في ذكرى اغتيال قاسم سليماني
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
كمال حسن علي اللواتي
بدخولنا العام الجديد عام 2024، نكون قد أكملنا حتى يوم 7 يناير، ثلاثة أشهر على انطلاق معركة "طوفان الأقصى"؛ حيث لا زالت دولة الفصل العنصري تمارس وحشيتها وساديتها وإجرامها في قطاع غزة، لا تفرق بين طفل وشاب وشيخ وشيخة وعسكري ومدني، بل إن أغلب ضحاياها من المدنيين لأنها غير قادرة على النيل من كوادر كتائب عز الدين القسام ولا على فصائل المقاومة الآخرين.
بمناسبة مرور ثلاث سنوات على استشهاد المجاهد البطل قاسم سليماني ورفاقه قرب مطار بغداد والذي استشهد يوم 1 يناير 2020، دعتنا سفارة جمهورية إيران الإسلامية لحضور الحفل التأبيني الذي أقامته في السفارة بهذه المناسبة، وكم كنت أتمنى أن لا يكون الحفل التأبيني يتيمًا تتبناه السفارة الإيرانية فقط؛ كونه إيرانيًا، فسليماني شخصية عابرة للأوطان، وحُق له أن يكون للإنسان كله، وللإنسانية كلها، سليماني، خصوصًا مع اختياره التام أن يكون مسؤولا عن ملف القدس وقضية فلسطين.
بدايةً تحدث في الحفل سعادة السفير الإيراني بكلمة مقتضبة عن إنجازات الشهيد قاسم سليماني في مساندة محور المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، ودعم هذا المحور على المستوى العسكري والمالي والتدريبي. ثم تحدث أحد الإخوة العمانيين، مشيدًا بدور الجمهورية الإسلامية في خلق هذا المحور ومساندته بشتى الطرق ليكون قادرًا على مجابهة الكيان الغاصب.
الذي لاحظته في الكلمة الأخيرة أنها لم تشر إلى طرف آخر يساعد محور المقاومة غير إيران، وهذه حقيقة أصبحت من الواضحات، وهي حقيقة مزعجة في نفس الوقت، أنه كيف تنقلب الحكومات العربية وتقف ضدها بعد أن كانت تمثل لها القضية المركزية الأولى.
مسألة أخرى وهي أنه مع كل هذا الوضوح في دعم إيران للقضية الفلسطينية، إلا أنه لا زالت هناك نخب كثيرة وجمهور عريض ينكر ذلك، وإذا أقر فيحاول أن لا يعطي إيجابية لإيران مبررا هذه المساعدة بأنها لأجل مصالح إيران التوسعية.
لا زالت المذهبية والقومية تلعب دورا كبيرا في التحيزات، فلا يستطيع المرء أن ينفك منها مهما كانت الحقائق واضحة، وهذا لا يرتبط بمذهب معين، وإنما كلٌّ مبتلى به والاختلاف يكون في مساحة التحيز وليس في أصله.
يلاحظ أنه بعد مرور ثلاثة أشهر على طوفان الأقصى أن زخم التأييد تراجع بدرجة ما، بالرغم من عدم تراجع وحشية الكيان الصهيوني، وكم كنت أتمنى أن يستمر زخم التأييد مستمرًا حتى وقف الاعتداء الإسرائيلي كليًا.
الاعتياد بمرور الزمن، والضجر والملل غير الإرادي، وكذلك تعوّد البصر والقلب على مشاهد الدمار والضحايا كل هذا وغيره يجعل الإنسان- ربما بدون قصد- يتراجع عن التأييد، ويصيبه الملل من التكرار، وهذا أخطر داء قد يصيب كلّ محبٍّ للقضية ومساندٍ لها. لذا الحذر ثم الحذر من هذه الحالة التي قد تصيبنا كلنا.
الجانب الإيجابي الكبير في طوفان الأقصى أنه استطاع أن يهز الضمير العالمي، واستطاع أن يفك قيود الإنسان الغربي بعد أن حاصره الإعلام الصهيوني الأمريكي، واستطاع أن يفتح وعيهم على الحقيقة التي ظلت لعقود أسيرة للإعلام المضلل، كما استطاع كشف كل أقنعة شعارات الحرية وحقوق الإنسان التي صدّع الغرب بها رؤوس العالم.
من الإيجابيات الأخرى أنها استطاعت أن تحرك ضمائر الدول البعيدة، بعد أن عاداها الجار والقومي والديني عندما طبع مع الكيان الصهيوني، وها هي دولة جنوب أفريقيا تقيم دعوى قضائية في المحكمة الجنائية ضد الكيان الغاصب على أعمال الإبادة الجماعية التي مارسها ويمارسها في غزة، وفي المقابل لم تفعلها الدول العربية لا منفردة ولا مجتمعة.
تتحدث الدول الغربية وأمريكا والكيان الغاصب حول مستقبل غزة بعد توقف المعارك، وما هي الصورة التي يجب أن تكون عليها غزة بعد القضاء على حماس، ولا نرى أو نسمع أية مشاركة عربية في هذه الرؤية، ولا نسمع من حكوماتنا ماذا يخططون وماذا يريدون لغزة وفلسطين، ولا نسمع حديثا عن حل الدولتين وشكل الدولتين ومساحتهما وخرائطهما.
استعان الغرب؛ بل أنشأ تنظيم "داعش" وقبله "طالبان" لمحاربة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، ولتغيير خرائط الشرق الأوسط من خلال داعش وأخواتها، ونحن لا زلنا نعتبر حماس وحزب الله وأنصار الله حركات إرهابية! فضلا عن أن نستعين بهم للضغط على أمريكا والكيان لتحقيق ما نريده.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
قبل «طوفان الأقصى» بـ6 أيام.. تقرير استخباراتي يكشف رفض نتنياهو اغتيال السنوار
في خضم تصاعد الأحداث في المنطقة، خاصة بعد تأجيل سلطات الاحتلال إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، كشفت وسائل إعلام عبرية عن مفأجاة من العيار الثقيل، تناولت قرارات حاسمة كان من الممكن أن تؤثر على مجريات الصراع، ومنها أن رئيس حكومة الاحتلال رفض اغتيال رئيس حركة حماس الشهيد يحيى السنوار، وفق ما نشرت قناة «القاهرة الإخبارية».
طلب باغتيال يحيى السنوار قبل 7 أكتوبروفقًا لتقرير استخباراتي إسرائيلي نشرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، طلب رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، من نتنياهو، في الأول من أكتوبر 2023، الموافقة على اغتيال قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، قبل 6 أيام فقط من عملية «طوفان الأقصى»، إلا أن نتنياهو رفض الطلب، في وقت كان فيه الشاباك يراقب عن كثب تحركات حماس، التي كانت تُعِد للهجوم المفاجئ على جنوب إسرائيل.
في المقابل، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الادعاءات بشكل قاطع، مؤكدًا أن نتنياهو ناقش سيناريوهات لعمليات اغتيال مستهدفة في غزة، بينما كان «بار» يدفع باتجاه تقديم حوافز مدنية لحماس لتهدئة الوضع، وليس تنفيذ اغتيالات.
بحسب تقرير القناة 12 الإسرائيلية، فإن التحقيقات الداخلية لجهاز الشاباك كشفت عن سوء تقدير كبير لنوايا حماس، حيث لم يكن الجهاز يتوقع أن تنفذ الحركة هجومًا استراتيجيًا بهذا الحجم.
معلومات استخباراتيةوفقًا لما نشرته «تايمز أوف إسرائيل»، اجتمع رونين بار مع كبار مسؤولي الشاباك قبل ثلاث ساعات فقط من بدء الهجوم، بعد أن تلقى معلومات تشير إلى تحركات غير طبيعية من قبل حماس.
شملت هذه المعلومات، تشغيل عدد كبير من بطاقات SIM الإسرائيلية داخل غزة، واختفاء قادة كتائب القسام ونزولهم إلى الأنفاق.
في البداية، اعتقد الشاباك أن حماس ربما تستعد لهجوم إسرائيلي محتمل، ولم يكن متأكدًا من نواياها الفعلية، لذا قرر الشاباك إرسال وحدات لمكافحة الإرهاب إلى الحدود مع غزة، تحسبًا لهجوم محدود.
ومع ذلك، لم يتم إبلاغ مكتب نتنياهو بالمعلومات الاستخباراتية إلا بعد بدء الهجوم بالفعل في الساعة 6:13 صباحًا. وقبيل 7 أكتوبر، لم يكن الشاباك يعتبر قوات النخبة التابعة لحماس تهديدًا استراتيجيًا، وكان يعتقد أن السياج الحدودي كافٍ لمنع أي هجمات برية.
وكان التركيز الأكبر على القدرات البحرية لحماس وليس على احتمال وقوع هجوم بري واسع النطاق.
في السنوات الماضية، طالب رؤساء الشاباك السابقون، يورام كوهين ونداف أرجمان ورونين بار، بتنفيذ عمليات اغتيال تستهدف يحيى السنوار ومحمد الضيف، إلا أن القرارات السياسية كانت تحول دون تنفيذها في كثير من الأحيان.