وصل منتخب نيوزيلندا صباح اليوم الأربعاء سلطنة عُمان وذلك لإقامة معسكر تدريبي بهدف الوصول للجاهزية الكاملة قبل المشاركة في تصفيات الهوكي المؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقبلة "باريس 2024" والتي ستقام خلال الفترة من 15 - 21 يناير 2024 بالمجمع الجديد "هوكي عُمان" بولاية العامرات بمحافظة مسقط، وبمشاركة 8 منتخبات عالمية ستتنافس في حجز 3 بطاقات مؤهلة للأولمبياد المقبل، وذلك في أول حدث رياضي أولمبي وفي سابقة هي الأولى عبر تاريخ الرياضة العمانية.

ويعتبر منتخب نيوزيلندا أول الواصلين لسلطنة عُمان، يعقبها وصول المنتخب الإنجليزي صباح الغد لمطار مسقط، ويعتبر المنتخب الإنجليزي أحد المرشحين لبلوغ أولمبياد باريس 2024، ويفتتح منتخبا ألمانيا وكندا مشوار التصفيات الأولمبية، وبمشاركة 8 منتخبات عالمية ستتنافس في حجز 3 بطاقات مؤهلة للأولمبياد المقبل، وذلك في أول حدث رياضي أولمبي وفي سابقة هي الأولى عبر تاريخ الرياضة العمانية، أسند الاتحاد الدولي للهوكي لسلطنة عُمان. وتشارك فيه 8 منتخبات وهي: ألمانيا ونيوزيلندا وكندا وتشيلي وإنجلترا وماليزيا وباكستان والصين.

وجاءت فكرة استضافة هذه التصفيات المؤهلة لأولمبياد باريس 2024 بعد قرار الاتحاد الدولي للهوكي نقل التصفيات من باكستان إلى بلد آخر، حيث قدم الاتحاد العُماني للهوكي ملفا للاستضافة بعد البنية الجديدة للعبة في سلطنة عُمان، وإنشاء الملعب "هوكي عُمان" الجديد والمتكامل لممارسة رياضة الهوكي والخاص باستضافة بطولة كأس العالم لخماسيات الهوكي، التي ستستضيفها سلطنة عُمان خلال الفترة من 24 وحتى 31 يناير 2024 بمحافظة مسقط، بمشاركة 32 منتخبا عالميا، والذي يحوي على العديد من المرافق وفق مواصفات واشتراطات دولية.

برنامج التصفيات الأولمبية

ستنطلق مباريات التصفيات يوم 15 يناير المقبل وذلك بإقامة 4 لقاءات، ففي اللقاء الأول يلتقي منتخبـا ألمانيا وكندا في الساعة الثانية ظهرا، يعقبه لقاء نيوزيلندا وتشيلي، ثم لقاء ماليزيا والصين، وفي آخر لقاءات اليوم الأول يلعب منتخبـا إنجلترا وباكستان. بينما يوم 16 يناير يلتقي في اللقاء الأول كندا وتشيلي، يعقبه لقاء نيوزيلندا وألمانيا، ثم لقاء باكستان والصين، وتختتم اللقاءات بمباراة ماليزيا وإنجلترا. وتخلد المنتخبات لراحة إجبارية يوم 17 يناير، على أن تعود للمنافسات يوم 18 يناير، وتفتتح المباريات بلقاء ألمانيا وتشيلي، ثم لقاء كندا ونيوزيلندا، بينما يلعب في اللقاء الثالث إنجلترا والصين، وفي ختام اللقاءات يلعب باكستان وماليزيا، على أن تمنح المنتخبات الـ 8 المشاركة راحة إجبارية يوم 19 يناير، قبل أن تعود مرة أخرى للتنافس في الأدوار النهائية يومي 20 و 21 يناير المقبل وذلك لحسم 3 بطاقات مؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية باريس 2024.

كما أن تصفيات الهوكي المؤهلة لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية المقبلة تعد بروفة نهائية لتجربة الملعب الجديد "هوكي عُمان" قبل استضافة بطولة كأس العالم لخماسيات الهوكي، التي ستستضيفها سلطنة عُمان خلال الفترة من 24 وحتى 31 يناير 2024 بمحافظة مسقط.

من جانب آخر تسلمت وزارة الثقافة والرياضة والشباب مشروع الملعب الجديد بولاية العامرات "هوكي عُمان" والخاص باستضافة هذا الحدث العالمي، ويتكون المشروع من الملعب الرئيسي الذي ستقام عليه منافسات خماسيات كأس العالم، وملاعب أخرى للتدريب وغيرها من المرافق الأخرى، ويأتي بناء هذا المجمع وفق الاشتراطات التي وضعها الاتحاد الدولي للهوكي من حيث المكاتب والغرف لتبديل الملابس والإسعافات الأولية والحكام والمراقبين والجهات الأمنية وكبار الشخصيات وكذلك المنصة الرئيسية ومدرجات الجماهير وأيضا منصة النقل التلفزيوني وغيرها من الجوانب التي روعيت عند إنشاء هذا المجمع، حتى يكون المجمع حديثا وعصريا يواكب التطور الحاصل في اللعبة عالميا، وخلال منافسات المونديال سيحوي المجمع المتكامل الملعب الرئيسي الذي ستقام عليه المباريات الرسمية، بينما سترافقه 4 ملاعب أخرى للتدريب، وسيتم لعب 16 مباراة يوميا أثناء منافسات كأس العالم (كل مباراة 30 دقيقة)، وبعد الانتهاء من استضافة مونديال الهوكي سيتم إجراء تعديل على الملاعب وذلك بإقامة ملعبين للهوكي (الملعب الكامل) وملعب آخر للخماسيات، أما مدرجات الجماهير فستكون مجهزة لأكثر من 5000 مقعد أثناء فترة إقامة البطولة، ويمكن إزالتها واستغلالها في ملاعب أخرى، والمجمع المتكامل تم إنشاؤه وفق أحدث المقاييس والتصاميم المعتمدة من الاتحاد الدولي للهوكي، وأيضا وفق الخبرات التراكمية الموجودة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وكذلك وفق الإمكانيات المالية.

وبلا شك أن استضافة هذه التظاهرة الرياضية الكبيرة، ستعود بالنفع على سلطنة عُمان في مجالات شتى وستعكس فوائد جمة وإيجابيات لا حصر لها، وستطال أمورا عدة، وستحدث نقلة نوعية وطفرة كبيرة في المجال الرياضي والسياحي والثقافي والاقتصادي وذلك بحكم استضافة سلطنة عُمان عددًا من البطولات الإقليمية المهمة، لذا فإن الاتحاد الدولي للهوكي لديه الثقة الكاملة، وعلى يقين بأن سلطنة عُمان ستنظم نسخة استثنائية وستبهر العالم في هذا العرس العالمي، وأيضا استضافة هذا الحدث الأولمبي في اللعبة يعد مكسبا كبيرا لسلطنة عُمان وللرياضة العُمانية باعتبار أنّ البطولة تُعدّ أول نسخة من خماسيات الهوكي يتم تنظيمها عالميًا، وستعمل الاستضافة أيضا على ترسيخ اسم عُمان في تاريخ البطولة، وسيكون له الأثر الكبير في تطوير لعبة الهوكي محليا من مختلف الجوانب الفنية والإدارية.

ترويج سياحي واقتصادي وثقافي

ومن الأهداف التي وضعتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب والاتحاد العُماني للهوكي من هذه الاستضافة الأولمبية، هي الترويج السياحي والاقتصادي والثقافي والرياضي لسلطنة عُمان وذلك من خلال حضور أقوى 8 منتخبات في العالم في اللعبة، وأيضا تعزيزا لمحور السياحة الرياضية ضمن رؤية عُمان 2040، كما تساهم هذه الاستضافة على نشر اللعبة محليا، وكذلك الاستفادة الفنية والإدارية والتنظيمية التي سيكتسبها الاتحاد العُماني للهوكي وكذلك لاعبو المنتخبات الوطنية وأيضا الأجهزة الفنية وغيرها من الجهات الأخرى.

كما أن استضافة مثل هذا الحدث الأولمبي الأول في تاريخ الرياضة العمانية، يعد حدثًا كبيرًا ليس للاتحاد العُماني للهوكي فقط، وإنما للرياضة العُمانية ولسلطنة عُمان، بحكم أن هذه التصفيات الأولمبية التي ستقام في محافظة مسقط في شهر يناير المقبل لن تكون في الجانب الرياضي فقط، بل يؤكد على ثقة العالم بسلطنة عُمان وقدرتها على تنظيم حدث عالمي بهذا الحجم، ومما لا شك فيه أن التصفيات منذ الإعلان عنها تبشر بمرحلة جديدة تضع سلطنة عُمان على خارطة البطولات الرياضية الكبرى، كما أن هذه الاستضافة التي ستستقطب عشرات الآلاف من المشجعين والجماهير من مختلف دول العالم ستعزز التبادل الثقافي والعلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وعشرات الدول العالمية، وبلا شك أنها فرصة تستحق أن يتم استغلالها بشكل كبير وعلى كافة المستويات الرياضية والسياسية والاقتصادية والسياحية.

كما أن التصفيات الأولمبية توازي في أهميتها تنظيم بطولة كأس العالم للهوكي، حيث إن العديد من الدول تتنافس على استضافة هذه المحافل الدولية، وقبل أن تظفر سلطنة عُمان باستضافة هذه التصفيات نافستها عدة دول ومنها ماليزيا وغيرها من الدول الأخرى إلا أن ملف سلطنة عُمان كان الأفضل وذلك بعد المكانة الرياضية المثمرة والمرموقة التي حصدتها سلطنة عُمان على الصعيدين القاري والدولي في اللعبة، مما يعكس حجم الثقة الغامرة في منح عُمان حق هذه الاستضافة المرتقبة، بكل ما تفرزه من معطيات ومكتسبات ملهمة وظواهر إيجابية وفوائد جمة تحمل في طيّاتها مؤشرات طيبة وانعكاسات مبشرة ومدلولات عميقة ذات أبعاد جوهرية متينة ومعانيَ وقيمًا سامية ترسّخ سمعة ومكانة عُمان دوليا وقاريا على صعيد لعبة الهوكي.

وتساهم في إنجاح هذه التصفيات الأولمبية عدة جهات حكومية وخاصة، وفي مقدمتها وزارة الثقافة والرياضة والشباب حيث يتلخص دورها في الاهتمام الكبير بتسهيل الإجراءات وتنظيم الفعاليات على كافة الأصعدة، كما أن الجهات الحكومية الأخرى هي أيضا تواصل تعاونها البناء ومساندتها لجهود الاتحاد العُماني للهوكي في تنظيم واستضافة مثل هذه البطولات العالمية مثل وزارة السياحة وشرطة عمان السلطانية وباقي الجهات ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة، وهناك أيضا عدد من شركات القطاع الخاص تقف إلى جانب الاتحاد وتساهم بدعم مادي يساهم في تسهيل عملية الاستضافة، ولا يخفى على الجميع أيضا الدور الإعلامي البارز الذي تقدمه وسائل الإعلام المختلفة والتي تعتبر الشريك الحقيقي والاستراتيجي في نجاح أي بطولة ونقلها للعالم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وزارة الثقافة والریاضة والشباب التصفیات الأولمبیة هذه التصفیات استضافة هذه کأس العالم فی اللعبة وغیرها من باریس 2024 کما أن

إقرأ أيضاً:

الثائر الجيد هو الثائر الميت: التصفيات الجسدية كأداة لإعادة إنتاج الهيمنة في السودان

في قلب المشهد السياسي السوداني، حيث تتناسل الأزمات كأفاعٍ تتبدل جلودها دون أن تغيّر طبيعتها السامة، لا تزال الجبهة الإسلامية، بروافدها العميقة في الدولة، تمارس طقسها المقدّس في وأد الثورات. لم يكن إسقاط البشير في أبريل 2019 إلا لحظةً في سيرورة طويلة من الصراع بين إرادة التحرر وبين قوى الهيمنة، التي أعادت تشكيل نفسها داخل أجهزة الدولة، متخفيةً خلف قناع جديد، لتستمر في إنتاج الموت كأداةٍ لضبط المجال السياسي وإخضاع الإرادة الشعبية.

منذ اللحظة التي سقط فيها رأس النظام، بدأت الدولة العميقة في إعادة فرض سيطرتها على المشهد، محاولةً تحويل الثورة إلى لحظة خاطفة لا تدوم. لكن الشعب الثائر و شباب المقاومة، الذين واجهوا رصاص المجلس العسكري الانتقالي في مجزرة القيادة العامة في يونيو 2019، كانوا يعلمون أن معركتهم الحقيقية لم تنتهِ، وأن إسقاط البشير لم يكن إلا الشجرة التي تخفي الغابة.

التقارير وقتها أشارت إلى أن عدد القتلى بلغ 203 شهداء، لكن الأرقام لم تتوقف عند هذا الحد، إذ كشفت لاحقًا المقابر الجماعية وتكدّس الجثث في المشارح عن 2500 شهيد، إضافةً إلى 357 إصابة، وممارسة عنف جنسي ضد 65 متظاهرًا، واغتصاب 31 من المعتصمات، وعشرات المفقودين الذين لم يُعرف مصيرهم حتى اليوم. كما تم رمي بعض الجثث في النيل، في تكرار لذات التكتيكات التي استخدمها نظام الجبهة الإسلامية في التسعينيات.

كانت الجبهة الإسلامية، المتخفية في العتمة، تعمل على إعادة فرض سطوتها، مستخدمةً الجيش كأداة، تمامًا كما فعلت منذ أن اختطفت الدولة في 1989 عبر انقلابها على الحكومة المنتخبة، في عملية تفكيكٍ ممنهجةٍ للمؤسسات، وتحويلها إلى أدوات خادمة لأجندتها.

غير أن الدولة العميقة لم تكتفِ بإعادة إنتاج ذاتها سياسيًا، بل لجأت إلى استراتيجية أكثر وحشية، تقوم على تصفية كل من يشكل تهديدًا لاستمرارها. فعندما خرج الشباب في ديسمبر 2018، لم يكونوا يواجهون نظامًا سياسيًا فحسب، بل كانوا يواجهون بنيةً متغلغلةً في الجيش، وفي الاقتصاد، وفي المؤسسات، وفي الوعي العام.

يقول عبد الخالق محجوب: “إن القوى الرجعية لا تقتل مناضلًا، بل تقتل رمزًا، وتدفن معه فكرةً، لكنها تفشل دائمًا، لأن الأفكار تولد من جديد وسط الرماد.”

كانت الدولة العميقة أشبه بكائنٍ طفيلي، لا يموت بسقوط رأسه، بل يتحور ليستمر.
هذه البنية أدركت أن بقاءها مرهونٌ بإنتاج العنف، وأن أنجع طريقة لترميم سلطتها المختلة هي اغتيال الفاعلين الجدد في المشهد.

لكن العنف المادي لم يكن الأداة الوحيدة، فقد استُخدم الاقتصاد كسلاحٍ موازٍ للتصفية الجسدية. كانت الدولة العميقة تدرك أن سحق الثائر لا يكون فقط بالرصاص، بل يمكن أن يكون أيضًا بتجويعه وكسر روحه عبر الإفقار الممنهج.

في 25 أكتوبر 2021، كشف الجيش عن وجهه الحقيقي، عندما نفذ قائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان انقلابًا عسكريًا أطاح بالحكومة المدنية الانتقالية، منهياً بذلك أي وهم بأن الجيش قد ينحاز إلى الشعب. لم يكن هذا الانقلاب مجرد تغيير سياسي، بل كان إعلانًا صريحًا بأن الثورة يجب أن تُدفن، وأن أي محاولةٍ لإعادة بناء السودان على أسس ديمقراطية ستُقابل بالحديد والنار.

لكن البرهان لم يكن وحيدًا في هذا الانقلاب، فقد حصل على دعم قوى إقليمية ودولية، وجدت في استمرار الحكم العسكري ضمانًا لمصالحها الاقتصادية في السودان. فالدول التي استفادت من عقود الفساد والنهب لم تكن مستعدة لرؤية تحول ديمقراطي يهدد امتيازاتها.

لقد أصبح السودان ساحةً مفتوحةً للتدخلات الأجنبية، حيث تتصارع الدول الإقليمية على النفوذ، مستغلةً الانقسامات الداخلية لتحقيق مكاسبها. مصر، التي ترى في حكم العسكر في السودان امتدادًا لمنظومتها، دعمت البرهان بصمت، بينما تحركت بعض دول الخليج لضمان بقاء النظام العسكري الذي يحفظ مصالحها الاقتصادية، لا سيما في القطاعات الزراعية والموارد المعدنية. في المقابل، وجدت روسيا، التي تسعى لتعزيز وجودها في أفريقيا، موطئ قدم لها عبر صفقات الذهب وشركات المرتزقة.

في هذه الدوامة من المصالح المتشابكة، ظل البرهان ثابتًا في مكانه، رغم أن كل من حوله قد تغيروا. فقد سقط البشير، وسُجن أعوانه، وتبدلت التحالفات، لكن البرهان بقي متمسكًا بكرسيه، وكأنه يرى في ذلك تحقيقًا لنبوءةٍ قديمة، و هي أن والده حلم ذات ليلة بأن ابنه سيكون له شأن عظيم.
لم يكن البرهان يقرأ السياسة بواقعيتها، بل كان مأسورًا بوهم شخصي، يرى فيه نفسه القائد الذي لا غنى عنه، حتى لو كان ذلك يعني التضحية بوطن بأكمله.

يقول مهدي عامل: “ليست الهزيمة أن يُقتل الثائر، بل أن يُقتل الأمل في قلوب الجماهير. الطغاة يدركون ذلك جيدًا، ولهذا يحرصون على تحويل الموت إلى سياسة، والاغتيال إلى نظام حكم.”

ومع دخول السودان في أتون الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، وجدت الدولة العميقة فرصةً ذهبيةً لتصفية الثوار تحت غطاء الفوضى الأمنية. فجأة، بدأت المليشيات الإسلامية، التي كانت تعمل سابقًا كأذرع خفية في الأجهزة الأمنية، في الظهور مجددًا، ولكن بأسلوب أكثر وحشية.

في الحاج يوسف، تم العثور على جثث خمسة من شباب المقاومة، مقيدة الأيدي، وعليها آثار تعذيب وحشي، وذُكر في تقارير الطب الشرعي أن بعضهم تعرّض للذبح.

وفي الحلفايا، ارتُكبت واحدة من أبشع المجازر، حيث تم إعدام أكثر من 60 شابًا في ميدان عام بدمٍ بارد، في مشهد أعاد للأذهان مجازر الإسلاميين في دارفور وجبال النوبة. كما وثّقت لجان المقاومة عمليات تصفية أخرى في مدني، الجزيرة، سنجة، والدندر، حيث تم إعدام الثوار بالرصاص وقطع الرؤوس، في عمليات موثقة بالفيديو، حيث بثّ القتلة جرائمهم في الميديا لإرهاب البقية.

يقول إدوارد سعيد: “القمع لا يقتل فكرة، بل يمنحها حضورًا مضاعفًا، لأن الفكرة التي تُقمع تتحول إلى ذاكرة جماعية تتناقلها الأجيال.”

في النهاية، قد تكون القاعدة لدى الطغاة أن “الثائر الجيد هو الثائر الميت”، لكن الحقيقة التي يؤكدها التاريخ هي أن الثائر الميت يترك خلفه فكرةً تصبح لعنةً تطارد قاتليه.

فالمعركة لم تكن يومًا بين سلطةٍ وشبابٍ أعزل، بل بين إرادة الحياة ومنظومة الموت، وبين زمنٍ جديدٍ يحاول أن يولد من رحم الخراب القديم.

إن الطغاة يراهنون دائمًا على النسيان، لكن التاريخ لا يُمحى، والأفكار لا تموت، بل تتحول إلى بذور تُزرع في وعي الشعوب، لتُثمر في يومٍ قد يبدو بعيدًا، لكنه حتمي.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • 62.7% حصة آسيا من الشركات متعددة الجنسيات التي استقطبتها غرفة دبي العالمية في 2024
  • غدا.. اتحاد الكرة يجري قرعة الترقي المؤهلة لدوري المحترفين
  • الثائر الجيد هو الثائر الميت: التصفيات الجسدية كأداة لإعادة إنتاج الهيمنة في السودان
  • كيف تتطور التجارة بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا؟
  • تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج تفوق 9,45 مليار درهم خلال يناير
  • فوز وتعادلان في الدوري العراقي الممتاز وهذا موعد التصفيات المؤهلة للدرجة الأولى
  • صافي الأصول الأجنبية يرتفع إلى 8.7 مليار دولار في يناير 2025
  • انخفاض طلبات اللجوء إلى أوروبا بنسبة 11% في 2024 لكن العدد تجاوز المليون
  • رئيس اتحاد الجودو: البطولة الإفريقية أولى خطوات التأهل لأولمبياد 2028
  • المصرف العراقي للتجارة يمنح الاتحاد العراقي لكرة القدم (3.5) مليارات دينار لتغطية انشطته الكروية