إسرائيل وتغيير قواعد الاشتباك
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
كان واضحًا أن ثمة تداعيات كثيرة محتملة لاتساع نطاق الحرب التي تدور في غزة منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وحينما ذكر القادة العسكريون الإسرائيليون، بأن الحرب قد تطول وتستغرق طوال العام 2024 كان ذلك إشارة واضحة على نية الإسرائيليين البحث عن نطاق غير تقليدي لتوسيع الحرب، وذلك بالتفكير في الخروج عن قواعد لعبة الحرب سواء عبر العنف المبالغ فيه والمميت، كالقتل الوحشي الذي يحدث للفلسطينيين بمعدلات غير مسبوقة بلغت حدًا للقتل شمل 250 قتيلًا فلسطينيا قي اليوم الواحد، أو عبر البحث عن مخرج آخر للحرب التي تورطت فيها إسرائيل وعجزت أدواتها العسكرية عن إحداث أي اختراق كبير فيها.
لذا فإن اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في لبنان يوم أمس صالح العاروري هو شكل من أشكال البحث عن توسيع لنطاق الحرب مع لبنان عبر تغيير قواعد الاشتباك المعروفة بين إسرائيل وحزب الله، وهي قواعد كانت تضيق يومًا بعد يوم عن حدودها المرسومة.
وفي ظل توعّد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله بأن أي تغيير في قواعد الاشتباك كاغتيال مسؤول سياسي لحماس في بيروت، سيؤدي إلى تعامل مختلف من طرف حزب الله مع إسرائيل، نتصور أن حرب إسرائيل قد دخلت مرحلة إقليمية جديدة، وربما تكون مؤشرًا خطيرًا لاتساع نطاق الحرب ضمن البحث عن حلول غير تقليدية بعد أن انسدت الحلول القتالية لإسرائيل بمرور ثلاثة أشهر تقريبًا من اجتياح قطاع غزة بأكثر من ثلاثين ألف جندي إسرائيلي.
وفيما تحاول إسرائيل سحب جنود الاحتياط بعد فشلها -حتى الآن على الأقل- في حربها مع حماس، وبعد تعثر التسوية الجديدة لتبادل الأسرى ومحاولات وقف إطلاق النار، ترى إسرائيل، في الوقت ذاته، أن خبر سحب حاملة الطائرات الأمريكية من الشرق الأوسط مؤخرًا، خبر غير سار بالنسبة لها، كما ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الأمر الذي ينحو بإسرائيل إلى محاولات البحث غير التقليدية عن توسيع نطاق الحرب لتوريط المنطقة وخلط أوراق كثيرة إقليميًا ودوليًا، لتضمن إسرائيل بذلك إمكانية لخروج غير تقليدي من مأزق غزة.
تدرك إسرائيل التداعيات الاقليمية لحرب غزة، وما تعكسه نظرية «وحدة الساحات» التي تقول بها إيران، وإن كانت حتى الآن في حدود مضبوطة ومتحكم عليها، لكن مع تورط إسرائيل أكثر في مأزق غزة لن يكون أمامها إلا البحث عن ذلك الطريق لتغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله، من ناحية، وترك الأمور بعد ذلك للتداعيات الاقليمية الخطرة التي يمكن أن تنشأ من تغيير قواعد الاشتباك.
كما تدرك إسرائيل تورط أمريكا، بصورة أو أخرى، معها في الحرب، بحسب تداعيات نظرية « وحدة الساحات» الإيرانية التي انعكست آثارها في حوادث كثيرة تعرضت لها قوات وقواعد أمريكية في المنطقة.
لطالما ذكرنا أكثر من مرة بأن هوية هذه الحرب الجديدة التي انطلقت منذ يوم 7 أكتوبر الماضي 2023 بعملية طوفان الأقصى تعتبر تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، وهذا ما أكده وزير الدفاع الاسرائيلي قبل يومين حين قال: «إن بقاء إسرائيل في الشرق الأوسط رهين بنجاحها في هذه الحرب» وفي تقديرنا أن هذا التصريح الخطير لوزير الدفاع الإسرائيلي جالانت يعكس إلى أي مدى يمكن أن تورط إسرائيل المنطقة والولايات المتحدة والعالم في هذه الحرب.
كان واضحًا أن القضية الفلسطينية بوصفها قضية ضمير عالمي، لا يمكن أبدًا تطوى في النسيان، وكل الحلول التي كان يتم طرحها في مبادرات السلام المختلفة كانت تتعثر بغطرسة فائض القوة الإسرائيلية، حتى بلغت تلك الغطرسة حدودًا حاول معها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلغاء دور منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة متصورًا أن العلاقة الصراعية مع حماس علاقة يمكن التحكم فيها، بحسب موازين القوى بين الطرفين، من ناحية، واستغلالها من ناحية أخرى لتصفية القضية الفلسطينية بحجة غياب الشريك الصالح لعملية التسوية!
لكن ما غاب عن مخططات اليمين الديني المتطرف في تصورات نتانياهو هو أن طبيعة هذه القضية الفلسطينية ستظل تفاجئ إسرائيل دائمًا بمفاجآت غير سارة، وأسوأ المفاجآت التي لم يتخيلها لا نتانياهو ولا حكومته، بل ولا حتى جهاز الأمن الإسرائيلي؛ هو ذلك التحول الخطير لتغيير قواعد الصراع والسلاح في الطريقة التي فاجأت بها حماس إسرائيل عبر عملية طوفان الأقصى!
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قواعد الاشتباک نطاق الحرب البحث عن
إقرأ أيضاً:
هل تستأنف إسرائيل الحرب؟ آمال معلقة على ويتكوف وصبر حتى يستلم زامير رئاسة الأركان
في خضم التوتر السياسي والعسكري حيال مستقبل الهدنة في غزة، نقلت صحيفة "هآرتس" عن مصدر إسرائيلي أمني علّق على زيارة مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، هذا الأسبوع، بالقول إنها قد "تنقذ المفاوضات". مع هذا لا يزال الخيار العسكري مطروحًا على الطاولة بشكل جدي، لكنه رهن بعدة عوامل بحسب المسؤول.
بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير، ثماة خشية من اسئناف الدولة العبرية للحرب على غزة بعد أن قررت قطع المساعدات. إذ قال مصدر لـ"هآرتس" إن المؤسسة الأمنية تستعد لاستئناف العمليات العسكرية، وهي خطوة ترضي الأوساط اليمينية الرافضة للسلام مع حماس، حسب الصحيفة.
هذا وقد واجهت إسرائيل انتقادات حادة بعد قرارها وقف إدخال جميع المساعدات إلى غزة، معيدة الشاحنات من مصر أدراجها.
ورغم التلويح بالخيار العسكري، لا يزال موعد "استئناف" تل أبيب للحرب على غزة محل نقاش، لكونه مرتبطًا بعدة عوامل داخلية وخارجية، منها قرار إسرائيل بالصبر على المسار الدبلوماسي أملًا في حدوث اختراقات، وضمان إعادة ترتيب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بعد مغادرة رئيس الأركان هيرتسي هاليفي لمنصبه، كما هو مقرر في 6 مارس/آذار المقبل.
حيث قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن الوسطاء طالبوا ببضعة أيام قبل استئناف الحرب، فهم يعتقدون أنهم قادرون على دفع حماس إلى تسوية، وهو ما وافقت عليه تل أبيب، وفقًا للإعلام العبري.
كما نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن وزير الطاقة إيلي كوهين قوله إن "إمكانية العودة للحرب مطروحة لكن ذلك ليس هدفنا".
وأضافت "يديعوت أحرونوت" أنه "لا يُتوقع" استئناف القتال على الأقل خلال الأسبوع المقبل، لأن تل أبيب، حسب الصحيفة، تريد أن تترك مجالًا لرئيس الأركان المقبل، إيال زامير، ليقوم بمهامه ويثبت نفسه، خاصة وأن لدى زمير جدول أعمال مزدحم. إذ نقلت القناة 12 الإسرائيلية أنه سيطرد عددًا من قادة الجيش بمجرد توليه منصبه هذا الأسبوع، ومنهم قادة سلاح الجو والجبهة الداخلية والعمليات والاستخبارات.
في هذا السياق، تستمر إسرائيل بالضغط على حماس لقبول مقترح ويتكوف حيال هدنة مؤقتة في شهر رمضان، مستعملة الموضوع الإغاثي والإنساني كورقة لصالحها، بحيث نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مصادر إسرائيلية قولها إنه إذا لم تطلق حماس مزيدًا من "الرهائن" فإن إسرائيل ستقطع الماء والكهرباء عن القطاع.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد صرّح يوم الأحد أن حماس لن تتمكن من الاستفادة مجددًا من المساعدات الإنسانية أو وقف إطلاق النار كما كان الوضع في المرحلة الأولى من الاتفاق، ما لم تفرج عن الرهائن الإسرائيليين، على حد قوله.
وفيما أرضت التهديدات الإسرائيلية الأوساط اليمينية، أثار أداء حكومة تل أبيب قلق عائلات الأسرى التي تظاهرت ضد القرار، إذ نقلت إذاعة الجيش عن والد أسير في غزة قوله إنه من "المؤسف أن تعلق أسر الرهائن آمالها على الأمريكيين والحكومات الأجنبية لا على حكومتها"، مشيرًا إلى أن القوة التي تمارسها دولته قد تكلفهم حياة هؤلاء، وهو ما حدث سابقًا، على حد قوله.
هآرتس: "إسرائيل تلعب دور الضحية ونتنياهو يعزز مكانة سموتريتش"من جهتها، قالت "هآرتس" إن الحكومة الإسرائيلية خرقت الاتفاق مع حماس، الذي جرى توقيعه في الدوحة في 17 يناير، والآن تتهم الحركة وتلعب دور الضحية، مشيرة إلى أن "التصعيد والاستفزازات من خلال النزاعات حول نهج تتبعه إسرائيل"، ومنها عندما قامت حكومة غولدا مئير بخرق الهدنة مع مصر في سيناء، وهو ما أسفر عن مقتل 80 جنديًا وإصابة 120 آخرين.
وأردفت الصحيفة أن نتنياهو بهذه الخطوة يهتم فقط بالبقاء في الحكم، ويسعى لكسب رضا قاعدته السياسية، لاسيما اليمين، كما يريد تعزيز مكانة وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش، وهو ما يمكن أن يودي بالاتفاق إلى التهلكة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية انخفاض طلبات اللجوء إلى أوروبا بنسبة 11% في 2024 لكن العدد تجاوز المليون مظاهرات حاشدة في أوكرانيا تطالب بالإفراج عن أسرى الحرب المحتجزين لدى روسيا مزاد السيجار الكوبي يحطم الأرقام القياسية: 18.6 مليون دولار في نسخته الـ25 حركة حماسغزةإسرائيلقطرحروببنيامين نتنياهو