التعصب الرياضي وانعكاساته السلبية على الجماهير
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
عمان: تتنوع مسببات شغب الملاعب وتختلف من مباراة إلى أخرى، وقد تتدخل فيها أطراف مثل عدم توفيق حكم مباراة أو تصريحات تثير الجماهير، أو تصرف غير مقبول من لاعب أو إداري وتكون لها ردة فعل من الغضب أو العدوانية، ويتبعها عنف من قبل قلة قليلة من الجماهير المتعصبة. ومع اشتداد المنافسة على المسابقات المحلية وكذلك مباريات المنتخب الوطني لكرة القدم في التصفيات الآسيوية المزدوجة، تتابع الجماهير المحبة لكرة القدم بشغف كبير مباريات المنتخب الوطني وكلها طموح وأمل بأن يحقق المنتخب الوطني الحلم الذي طال انتظاره ببلوغ نهائيات كأس العالم، لكن الخسارة المدوية التي مني بها أمام قرغيزستان في الجولة الثانية من التصفيات أصابت الجماهير بالإحباط وكثر الحديث عنها كما هو الحال لمباراة صحار والسيب في دور الـ16 لمسابقة الكأس، حين كانت مثار حديث لأسابيع وذلك لما صاحبها من أحداث قبل وأثناء وبعد المباراة، الأمر الذي تطلب وقوف الاتحاد العماني لكرة القدم بحزم من خلال القرارات التي اتخذتها لجنة الانضباط والأخلاق في حق المتسببين في تلك الأحداث.
وفي هذا السياق حذر الدكتور أحمد بن سعيد عبد اللطيف، استشاري أول طب سلوكي والمدرب في التنمية النفسية بمستشفى جامعة السلطان قابوس جميع المشجعين من تعرض قلوبهم لأزمة صحية وأي شعور سلبي خاصة من خلال الشعور بالحزن وأثره على صحة الإنسان، ومدى تأثيره الذي يزيد باستمرار الشعور، مما يؤثر على جهاز المناعة ويؤدى إلى الاكتئاب.
وأضاف: هناك بعض الجماهير تصاب بحزن كبير بسبب خسارة فريقها ويكون لديها تأثيرات مباشرة على القلب نتيجة الإجهاد الذي تتعرض له كرد فعل لعدم تقبل الهزيمة، والحزن يكسر القلب بشكل فعلي وهي حقيقة علمية وليست استعارة مكنية أو تعبير بلاغي.
عاصفة الهرمونات
وأشار إلى أن الحزن يؤدي لانبعاث عاصفة من هرمونات الحزن والغضب مما يؤدى لإفراز الأدرينالين، مسببة ألماً مفاجئا في الصدر، وأعراضا تشبه أعراض الأزمة القلبية، مما يسبب تقلصا شديدا في الشريان التاجي ويترتب عليه سكتة قلبية. وتابع: إن تدفق هرمون الأدرينالين، وغيره من هرمونات الإجهاد، يؤثر بشكل كبير إذا زاد إفرازه بوجود المشاعر السلبية، فالأدرينالين يسبب زيادة سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم ويمنح مزيدا من الطاقة، أما الكورتبزول وهو هرمون التوتر الأساسي فيرفع من مستوى السكر (المعروف أيضا بالجلوكوز) في مجرى الدم ويعزز استخدام الدماغ للجلوكوز ويزيد توفر المواد التي تعمل على ترميم الأنسجة في الجسم. كما أوضح أن الجهاز العصبي السمبثاوي ينشط أثناء الحزن الشديد، وينتج عنه إفراز يطلق عليه عاصفة الأدرينالين، وهذا الهرمون قد يتسبب في اعتصار القلب، ويحدث انقباضا في قاعدة القلب وتمددا بالونيا في قمة القلب.
ونصح الدكتور أحمد بن سعيد عبد اللطيف الجماهير الرياضية بالتشجيع الهادئ بعيدا عن التعصب الرياضي، وتقبل الهزيمة دون المبالغة في الحزن فالتعصب مبني على تفكير سلبي ومشاعر سلبية وغالبا يصاحبها ردة فعل سلبية، مبينا أن الرياضة متعة تنتهي بالفوز أو الخسارة أو التعادل، والأولى أن نستمتع بالمشاهدة، وما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي بين الجماهير هو سلوك سلبي يؤدي إلى حصول مشاعر وأفكار سلبية في المجتمع الرقمي من سلبياته التحفيز السلبي أحيانا بسبب رفع الشعارات السلبية وتبنيها.
جمهور عاطفي
بينما يرى عبد العزيز بن طالب السعدي اختصاصي اجتماعي بوزارة التنمية الاجتماعية أن الجمهور عاطفي بطبعه وكذلك الإعلام، لذلك فإن بعض الدول تستعين في دورياتها بحكام نخبة أجانب، يبتعدون عنها جغرافيا لكيلا يتأثر بما تقوله الصحافة والإعلام بشكل عام، ولا يكون لديه ميول لنادٍ دون ناد آخر، حيث يأتي لمهمة لمدة يوم واحد ويغادر، وبذلك يكون بعيدا عن الضغط الذي يسببه الإعلام له. وأشار إلى أن حكم أي مباراة هو محور أساسي في العملية، لكون أن قرارا بسيطا من شأنه أن يعطي نتيجة المباراة إلى الطرف الآخر، لذلك فإن الحكم لا بد أن يتسم بالشجاعة، ويكون حاضرا ذهنيا، لكون القرار يتخذه في ثوان معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وعليه أن يكون ممارسا لها سابقا ويكون معدا في دورات سابقة لهذه المهمة، وملما بقوانين كرة القدم وحافظا للضوابط المنصوص عليها، لكي يتغلب على القلق الذي يصاحبه ضغط المباراة وصياحات الجمهور، والضغط الإعلامي، وما نلاحظه في العديد من دوريات العالم وكذلك البطولات القارية والعالمية، أن هناك حكاما لهم ثقلهم، حيث إنه لا يهتم بما يطرح له عبر وسائل الإعلام المختلفة والضغط الجماهيري، حيث يتخذ قرارا في أقل من ثانية، سواء أكانت ضربة جزاء حاسمة في الدقيقة 90، أو إشهار البطاقة الحمراء مباشرة، وهو ما نشاهده عند الحكم الإيطالي ييرلويجي كولينا الذي لا يبالي بتاتا في اتخاذ القرار المناسب وسط أي ظرف من ظروف المباراة.
شخصية الحكم
ويؤكد السعدي أن شخصية الحكم قبل المباراة وعند إجراء القرعة بالتحديد عامل مهم في تحديد هوية القرارات من توجيه قائدي الفريقين، الذي من شأنه نقل المعلومات إلى لاعبيهم، لأن هذه المعلومات مهمة في توجيه وتهذيب اللاعبين، مما ينعكس لاحقا على أرضية الملعب، موضحا أنه من المستحسن أن يتم إدخال الحكام إلى دورات خاصة على أيدي متخصصين في مواجهة القلق والضغط النفسي، لكونه يمثل أمرا حاسما وقراراته تنعكس على نتيجة المباراة، فمن غير المعقول أن يذهب جهد فريق بأكمله على ضربة جزاء ظالمة وغير مستحقة نتيجة صيحات الجماهير التي من شأنها أن تؤدي إلى خسارة غير متوقعة، فلابد أن يكون متسلحاً بكل فنون المواجهة وعدم الرضوخ لأي تأثيرات جانبية لا من الجماهير ولا من البرامج الإعلامية أو الصحافة.
وأكد أنه من الملاحظ أن كثيرا من الحكام يعملون بمبدأ التعويض، وهذا نتيجة التردد، حيث إن هناك شكا في خطأ معين لم يتم احتسابه، فيلجأ الحكم لاحقاً إلى احتساب أي تدخل واعتباره خطأ فادحا من شأنه أن يتسبب في هزيمة فريق ضد آخر، وقد لاحظنا ذلك سابقا في بطولات عالمية، إلا أنه وبعد تدخل نظام الفيديو «تقنية الفار»، أصبح ذلك محدودا ولم يكن كالسابق حيث يعود الحكم إلى مشاهدة الخطأ عبر الشاشة أمام مرأى الجماهير، ليتخذ قراره بعد معاينة اللقطة أكثر من مرة، إلا أن هذه التقنية لا توجد في ملاعبنا المحلية في الوقت الراهن، وأتمنى أن توجد للتقليل من حجم الأخطاء، وتقنينها، وتأطيرها.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
المسار الرياضي والشكر للقيادة
سُعد الوسط الرياضي بافتتاح مجلس إدارة مؤسسة المسار الرياضي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء، أولى مراحل مشروع المسار الرياضي، التي تشتمل على خمس وجهات متاحة لاستقبال زائريها؛ حيث بلغت نسبة إنجاز المشروع الكلي 40%.
حقيقة، يعتبر مشروع المسار الرياضي أحد المشاريع الكبرى لمدينة الرياض، التي أطلقها الملك سلمان بن عبدالعزيز- حفظه الله- بتاريخ 19 مارس 2019، وكانت محط اهتمام من ولي العهد. هذا المشروع بالفعل سينقل مكانة مدينة الرياض في التصنيف العالمي، لتصبح واحدة من أفضل المدن ملاءمة للعيش في العالم، بما يحقق أحد أبرز مستهدفات رؤية السعودية 2030، بتعزيز الصحّة البدنية والرياضية والنفسية والاجتماعية، ويجعل أفراد المجتمع في صحة وبنية جسدية مميزة، وتساعد في بناء مجتمع ينعم أفراده بحياة كريمة، ونمط حياة صحّي وطريقة تجعلهم في نفسية، تساعدهم على العمل والنشاط، ناهيك عن محيط يوفر بيئة إيجابية جاذبة لسكان مدينة الرياض وزائريها.
وكذلك يجد الزائر أو السائح مكانًا جاذبًا في مدينه السلام والأمن.
نقدم الشكر لمولاي خادم الحرمين الشريفين، وسمو سيدي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. وحقيقة نفخر بكل الجهود والدعم من قيادة مميزة، جعلت صحة الأجساد من أولوياتها.
@Ghadeer020