رغم الوحدة في زمن الحرب.. قرار المحكمة العليا يؤكد الانقسامات في إسرائيل
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
ذكّر حكم المحكمة العليا الإسرائيلية الصادر يوم الاثنين والمتعلق بإبطال قانون كان محوراً لإصلاح قضائي مثير للجدل، بالانقسامات الأساسية في المجتمع الإسرائيلي التي تم وضعها جانباً خلال الحرب في غزة، وبأن التوترات يمكن أن تندلع بمجرد انتهائها، بحسب ما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال".
كان القانون الذي طرحته حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، والذي يحد من سلطة المحاكم الإسرائيلية على قرارات الحكومة، مسبباً للانقسام، إذ أشعل واحدة من أكبر وأطول حركات الاحتجاج التي شهدتها إسرائيل، حيث خرج ضده مئات الآلاف من المتظاهرين على مدار أشهر.
ومع تركيز البلاد الآن على الحرب في غزة، التي تقترب من شهرها الرابع، كان رد الفعل على حكم المحكمة صامتاً نسبياً، كما أن الاختلافات بين نتانياهو وأحزاب المعارضة مؤجلة في الوقت الراهن.
ويرأس نتانياهو حاليا حكومة طوارئ مشتركة من جميع الأحزاب تم تشكيلها لقيادة البلاد أثناء الحرب التي بدأت في أعقاب هجوم 7 أكتوبر الذي شنّه مسلحو حماس على جنوب إسرائيل.
وفي أعقاب الفشل الاستخباراتي قبل هجوم 7 أكتوبر، تراجعت شعبية نتانياهو في استطلاعات الرأي وتزايدت الدعوات المطالبة بإقالته، مما يزيد من إمكانية إجراء انتخابات مبكرة بمجرد انتهاء الحرب.
الصراع قائميقول الباحث القانوني في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، عميخاي كوهين "في الوقت الحالي، يبدو أن الحرب تلقي بظلالها على كل شيء، لكن التوتر الأساسي لا يزال قائماً".
وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في منتصف ديسمبر الماضي، أن 69% من الإسرائيليين يريدون إجراء انتخابات مباشرة بعد انتهاء الحرب، بما في ذلك أغلبية الناخبين اليمينيين.
وقال العضو في حكومة الطوارئ والشخصية التي يعتقد البعض أنها يمكن أن تتحدى نتانياهو في الانتخابات المقبلة، بيني غانتس، إن تحالفه الحالي مع نتانياهو يعتمد على حالة الطوارئ في زمن الحرب وليس على أي تحالف سياسي. وفي الوقت نفسه، يدفع شركاء الائتلاف اليميني المتطرف نحو رؤية ما بعد الحرب في غزة والتي تتعارض مع خطط رئيس الوزراء.
ولا تزال البلاد تعاني من آثار هجوم 7 أكتوبر، عندما قتل مسلحو حماس حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين الإسرائيليين وخطف العشرات بينهم نساء وأطفال، ما دفع إسرائيل إلى شن هجوم مدمّر على قطاع غزة، أسفر عن مقتل أكثر من 22 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً للسلطات الصحية في القطاع، التي لا تميز أرقامها بين المدنيين والمسلحين.
اختلافات عميقةلم يتطرق نتانياهو صراحة إلى حكم المحكمة الصادر يوم الاثنين. وقد شجب حزبه، الليكود وحلفاؤه، القرار، لكنهم أشاروا إلى أنه لا ينبغي إعادة إشعال الصراع أثناء الحرب.
وقال سمحا روثمان، أحد المؤيدين الرئيسيين للإصلاح القضائي، في مقابلة بثها التلفزيون الإسرائيلي "لقد اختارت المحكمة العليا حربها"، مؤكداً إنه وائتلافه يركزان على الحرب مع حماس، "ويجب التعامل مع التغييرات في النظام القضائي بعد انتهاء تلك الحرب".
وحوّلت العديد من المنظمات التي قادت الاحتجاجات الحاشدة ضد الإصلاح الشامل اهتمامها إلى المساعدة في جهود الحرب، مثل مساعدة عائلات الرهائن.
والقانون الذي أبطلته المحكمة العليا يوم الاثنين، كان سيحرم المحكمة من صلاحيات إلغاء القرارات الحكومية التي تعتبرها "غير معقولة إلى حد كبير".
ويقول نتانياهو وحلفاؤه إن القضاة الناشطين والليبراليين يسيطرون على المحكمة، وأن القانون يسعى إلى استعادة توازن مناسب للقوى. فيما رأى المعارضون أن القانون من شأنه أن يقوّض من دور المحكمة وسيؤدي إلى تآكل الديمقراطية الليبرالية في إسرائيل.
المعركة مستمرةأشاد روي نيومان، زعيم قوة كابلان، إحدى المجموعات التي قادت الاحتجاج ضد الإصلاح، بقرار المحكمة لكنه يعتقد أن المعركة حول ما يراه مستقبل الديمقراطية في إسرائيل لم تنته بعد، وقال إن "الحكومة وحلفاءها يمكن أن يجربوا طرقا أخرى لإضعاف استقلال المحاكم وتقويض الضوابط والتوازنات الديمقراطية".
وقال جدعون رهط، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، إن "الاحتجاجات ضد نتانياهو كانت صامتة في الوقت الحالي بسبب الحرب وأن العديد من المتظاهرين كانوا يخدمون في الاحتياط. ولكن إذا تصرف نتانياهو بشكل غير حكيم، فسوف يشعل عود الثقاب مرة أخرى وبعد ذلك سنرى الآلاف في الشوارع".
كما أشار بعض المحللين إلى أن استراتيجية الائتلاف الحاكم لإضعاف المحاكم يمكن أن تتحول إلى مبادرات أكثر هدوءا، على عكس المحاولة البارزة لتمرير القانون السابق.
وتحول تكوين المحكمة العليا نحو اليمين، حيث منعت الحكومة الجهود الرامية إلى استبدال قاضيين ليبراليين تقاعدا مؤخراً، ومن المتوقع أن يكون حكم يوم الاثنين آخر قرار رئيسي لهما، كما أنه من المقرر أن يتقاعد قاض ليبرالي ثالث هذا العام، مما قد يترك ثلاثة مقاعد شاغرة في المحكمة.
وأكد مسؤول في الائتلاف مطّلع على الموضوع إنه "لا توجد خطط فورية لملء المناصب الشاغرة في المحكمة العليا. ولا توجد تغييرات هيكلية في السلطة القضائية أثناء الحرب".
وقال بعض المحللين، مثل كوهين من المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إن الحكومة قد تحاول أيضاً تقويض سلطة المستشارين القانونيين بهدوء دون تمرير تشريعات جديدة. وقال مسؤول الائتلاف إن ذلك لم يكن جزءا من خططهم.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المحکمة العلیا یوم الاثنین فی إسرائیل فی الوقت یمکن أن
إقرأ أيضاً:
رئيس لبنان يؤكد العمل على حصر “السلاح وقرار الحرب” بيد الدولة
لبنان – أكد الرئيس اللبناني جوزاف عون، إن بلاده تهدف إلى “حصر حيازة السلاح وقراري الحرب والسلم بيد الدولة”.
جاء ذلك في مقابلة مع عون، نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط” امس الجمعة، قبل زيارته المرتقبة إلى السعودية الاثنين المقبل.
وأكد عون أن “الدولة فقط ستكون المسؤولة عن حماية الأرض وحماية الشعب”.
وقال: “بصراحة تعب لبنان واللبنانيون من تحارب السياسيين ومسؤوليه، وتعب من حروب الآخرين على أرضه. وأصبح يستحق أن تكون لديه نقاهة اقتصادية وسياسية، وربما بعض الأصدقاء تعبوا منا”.
وأضاف: “هدفنا بناء الدولة، فلا يوجد شيء صعب. وإذا أردنا أن نتحدث عن مفهوم السيادة، فمفهومها حصر قراري الحرب والسلم بيد الدولة، واحتكار السلاح أو حصر السلاح بيد الدولة”.
وأشار إلى أنه يهدف إلى أن “تصبح الدولة فقط هي المسؤولة عن حماية الأرض وحماية الشعب، ولم يعد مسموحا لغير الدولة القيام بواجبها الوطني، وليس مسموحا لأحد آخر لعب هذا الدور”.
وتابع: “عندما يصبح هناك اعتداء على الدولة اللبنانية، الدولة تتخذ القرار، وهي ترى كيف تجند عناصر القوة لصالح الدفاع عن البلد. وإذا الدولة احتاجت ووجدت أن هناك ضرورة للاستعانة بالآخرين في شعبها، فهي تتخذ القرار”.
وتطالب عواصم إقليمية وغربية وقوى سياسية لبنانية بحصر السلاح في يد الدولة اللبنانية، متهمة “حزب الله” بتهديد الساحة الداخلية بسلاحه.
إلا أن الحزب يقول هذا السلاح يهدف حصرا إلى “مقاومة إسرائيل” التي تحتل مناطق في جنوب لبنان.
وتأتي المقابلة مع عون، قبل زيارة مرتقبة له إلى السعودية، الاثنين المقبل، في أول وجهة خارجية له منذ انتخابه رئيسا للجمهورية في 9 يناير/ كانون الثاني الماضي.
ومن المتوقع أن تناقش الزيارة عدة ملفات أبرزها تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، والملف الأمني المتصل بوقف إطلاق النار واستمرار احتلال إسرائيل نقاطا حدودية في الجنوب وانتهاكاتها للاتفاق، إضافة إلى مسألة إعادة الإعمار.
وبخصوص تطبيق قرار مجلس الأمن رقم “1701”، قال عون: “نحن ملتزمون بتطبيق القرار، وبدأنا به في الجنوب وأعطيناه الأفضلية”.
وأكد أن “الدولة بمؤسساتها كافة ملتزمة بتطبيق القرار 1701 على كامل الأراضي اللبنانية، وفي الجنوب التجاوب كامل”.
وينص القرار 1701 على وقف العمليات القتالية بين “حزب الله” وإسرائيل، وإنشاء منطقة خالية من السلاح بين الخط الأزرق (المحدد لخطوط انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000) ونهر الليطاني جنوب لبنان، مع استثناء الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة “يونيفيل” من هذا الحظر.
وتعليقا على مماطلة إسرائيل في الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية التي احتلها خلال حربها الأخيرة، قال عون: “يزعجنا بقاء الجيش الإسرائيلي في الخمس نقاط، لأن هناك اتفاق تم توقيعه للطرفين برعاية أمريكية وفرنسية والمفترض الالتزام به واحترام التوقيع”.
وأضاف: “عندما طُلب (منا) أن نمدد المهلة (في المرة الأولى)، وافقنا بشرط أن يكون 18 فبراير (شباط 2025) هو الانسحاب النهائي، ولكن مثل العادة، لم يتقيد الطرف الإسرائيلي بالاتفاق وبقي بعضه موجودا هناك”.
وتابع: “الآن نحن على اتصالات دائمة مع الفرنسيين والأمريكيين للضغط على الإسرائيليين حتى ينسحبوا من النقاط الخمس، لأنها ليست ذو قيمة عسكرية”.
وأوضح الرئيس اللبناني أنه “بالمفهوم العسكري القديم قبل التطور التكنولوجي، كانت الجيوش تفتش عن التلة لأنها تعطيك تحكما عسكريا ومراقبة، ولكن بوجود التكنولوجيا والمسيّرات في الجو، والأقمار الاصطناعية، فقدت (التلة) قيمتها كلها”.
وكان من المفترض أن تستكمل إسرائيل انسحابها الكامل من جنوب لبنان بحلول فجر 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، وفقا لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، لكنها طلبت تمديد المهلة حتى 18 فبراير 2025.
ورغم مضي فترة تمديد المهلة، واصلت إسرائيل المماطلة بالإبقاء على وجودها في 5 تلال داخل الأراضي اللبنانية على طول الخط الأزرق، دون أن تعلن حتى الآن موعدا رسميا للانسحاب منها.
وتزعم إسرائيل أن بقاءها في تلك التلال نتيجة عدم قيام الجيش اللبناني بواجباته كاملة ضمن اتفاق وقف النار، وعدم قدرته على ضبط الأمن على طول الخط الأزرق، وهي الحجج التي تنفي بيروت صحتها.
وبدأ عدوان إسرائيل على لبنان في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وتحول لحرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول الماضي، ما خلّف 4 آلاف و114 قتيلا و16 ألفا و903 جرحى، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
الأناضول