في غزة.. أن تكون طفلا فلسطينيا فهي نقمة وليست نعمة
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
إن كونك طفلاً فهو أحد أعظم النعم في الحياة، فالطفولة هي المكان الذي نبدأ فيه في حب هذا العالم، لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة للجميع، وخاصة بالنسبة لأطفال غزة، حيث أن العكس هو الواقع.
هكذا يرصد مقال كتبه الطبيب فلسطيني والباحث في السياسة الصحية بهزاد الأخرس، لموقع "ميدل إيست آي"، وترجمه "الخليج الجديد"، يقول فيه إن تولد طفلا فلسطينا فهي "نقمة وليست نعمة"، معلقا على 3 قصص، تكشف صدمة الأطفال في غزة، التي تتجاوز أسوأ كوابيس لأي شخص.
ويرسم الأخرس صورة لإحساس الطفل في غزة تحت القصف الإسرائيلي، في قصة الطفلة فاطمة، عندما لا تستيقظ على الابتسامات المألوفة واحتضان أمها وأبيها في المنزل، بل تستيقظ وحدها في ممر إحدى المستشفيات مرتبكة وخائفة ومصدومة، والغبار يغطي عينيها الصغيرتين والدم على خديها، والألم الشديد في ساقها المكسورة.
وتتساءل فاطمة عن الخطأ الذي ارتكبته حتى تعيش هذا الكابوس، ولماذا لم توقظها أمها؟، ولماذا والدها ليس موجودا ليواسيها ويعانقها ويطمئنها كما يفعل دائما عندما تكون خائفة؟.
وتقول فاطمة في نفسها: "أعلم أني شقية أحيانا، لكن هذا ليس عذرا لمعاقبتي بهذه الطريقة".
اقرأ أيضاً
أونروا: شهداء غزة من الأطفال والنساء يفوق قتلى المدنيين في حرب أوكرانيا
وتنتظر الطفلة، ويمضي الوقت متثاقلا، وببطء تبدأ في التعرف على واقعها الجديد.
فوالدها مفقود تحت الأنقاض، ووالدتها راقدة في الممر باردة وبلا حياة، وإخوتها بين من هو في العناية المركزة أو في غرفة العمليات أو في ثلاجة المشرحة.
وتبدأ الصغيرة، وفق المقال، بملاحظة ملامح الوجوه من حولها، إنهم بشر، لكن ماذا حدث لهم ليبدوا هكذا كالأشباح؟، ولماذا وجوههم بلا دم ولا حياة؟.
وفي تلك الأثناء تسمع صوتا يعلن وصول شقيقتها الكبرى بيسان، التي تتدرب لتكون طبيبة الأسرة.
وأخيرا سترى فاطمة أختها الحبيبة لتمنحها حنينها وبعض المواساة، وتسمع شخصا يقول مرة أخرى "وصلت بيسان"، لكنها كانت جثة متفحمة.
اقرأ أيضاً
يونيسف: غزة أصبحت أخطر مكان في العالم على الأطفال
وتحدق فاطمة ذاهلة معتقدة أن بيسان وصلت لعلاج وتضميد جراح جسمها المكسور، لكنها تفيق من ذهولها وتبدأ في البكاء والصراخ لتملأ هذا العالم بالضجيج، في محاولة أخيرة للاستيقاظ من هذا الكابوس بطريقة تتجاوز أسوأ خيالاتها.
ويبدأ أحد المسعفين تنظيف وجه فاطمة ويمسح الغبار والدم عن وجهها، بينما يقوم طبيب آخر بفحص كسورها وممرضة تهدئها خلال هذا الجنون المستمر.
وينتقل الكاتب إلى مشهد آخر على بعد مئات الأمتار فقط، حيث يرقد ابن عم فاطمة، أحمد، وهو في عمرها، في ظلام دامس، يصرخ طلبا للمساعدة، ولكن لا مجيب. وبينما هو عالق ومضطرب ومذعور، لا يدرك بعد أنه مدفون تحت أنقاض المبنى المكون من 6 طوابق.
ويحاول تهدئة نفسه ويواسيها ظانا أن والده، بطله الخارق الحقيقي، الذي كان يحميه دائما ويؤمنه من الخوف سيجده في النهاية وينقذه. وبينما هو ينتظر بدأ يشعر بملامح جثة الشخص الذي تحته.
وبدأ ببطء يتذكر ما حدث عندما وقع القصف. وتنبه أنها جثة والده الذي حماه بجسده من الانفجارات والانهيارات ومات في هذه الأثناء منقذا طفله.
اقرأ أيضاً
مجزرة أطفال في غزة.. قتيل كل 7 دقائق وتكرار لإبادة رواندا الجماعية
وفي مكان قريب، ربما كانت حنان، ابنة الـ11 شهرا، أول رضيعة في العالم تختبر رحلة طيران مجانية من مبنى من 4 طوابق.
فبعد أن كانت مع أمها على سطح المنزل الذي يفترض أنه كان آمنا، حملها صدى انفجارات القصف في الهواء، مثل طائرة ورقية، إلى مزرعة قريبة، حيث هبطت بسلام بين أغصان شجرة كانت بمثابة أمها.
ويعلق الأخرس على المشهد بأنه كان "معجزة حقيقية في زمن ولت فيه المعجزات، لكنها كانت المعجزة الوحيدة التي حلت بالعائلة".
أما الباقون فقد قضوا نحبهم جراء الغارة الجوية، وتحطمت أجسادهم ودُفنت تحت الأنقاض، تاركين ملاكهم الصغير الناجي الوحيد بمعجزة ومن مذبحة في الوقت نفسه.
ويلفت إلى أن هذه القصص ليست ملفقة أو كوابيس أو قصصا خيالية للأطفال، ولكنها أحداث حقيقية وفعلية من ليلة واحدة في حي واحد في غزة
ويختتم الأخرس مقاله بالقول: "هذه هي الحقائق الحية لحياة الأطفال في القطاع، والقارئ لها لديه خيار قراءتها كقصص أو كوارث حقيقية".
اقرأ أيضاً
ياسين بونو يحقق حلم طفل فلسطيني بترت قدمه في عدوان غزة
المصدر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أطفال غزة فلسطين إسرائيل قصف شهداء طفل طفل فلسطيني اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
(في أمر جلل يهز العالم والإنسانية: 93,3% نعم و 6,7% لا. فنطبق على العالم حكم %6,7 !!!)
هل عرف العالم إفلاسا أكثر من هذا للمنظومة الدولية، أخلاقيا وفكريا وديمقراطيا وقانونيا، عندما يعارض طرف واحد إجماع 14 عضوا في مجلس "الأمن" قرارا إنسانيا بالدرجة الأولى لوقف الإبادة الجماعية لشعب أعزل، إلا من قوة إرادته على الصمود والثبات في أرضه ومنازلته للمحتل بأقصى مما جاد الله عليه من ذكاء ووسائل إصرار وتوفيق في التصويب والتنكيل بالعدو!؟
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.
إذن سموه ما شئتم إلا أن يكون مجلس "أمن" ! أين الأمن للضعفاء وللمحرومين وللمضطهدين! هذا مجلس تواطؤ ومجلس شرعنة قانون الغاب ومجلس تكريس منطق دوس القيم وكل المثل الانسانية من أجل شهوة متعطشين لسفك الدماء! ينبغي لأحرار العالم من دول ومنظمات وهيآت دولية ومجتمعية الثورة على هذا المنطق الاستعماري الذي تكوى به الانسانية منذ عقود من الزمن!
يتجلى الإفلاس الأخلاقي عندما يرى العالم هذه الفظائع من الإجرام تطال النساء والأطفال بالدرجة الأولى (70 بالمائة من ضحايا الحرب)، ثم يسلم لعنجهية الراعي والداعم المستمر للإبادة في غزة، الإدارة الأمريكية.ويدل هذا التصويت على الإفلاس الفكري للمنظومة الحداثية الغربية التي صدعت العالم لعشرات السنين، بعد الحرب العالمية الثانية بمشروعها "المبشر" بإنقاذ البشرية من التخلف ومن الكراهية ومن القمع والاستبداد ومن الإرهاب، فإذا هي تكشف عن حقيقتها بالدوس على ذلك كله، وإستدعاء عمقها الصليبي الاستعماري بتوظيف القوة، كل أنواع القوة المادية والاستخباراتية والابتزازية وغيرها من أجل التنكيل الممنهج بكل مطالب بحقه في الحرية وفي الانعتاق من الظلم والاستغلال والاحتلال.
كما يدل هذا التصويت على الإفلاس الديمقراطي السياسي، إذ كيف تتحكم نسبة 6,7% تمثلها الإدارة الأميركية في مصير شعب بأكمله تحت الإبادة الجماعية المستمرة وترفض إيقاف الحرب ونتجاهل 93,3% من أصوات ممثلي باقي دول العالم التي صوتت لإيقاف الحرب!!
كما يعبر هذا التصويت عن الإفلاس القانوني للمنظومة الدولية حين تعطل المحاكم الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية ومهام المقررين الأمميين من أجل نزوات استعلائية تسلطية استعمارية موروثة من عهد بائد سيء الذكر، لخمسة من دول العالم، ويتم تجاهل رأي 188 دولة أخرى من بين 193 دولة عضوة الآن في الأمم المتحدة.
وإنك لتعجب أشد العجب وأنت تفتح الموقع الرئيس للأمم المتحدة على الأنترنيت وتجد التقديم التالي بالأحرف الكبيرة:
"الأمم المتحدة: السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.
تعريف بنا: مكان واحد حيث يمكن لدول العالم أن تجتمع معا، وتناقش المشكلات الشائعة
و تجد حلولا مشتركة".
﴿أَلَمۡ تَرَ كَیۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ ٦ إِرَمَ ذَاتِ ٱلۡعِمَادِ ٧ ٱلَّتِی لَمۡ یُخۡلَقۡ مِثۡلُهَا فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ٨ وَثَمُودَ ٱلَّذِینَ جَابُوا۟ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ ٩ وَفِرۡعَوۡنَ ذِی ٱلۡأَوۡتَادِ ١٠ ٱلَّذِینَ طَغَوۡا۟ فِی ٱلۡبِلَـٰدِ ١١ فَأَكۡثَرُوا۟ فِیهَا ٱلۡفَسَادَ ١٢ فَصَبَّ عَلَیۡهِمۡ رَبُّكَ سَوۡطَ عَذَابٍ ١٣ إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلۡمِرۡصَادِ ١٤﴾ [الفجر ]
*مسؤول مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان/ المغرب