من (التغفيل) إلى ( الإستهبال): ما لم تعرفه قحت والمليشيا
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
(1) مثلما تجاهلت عن ذهن قوى الحرية والتغيير (قحت) بهندامها الجديد (تقدم) ما لحق بالمواطن ، من سحل و قتل و تهجير و إحتلال للبيوت ونهب للممتلكات ، فإنها عميت عن حقائق أخري ماثلة للعيان تمثل خطوط ومسارات المرحلة القادمة ..
اولا : حين تتحدث عن النفرة الشعبية ، لا تدرك أن قطاعا كبيرا من المواطنين انخرط للزود عن الأرض والعرض والممتلكات منذ يونيو 2023م ، والأكثر أهمية هو إنضمام قطاعات كانت تقود الهتافات ضد الآخرين ، بالإمكان معرفة أن عددا كبيرا من (مجموعة غاضبون ) ولجان مقاومة العباسية هم الآن داخل سلاح المهندسين جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة وبقية قطاعات المجتمع (عدا قحت).
وثانيا: لم تعد خطابات التضليل تنطلي على احد ، فقد وصلت شظايا المليشيا لكل دار ، والأمر لا يتعلق بالطلقة الأولى كما يتوهمون ، وانما أفعال أستمرت 9 أشهر ، اخذت البيوت ونهبت الممتلكات وسلبت الحقوق وانتهكت الأعراض ، وامتدت الايدى إلى الهامش المفتري عليه ، في الجنينة ، اردمتا ، زالنجي ، برام ، المدينة عرب ، الحاج عبدالله ، مدنى ، رفاعة ، وكل القرى الآمنة ، الجميع أكتوى بنيران المليشيا الحقود.. والأمر بتخطيط وتدبير طويل الأمد استنزفت فيه قدرات البلاد والعباد لدعم المليشيا تسليحا وتدريبا و لشراء الذمم وتقوية شبكات التآمر..
وثالثا: سقطت آلية بث الرعب وزرع الخيالات ، فقد كان إسقاط مدنى وسيلة لإثارة الهلع ، وأكتشفوا انها أدت لصحوة وطنية شاملة وتدافع بلا حدود ، وهكذا سقط الرهان ..
(2)
ما فات على تلك القوى (الشبحية) أن مليشيا الدعم السريع استهدفت مناطق كانت تصنف بأنها قواعد جماهيرية تاريخية لهم ، ولم تسلم من الإبادة والقتل والترويع والإغتصاب ، أكثر من 5 ألف مواطن ما بين قتيل وجريح ومغتصب في ليلة واحدة بالجنينة ودفن الآلاف في مقابر جماعية بأردمتا وبعضهم أحياء ، وهذه مناطق تاريخية لحزب الأمة القومي ، ولقى الآمنين في شرق الحزيرة وغربها ذات الفساد والخراب من الغوغاء وهم قواعد اتحادية ، وهكذا لم يعد الأمر ثرثرات تحتمل التأويل والتحوير والتخذيل ، ولذلك فإن محاولة تجسير الهوة بينهم والمليشيا هو ضرب من الوهم ومحاولة شرعنة مواقفهم هو ضرب من الإستهبال السياسي وبضاعة خاسرة غير قابلة للتسويق ، لقد ارتكبت هذه القوى غلطة تاريخية ، خاصة أن بيانهم واعلانهم تغاضى عن هذه الحقائق وأغلق الصفحة كأن شيئا لم يكن واكتفى بلجان وهمية وكأنهم لم يسمعوا بلجنة تحقيق فض الاعتصام..
لم يطالبوا بإخلاء المنازل ؟
لم يطالبوا بإخلاء الأعيان المدنية؟
لم يطالبوا بإيقاف القتل على أساس عنصري ؟
و ما زال فيهم عرق ينبض..
(3)
ولكن أخطر ما أحتواه البيان ، هو إعتماد الحرب خطوة وعتبة في مسار ثورتهم الديسمبرية ، وانها كانت ضرورة للعبور إلى سودان بلا حروب ، وهذا كان خط قوى قحت ، حين كانت تردد (إما الإطارى أو الحرب) ، وحين أشتعل لهيبها وأوقدت النيران ، جاءوا يستدفئون في طرف المجازر بحثا عن مظنة موقف أو عودة للسلطة على جماجم الضحايا والمظلومين والمغدورين..
لم تتعلم قحت درسا من الحرب ولم تستفد فطنة أو عظة أو إعتبار… جاءت وكأن شيئا لم يكن بذات العطب الذهني والخبل السياسي..
(4)
و ما زاد الأمر تعقيدا وعتمة ليس التدخل الاجنبي والاجندة الأجنبية في قضايا الوطن فحسب ، بل أضافوا إليه مرتزقة أجانب بنادقهم ورشاشتهم وحقدهم الدفين ، جاءوا من كل اطراف القارة الافريقية ومن كل عصابات الدنيا ، و عاثوا الفساد في الأرض.. ومنهوبات السودان هى الآن في دول الجوار تبحث عن فتوى ، وما زال قادة قحت يتحدثون عن لجان تقصي..
ومع كثرة هواجس البيان عن النفرة الشعبية ، فإنهم لم يذكروا حرفا واحدا عن المرتزقة الاجانب ، يهرفون ضد المواطن لمجرد كونه دافع عن عرضه وبيته وماله بينما سكتوا عن مرتزقة جابوا أقطار ألأرض وصولا إلى بلادنا..
(5)
نقطتان نذكر بهما قحت وتقدم ومن يدير دفة المشهد من ورائهم:
– هذه الحرب أصبحت قضية كل مواطن ، وكل حر ، والتعامل معها ونتائجها تعنى كل مواطن ، اغتيل او قتل احد أهل بيته ، أو شرد من داره ، نهب بيته وشقاء عمره ، وبددت أحلامه ، أو انتهك عرضه ، أو شرد من مسكنه ، أو أهين في كرامته ، ولا يملك احدا أن يملي عليه الحلول أو الطريق ، لم تعد في كأس بقية للكذب والتغفيل ، وذلك محور الحل ومبتدأه ومنتهاه ، دعكم من العبارات الكذوب والاوهام السراب..
وثانيا: فإن ما تسمونه (الدعم السريع ) هو صفحة طويت ، بقرار سيادي أو موقف وطني أو خيار شعبي ، لن يرضى به احد ، ومحاولة تجسير الهوة غير قابلة للتسويق في السودان ، لقد شاهد الجميع الفظائع والوقائع ، لا بديل إلا إخضاعه لإرادة الوطن والقرار الوطنى ..
د.ابراهيم الصديق علي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الجرائم المتعلقة بالتعاون مع المليشيا وأعمال النهب
الجرائم المتعلقة بالتعاون مع المليشيا وأعمال النهب
والانتهاكات جرائم جنائية مكانها القانون ويجب أن تترك لأجهزة الدولة.
القانون فوق الجميع ويسري على الجميع. أجرم شخص، أجرمت قرية كاملة (لو افترضنا ذلك جدلا)، يسري القانون على القرية المحددة على الأفراد المتورطين بعينهم.
القضايا الجنائية والجرائم ضد الدولة وضد المواطن يجب أن تبقى قضايا قانونية جنائية بعيدا عن التوظيف السياسي.
لأننا إذا أقحمنا السياسة في الموضوع سيتحول الأمر إلى فتنة وصراع سياسي وإلى حرب.
القانون لا يعرف الناس بمناطقهم ولا بألوانهم ولا بأوضاعهم الاجتماعية؛ في القانون هناك متهم/مذنب/مدان أو بريء. والقانون تطبقه الدولة بشكل أعمى ولا يطبقه الأفراد ضد بعضهم.
هذا إن أردنا أن نتكلم عن دولة. أما إذا أردنا الاستمرار في الفوضى واللادولة وبالتالي الحروب، فسوف نستمر في تقسيم الناس على أسس جهوية وعنصرية وطبقية لنبقى في نفس الدوامة.
يتصور البعض بغباء وبدلع طفولي أن هذه الدولة التي صمدت بتضحيات كل أبناءها بمختلف انتماءاتهم قد وجدت لتلبي له رغباته هو بالذات ولذلك يتمنى عليها أن تقتل له هذا وتبيد له ذاك وتطرد وتهجر له هذا وهكذا.
يا عزيزي هذه دولة وليست أمك.
حليم عباس
إنضم لقناة النيلين على واتساب