بقلم: فالح حسون الدراجي ..

في ليلة رأس السنة، سألتني زوجتي بتلقائية وبرود، وكأنها تسألني عن فرشاة أسنانها، قائلة: من هو الزعيم العراقي الذي تتوقع موته عام 2024 ؟!

وبنفس التلقائية وذات البرود، قلت: أياد علاوي !!

فقالت بلهجة مختلفة : (بيش تطلب الرجّال) ؟!

قلت لها: أولاً، أنا أمزح معك، فضلاً عن أني أجبت على سؤالك فحسب، ثانياً، إن الرجل تجاوز الثمانين من العمر، وتعرض لأكثر من أزمة صحية، وأجرى عمليات جراحية عديدة، بحيث اصبح اليوم (مايدري) …!

قاطعتني زوجتي قائلة: بس أياد علاوي مو زعيم !

قلت لها ضاحكاً: لعد شنو، نقيب لو مقدم؟ بعدين أريد أعرف منو أخبرچ بموت زعيم عراقي بارز خلال عام 2024 ؟!

قالت: العرافة (فلانة) !

قلت : وهل لهذه العرافة اتصال مع الخالق ؟!

قالت : استغفر الله ما هذا الكلام .

. اتقِ الله يا رجل !!

قلت لها: ومن الذي عليه أن يتقي الله، أنا، أم عرافتك الجاهلة؟

في الحقيقة أنا لا اعرف كيف تصدقين يا زوجتي العزيزة، هذا الهراء، وأنت امراة مؤمنة، تعرف الله، وتسمع القرآن صباحاً ومساءً، وتعرف أن الأديان السماوية وقوانين الأرض تحرم التنجيم، وقراءة الغيب، والسحر، والتنبؤ، وأن هناك آيات قرآنية، وأحاديث نبوية، ومثلها للأئمة المعصومين أيضاً، كما في حديث رسول الله :

” من أتى عرّافاً أو كاهناً فصدقه فيما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد”.

وأجزم أنكِ سمعتِ بقصة الإمام علي عليه السلام مع ذلك المُنجم الذي دعا الإمام إلى تأجيل الخروج لمقاتلة الخوارج في معركة النهروان ثلاث ساعات، لعدم توافق الساعة مع (النجوم)، وسمعت برفض الإمام علي لطلبه، موبخاً ذلك المنجم بقوله : لو صدقتك، لكذبت القرآن،

فهل أصدّقك أنت وأكذب القرآن .. معاذ الله ..؟!

فذهب الإمام بجيشه، وانتصر على أعدائه، رغم تحذير ذلك المنجم.. !!

إن كل هذا يؤكد لنا ضلالة المنجمين، وخروجهم على الأديان والشرائع والقوانين ..

لم يكن القرآن وحده، إنما الكتاب المقدس أيضاً يدين المنجمين، ويدين كذلك الأبراج وقراءة الكوتشينة، وقراءة الطالع، والكف، وغيرها، لأن كل هذه الممارسات برأي الكتاب المقدس” تقوم على مفهوم وجود آلهة أو أرواح، أو أرواح الموتى، التي تقدم النصح والإرشاد. وهذه “الآلهة” أو “الأرواح” هي شياطين (حسب كورنثوس الثانية).
أما القانون العراقي، فهو يجرم التنجيم باعتباره نوعاً من أنواع الخديعة، حيث”تعاقب المادة 456 بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات كل من خدع المواطنين واحتال وكذب عليهم، وأدى فعله إلى انتفاعه مادياً أو معنوياً “.

وطبعاً فإن التنجيم وبقية سلسلة هذه ( الكلاوات ) تقع ضمن هذه المادة.

لكنّ زوجتي قالت : هذه العرافة ليست جاهلة، بل هي متعلمة، وناجحة، ومتنبئة شهيرة، وتوقعاتها دائماً صحيحة، وكثيراً ما تجدها ضيفة على الزعماء والرؤساء العرب، تقرأ لهم طالعهم، ومستقبلهم، كما أن لها جمهوراً واسعاً فيه الكثير من المثقفين والأساتذة والأطباء، والمشاهير والنجوم العرب .. فهل كل هؤلاء جهلة ياترى ؟!

قلت لها: أرجو أن لا تظني أن جميع الزعماء العرب عباقرة زمانهم، وأن تعرفي أيضاً أن أغلبهم لا يستضيف هذه العرافة برغبته، إنما تلبية لرغبة او (استشارة) زوجته، وعلى سبيل المثال، فقد كان قصر سوزان مبارك زوجة الرئيس المصري حسني مبارك يعج ويضج بالعرافات والعرافين، ويقال إن سيدة مصر الاولى كانت مؤمنة جداً بالعرافين .. كما أن زوجة الرئيس التونسي ليلى بن علي هي من المدمنات على استقبال المنجمين أيضاً، لكن المفارقة ان هذين الرئيسين سقطا بتظاهرات جماهير بلديهما، دون أن يتمكن أحد من هؤلاء المنجمين من قراءة طالع الرئيسين مبارك وبن علي، وينبههما أو يحذرهما مما سيحدث لهما مستقبلاً ..!

أما عن مستوى جمهور هذه العرافة، والادعاء بأنه يضم نجوماً وشرائح من المثقفين وحملة الشهادات العليا، فأقول: لا خير في هؤلاء المثقفين وحملة الشهادات العليا، إذا كانت امرأة بسيطة لم تنل مستوى جيداً من التعليم، تنجح في اللعب بعقولهم، بحيث تجعلهم يصدقون علمها بالغيب، والتنبؤ بموت زعيم عراقي بارز في عام 2024 …!

أما الجهل، فهو أمرٌ نسبي، إذ قد يكون الإنسان عالماً في الرياضيات والفيزياء، لكنه في الوقت نفسه، جاهلٌ في أيسر مسائل الدين والحياة والمجتمع.

وكي لا أبدو متحيزاً ضدها أقول إن لهذه المنجمة معرفة جيدة بهذه اللعبة، ولها خبرة في فن التواصل مع أفكار المتلقي والقدرة على التأثير فيه، وحمله على تصديقها .. فهي مثل زملائها المنجمين الآخرين تكتب الصفات والتوقعات المفتوحة بإيرادها عبارات وأساليب تحتمل أكثر من أمر، بل وتحتمل أموراً متعددة، من قبيل قولها : سيصلك خبر سار من إنسان تحبه ..! وطبعاً فإن الأخبار السارة تردنا من الذين نحبهم، أو قولها: تواجهك بعض المشاكل المادية ! ولا أعرف من منا لا يواجه مشاكل مادية ؟

أو : احذر من أصدقاء السوء وهكذا دواليك..

قاطعتني زوجتي وهي تقول: وما رأيك بالكثير من توقعاتها التي تحققت ؟!

قلت : إنها توقعات عامة، معروفة تحدث باستمرار، وبإمكان أي شخص يملك (حرفنة) ومعلومات بسيطة أن يتوقعها، مثل: زلزال مدمر سيضرب اليابان.. أو الهند تتعرض في العام القادم لفيضان كبير ، أو أعاصير ستعبث باحدى ولايات أمريكا !!

وطبعاً فإننا جميعاً نعرف أن الزلازل تضرب اليابان كل خميس وجمعة، وإن الأعاصير تعصف بأمريكا دائماً، وبين سطر وسطر..!

أمس، طالعت (منجزات) هذه المنجمة، ووجدت أن بعضها مضحك جداً، مثل توقعها بفوز الرئيس السيسي بولاية ثالثة في الانتخابات الرئاسية المصرية، وكأن التوقع بفوز رئيس عربي في الانتخابات، أمر صعب جداً، يحتاج إلى عبقرية تنجيمية فذة !!

ومن منجزاتها أيضاً : توقعها بموت زعيم عربي – علماً بأن خمسة رؤساء وملوك عرب كانوا وقتها مؤهلين للانتقال إلى رحمة الله، ليس لأن أعمارهم تجاوزت الثمانين، إنما لأنهم أيضاً يحتفظون عند سرير نومهم بصيدلية كاملة من حبوب الضغط والسكر والبروستاتا والقلب، وقطرات العين وغيرها من الأدوية.. ورغم ذلك فهي لم تكشف لنا عن اسم أو دولة الزعيم.. لكنها قلبت الدنيا تباهياً، عندما مات هذا (الأمير) العربي الذي كان عمره 88 عاماً، ولديه تسع عمليات جراحية ..!
كما وجدت أن هذه المنجمة قد تفلح أحياناً، وبالصدفة فقط، في توقع أمر ما، فتهرع لإعلان ما توقعته بفخر، وهو أمر لم يحدث إلا بالصدفة كما ذكرت، لكنها لا تنشر طبعاً مئات التوقعات التي أطلقتها ولم تتحقق قط !! وهنا أتذكر فيلماً سينمائياً يظهر فيه أحد الشبان المتمردين على الكنيسة، وهو يقف أمام القس في احدى الكنائس الأيرلندية، فيسأله القس قائلاً: لماذا لا تعترف يا بُني بالكنيسة، ولا بالعطايا والكرامات الإعجازية التي تحققها لمن يطلبها من الناس ؟

ثم التفت القس نحو لوحة معلقة في واجهة الباب الرئيسية وهو يقول:

أنظر يا ولدي لهذه اللوحة ودقق بالصور التي فيها.. إنها صور لعشرات الذين دعوا الرب، وتقدموا اليه بمطالب عن طريق الكنيسة، وقد استجاب لها الرب، وتم تحقيقها ..

فابتسم الشاب، وقال للقس: لكنكم يا أبانا لم تعلقوا صور الآلاف من الاشخاص الذين دعوا الرب عن طريق الكنيسة أيضاً، ولم يتحقق دعاؤهم، أو يُستجب لطلباتهم !!.

فالح حسون الدراجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات قلت لها

إقرأ أيضاً:

الوحش الذي أرعب العالم: من هو محمد شريف الله الذي أعلن ترامب عن اعتقاله أمس

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب (وكالات)

في حدثٍ مفاجئ أثار تساؤلات كثيرة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطابه أمام الكونغرس مساء الثلاثاء، عن خبر اعتقال "الوحش" محمد شريف الله، المسؤول عن التفجير المدوي الذي هزّ العاصمة الأفغانية كابل في عام 2021، والمشهور بتفجير "آبي غيت".

لكن من هو محمد شريف الله، ولماذا أطلق عليه ترامب هذا اللقب المثير؟

اقرأ أيضاً الريال اليمني يغرق في تراجع مستمر: آخر تحديث لأسعار الصرف اليوم الأربعاء 5 مارس، 2025 تصعيد غير متوقع: البيت الأبيض يقوم بهذا الإجراء ضد أوكرانيا بعد مشادة حادة بين ترامب وزيلينسكي 5 مارس، 2025

وفي حديثه أمام الكونغرس، كشف ترامب عن عملية ترحيل محمد شريف الله إلى الولايات المتحدة، حيث سيُحاكم على خلفية تورطه في الهجوم الدامي.

وقال الرئيس الأمريكي إن شريف الله، الذي يُعتقد أنه أحد القياديين البارزين في تنظيم "داعش" الإرهابي في أفغانستان وباكستان، قد ألقي القبض عليه بفضل تعاون الاستخبارات الأمريكية مع السلطات الباكستانية.

 

الاعتقال الذي أربك الجميع:

تحدثت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن التهم الموجهة لشريف الله، والذي كان يشغل دورًا رئيسيًا في التخطيط للهجوم الذي وقع بالقرب من بوابة "آبي غيت" أثناء عمليات الإخلاء الأمريكي من أفغانستان في صيف 2021.

وبحسب الصحيفة، فقد تم اعتقاله بناءً على معلومات استخباراتية دقيقة من وكالة الاستخبارات الأمريكية، التي وجهت اتهامات رسمية له تتعلق بتورطه في التفجير، الذي أسفر عن مقتل 13 جنديًا أمريكيًا و170 من المدنيين الأفغان.

ووصف ترامب محمد شريف الله بـ"الوحش"، في إشارة إلى حجم الدمار الذي تسبب به الهجوم الذي أودى بحياة العديد من الجنود والمدنيين. وأكد أن شريف الله سيواجه العدالة قريبًا في محكمة أمريكية.

ولطالما كان هذا الهجوم من أكثر الهجمات دموية التي حدثت أثناء عملية الإخلاء، مما جعله يشكل نقطة تحول في تاريخ الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.

 

اتهامات خطيرة:

تتهم الولايات المتحدة شريف الله بلعب دور رئيسي في التخطيط والتنفيذ للهجوم الذي وقع في "آبي غيت" خلال الانسحاب العسكري الأمريكي من أفغانستان.

وكان الهجوم بمثابة الضربة القاصمة للمشروع الأمريكي في المنطقة، حيث ألقت بظلالها الثقيلة على العملية العسكرية في وقت حساس.

 

من هو محمد شريف الله؟:

محمد شريف الله، المعروف أيضًا باسم "جعفر"، يعد أحد أبرز قادة تنظيم "داعش" في أفغانستان وباكستان.

عمل في العديد من العمليات الإرهابية الكبرى التي استهدفت المصالح الغربية والسلطات المحلية في المنطقة.

مع تصاعد العمليات الإرهابية التي خطط لها، أصبح شريف الله أحد الأهداف الرئيسية للقوات الاستخباراتية الأمريكية.

 

نهاية لرحلة من الإرهاب؟:

الاعتقال والتسليم المتوقع لمحمد شريف الله يمثل تطورًا بارزًا في مكافحة الإرهاب، ويُعتبر بمثابة نقطة تحول في الحرب ضد "داعش" في المنطقة. إلا أن السؤال الأهم يبقى: هل سيشكل محاكمته بداية لمرحلة جديدة في محاسبة الإرهاب العالمي، أم أن هناك مفاجآت أخرى في انتظارنا؟.

مقالات مشابهة

  • ما الذي منحه الإسلام للمرأة وكيف حالها في ظلِّه؟
  • مدير أمن محافظة اللاذقية لـ سانا: المجموعات المسلحة التي تشتبك معها قواتنا الأمنية في ريف اللاذقية كانت تتبع لمجرم الحرب “سهيل الحسن” الذي ارتكب أبشع المجازر بحق الشعب السوري
  • مصدر أمني باللاذقية لـ سانا: مجموعات من فلول ميليشيات الأسد قامت أيضاً باستهداف سيارات الإسعاف التي حاولت إجلاء المصابين قرب بلدة بيت عانا بريف اللاذقية
  • بين جحيم ترامب، وتهديد حميدتی!!
  • من هو ملك الجن الأحمر الذي يحارب صابر في مسلسل المداح؟ 5 آيات تحفظك من شره
  • الوحش الذي أرعب العالم: من هو محمد شريف الله الذي أعلن ترامب عن اعتقاله أمس
  • 62.7% حصة آسيا من الشركات متعددة الجنسيات التي استقطبتها غرفة دبي العالمية في 2024
  • طارق لطفي: معجبة لمست شعري أمام زوجتي.. وكانت جرأة شديدة منها
  • الزعيم الروحي للدروز: مشروعنا سوري وطني ولا نسعى للانقسام
  • الغريب عبد الله قاضي… حين يموت الكبار في صمت الصغار