«النقد»: نمو اقتصادي قوي في القطاعات غير النفطية خليجياً العام الجاري
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
دبي: «الخليج»
كشف المنتدى الاستراتيجي العربي عن أن التوقعات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2024، يغلب عليها التفاؤل والإيجابية، حيث تؤكد المؤشرات مواصلة دول هذه المنطقة العمل على تعزيز النمو الاقتصادي، وتراجع التضخم، برغم استمرار حالة عدم اليقين حول تداعيات المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن النزاعات في الإقليم والعالم.
ورصدت جلسة «حالة العالم العربي اقتصادياً في 2024»، والتي تحدث فيها الدكتور جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وأدارتها صبا عودة مذيعة قناة الشرق مع بلومبيرغ، أبرز الظروف والتأثيرات في اقتصادات المنطقة خلال عام 2023، وأهم السياسات والإجراءات الفاعلة الواجب اتباعها لضمان استمرار النمو.
توقعات قصيرة المدى.
وأكد الدكتور جهاد أزعور أن التوقعات قصيرة المدى لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2024، تحمل الكثير من الإيجابية، نظراً للنمو القوي في قطاعاتها غير النفطية، وذلك رغم أن التوقعات تميل إلى تباطؤ النمو في معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال 2023، قبل أن تعود إلى التحسن بشكل طفيف في 2024، إضافة إلى مؤشرات على وصول التضخم إلى ذروته العام الماضي في معظم دول المنطقة، ليعاود الانخفاض بعد ذلك.
وتابع: «نحن نعيش في مرحلة التحالفات الكبرى ودول الخليج العربية بصفة خاصة شريك أساسي فيها، وقد منح حرصها على المشاركة في التحالفات الاقتصادية الكبرى مثل بريكس، القدرة على المساهمة في ترك بصمة في التحولات الاقتصادية الجديدة، وقد ساهمت دول الخليج بنحو 50 مليار دولار خلال الأعوام الماضية في اقتصاديات الدول المجاورة في الوقت الذي بلغت فيه مساهمات صندوق النقد الدولي في الفترة نفسها نحو 35 مليار دولار، والعالم يريد من الدول العربية بصفة عامة أن تكون شريكاً أساسياً في هذه التحولات».
سياسة نقدية متشددة.
وفيما يتعلق بالقطاع المالي، قال الدكتور جهاد أزعور إن أسعار الفائدة استمرت في الارتفاع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2023، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في عام 2022. ونتيجة لذلك، ستظل السياسة النقدية متشددة بشكل عام في غالبية دول المنطقة، ولكن ليس في جميع البلدان. وبمقارنة أسعار الفائدة الاسمية مع تقديرات سعر الفائدة الطبيعي، هناك حاجة إلى مزيد من التشديد للسيطرة على ديناميكيات الأسعار في بعض الدول العربية.
وأشار إلى أن تدفقات رأس المال إلى المنطقة شهدت انتعاشاً في أول شهرين من العام الماضي، كما عادت التدفقات إلى المنطقة في أعقاب الاضطرابات المالية العالمية في مارس، على عكس الأسواق الناشئة الأخرى، وإن كان بوتيرة أبطأ بكثير مما كانت عليه في عام 2022، وفي أعقاب النزاع في غزة، كانت هذه المعدلات في اتجاه نزولي تسارع مع الأزمة، ولكنها عادت بعد ذلك إلى مستويات ما قبل النزاع.
وأوضح الدكتور جهاد أزعور أن النزاع في غزة، لم يكن له تأثير يذكر في قطاع النفط والغاز، بينما كان له تأثير سلبي في قطاعات السياحة في الاقتصادات المجاورة، حيث تتعرض عائدات السياحة، وهي صادرات مهمة للعديد من اقتصادات المنطقة، للخطر وسط مخاوف السفر. وشكلت السياحة ما بين 5 %– 20% من الناتج المحلي الإجمالي في جميع بلدان المنطقة قبل وباء كورونا.
وتابع: أثرت وتيرة الأزمة في الحركة التجارية، حيث إن هناك تراجعاً شهدته المنطقة خلال الفترة الماضية، إذ تراجعت حركة التجارة في قناة السويس بنحو 15% وهي نسبة كبيرة بالمقارنة مع العام الماضي، كما ساهمت الأزمة في زيادة كلفة التصدير، مشيراً إلى أن سوريا والأردن ومصر تعتبر أكثر الدول تضرراً من استمرار الحرب في غزة.
ولفت إلى أن قطاع النفط في المنطقة شهد صدمات كثيرة خلال الفترات الماضية، لكن أثبتت دول الخليج العربي قدرتها الكبيرة على التكيف السريع ومواجهة كافة المخاطر التي قد تؤثر في توريد النفط.
وأكد أن الاقتصاد العالمي يعيش حالة من التحسن التدريجي البطيء، مشيراً إلى أن هناك عدداً من التحديات التي يواجهها، منها التحول نحو التكنولوجيا والتحول البيئي وتغير التكتلات الاقتصادية الناتجة عن النزاعات الجيوسياسية، لافتاً إلى أن عام 2024 يعتبر عام التحول على مستوى المنطقة والعالم.
وشدد على أن دول الخليج العربية باتت تلعب دوراً كبيراً على المستوى الاقتصاد العالمي، حيث باتت أكثر قدرة على ترسيخ عملية الانفتاح الاقتصادي وبناء اقتصادات نشيطة، بالاعتماد على ما تمتلكه من بنية لوجستية متطورة.
تحديات طويلة الأمد.
وبالنسبة للتحديات طويلة الأمد، قال الدكتور جهاد أزعور إن هذه التحديات لا تزال قائمة، ما يؤدي إلى ارتفاع التضخم ومعدلات البطالة وانخفاض الإنتاجية، ومع استثناءات قليلة، لم يُترجم التعافي منذ الجائحة إلى خلق فرص عمل ملموسة وانخفاض البطالة، مع بقاء البطالة في بعض أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى مما كانت عليه في عام 2019، وهذا أمر بالغ الأهمية بالنظر إلى الحاجة الملحة إلى خلق فرص عمل للعمالة سريعة النمو، إذ سيصل أكثر من 100 مليون شاب في المنطقة إلى سن العمل خلال السنوات العشر المقبلة.
وشدد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي على ضرورة مسارعة متخذي القرار إلى إقرار وتنفيذ إصلاحات بنيوية، تكفل استمرار النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة والجاهزية على مواجهة التحديات، خصوصاً مع ميل الكفة إلى استمرار حجم المخاطر والبيئة العالمية الأكثر عرضة للتقلبات والصدمات.
ودعا الدكتور جهاد أزعور إلى تسريع العمل على تنويع الاقتصاد وتهيئة البيئات الاقتصادية التي تشجع الاستثمار الخاص، وتنفيذ الإصلاحات الرامية إلى تحسين مؤشرات الحوكمة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات صندوق النقد النفط الشرق الأوسط وشمال إفریقیا دول الخلیج إلى أن فی عام
إقرأ أيضاً:
بحضور خالد عكاشة.. معرض الكتاب يناقش إعادة هيكلة: معادلة توازن القوى في الشرق الأوسط
شهدت قاعة "فكر وإبداع" ببلازا 1 ضمن محور "كاتب وكتاب" بفعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ56، ندوة لمناقشة كتاب "إعادة هيكلة: معادلة توازن القوى في الشرق الأوسط" للدكتورة دلال محمود مدير برنامج قضايا الأمن والمناخ، وبمشاركة الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور محمد عباس ناجي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والدكتور أحمد أمل أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة.
أدارتها الدكتورة نهى بكر. في البداية، رحبت الدكتورة نهى بكر بالحضور، قائلة: "اليوم سنتناول قضية مهمة من خلال مناقشة كتاب 'إعادة هيكلة: معادلة توازن القوى في الشرق الأوسط' للدكتورة دلال محمود، الصادر عن المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، وذلك بما يشهده الإقليم من تطورات خلال العقد الأخير تسبب في الإخلال بتوازن القوى التي كانت سائدة من قبل" .
من جهتها، أعربت الدكتورة دلال محمود عن سعادتها لمناقشة كتابها حول الشرق الأوسط، قائلة إنه لا يوجد نظرية واحدة تفسر ما يحدث في الشرق الأوسط خلال الفترة الحالية، كما أشارت إلى أن هناك تحديات عديدة تواجه الأقاليم الفرعية الثلاثية المكونة لمنطقة الشرق الأوسط وهي؛ الخليج العربي، شرق المتوسط، وشمال أفريقيا، فجميعها لديها سمات مشتركة وأخرى مختلفة، مستطردة: "ومن الأمور الأخرى المشتركة في التوازنات بين الشرق الأوسط بأقاليمه الثلاثة، أن هناك قضايا تتعلق بالموقع كمشاكل الحدود، وقضايا الموارد وسلاسل الإمداد بالطاقة، وقضايا التنمية المستدامة كدول الخليج التي لديها تحديات تنمية، والتحدي هنا تجاوز التحدي الأمني، وهناك دول تتصارع على الموارد نفسها."
كما سلطت الدكتورة دلال محمود مدير برنامج قضايا الأمن والمناخ على تحليلها للقدرات التسليحية النوعية والتقليدية للجيوش والفواعل المسلحين بالمنطقة، من خلال دراستها المنهجية حول قياس الفاعلين المؤثرين في معادلة التوازن العسكري في الأقاليم الفرعية الثلاثية المكونة لمنطقة الشرق الأوسط، مؤكدة أن الصراعات في سوريا وليبيا واليمن تحدث في نقاط مفصلية في المنطقة وتؤثر على التواصل بين أجزاء المنطقة العربية.
قال الدكتور خالد عكاشة، إن الهدف من هذه الندوة هو إعادة هيكلة لما يخص الشرق الأوسط، فما حدث في العامين الماضيين رسم لنا بعض هذه الملامح على عدة مستويات، مستطردًا: "وتبين عدم واقعية رؤية الولايات المتحدة الأمريكية للانسحاب من الشرق الأوسط، إذ اضطرت الإدارة الأمريكية إلى ممارسة المزيد من الانخراط في المنطقة على المستويات السياسية والتفاوضية والعسكرية، بحيث أصبحت شريكا أساسيًا في إعادة هيكلة توازنات القوى في الإقليم، ومع ذلك لا تزال روسيا والصين تحرصان على إثبات قدرتهما على المساهمة في تفاعلات المنطقة في إطار تنافسهما مع الولايات المتحدة."
وشدد على ضرورة الاحتياج إلى مشروع عربي متكامل على قدر عال من الأهمية، ويكون قادرًا على التصدي لما يحدث في الخارج من صراعات وغيرها، مؤكدًا دور الدول الكبرى في إعادة توازن القوى داخل منطقة الشرق الأوسط، "فإننا أمام مستويين لدول كبرى تتنافس مع بعضها، وأخرى متوسطة."
ومن جهته؛ قال الدكتور أحمد أمل إن حدود الإقليم تشهد حالة من السيولة والنفاذية خلال الفترة الحالية، وكانت قد اعتمدت الولايات المتحدة الأمريكية خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إسناد المهام الأمنية الصعبة في المناطق الساخنة إلى قوى إقليمية مثل تركيا، لذا فإن التغيرات في أفريقيا تؤثر على توازنات القوى في الشرق الأوسط.
أما الدكتور محمد عباس ناجي، فقد كشف عن أن العالم العربي يمر حاليا بأصعب مراحله نتيجة مجموعة من المتغيرات أهمها؛ احتمالات تجدد حالة الحرب في غزة ولبنان، وصعود إدارة أمريكية جديدة لا زالت سياستها غامضة بخصوص المنطقة، فضلًا عن وجود أزمات سياسية وتنموية تشهد مسارات غامضة تصعب عملية إنضاج التسويات المستدامة، كذلك الاحتمالات المتزايدة لاندلاع حرب أكثر اتساعًا بين إيران وإسرائيل ستجعل العديد من دول منطقة الشرق الأوسط ساحات مرشحة لاستضافة وقائعها أو تحمل تبعاتها، وإمكانية عودة تركيا إلى النهج الأيديولوجي في سياستها الخارجية، وغياب موقف عربي متوافق بشأن قضايا المنطقة.