الأردن والتنظير للعجز في مواجهة مشاريع إسرائيل

التبشير بـ«ضعفنا» وقلة حيلتنا والتنظير لـ«الأمر الواقع والشعب الذي لم يمتحن بمصيبة» ولمقولة «العجز العربي» ليس خيارا ولا ينبغي أن يكون.

لهجة الاستكانة والضعف والتمسك الكاذب المنافق بـ«بخارطة القوى» غير لائقة إطلاقا بـ«شعب النشامى» ولا تنتمي لتراثهم الوطني والاجتماعي والعشائري

إطلاق هتاف بعنوان «الأردن أولا وفقط» مرحليا أو شعار يقول بـ«ضعفنا وصعوبة المواجهة» ليس «وطنية» ولا يمكنه أن يعبر عن الانتماء والولاء الصادق.

مسألتان لا ينبغي في ظل «فائض التضحية والبطولة» الفلسطيني fقطاع غزة «التفريط بهما» في «أي نقاش» مختص بموقف أو موقع أو زاوية «مصالح الأردن شعبا ودولة».

* * *

مسألتان لا ينبغي وفي ظل «فائض التضحية والبطولة» الفلسطيني في قطاع غزة «التفريط بهما» في أو عند «أي نقاش» مختص بموقف أو موقع أو زاوية «مصالح الأردن شعبا ودولة».

المسألة الأولى هي تلك التي تحاول «التنظير» للضعف والعجز الأردني الرسمي في مواجهة «خطط ومشاريع إسرائيل» التي أعاد الجميع بعد الطوفان اكتشاف عداوتها التي لا تزول.

التبشير بـ«ضعفنا» وقلة حيلتنا والتنظير لـ«الأمر الواقع والشعب الذي لم يمتحن بمصيبة» ولمقولة «العجز العربي» ليس خيارا ولا ينبغي أن يكون، لأن المطروح إسرائيليا ليس فقط «إخضاع الأردنيين» أو «الوطن البديل» بل «استعبادهم» جيلا بعد آخر و«النظام البديل».

لهجة الاستكانة والضعف والتمسك الكاذب المنافق بـ«بخارطة القوى» غير لائقة إطلاقا بـ«شعب النشامى» ولا تنتمي لتراثهم الوطني والاجتماعي والعشائري ولا لأدبياتهم أو نصوصهم حتى في ظل «الجوار العاجز».

تلك لهجة لا تمثل الأردنيين ولا حقيقتهم، وطبعا لا تمثل قدراتهم وطبيعتهم بنفس القدر الذي تمثل فيه شريحة الخواجات والليبراليين الضعفاء والانتهازيين من أصحاب المصالح الذين خدمتهم صدفة المحاصصة ولديهم بحكم «شبكة كمبرادور المصالح الدولية والإقليمية» مصالح ذاتية أو «أدوار مريبة».

لا حجة لمن يتذرع بعد الآن بـ«المساعدات الأمريكية» التي تمنع الكثير من الفعالية ويعتمد عليها، فتلك المساعدات تقدم للحكومة الأردنية بدلا من «خدمات ضخمة» وتسهيلات لمصالح الولايات المتحدة ولقواعدها ومشاريعها وليس من أجل سواد عيون الشعب.

وتلك المساعدات لا تعني «انتحار الأردن» في حضن «أجندة التكيف مع اليمين الإسرائيلي» بنفس القدر الذي نتفهم ونصفق فيه للمنطق الرسمي النخبوي الذي يمطرنا ليلا نهارا بمقولة «لا تجازفوا بالبلاد والعباد».

نعم الخوض في مغامرات مباشرة تجازف بمصالح الأردن «انتحار سياسي» غير مطلوب، لكن الاستسلام لمنطق «المساعدات تقيدنا» انتحار بوجه آخر، يصنع لتخويف المواطنين أن المساعدات الأمريكية مثلا في جذرها بدل «خدمات» أولا.

وثانيا يعود أكثر من ثلثها إلى أصحابها في زوايا التمويل وإعادة التمويل خلافا لأنها مساعدات بالتأكيد سيختار الشعب الاستغناء عنها، لا بل تحمل كلفتها في أول لحظة يتوثق فيها من أولا- خيارات وأطقم وسيناريوهات وطنية خالصة ونقية، وثانيا- شفافية ونزاهة وتصدي للفساد.

لا أحد يملك الحق في القول إن «الشعب الأردني متنعم ولم يختبر ويعتمد في خبزه على مساعدات الـ «يو إس إيد»… فقط على أهل القرار ضرب الفاسدين ثم «اتخاذ قرارات وطنية مستقرة غير مغامرة» لكي نقبل منهم فكرة «جربوا صبر الأردنيين».

الأردني مستعد لوضع حجر فعلا على بطنه… مستعد للجوع وسبق له أن تعايش معه أصلا، إذا كانت حكومته نزيهة وفي الاتجاه السليم وعلى من يشككون في «خشونة الأردنيين» الانتظار والترقب لمعرفة وفهم كيف يحارب الأردني وبشراسة دفاعا عن كرامته وترابه، وعن مؤسساته ودولته ونظامه عندما يعلو صوت أي تحد أو معركة.

لا أحد سأل الأردنيين أو استفتاهم. بوصلتهم القدس ومصالحهم مرتبطة وجدانيا وخصوصا بعد طوفان الأقصى بكرامتهم الوطنية وبوصفاتها وحصرا بالقدس وفلسطين.

أبدع زميلنا الفاضل محمد التل وهو يلامس الجرح ويضع البلسم بمقولته عن «ظاهرة النواح المتباكي» لأن انحياز الأردني لمستقبله من زاوية «ضد إسرائيل ومع شعبنا الفلسطيني» يعني بالعمق تكريسا لفلسفة «الأردن أولا ودائما» وليس العكس.

لا مكان لمستقبل آمن في ظل «الورم الإسرائيلي» ولا في ظل «التكيف مع بلطجة العدو» أو مع مسارات التكيف الأمريكية فقد اختبرنا ذلك لـ30 عاما دون فائدة وقمنا بواجبات السلام والتعايش لثلاثة عقود، حتى كانت النتيجة ما قرأناه مؤخرا في صحف الكيان بعنوان «بناء جدار على كامل حدود الأغوار خوفا من تهريب السلاح» مع أن العمق الإسرائيلي «أسوأ وأخبث» من حكومة تل أبيب!

ليس فقط لأنه «يتنكر لدور الأردن» فقط، ولكن لأنه يدرك بصورة شبه يقينية بأن الجدران المكهربة المحروسة سقطت في 7 أكتوبر، وبأن من يرسل تحياته مع صواريخه لإسرائيل اليوم من أماكن بعيدة مثل اليمن والعراق يفعل ذلك متجاوزا كل لعبة الحدود البرية.

فالمسيرة لا تحتاج لحدود ومعابر، والصواريخ تطلق الآن بواسطة هاتف خلوي ومن مكان قصي، والعدو طبعا يعرف ذلك لكنه يشاغعلى حدوده مع الأردن، بقصد خبيث هو «حسم الصراع وضم الضفة الغربية».

المصالح تؤسسها حزمة «تفاوض وشراكة وطنية المنطلق» مع الأمريكيين أو غيرهم قائمة دوما وأبدا على أساس وحدة الدم والمصير مع الشعب الفلسطيني… دون ذلك اليوم كلام فارغ لا معنى له، ولن يقتنع به أصغر طفل أردني.

لكل ذلك نضم صوتنا لقائمة الوطنيين المحترمين التي بدأت بتحريم «التباكي الكاذب» أو «النواح المدعي» وهي تحاول «تخويف» البوصلة السياسية من مواقف مبدئية وأخلاقية ومصلحية تصادف أنها في هذه المرحلة الحساسة جدا «تنسجم بكل قوة» مع الحد الأدنى من معايير الالتزام بمصالح المملكة.

إطلاق هتاف بعنوان «الأردن أولا وفقط» مرحليا أو شعار يقول بـ«ضعفنا وصعوبة المواجهة» ليس «وطنية» ولا يمكنه أن يعبر عن الانتماء والولاء الصادق.

*بسام البدارين كاتب وإعلامي أردني
 

المصدر | القدس العربي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأردن مشاريع إسرائيل محمد التل مصالح الأردن الأمر الواقع العجز العربي بـ ضعفنا لا ینبغی

إقرأ أيضاً:

خلفان الرومي.. قامة وطنية خالدة في ذاكرة الإمارات

دبي: يمامة بدوان
أمس الأحد، كانت الذكرى السنوية التاسعة على رحيل خلفان بن محمد الرومي، الذي غادرنا إلى دار البقاء، في 6 إبريل 2016. 
قامة وطنية خالدة في ذاكرة الإمارات، وصاحب البصمات الباقية أبد الدهر في كيان إمارات زايد الخير، حيث عاصر بإخلاص مراحل قيام الاتحاد، وشارك في لجان التحضير لتأسيس الدولة، وفي اللجنة التي وضعت دستورها. وكان عضواً في الوفد الذي شارك في اجتماع جامعة الدول العربية، لانضمام الدولة إلى عضويتها، ومناقشة قضية احتلال جزر الإمارات، فضلاً عن دوره الكبير في نهضة مؤسسات الدولة.
ويسجل التاريخ اسم خلفان الرومي، ضمن الرعيل الأول من أبناء الوطن، الذين حملوا على عواتقهم تحويل حلم «الإمارات العربية المتحدة» إلى واقع، حيث عمل - رحمه الله - بجد وإخلاص، كي ينعم المواطن بالرفاهية والسعادة، والوطن بالأمن والأمان. كما قدّم للوطن سنوات طويلة من حياته، ومن عطائه وطاقته واجتهاده، وأورث حب الوطن وخدمته لأبنائه، وواكب مسيرة البناء، وبفضل جهوده، وجهود أبناء جيله، حققت الدولة مكانتها المرموقة عالمياً في مختلف المجالات. 


المنشأ والتعليم
ولد خلفان الرومي في 5 يناير 1946، في إمارة الشارقة، ونال بكالوريوس التاريخ من جامعة بغداد عام 1964، وهو من أوائل من حملوا الشهادات الأكاديمية وتلقوا تعليمهم ضمن الطلبة الذين أوفدوا إلى العراق لطلب العلم، حيث شغل عدداً من المواقع بعد عودته إلى الإمارات، وأسندت إليه عشرات المهام الوطنية، بتكليف القيادة الرشيدة، وكان شاهداً على مراحل البناء والتطوير قبل تأسيس الاتحاد عام 1971، وبعده.
الحياة المهنية
شغل الراحل الكثير من المناصب، وتمثل عطاؤه السياسي في كثير من الإنجازات داخل الدولة وخارجها، منها مشاركته في أعمال اللجان الاتحادية التي كانت تعد القوانين والأنظمة لقيام دولة الإمارات. كما اختاره المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، ليكون عضواً في الهيئة التي كلفت زيارة الدول الخليجية، والعراق، وسوريا، والأردن، ولبنان قبل أشهر قليلة من قيام اتحاد الإمارات، لنقل وجهة نظر الشيخ زايد، في ما يتعلق بمجريات الأمور، وإبلاغ هذه الدول بمشروع قيام الدولة. كما كان عضو الوفد للانضمام لجامعة الدول العربية، ومناقشة قضية الجزر المحتلة، وعضو لجنة إعداد مشروع الدستور الدائم، وعضو لجنة شؤون الموظفين بالدولة، وعضو لجنة التشريعات. وشارك في عضوية لجان مختلفة لمناقشة كثير من القضايا، وفي عدد من المؤتمرات واللقاءات بمعيّة المغفور له الشيخ زايد. وترأس وفوداً رسمية عدة، لدى المنظمات العالمية والعربية، والدول الأخرى.
مناصب عالية
وتولى الفقيد عدداً من أجهزة الدولة، وتسلم مناصب عالية، فخدم الإمارات بإخلاص وتفانٍ، منذ أول منصب تولاه بعد قيام دولة الاتحاد، وكرّس حياته في المثابرة والكفاح بوصفه نموذجاً للتفاني والإخلاص، حيث كان منصب وكيل وزارة التربية والتعليم، هو الأول الذي بدأ به حياته المهنية، إبان تولي الراحل الدكتور عبدالله عمران تريم، وزارة التربية، بعد التشكيل الثاني عام 1973. وتولى منصب وزير العمل والشؤون الاجتماعية عام 1983 وحتى 1990. وفي التشكيل الثالث، كان خلفان الرومي، وزيراً للصحة عام 1977. ثم تولى حقيبة الإعلام والثقافة في التشكيل الخامس عام 1990.
وفي بداية مشواره العملي، عُيّن الراحل مدرساً في مدرسة حطين عام 1968، ثم نائب مدير دائرة المعارف بالشارقة، ومسؤول تعليم الكبار، لتتوالى المناصب التي أسندت إليه.
ارتباط وثيق
توثق الارتباط بين الراحلين المرحوم الدكتور عبدالله عمران تريم، وخلفان الرومي، بعشق بلاط صاحبة الجلالة، الصحافة الإماراتية، التي عملا فيها معاً، وأسساها في دولة الإمارات، حيث أسس الراحل عبدالله عمران جريدة «الخليج»، وجعلها مؤسسة، ومنبراً إعلامياً شامخاً، وعريقاً، كان ولا يزال يؤسس أصول المهنة، ويكرس مبادئها، وأخلاقياتها، ولطالما اجتمعا - رحمهما الله- في دار «الخليج» في جلسات نقاش مهنية واعية، تبادلا فيها الرأي والرؤى، والأفكار، والخطط، فيما نهض خلفان الرومي، بجائزة الصحافة العربية، وكرّس مكانتها على الساحة الإعلامية داخل الدولة وخارجها، حيث استمرت صداقتهما العمر كله، حتى كتب لهما أن يكونا شريكين في الدنيا والآخرة، رحمهما الله.
كما جمعت صداقة وثيقة الركائز والروابط بين الراحلين، فكانا معاً متوحدي الفكر، والتوجه، والكلمة، والمسعى، والهدف، والقرار، واشتركا معاً في إعلاء مكانة الدولة، والنهوض بمقدراتها، بمواقعهما المختلفة التي شغلاها، بقوة، وإخلاص، وتفانٍ، وأمانة. كما كانا متساندين، من دون أن يخل أحدهما بالتزامه الأخوي، والأدبي، تجاه الآخر.
كلمات مؤثرة
قدم صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، واجب العزاء في الرومي، خلال زيارته مجلس العزاء بمنطقة السويحات في الشارقة، وأعرب عن صادق مواساته لأشقاء الفقيد وأبنائه وأسرته.
وفي يوم وفاة الفقيد، نعته القيادة الرشيدة، بكلمات مؤثرة، حيث كتب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على «إكس»: «خلفان محمد الرومي أعطى للوطن سنوات طويلة من حياته، ومن عطائه وطاقته واجتهاده، وأورث حب الوطن وخدمته لأبنائه».
وفي كلمة تأبين للراحل من سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، قال: معلمي خلفان الرومي، عندما بدأتُ عملي في وزارة الإعلام والثقافة في التسعينات، كنتُ كأي شاب متحمس ومندفع للعمل، كُنتُ أظنني قادراً على تغيير العالم كأي فتى مقبل على الحياة، إلا أنني كنتُ محظوظاً بمدير عاقل خبر الحياة كثيراً، لم يُكسّر طموحاتي على صخرة الواقع، بل تبنّى ذلك الحماس واحتواه، بحكمة الأب، وخبرة المعلم.

الصورة

مقالات مشابهة

  • عاجل | سي إن بي سي: مايكروسوفت تفصل المهندسة ابتهال أبو السعد التي احتجت على تزويد الشركة إسرائيل بأنظمة ذكاء اصطناعي
  • لتكن مصر أولا وأخيرا
  • إسرائيل تستعد لاستئناف إدخال المساعدات إلى غزة بطريقة جديدة
  • خلفان الرومي.. قامة وطنية خالدة في ذاكرة الإمارات
  • مصر أولاً
  • اللهم نصرك الذي وعدت ورحمتك التي بها اتصفت
  • هل فرضت السعودية قيودا على دخول الأردنيين ؟
  • ارتداداته السلبية على أمريكا أولاً.. تسونامي الرسوم يهز الاقتصاد العالمي
  • اليونيسيف: حظر إسرائيل إدخال المساعدات يهدد حياة مليون طفل في غزة
  • ما هو سلاح الردع الذي يُمكن لأوروبا استخدامه في مواجهة رسوم ترامب؟