لجريدة عمان:
2024-10-03@12:57:12 GMT

لا حل إلا محادثات سلام بمشاركة حماس

تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT

بعد ما قامت به حماس في السابع من أكتوبر وانتقام بنيامين نتانياهو المروع في غزة، لا بد من ذكر بعض الحقائق بعد طول صمت. أولًا، إسرائيل لن تقوم بـ«تدمير حماس» -مصداقا لوعد زعمائها- ولا حتى من خلال تدمير غزة.

بالرغم من أن إسرائيل تضر بحماس عسكريا، ولعله ضرر كبير، بالقضاء على كثير من أنفاقها وفرار مقاتليها، فحماس حركة وأيديولوجية ساعد تطرف نتانياهو -من أوجه كثيرة- في ترويجها.

لقد أحبطت حكومات إسرائيلية يمينية مفاوضات جادة مع الحزب الفلسطيني الأكثر «اعتدالا»، أي حركة فتح التابعة للراحل ياسر عرفات، وذلك منذ قمة كامب ديفيد سنة 2000، أي قبل أكثر من عشرين سنة. ودأبوا على قمع سكان غزة، وفرض حالة حصار شبه مستمرة عليهم. فهل من المفاجئ حقا أن كثيرا من الفلسطينيين تحولوا في يأس إلى البديل المتطرف المتمثل في حماس؟

لا بد أن يكون الدرس الذي يستخلص من كل الصراعات الحديثة هو أن عجز الأقوياء عن رفع الظلم والتفاوض وصولا إلى حل هو الذي يذكي التطرف. ومثلما يتبين من تاريخ بريطانيا السافر في أيرلندا الشمالية، حينما تفشل السياسة، يملأ العنف الفراغ.

لقد ظلت الحكومات البريطانية على مدار عقود ترفض التفاوض رسميا مع الجيش الشعبي الأيرلندي بسبب أعماله الإرهابية. ثم لما تفاوضوا أخيرا، نتج عن هذا اتفاق الجمعة العظيمة عام 1998. وبرغم مرارة الدواء الأليمة التي أعجزت الوحدويين عن تجرعه، فقد لقي الاتفاق دعما من رئيس الولايات المتحدة، ورئيس وزراء المملكة المتحدة، ورئيس الاتحاد الأوروبي، لكن خلفاءهم جميعا نسوا في ما يبدو الدرس المستفاد.

فيما يتعلق بالفكرة التي يروج لها زعماء شمال العالم وهي أن المفاوضات الوحيدة المقبولة هي التي تجري مع السلطة الفلسطينية فاقدة المصداقية في الضفة الغربية، فذلك أيضا لن ينجح. وحكومات شمال العالم لديها تاريخ طويل من المحاولة والفشل في تعزيز «المفضلين» لدى الشعوب المطالبة بحق تقرير المصير ليكونوا ممثلين لهم. ولا بد من احتواء حماس بطريقة أو بأخرى.

ففي النهاية، لا بد أن يكون الحل سياسيا. والفلسطينيون من أي طيف سياسي لا يمكن أن يلحقوا الهزيمة بإسرائيل عسكريا، ولكن إسرائيل أيضا لا يمكن أن تلحق بالفلسطينيين الهزيمة عسكريا. ومثلما كتب جوناثان باول -رئيس الأركان السابق في عهد توني بلير- في كتابه «الحديث إلى الإرهابيين»، لا يمكن لمثل هذه الصراعات أن تحل إلا بالتفاوض. وبرغم مواقفهم المعلنة، فقد انخرط نتانياهو وجو بايدن وريشي سوناك مع حماس في التفاوض على الرهائن وإطلاق سراح الأسرى، وإن تم أغلب ذلك من خلال قطر.

غير أن قادة إسرائيل اليمينيين رفضوا التفاوض، وبدلا منه انهمكوا في تحويل الفلسطينيين إلى أتباع محتلين. فالضفة الغربية، التي لا تدير «فتح» منها غير جزر صغيرة فيها (لكنها عمليا خاضعة لسيطرة إسرائيل) تحتوي حاليا قرابة نصف مليون مستوطن، والقدس الشرقية فيها قرابة ربع مليون مستوطن إسرائيلي. وقادة الشمال العالمي اليوم يفركون أيديهم قلقا، ويشيرون إلى أن هذه المستوطنات غير قانونية، لكنهم لا يفعلون حيالها شيئا، ويتسامحون مع المزيد من المستوطنين، وكذلك مع الحصار الطويل، وحاليا يتسامحون مع التدمير شبه الكامل لغزة.

فما الذي جنته إسرائيل من ذلك كله؟ لا مزيد من الأمن بل العكس، وذلك ما لعل «مذبحة» السابع من أكتوبر قد أظهرته. لقد فشل حكام إسرائيل اليمينيون فشلا ذريعا في حماية مواطنيهم، وبما يمارسونه من أهوال عديمة الرحمة في غزة، فإنهم يعرضون حياتهم لمزيد من الخطر.

لقد أصاب مستشار حكومة حزب العمل الإسرائيلية السابق دانيال ليفي حين قال أخيرا في حوار تليفزيوني: إن «الإسرائيليين لا يمكن أن ينعموا بالأمن ما لم ينعم الفلسطينيون بالأمن. والمعادلة التي يمكنكم من خلالها فرض نظام أصيل العنف على شعب آخر، وتنكرون على شعب آخر حقوقه الأساسية، وتعيشون منعمين بأمنكم، هي معادلة غير ناجحة أبدا... لأنكم حينما تقهرون شعبا، تعلمون في قرارة أنفسكم أنكم تولِّدون فيه رغبة الانتقام، فلا يكون بوسعكم أن تناموا آمنين بليل».

بالطبع، قد تتلخص الأجندة الحقيقية للحكومة الإسرائيلية الحالية بدفع الفلسطينيين من الأراضي إلى الأردن ومصر. والرفض القاطع الأخير لحل الدولتين من سفير نتانياهو لدى المملكة المتحدة ما هو إلا تكرار لما سبق أن قاله هو وآخرون في الحكومة: لا لحل الدولتين، وإنما هيمنة إسرائيلية دائمة، وتصعيد للعنف والاضطراب في المنطقة.

من المؤكد أن الهدف يجب أن يظل هو الأمن لإسرائيل وحق تقرير المصير للفلسطينيين. ولو أن حل الدولتين لم يعد قابلا للتطبيق، فماذا عن شكل ما من دولة كنفدرالية؟ دولة يكون للفلسطينيين فيها حكم ذاتي ولإسرائيل أن تنعم بالأمن؟

بدلا من أن يتواطأ الرؤساء ورؤساء الوزراء في العواصم واشنطن، ولندن، وأوروبا على الفشل الذريع، يجب أن يدعموا قمة إقليمية تضم إسرائيل ومصر والمملكة العربية السعودية، ونعم، إيران أيضا، مع الأردن وقطر والإمارات العربية المتحدة. فلن يتحقق استقرار كامل للمنطقة ما لم يجر احتواء جميع الأطراف.

منذ رئاسة باراك أوباما لم يكن من دور للدبلوماسية الجادة والاشتراك الحقيقي. ومثلما كتب جون كيري مبعوث أوباما في سيرته الذاتية: «في السياسة الخارجية نادرا ما يتوافر تركيز كاف على مخاطر التقاعس عن العمل. ويصدق هذا بصفة خاصة على السلام في الشرق الأوسط».

إنني أكتب هذه السطور من كيب تاون حيث يشعر أبناء جنوب إفريقيا بمختلف أعراقهم وعقائدهم بازدراء تام لما يرونه ازدواجا عميقا في المعايير لدى قادة شمال العالم، إذ يرغبون في دعم حق تقرير المصير لأوكرانيا، لكنهم متواطئون في إنكار ذلك نفسه على الفلسطينيين ويتحملون مسؤولية أهوال غزة. إن الانقسام السياسي مع الجنوب العالمي يتعمق، وسوف يكلف واشنطن ولندن وبروكسل الكثير، وسوف تزداد التكلفة بازدياد اضطراب العالم.

في الوقت نفسه، فإنني أبقى صديقا لإسرائيليين وفلسطينيين. فلا أبيع بهذا أيا منهم، وإنما هو إدراك مني لأن لهم مستقبلا مشتركا، أو لأنهم يواجهون انعدام المستقبل، وعليهم أن يوجدوه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: لا یمکن

إقرأ أيضاً:

إضراب عمال الموانئ الأمريكية: كيف يمكن للرئيس بايدن تعليقه؟

حث عدد من المصنعين وتجار التجزئة الرئيس الأمريكي جو بايدن على استخدام قانون صدر عام 1947 كوسيلة لتعليق إضراب 45,000 عامل في الموانئ، والذي أدى إلى إغلاق 36 ميناءً أمريكيًا من ولاية ماين إلى ولاية تكساس.

اعلان

وعلى الرغم من الضغط الذي مارسته الرابطة الوطنية للمصنعين والاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة، إلا أن الرئيس أكد أنه لا ينوي محاولة تعليق إضراب عمال الموانئ على السواحل الشرقية والخليجية.

وقال بايدن يوم الأربعاء، قبل مغادرته قاعدة أندروز المشتركة للقيام بجولة جوية في ولاية كارولينا الشمالية لمشاهدة الدمار الذي خلفه إعصار هيلين، إن إضراب الموانئ يعرقل الجهود المبذولة لتوفير مواد الطوارئ لجهود الإغاثة.

وأضاف الرئيس: ”هذه الكارثة الطبيعية ذات عواقب وخيمة للغاية“. وآخر ما نحتاجه فوق ذلك هو كارثة من صنع الإنسان"، مشيراً إلى أن الشركات التي تسيطر على موانئ الساحل الشرقي والخليج قد حققت أرباحًا ضخمة منذ الجائحة.

قانون علاقات إدارة العمل لعام 1947، المعروف باسم قانون تافت-هارتلي، يسمح للرئيس بالسعي للحصول على أمر من المحكمة يقضي بفترة تهدئة تصل إلى 80 يومًا، لكي يتاح خلالها للشركات والنقابات أن يحاولوا حل خلافاتهم. ومع ذلك، قال بايدن إنه لن يتدخل في الإضراب.

الحد من سلطة النقابات

القانون الذي قدمه اثنان من الجمهوريين، هما: السيناتور روبرت تافت من أوهايو والنائب فريد هارتلي جونيور من نيوجيرسي، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بعد سلسلة من الإضرابات في عامي 1945 و1946 من قبل العمال الذين طالبوا بتحسين الأجور وظروف العمل بعد الحرمان في زمن الحرب.

وقد أبطل الكونغرس حينئذ حق النقض الذي استخدمه الرئيس الأمريكي هاري ترومان قانون تافت-هارتلي، ضد القانون.

وبالإضافة إلى تفويض الرئيس بالتدخل في الإضرابات، يحظر القانون ”المتاجر المغلقة“ التي تتطلب من أصحاب العمل توظيف العمال النقابيين فقط. ويسمح الحظر للعمال برفض الانضمام إلى نقابة.

إضراب خارج بوابة فيرجينيا الدولية في بورتسموث، فيرجينيا، الثلاثاء 1 أكتوبر 2024. Billy Schuerman/The Virginian-Pilot

كما يحظرقانون تافت-هارتلي أيضًا ”المقاطعة الثانوية“، مما يحظر على النقابات الضغط على الشركات المحايدة لوقف التعامل مع صاحب عمل مستهدف في الإضراب. كما يلزم قادة النقابات بالتوقيع على إقرار خطي يعلنون فيه عدم دعمهم للحزب الشيوعي.

تعليق إضراب العمال

يمكن للرئيس تعيين مجلس تحقيق لمراجعة وكتابة تقرير عن النزاع العمالي، ومن ثم توجيه المدعي العام ليطلب من المحكمة الفيدرالية تعليق إضراب العمال أو إغلاق الإدارة.

وإذا أصدرت المحكمة أمرًا قضائيًا، فإن ذلك يعني أن تبدأ فترة تهدئة مدتها 80 يومًا. وخلال تلك الفترة، يجب على الإدارة والنقابات ”بذل كل جهد ممكن لضبط خلافاتهم وتسويتها". ومع ذلك، فلا يمكن للقانون واقعيا إجبار أعضاء النقابات على قبول عرض العقد.

إضراب خارج بوابة فيرجينيا الدولية في بورتسموث، فيرجينيا، الثلاثاء 1 أكتوبر 2024. Billy Schuerman/The Virginian-Pilotاللجوء سابقاً إلى قانون تافت-هارتلي

ووفقًا لدائرة أبحاث الكونغرس، فإن حوالي نصف المرات التي لجأ فيها الرؤساء إلى المادة 206 من قانون تافت-هارتلي استطاع الأطراف تسوية خلافاتهم.

Relatedالإعصار هيلين يخلّف عشرات القتلى في الولايات المتحدة ويترك الملايين دون كهرباءالولايات المتحدة تعلن عن تخصيص 424 مليون دولار كمساعدات إنسانية للسودانالولايات المتحدة: إعصار هيلين يتحول إلى عاصفة استوائية ويخلف دمارا واسعا في ولاية جورجيا

وقد لجأ الرئيس جورج بوش إلى تافت-هارتلي في عام 2002 بعد أن أغلق 29 ميناء على الساحل الغربي أعضاء الاتحاد الدولي للموانئ والمستودعات في مواجهة مع العمال.

المصادر الإضافية • AP

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية حالات الانتحار في الولايات المتحدة تبلغ أعلى معدل لها منذ العام 1941 بعد البقاء في الفضاء لأكثر من عام.. سويوز تهبط في كازاخستان حاملة روادا من روسيا والولايات المتحدة الولايات المتحدة تعترف بعدم إمكانية التوصل لوقف إطلاق النار في غزة قبل انتهاء ولاية بايدن موانئ الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن النقابات العمالية إضراب القانون اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next

مقالات مشابهة

  • كيف يمكن تطوير الابتكار في العالم العربي؟ خبراء يجيبون الجزيرة نت
  • إضراب عمال الموانئ الأمريكية: كيف يمكن للرئيس بايدن تعليقه؟
  • حماس: النار التي تشعلها إسرائيل ستحرقها
  • المملكة تستعد لإطلاق ملتقى الصحة العالمي بمشاركة 70 دولة و 500 خبير
  • حماس: المجازر الصهيونية التي تدعمها أمريكا لن تضعف عزيمة وصمود ‏شعبنا
  • منتخب اليابان يشارك في أبوظبي “جراند سلام” للجودو
  • سلام الميركافا.. هل يقود نتنياهو جيشه إلى إيران؟
  • بيان جديد بشأن مراكز الايواء التي يمكن أن تستقبل النازحين
  • انتقام منتظر.. كيف يكون الرد الإيراني على الضربات لحزب الله؟
  • كيف يمكن إنجاح السياسة الصناعية الأوروبية؟