ويقام حفل بالمعرض تحييه أميرة الغناء المقاوم عزة بلبع. فى رأيى هذا لمصر أولاً، لأن هذه المقاومة هى الآن خط الدفاع الأول عنا!
أليس بين مسئولى الثقافة رجل رشيد؟
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمود الشربيني معرض كتاب الأفكار شعب مختلف المستقبل
إقرأ أيضاً:
ماذا نعمل؟، ماذا يمكن أن نعمل؟
عدنان علي الكبسي
في غزة الجريحة يُقتل الآلاف المؤلفة من الأطفال والنساء بجرائم بشعة ووحشية للغاية، والعدوّ الإسرائيلي يلقي قنابله المدمّـرة والفتاكة على ذلك التجمع أَو ذاك التجمع، فتمزق الكثير من أُولئك المستضعفين من الأطفال والنساء والناس إلى أشلاء، وتتفحَّم جثامين أكثرهم، والبعض قد يصابون بجراحات كبيرة جِـدًّا، والبعض جراحات قاتلة، ولا من مسعف لهم، ولا من منقذ، يتجرعون الموت حتى يفارقوا الحياة ولا من مغيث.
أطفال في غزة لا يزالون يعانون من الجراحات، ودماؤهم تنسكب، وأجسادهم تتلوى من الألم، تذرف دموعهم وهم يصرخون من الأوجاع، وبعضهم يفارق الحياة من أمعائهم الخاوية من أقل الزاد والطعام.
ينام الفلسطينيون في غزة فلا يستيقظون، خائفون لا يأمنون، ويتفرقون فلا يجتمعون، وإن تجمعوا فرقت غارات العدوّ الصهيوني أجسادهم، ومزجت دماءهم، فلا تفرق بين هذا وذاك من تفحّم أجسادهم.
الشعب الفلسطيني يعيش بين مخالب وحوش مفترسة تنهش عظمه ولحمه من كُـلّ جانب، عدو للأُمَّـة يقتلها بدم بارد، وعالم منافق صامت، وأمتها بين راضٍ ومتشفٍ بها، مد جسر الصداقة والمحبة لغدة سرطانية خبيثة بدعمها السخي وجود كرمها ليتمادى أكثر في طغيانه وإجرامه.
وعلماء أمتها تزينت لهم أعمالهم السيئة فهم يعمهون، أخلدوا إلى الأرض واتبعوا أهواءهم، حرصًا على مكانتهم عند سلاطين الجور والذين هم على مرأى ومسمع من العالم عملاء لأعداء الأُمَّــة، فمثلهم كما ذكر الله ذلك في كتابه العزيز كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أَو تتركه يلهث، غواة يعملون على تدجين وإضلال الأُمَّــة، يوظفون العناوين العلمية في العلوم الدينية خدمة لأعداء الأُمَّــة.
شعوب أمتها بكل طوائفها وانتماءاتها وأحزابها تقف متبلدة، جامدة باردة، لا تحسبنهم إلا في عداد الأموات على مستوى الوعي والإدراك، ماتت الضمائر، وتبلدت الأحاسيس وقست القلوب، وتحجرت الأفئدة، فلم يعد يتبقى لديها ولا حتى أحاسيس ومشاعر الإنسانية.
فالبعض قد يقف في حيرة لا يدري أين يذهب؟ وماذا يعمل؟ وما الذي يجب عليه أن يعمله؟ وهذا لا شك أنه من أُولئك الذين استهوتهم الشياطين فهم حيارى، في حيرتهم يتخبطون.
مشهد من تلك الجرائم، مشهد كبير ودامي ومؤلم جِـدًّا، ويتكرّر يوميًّا، وتكرّر بكثير وكثير؛ حتى طال الآلاف من أبناء غزة، وأنت كُـلّ يوم ترى منزلًا مدمّـرا، أَو تجمعًا بشريًّا في سوق، أَو في مسجد، أَو في مستشفى، أَو في مدرسة، أَو في مخيم، يكفي أن تبقى فيك بقايا من إنسانيتك؛ لتتألم، ولتدرك بشاعة ما يفعله أُولئك الطغاة المجرمون بمثل هذه الجرائم التي يرتكبونها كُـلّ يوم، هذا بنفسه كافٍ في أن يكون لك موقف.
أمام هذه الجرائم بعض الناس يقول ماذا نعمل؟، نحن ما باستطاعتنا أن نعمل شيئًا!؛ لأَنَّ البعض ما في ذهنه إلا قضية إن ما عنده صاروخ ودبابات، وأشياء من هذه يقاتل بها!.
الذي يقول ماذا نعمل؟ هذه وحدها تدل على أننا بحاجة إلى أن نعرف الحقائق الكثيرة عما يعمله اليهود وأولياء اليهود وأذنابهم، يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه: (من يقول: [ماذا نعمل؟]. نقول له: ميدان العمل أمامك مفتوحٌ أمام الجميع مفتوح، المطلوب أن تتحَرّك لا أن تتساءل، ميدان العمل فيه ما يكفيك أن تعمل بكل قدراتك وبكل طاقاتك مهما كانت، فكيف تتساءل [ماذا نعمل؟] وكأنه ليس هناك ما يمكن أن نعمله).
اجعل من نفسك عنصرًا فاعلًا متحَرّكًا في تعبئة الأُمَّــة التعبئة الجهادية في كُـلّ المسارات، تحَرّك بصدق مع الله، وثقة قوية بالله، في إطار الثقلين كتاب الله وعترة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
لا تبرّر لنفسك القعود، ماذا نعمل؟ يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه: (ميادين العمل مفتوحة، تتسع لأن تشمل كُـلّ طاقاتك، طاقاتك المعنوية وطاقاتك المادية، لكن حاول أن تغير من نفسك حتى تصبح إنسانًا فاعلًا قادرًا على تغيير نفسية المجتمع بأكمله نحو الأفضل، نحو الأصلح، نحو العزة، نحو الشرف، نحو الاهتداء بهدي الله، نحو طريق الجنة طريق رضوان الله سبحانه وتعالى).
غيِّرْ من نفسية مجتمعك لتجعلَه ثائرًا لا جامدًا، حركه في مسيرات ومظاهرات، حركه في التأهيل والتدريب ضمن قوات التعبئة العامة، اصنع رجالًا يصرخون في وجه الاستكبار العالمي، وإن كنت في مجتمع كالمجتمع السعوديّ أَو الإماراتي أَو حكومتك تكمم الأفواه فعلى الأقل حرك مجتمعك في دعم حركات الجهاد والمقاومة بالمال، حركه إذَا أغلقت في وجهك الأبواب حتى في المقاطعة للبضائع الأمريكية والإسرائيلية.