يدخل المريض إلى عيادة الطبيب، وبعد أن يلقي عليه التحية، ينتظر أن يستمع الأخير إلى شكواه بتركيز واهتمام، إلا أنه يتفاجأ بالطبيب يتوجه بنظره نحو شاشة الحاسوب، ويبدأ في تسجيل بيانات ومعلومات شخصية عن المريض، قبل أن يستفسر حتى عن شكواه، تلك الخطوة وإن كانت مهمة بالنسبة لأغلب الأطباء، إلا أنها تسبب استياء الكثير من المرضي، خصوصاً أنها – على حد قولهم – تهدر الكثير من الوقت وتشتت تركيز الطبيب، إضافة إلى أنها تشعرهم بالتجاهل.

«الخليج» استمعت إلى شكاوى بعض المرضى، وطرحتها مجموعة من الأطباء، الذين قدموا حلولًا عديدة نرصدها في السطور التالية:

ازدادت شكاوى المرضى من انشغال الطبيب بجهاز الحاسوب، على حساب الاستماع باهتمام إلى طبيعة حالتهم المرضية وتضييع الوقت في أمور ثانوية، حتى أن الوقت الذي يستهلكه الطبيب في السؤال عن معلومات شخصية، أكثر من الوقت الذي يستفسر فيه عن الطبيعة المرضية للحالة التي أمامه.

تلك الشكاوى ليست بعيدة عن الأطباء أنفسهم، بل إن بعضهم أوضح ل «الخليج» أنهم يستمعون إليها بشكل شبه يومي، ورأوا أن تجاوز هذه المشاكل تعتمد على مهارة الطبيب وقدرته على موازنة الوقت ما بين تسجيل البيانات والاستماع للمريض.

تقول ليلى حسين سبوبة، موظفة، إن المريض يتوجّه للعيادة بسبب الشعور بالألم والحاجة للعلاج، وعدم وجود طبيب يستمع بشكل جيد للشكوى أمر يثير الاستياء، كما أن بعض الأطباء يستغرقون وقتاً طويلاً جداً في كتابة المعلومات وهو ما يجعلهم يختصرون وقت طرح الأسئلة على المريض والاكتفاء بالاطّلاع على السجل الطبي فقط، وهو ما يخلق نوعاً من عدم الثقة في الأدوية التي يقدمها الطبيب، خصوصاً أنه لم يلتفت سوى للبيانات الموجودة أمامه.

وذكر محمد سعيد البلوشي، موظف، أن الحرص على تطوير آليات العلاج ومستوياته أمر بالغ الأهمية، لكن لابد للطبيب من مراعاة العامل النفسي للمريض، حيث إن الالتفات له والاستماع إلى شكواه المرضية وطمأنته يعتبر جزءاً كبيراً من العلاج، وهو ما لا نجده عند زيارة الطبيب الذي ينشغل في تسجيل البيانات.

أما خزامى مراد، قالت: أشعر أحياناً أن وجودي أمام الطبيب أمر لم يعد مهمّاً حيث إنني وبعد فترة انتظار طويلة، أتوجه لغرفة الطبيب والذي غالباً يكون منشغلاً ومحدّقاً بشاشة الحاسوب، وأحاول أحياناً التحدث معه عن الشكوى المرضية، لكنه منشغل بأمر آخر وهو تسجيل البيانات، ما يجعلني أشعر بالقلق تجاه تركيز الطبيب وملاءمة التشخيص والعلاج للحالة من عدمه.

من جانبه، قال الدكتور ماهر وسيم، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي بمستشفى العناية الطبية التخصصي بمدينة العين، إن القطاع الطبي يشهد نقلة نوعية من حيث السجل الطبي للمريض وآلية استرجاعها وغيرها من الأمور التي تخدم في نهاية المطاف المريض، ولفت إلى أن ما يقوم به الطبيب من تسجيل معلومات وبيانات، يُعد جزء من هذا التطوير الذي يسهم في تحسين مستويات وآليات العلاج.

وأضاف أن الوصفة الطبية الموجودة على النظام الإلكتروني، يستطيع أن يقرأها أي صيدلاني بوضوح ودون أن يلتبس عليه الأمر بسبب خط الطبيب الذي غالباً لا يكون مقروءاً بشكل جيد وهو ما يؤدي إلى تجنب الأخطاء الطبية إلى جانب أن المريض نفسه يمكنه الإطلاع على الملف بسهولة ودون تكبد عناء التوجه للمركز الطبي وطلب نسخة من الملف أو غيره.

في الوقت نفسه لم ينكر د. ماهر وسيم أن انشغال الطبيب عن المريض بالحاسوب يشكل حاجزاً يجب أن يحرص الطبيب على عدم وجوده، حيث يعنيه بالدرجة الأولى المريض وإحساسه بالاهتمام وإيجاد العلاج المناسب له، وأشار إلى أن هذه المشكلة تواجه غالبية الأطباء مع مرضاهم، لكن عليهم التخلص منها بعدة أساليب منها أن يعمل الطبيب على تطوير مهارته والانتهاء من تسجيل البيانات بسرعة ودقة مع الأخذ في الاعتبار استئذان المريض ببعض الوقت، كما يمكن للطبيب أيضاً الاستماع جيداً للمريض ومن ثم طباعة البيانات التي تلقاها منه.

أما الدكتور مهند الجمل، أخصائي أطفال، أكد أنه من حقوق المريض على الطبيب الاستماع الجيد له وعدم الانشغال بأي شيء حتى وإن كان الطبيب قادراً على التركيز في كلا الأمرين معًا.

وأضاف أن الطبيب المعالج لا بد من أن ينظر للمريض خلال بث الشكوى، وذلك لملاحظة لغة الجسد التي تعتبر مهمة جداً في تشخيص بعض الحالات والتأكد من بعض المعلومات التي يقدمها المريض حتى يتسنى للطبيب تقديم التشخيص الصحيح والعلاج المناسب.

وعن الحلول والمقترحات التي يمكن للطبيب تنفيذها للتقليل من استياء المرضى، قال إنه وجود مساعد يتولى آلية تسجيل المعلومات وأيضاً الملاحظات البسيطة التي يدونها الطبيب يسهم إلى حد كبير في توفير الوقت الكافي للطبيب والذي من خلاله يستطيع أن يستمع للمريض بشكل جيد وطرح الأسئلة التي تسهم في تشخيص الحالة.

وأضاف إذا كان وجود المساعد أمراً مكلفاً على بعض الأطباء، فإنه لا بد من تقسيم الوقت بشكل مناسب بحيث لا يكون التركيز معظم الوقت على شاشة الحاسوب وتسجيل البيانات والمعلومات، وأيضاً تطوير مهارة السرعة في التسجيل مع الأخذ في الاعتبار منح المريض الوقت الكافي وهو ما يتطلب مهارة من الطبيب سواء في الطباعة أو القدرة على تقسيم الوقت واستغلال كل دقيقة ليتمكن من الاستماع جيداً للمريض.

صحيفة الخليج

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: تسجیل البیانات وهو ما

إقرأ أيضاً:

أصيبت بشلل لمدة 11 عاماً.. سماح أنور تستعيد ذكريات حادث أليم

كشفت الفنانة سماح أنور تفاصيل حادث السير المروع الذي تعرضت له عام 1998، والذي تسبب في خضوعها لعشرات العمليات الجراحية، وأجبرها على الاستعانة بكرسي متحرك لمدة 11 عاماً.

معاناة لسنوات

وخلال لقاء إذاعي، قالت سماح أنور: "بعد الحادث، قالوا لي لن تسيري على قدميك مرة أخرى، وخضعت لـ 24 عملية جراحية، لكن كنت حاسة إنهم يتحدثون عن شخص آخر غيري"، مؤكدة أنها رأت "الله" في هذه المحنة بينما كانت تناجيه ليخرجها منها.
وأضافت أنها ظلت فاقدة للتوازن لمدة 16 عاماً، وأن الأطباء أوصوا ببتر أطرافها، لكنها تمسكت بالأمل رغم تأكيد الجميع استحالة شفائها.
ورغم تأكيدات الأطباء بأن الأمل شبه معدوم، إلا أن سماح أنور رفضت الاستسلام، موضحة: "الحادث كان اختباراً بين الحياة والموت، لكن كان لدي يقين أن ربنا أراد لي الحياة، وكان لازم أعيش وأكمل".
لم يكن الألم جسدياً فقط، بل نفسياً أيضاً، حيث كانت ترى تأثير الحادث على والديها الذين عاشوا سنوات من الحزن والقلق، ورغم ذلك، اختارت المقاومة، قائلة: "كنت دائماً أضحك مع من يزورني، حتى لو كان هو يبكي، كنت أحاول أن أهون عليه وألقي الدعابات، حتى أشعر بأني بخير".

استعادة الحركة

وبعد سنوات طويلة من العلاج والعمليات الجراحية، جاءت اللحظة الحاسمة، حين طلب الأطباء من سماح أنور أن تحاول الوقوف، لتروي تلك اللحظة قائلة: "كنت وحدي في المستشفى، أجريت آخر فحص بالأشعة، ثم قال لي الطبيب: (حاولي تقفي)، وبالفعل نهضت على قدمي وعدت إلى البيت".
وأضافت سماح أنور أن مشهد عودتها للمنزل كان مؤثراً قائلة: "عندما رأتني أمي، أصيبت بحالة ذهول، وفقدت القدرة على الكلام من الفرح، ظلت تصرخ وتشكر الله بصوت عالٍ".

مقالات مشابهة

  • حرب البيانات.. الأهلي يرفض عقوبات "الرابطة" ويتمسك بمطالبه
  • عندما تصبح البيانات سلاحا.. هل يشكل ديب سيك تهديدا لأمان وخصوصية المستخدمين؟
  • أصيبت بشلل لمدة 11 عاماً.. سماح أنور تستعيد ذكريات حادث أليم
  • قتلت أطفالها الثلاثة خنقاً ثم رمت بجثثهم والسبب حالة نفسية
  • وفاة خمسة أطباء أردنيين /أسماء
  • تشخيص الذكاء الاصطناعي يلقى قبولاً.. شرط عدم إخبار المرضى
  • جورج كلوني يثير استياء أسرته بـ لوك جديد.. صورة
  • عراكٌ قبل الإفطار في طرابلس.. والسبب مفاجئ!
  • بعد تسريب 2.3 مليون بطاقة ائتمانية.. أخطر برامج سرقة البيانات وكيفية الحماية منها
  • القبض على الطبيب القاتل في أربيل