تحليل - أحمد عمر

في أعقاب اغتيال الاحتلال الإسرائيلي للقيادي البارز في حركة حماس، صالح العاروري، تزايدت التساؤلات حول موقف حزب الله اللبناني، الذي سبق أن حذر الاحتلال من مغبة استفزازه عن طريق تنفيذ عمليات اغتيال أو تصفية جسدية لأيٍ من عناصر "محور المقاومة"، في لبنان، في وقتٍ تعكس فيه طريقة اغتيال العاروري أنها تمثل استفزازًا حقيقيًا لحزب الله؛ حيث نفذت إسرائيل الجريمة في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي الحاضن الشعبي ونقطة تمركز الحزب وقيادته.

ويبدو أن اغتيال العاروري في معقل حزب الله، يعكس عدم اكتراث الاحتلال الإسرائيلي بتهديدات حزب الله التي أطلقها زعيمه حسن نصر الله، عندما حذر من أن "أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطال لبنانيًا أو فلسطينيًا أو سوريًا أو إيرانيًا أو غيرهم، بالتأكيد سيكون له رد الفعل القوي، ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات، ولن نقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك القائمة". ووصف "قواعد الاشتباك" ربما يمثل كلمة السر في طبيعة العلاقة بين حزب الله وإسرائيل؛ إذ تشير الأحداث العسكرية المتتالية أن الجانبين يتفقان ضمنيًا على قواعد تحكم الاشتباكات بينهما، لضمان عدم التصعيد والانجرار لحرب واسعة، على غرار "حرب تموز" التي وقعت بين الفترة من 12 يوليو إلى 14 أغسطس 2006، والتي راح ضحيتها نحو ألفي قتيل وأكثر من 4400 جريح من الجانب اللبناني، فيما قُتل 121 إسرائيليًا، إلى جانب آلاف الجرحى والمصابين من جيش الاحتلال والمدنيين الإسرائيليين.

وسبق لحزب الله وإسرائيل أن خاضا عدة مواجهات، لكن أيًّا منها لم تدُم طويلًا، غير أن النصر لم يكن أبدًا حليفًا لإسرائيل، وعادة ما كانت تنتهي باستقالة رئيس الوزراء وتنحي كبار قادة الجيش، نتيجة الإخفاقات العسكرية والأمنية.

وفي الوضع الراهن، ومع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واستشهاد ما يزيد عن 22 ألف فلسطيني، بخلاف عشرات الآلاف من المصابين والمفقودين تحت الأنقاض، يترقب المحللون ردود فعل حزب الله، والتي لم تتجاوز المناوشات على الحدود بين لبنان وإسرائيل، لكنها- بحسب مراقبين- مناوشات فاعلة أسفرت عن سقوط قتلى في صفوف جيش الاحتلال، ونجحت في تدمير أبراج مراقبة وآليات عسكرية، كما إنها فيما يبدو منعت الاحتلال في التمادي والمغامرة بفتح جبهة ثانية في الشمال، بجانب جبهة غزة في الجنوب.

وفي خضم اغتيال العاروري، قد تكون "قواعد الاشتباك" بين الحزب وإسرائيل على المحك، لا سيما بعد الهجوم الإرهابي الذي شهدته مدينة كرمان جنوب شرق إيران، اليوم الأربعاء، عندما قصفت طائرات مسيرة- قالت وسائل إعلام إيرانية إنها طائرات أمريكية- تجمعًا حاشدًا عند قبر القائد في الحرس الثوري الإيراني سليمان قاسمي (قائد فيلق القدس)، والذي اغتالته الولايات المتحدة في ضربة قرب مطار بغداد بالعراق. وأسفر الهجوم على مقبرة سليماني- حتى وقت كتابة التقرير- عن سقوط أكثر من 70 قتيلا وما يزيد عن 170 جريحًا، وسط ترجيحات بارتفاع أعداد الضحايا، في ظل الحشود التي كانت حاضرة في هذه الذكرى.

والسؤال المطروح الآن، وقبيل ساعات قليلة من الخطاب المرتقب لزعيم حزب الله، حسن نصر الله، هل سيخوض الحزب حربًا مباشرة مع إسرائيل تنفيذًا للتهديدات السابقة التي حذرت الاحتلال من تنفيذ أي عمليات اغتيال على أرض لبنان؟

وأيًا ما كانت الإجابة، فمن المؤكد أن عملية اغتيال العاروري ومن بعدها بساعات قليلة الهجوم الإرهابي في إيران، يمثلان تحولًا كبيرًا في مجريات الأحداث، علاوة على تيقُّن حزب الله من أن إسرائيل بدأت في مخالفة قواعد الاشتباك، لكن مرة أخرى: هل ستكون بذلك إسرائيل قد تخطّت الخطوط الحمراء التي تحدث عنها حسن نصر الله، ومن ثم يضغط الحزب على "زناد الحرب"؟

لا ريب أن الساعات المقبلة تحمل في جعبتها الكثير من الإجابات، رغم أنها ربما لن تكون إجابات شافية، لكنها من المؤكد ستساعد في توقع الأحداث وقراءة ما بين السطور.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خطة الجحيمفي غزة.. ما الذي تخطط له حكومة نتنياهو ؟

في ظل ترقب العالم انفراج المفاوضات بين إسرائيل وحماس، بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، تسير حكومة بنيامين نتنياهو في الاتجاه المعاكس، تماما، معلنة عن ما يُعرف بـ"خطة الجحيم"، وهي تصعيد عسكري شامل يهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض بالقوة.

اقرأ ايضاًموقف "التعاون الإسلامي" من الخطة العربية لإعادة إعمار غزة

التقارير الإسرائيلية تتحدث عن حصار أكثر قسوة، تهجير جديد، وخطط لغزو واسع النطاق. في المقابل، تتمسك المقاومة الفلسطينية بالدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، مع ربط الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين بوقف دائم للحرب.  
 

 

⛔️ إسرائيل تُعدّ لـ”خطة الجحيم” في غزة.. ما الذي تخطط له حكومة نتنياهو واستعدادات المقاومة لمواجهة الاحتلال؟ 

???? بينما يترقب العالم أي انفراجة جديدة في الحرب على #غزة بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، تسير حكومة بنيامين #نتنياهو في الاتجاه المعاكس، مُعدّة لما… pic.twitter.com/5vPhhs8tAb

— عربي بوست (@arabic_post) March 8, 2025

 

 

جاء ذلك، بحسب ما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن مصدر مطلع قوله إن إسرائيل تنوي استئناف الحرب من خلال زيادة الضغط على "حماس".

 

وأفاد المصدر، الذي لم تسمه الصحيفة الأميركية، بأن إسرائيل قد تغزو غزة بقوة عسكرية أكبر بهدف السيطرة على الأرض واحتلال مناطق معينة.

من جانبها، قالت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع إن "المستوى السياسي في إسرائيل أصدر تعليماته للجيش بالاستعداد الفوري للقتال في غزة".

ونقلت الصحيفة الأميركية أن "وسطاء قالوا إن إسرائيل عرضت تمديد وقف إطلاق النار لمدة شهر إذا استمرت الحركة في إطلاق سراح المحتجزين"، في حين تسعى حماس لفتح محادثات حول إنهاء الحرب بشكل كامل وترفض مناقشة نزع السلاح، وفقاً للمصدر ذاته.

تلك الخطوات بدأت بشكل فعلي الأسبوع الماضي بعد منع إسرائيل دخول البضائع والإمدادات إلى غزة، فيما ستشمل الخطوات التالية قطع الكهرباء والمياه.

من جانب آخر، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر مطلع أن المستوى السياسي في إسرائيل أصدر تعليماته للجيش بالاستعداد الفوري للقتال في غزة.


في المقابل، أكد أبو عبيدة، المتحدث العسكري باسم كتائب القسام، أن المقاومة في "أعلى درجات الجهوزية"، وأنها مستعدة للرد على أي عدوان جديد، مؤكداً التزام المقاومة باتفاق وقف إطلاق النار في حين تتنصل منه إسرائيل تحت غطاء أمريكي.

وشدد أبو عبيدة أن "تهديدات نتنياهو بالعودة للحرب ليست إلا دليلًا على فشله العسكري"، مشيرًا إلى أن أي تصعيد إسرائيلي سيعرض الأسرى الإسرائيليين في غزة للخطر.  
 

اقرأ ايضاًيوم المرأة العالمي.. 260 ألف فلسطينية تعرضن لعنف "الإبادة الجماعية"

وفي مطلع مارس/آذار الجاري، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة التي استمرت 42 يوما، فيما تنصلت إسرائيل من الدخول في المرحلة الثانية التي تشمل إنهاء الحرب.  
 

 

المصدر: وكالات


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

عمر الزاغ

محرر أخبار، كاتب وصانع محتوى عربي ومنتج فيديوهات ومواد إعلامية، انضممت للعمل في موقع أخبار "بوابة الشرق الأوسط" بعد خبرة 7 أعوام في فنونالكتابة الصحفية نشرت مقالاتي في العديد من المواقع الأردنية والعربية والقنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي. ‎

الأحدثترند "خطة الجحيم"في غزة.. ما الذي تخطط له حكومة نتنياهو ؟ مسلحون من الفلول سلموا أنفسهم بعد اشتباكات اللاذقية موقف "التعاون الإسلامي" من الخطة العربية لإعادة إعمار غزة يوم المرأة العالمي.. 260 ألف فلسطينية تعرضن لعنف "الإبادة الجماعية" ظهور جديد للمجندة الإسرائيلية المحررة "بيرغر".. ماذا قالت؟ Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • جنرال إسرائيلي يحذر من تداعيات استئناف القتال بغزة.. 3 خيارات و7 أسئلة
  • حزب الله: لا اتفاق سري مع إسرائيل وعلى الاحتلال الانسحاب من جنوب لبنان
  • الشيخ نعيم قاسم : اسناد غزة لم يكن سبب الحرب على لبنان ..!
  • لماذا لا يمكن للسلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واختيار المقاومة؟
  • مسؤول عسكري سابق: إذا تجددت الحرب لن تُهزم حماس و”إسرائيل” ستفقد شرعيتها الدولية 
  • العربي للدراسات السياسية: إسرائيل تستخدم سلاح التجويع للضغط على المقاومة
  • نتنياهو والعودة إلى الحرب
  • حماس: نتنياهو يتحمل مسؤولية الحصار والتجويع
  • خطة الجحيمفي غزة.. ما الذي تخطط له حكومة نتنياهو ؟
  • تعطيل الاحتلال الإسرائيلي لصفقة التهدئة وقرع طبول الحرب