الأسير عبد الرحمن البحش… ضحية جديدة للتعذيب بسجون الاحتلال
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
نابلس- لم تتمالك عائلة الأسير الفلسطيني عبد الرحمن البحش نفسها، حين سمعت خبر استشهاده داخل معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، وعلى الفور انتكست حالة والدته الصحية، ونقلت للمشفى فاقدة للوعي، بينما خيم الحزن والقهر على بقية أفراد الأسرة، لا سيما والده الذي كان ينتظر الإفراج عنه بفارغ الصبر، بعد أن حرمه الاحتلال زيارته لدواع أمنية.
في ساعات متأخرة من مساء الاثنين، رشحت أولى المعلومات الخارجة من سجن مجدو الإسرائيلي شمالا بأن أسيرا استشهد، وتدريجيا توسعت دائرة الخبر وتفاصيله، لتؤكد أن الشهيد ينحدر من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية وبعمر (23 عاما) ومعتقل منذ 18 شهرا ومحكوما بالسجن 35 شهرا، فتطابقت المواصفات وتيقنت العائلة بأنه هو، فازدادت فزعا.
وسرعان ما تناقلت الخبر مؤسسات الأسرى لا سيما هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، وأكدت أنه أول الشهداء الأسرى عام 2024 وسابعهم منذ الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووصفت الأسرة ما جرى مع الشهيد البحش بأنه "جريمة اغتيال" سببها التعذيب الممنهج الهادف لقتل الأسرى، لا سيما سجن مجدو الذي استشهد فيه 3 أسرى منذ الحرب على غزة.
وفي "الفقوس" أحد أحياء البلدة القديمة بنابلس ولد الأسير عبد الرحمن لأسرة بسيطة مكونة من 5 أبناء إضافة للأب والأم، وبها نشأ وترعرع، وفي مدارس المدينة تلقى تعليمه حتى أنهى الثانوية العامة، ثم توجه لسوق العمل مباشرة، ولم يكمل دراسته الجامعية، فاشتغل بتجارة الملابس وغيرها من الأعمال الحرة.
ومارس عبد الرحمن حياته بشكل طبيعي قبل أن يعتقله الاحتلال عند حاجز حوارة جنوب نابلس أواخر مايو/أيار 2022، ويحكم عليه بعد جلسات طويلة من التحقيق والمحاكمة بالسجن 35 شهرا وتغريمه ماليا.
فاجعة مؤلمةوبشيء من الحزن الممزوج بالقهر، تحدث باسم البحش حول استشهاد نجله للجزيرة نت، بينما كان يستقبل المعزين، ووصف ما جرى بأنه "فاجعة مؤلمة" وقال "هذا عدوان متعمد يتزامن وتصعيد إسرائيلي غير مسبوق من التنكيل والبطش بالأسرى، ومنهم ابني، وأنا أتهم الاحتلال بقتله".
وصب والد الشهيد جام غضبه على المؤسسات الدولية، ولا سيما الصليب الأحمر الذي لم يأته بخبر كحال كل الأسرى وذويهم عن ابنه منذ الحرب، ولم يقم كما يقول بزيارتهم والاطلاع على معاناتهم، وأنه "وفر غطاء دوليا للاحتلال لقمع وقتل الأسرى مع سبق الإصرار والترصد".
وما يزيد في حرقة والد الأسير أكثر أن كل محاولاتهم كعائلة بالوصول وعبر "ما يسمى بالمؤسسات الإنسانية والحقوقية" لأي معلومة عن ظروف اعتقال نجله طوال الحرب لم تفلح ولم يغثه أحد، خاصة وأنه مُنع وأحد أبنائه الآخرين من زيارته بسبب "الرفض الأمني" الذي يتذرع به الاحتلال.
ويطالب والد الشهيد بتسلم جثمان نجله ليدفنه قرب رفاقه الشهداء، داعيا الصليب الأحمر بتحمل مسؤوليته في الضغط على الاحتلال لتسليم الجثامين.
الحاج باسم البحش (يمين) يتقبل التعازي باستشهاد نجله (الجزيرة) أحلام مبتورةوفي ديوان حي القصبة بنابلس القديمة حيث أقيم بيت العزاء للشهيد عبد الرحمن لم يصدق عبد الله البحش (ابن عمه) ما جرى، ووقف مذهولا يراقب الشبان ورفاق الشهيد وهم يعلقون صوره فوق الجدران.
يقول عبد الله إن الشهيد عبد الرحمن كان يتمتع بصحة جيدة، وإن زوج شقيقته حين زاره قبل الحرب على غزة أكد أنه ظهر بحال جيد، وهو ما يعزز الرواية الواحدة لدى الأهل بأن ابنهم "تعرض لاعتداء واضح وضرب أفضى لقتله".
وبالكاد يصدق عبد الله أن ابن عمه وصديق الطفولة أصبح شهيدا، وهذا حال والدته أيضا، فهي وبعد انتقالها إلى منزلهم الجديد كما يقول عبد الله "خصصت غرفة لابنها الشهيد وزينتها بصوره، وتنتظر بشوق الإفراج عنه، وتحضر لحفل زفاف نجلها الآخر، لينغص الاحتلال فرحتهم بقتل عبد الرحمن واحتجاز جثمانه، فدائما أحلامنا مبتورة".
أحد أصدقاء الشهيد عبد الرحمن يعلق صوره على الجدار (الجزيرة) إجراءات قمعيةومع بدء الحرب على غزة وإعلان إسرائيل حالة الطوارئ، شرعت سلطات السجون الإسرائيلية بإجراءات قمعية ضد الأسرى، وحرمتهم النوم والمأكل والمشرب والاستحمام، وصادرت مقتنياتهم من أدوات كهربائية وغيرها، وعزلتهم داخل الزنازين وضاعفت أعدادهم، وقطعت اتصالهم بالخارج والتواصل مع المحامين ومنعت زياراتهم، فضلا عن اقتحام غرفهم بالسلاح والكلاب البوليسية والضرب المبرح الذي أدى إلى استشهاد 7 منهم حتى الآن.
وقالت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير إن "ما يفعله الاحتلال ضد الأسرى يؤكد أنه ماض بإجراءاته بلا رادع" وأضافتا في بيان لهما أن ما جمع من شهادات من الأسرى المفرج عنهم، ومن المحامين ومن المؤسسات الحقوقية، يؤكد أن عمليات التعذيب والضرب المبرح من وحدات القمع الخاصة وأخرى تابعة لجيش الاحتلال "كانت السبب المباشر في استشهادهم".
وسبق ذلك ما دعا إليه مسؤولون إسرائيليون لإقرار قانون الإعدام للأسرى الفلسطينيين. ويتفننون بتعذيب الأسرى، وهو ما يفسره وزير هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس بأن إسرائيل أعلنت "حربا انتقامية" على الأسرى منذ حرب غزة "وأنها لا تحتاج إلى قوانين لإعدامهم، فهي تنفذ الإعدام بشكل ممنهج".
ويقول فارس للجزيرة نت "إن هذا يلحظ من عدد الشهداء الأسرى، والذين يقتلهم الاحتلال أثناء اعتقالهم" وإن "الصدمة الكبرى" حسب وصفه ستكون "بعد الكشف عمن استشهدوا من أسرى غزة".
وعما إذا كانت إسرائيل ستنهج إعداما جماعيا للأسرى، قال فارس إن الأسرى تعرضوا وخاصة مع بداية الحرب لاستدراج واستفزاز يسوغ للاحتلال بأن يقوم "بعمليات قتل جماعية بحقهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحرب على غزة عبد الرحمن عبد الله لا سیما
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يضع عقبة جديدة أمام التوصل لصفقة تبادل للأسرى
نقل موقع "والا" الإسرائيلي عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قوله إنه لا يمكن التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار وإعادة الأسرى دون الحصول من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قائمة بأسماء الأحياء منهم.
وأضاف الموقع أن نتنياهو قال خلال اجتماع إن إسرائيل لا تنجح في الحصول من حماس على أسماء، وإنه غير مستعد لإبرام صفقة دون أن يعرف من الذي سيعود من غزة.
كما نقل موقع والا أيضا عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه لا تزال هناك فجوات كبيرة رغم إحراز بعض التقدم في الدوحة.
من جهتها، قالت صحيفة جيروزاليم بوست نقلا عن مسؤولين إسرائيليين وأميركيين إن فرص التوصل لاتفاق في غزة قبل تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ضئيلة، وإن المفاوضات لم تنهر لكنها عالقة.
ويأتي ذلك في حين يواصل نتنياهو الدعوة لتكثيف العمليات العسكرية كوسيلة لاستعادة الأسرى، لكنه يواجه انتقادات متزايدة من المعارضة وعائلات الأسرى الذين يتهمونه بعرقلة المفاوضات للحفاظ على دعم وزرائه المتطرفين.
ورغم ما رشح في وسائل الإعلام من قرب عقد اتفاق لوقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة وجيش الاحتلال، فإن المسار التفاوضي تعثّر.
ومن جانبها، قالت حركة حماس، في بيان، إنها أبدت المسؤولية والمرونة، غير أن الاحتلال الإسرائيلي وضع قضايا وشروطا جديدة تتعلق بالانسحاب ووقف إطلاق النار والأسرى وعودة النازحين، وهذا أجّل التوصل للاتفاق الذي كان متاحا.
إعلانوتعثرت مفاوضات تبادل الأسرى التي تجري بوساطة قطرية ومصرية وأميركية أكثر من مرة، جراء إصرار نتنياهو على استمرار السيطرة على محور فيلادلفيا الحدودي بين غزة ومصر، ومعبر رفح بغزة، ومنع عودة مقاتلي الفصائل الفلسطينية إلى شمال غزة عبر تفتيش العائدين من خلال محور نتساريم وسط القطاع، وعدم وقف الحرب بصورة نهائية.
وتحتجز تل أبيب في سجونها أكثر من 10 آلاف و300 فلسطيني، وتقدر وسائل الإعلام الإسرائيلي وجود 100 أسير إسرائيلي بقطاع غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية على غزة أسفرت عن أكثر من 153 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.