ماليزيا تُعلن عن إجراء تُناصر به أهل غزة
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
أثير —مكتب أثير في القاهرة
أكدت ماليزيا دعمها للطلب التي تقدمت به جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية، بشأن انتهاكات الكيان لالتزاماته بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.
وأضافت في بيان جديد أصدرته وزارة الشؤون الخارجية الماليزية أن الإجراءات المتخذة في سياق محاكمة الكيان الصهيوني على جرائمه في غزة، ،تأتي بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 (“اتفاقية الإبادة الجماعية) “.
ولفتت إلى أن الطلب المقدم من جنوب أفريقيا يتضمن ضرورة اتخاذ تدابير مؤقتة أو قصيرة الأجل، تأمر الكيان الصهيوني بوقف حملته العسكرية في غزة.
وذكرت أن هذا الإجراء القانوني ضد الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل محكمة العدل الدولية، هو خطوة ملموسة، وجاء في الوقت المناسب نحو المساءلة القانونية عن الفظائع التي ارتكبتها الكيان الصهيوني في غزة والأرض الفلسطينية المحتلة بشكل عام.
وقالت :بصفة ماليزيا دولة طرف في اتفاقية الإبادة الجماعية، تدعو ماليزيا تل أبيب إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والوقف الفوري للفظائع التي ترتكبها ضد الفلسطينيين”.
وأضافت أن ماليزيا تكرر دعوتها إلى إيجاد حل دائم من خلال منح الفلسطينيين دولتهم المستقلة ذات السيادة، على أساس حدود ما قبل عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
حان الوقت للعمل على طرد الكيان الصهيوني من الأمم المتحدة
أعدت السيدة فرانشيسكا ألبانيز، المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 تقريراً نشر على موقع الأمم المتحدة يوم 1 أكتوبر 2024 تحت عنوان: “الإبادة الجماعية باعتبارها محواً استعمارياً Genocide as colonial erasure «، وهو تقرير لم يكن صادماً في عنوانه فحسب وإنما في مضمونه أيضاً.
لهذا التقرير أبعاد ثلاثة؛ الأول: توثيقي، يتضمّن رصداً للممارسات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي تشكّل في مجملها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. ويستند هذا الرصد الموثّق إلى: شهود عيان، وإلى وثائق صادرة عن مؤسسات أممية، بما فيها محكمة العدل الدولية، وإلى تقارير وتصريحات رسمية، بما فيها تقارير وتصريحات صادرة عن الحكومة الإسرائيلية. والثاني: تحليلي، يستهدف وضع تلك الممارسات في السياق التاريخي لتطوّر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، كي يمكن فهم أهدافها المضمرة ودلالاتها الحقيقية. والثالث: استنباطي، يسعى لاستخلاص دروس ومواقف ينبغي على جميع الأطراف المعنية أن تقوم بها، وذلك في ضوء الالتزامات الواقعة على عاتقها بموجب ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي.
يتضمّن هذا التقرير، في بعده التوثيقي، أرقاماً مفزعة عن أعداد القتلى والجرحى من المدنيين الفلسطينيين الذين سقطوا نتيجة الحرب التي تشنّها “إسرائيل” حالياً على قطاع غزة، خاصة من النساء والأطفال، وتعرّض من بقي منهم على قيد الحياة للموت بسبب الجوع وانعدام الخدمات الصحية. وعن حجم التدمير الذي لحق بالمساكن والمدارس والجامعات والمستشفيات وأماكن العبادة والمؤسسات الإعلامية في قطاع غزة. صحيح أن هذا البعد لا يضيف جديداً، لأن معظم الأرقام التي يتضمّنها التقرير معروفة ومتداولة، لكنه يعبّر بطريقة دقيقة ومؤثّرة عن حجم المعانات التي يكابدها الشعب الفلسطيني بسبب الجرائم التي يرتكبها “الجيش” الإسرائيلي.
يقول التقرير: “أمرت إسرائيل الفلسطينيين بالفرار إلى (مناطق آمنة) محدّدة، وبمجرد وصولهم إلى هذه الأماكن تعرّضوا للهجوم وأُمروا بالانتقال إلى (مناطق آمنة) جديدة. هكذا جرت مطاردة النازحين بشكل منهجي وتمّ استهدافهم حتى في الملاجئ، بما في ذلك مدارس (الأونروا) التي هاجمت إسرائيل 70% منها بشكل متكرّر، وتسبّب الغزو الإسرائيلي لمدينة رفح في نزوح ما يقرب من مليون فلسطيني، اضطروا إلى التوجّه إلى جنوب غزة، بسبب أوامر الإخلاء الإسرائيلية، والتي لم يجدوا فيها سوى أراضٍ قاحلة غير صالحة للسكن، مليئة بالأنقاض ومياه الصرف الصحي والجثث المتحللة.. الأمر الذي يساهم في تدمير الروح وإرادة الحياة بل والحياة نفسها”.
أما في بعده التحليلي، فقد ربط التقرير بين ما يجري للفلسطينيين حالياً وما جرى لهم إبان نكبة 1948 وعقب هزيمة 1967، ووصف هذا الذي جرى وما زال يجري بأنه “عملية إبادة جماعية ممنهجة، بدأت في 48 ولا تزال مستمرة حتى الآن”، هدفها الأساسي “القضاء على وجود الشعب الفلسطيني في فلسطين”، وهي “لم تعد قاصرة على قطاع غزة وإنما بدأت تتسع وتمتد الآن إلى الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية”.
وخلصت ألبانيز، في نهاية تقريرها إلى حقيقة مفادها أنه “ما كان لإسرائيل أن ترتكب كلّ ما أقدمت عليه من انتهاكات لولا تهاون المجتمع الدولي والسماح لها بالإفلات من العقاب”. واستناداً إلى هذه الحيثيات، وجّهت نداء لـ “إسرائيل” تطالبها فيه بوقف فوري ودائم لإطلاق النار وسحب “جيشها” من كلّ الأراضي الفلسطينية المحتلة في 67، بما فيها القدس الشرقية، كما وجّهت نداء آخر إلى المجتمع الدولي، تطالبه فيه بفرض حظر تام على مبيعات السلاح لـ “إسرائيل”، ودعت الأمم المتحدة إلى اعتبار النظام الإسرائيلي “نظام فصل عنصري يمارس الأبارتيد”، ما يستوجب ليس إعادة تنشيط اللجنة الخاصة بمناهضة الفصل العنصري وتكليفها بمعالجة الوضع وحماية الشعب الفلسطيني فحسب، وإنما أيضاً “تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة”.
والواقع أن الجرائم التي ارتكبتها “إسرائيل” في حقّ الشعب الإسرائيلي تتطلّب ليس تعليق عضويتها فحسب وإنما طردها نهائياً من الأمم المتحدة. فالمادة السادسة من ميثاقها تنص على: “إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة، في انتهاك مبادئ الميثاق، جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيئة، بناء على توصية من مجلس الأمن”. ولأن إمعان “إسرائيل” في انتهاك ميثاق الأمم المتحدة بلغ حداً لم تبلغه أيّ دولة أخرى، فقد بات لزاماً على الأمم المتحدة، احتراماً لميثاقها وحفاظاً على ما بقي لها من مصداقية، أن تتخذ قراراً فورياً بحرمان هذا الكيان العنصري المارق من شرف عضويتها.
صحيح أن الجمعية العامة لا تملك من الناحية القانونية اتخاذ قرار بطرد أي دولة عضو في الأمم المتحدة إلا إذا صدرت توصية مسبقة بذلك من مجلس الأمن، وصحيح أيضا أنه يستحيل على مجلس الأمن، خصوصاً في ظل التوازنات الدولية الراهنة، أن ينجح في إصدار توصية بهذا المعنى، لأن الولايات المتحدة ودولاً أخرى دائمة العضوية في هذا المجلس ستسارع باستخدام الفيتو للحيلولة دون صدورها، غير أن هذه العقبة القانونية لا ينبغي أن تقف حائلاً دون محاولة استخدام الجمعية العامة لممارسة ضغوط متواصلة على مجلس الأمن لحمله على تغيير موقفه من حكومة “إسرائيل” العنصرية، وذلك بالطريقة نفسها التي سبق لهذه الجمعية أن مارستها في بداية سبعينيات القرن الماضي، لحمل مجلس الأمن على فرض عقوبات على حكومة جنوب أفريقيا العنصرية بسبب إصرارها العنيد على رفض تمكين شعب ناميبيا من ممارسة حقّه في تقرير مصيره.
تجدر الإشارة هنا إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد بذلت جهوداً مضنية لإقناع حكومة جنوب أفريقيا بوضع إقليم جنوب غرب أفريقيا (ناميبيا) تحت إشراف نظام الوصاية الذي استحدثته الأمم المتحدة، بدلاً من نظام الانتداب الذي كان معمولاً به في زمن “عصبة الأمم”. ولأن حكومة جنوب أفريقيا رفضت ذلك بإصرار عنيد، لم تتردّد الجمعية العامة في اتخاذ قرار بإنهاء انتداب جنوب أفريقيا من جانب واحد على إقليم جنوب غرب أفريقيا، كما قرّرت في الوقت نفسه وضع هذا الإقليم تحت إشرافها المباشر.
وأمام إصرار حكومة جنوب أفريقيا العنصرية آنذاك على عدم التعاون مع الجمعية العامة في هذا الشأن، فقد راحت الأخيرة تضغط باستمرار على مجلس الأمن وتطالبه بإلحاح بفرض عقوبات على حكومة جنوب أفريقيا. بل وصل الأمر إلى حد تمكّنها من إقناع الدول الأفريقية غير الدائمة في مجلس الأمن بتقديم مشروع قرار عام 1974، يوصي بطرد دولة جنوب أفريقيا من الأمم المتحدة. ولأن عشر دول وافقت بالفعل على هذا المشروع، فقد سارعت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لاستخدام الفيتو للحيلولة دون صدوره، ما أدى إلى إسقاطه.
ومع ذلك لم تيأس الجمعية العامة في محاولاتها الرامية لتجميد عضوية جنوب أفريقيا في الأمم المتحدة، وانتهزت فرصة تولّي عبدالعزيز بوتفليقة، وكان وقتها يشغل منصب وزير خارجية الجزائر، رئاسة الجمعية في دورتها الاعتيادية لهذا العام لمنع وفد جنوب أفريقيا من المشاركة في أعمالها، مستخدمة في ذلك حيلة قانونية تقضي رفض “لجنة الاعتماد” أوراق التفويض الصادرة من حكومة جنوب أفريقيا العنصرية، من منطلق أنها حكومة غير شرعية لا تمثّل شعب جنوب أفريقيا.
ولأن الجمعية العامة وافقت بالأغلبية على قرار هذه اللجنة، فقد نجحت المناورة الرامية لعزل حكومة جنوب أفريقيا ومنعها من المشاركة في أعمال الجمعية العامة إلى أن سقطت هذه الحكومة ومعها النظام العنصري كلّه وتمكّن شعب جنوب أفريقيا من اختيار حكومة ديمقراطية تمثّله.
أخلص مما تقدّم إلى أن حصار “إسرائيل” وعزلها سياسياً، باستخدام أساليب مشابهة لتلك التي اتبعت من قبل في حصار وعزل نظام الفصل العنصري في دولة جنوب أفريقيا، أصبح أمراً ممكناً ومتاحاً، خصوصاً في ظل تواتر صدور تقارير أممية تؤكد الطبيعة العنصرية للنظام السياسي الحاكم في “إسرائيل”.
وإذا كانت 146 دولة من أصل 193 دولة، أي ما يقرب من 75% من إجمالي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، قد اعترفت بالفعل بالدولة الفلسطينية، فقد بات من السهل على الجمعية العامة، إن أرادت، مواصلة الضغط على مجلس الأمن لحمله على فرض عقوبات على “إسرائيل”، ليس باعتبارها دولة تنتهك القانون الدولي فحسب، ولكن باعتبارها أيضاً العقبة الوحيدة التي تحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة وتمنع الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي في تقرير مصيره.
النضال السياسي لا يقل أهمية عن المقاومة المسلحة. ولأن ممارسته بشكل فعّال تتطلّب مهارات خاصة، تبدو الفصائل الفلسطينية في أمسّ الحاجة إلى أن تعيد ترتيب أوراقها كي تتمكّن من بناء حركة تحرّر وطني موحّدة الأهداف والرؤية، كما تبدو الدول العربية في أمسّ الحاجة إلى أن تدرك أن وجود “دولة” يديرها نظام عنصري في القلب من أوطانها يشكّل تهديداً وجودياً لشعوبها، خصوصاً وأن هذا النظام العنصري يملك سلاحاً نووياً ويصرّ على أن يبقى محتكراً لهذا السلاح الرهيب في المنطقة.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة