ليس خافيا على أحد أن معظم البلابسة ومن دونهم المعنيين بهذا المقال في الولايات التي كانت تصنفت بالآمنة من قبلهم قد روجوا فرية أن الحرب قد انتهت وأن الدعم السريع قد تهاوى وأصبح عبارة عن جيوب تحوم من مكان إلى آخر بعد مقتل قائدهم حميدتي وانفراط عقدهم. وقد اجتهدوا في الإعلام الشعبي والرسمي لتمرير هذه الفرية وإعطائها وجه الحقيقة من أجل تخدير الشعب السوداني حتى يُشغل بها عن الإخفاقات الظاهرة والتخبطات الواضحة التي كانت تمنى بها الحكومة المركزية .


فانهمك الناس في جدلية فارغة بين طول ذراع حميدتي في لقائه مع موسفيني ولون شحمة أذنه عند زيارته لإثيوبيا في الهاء واضح عن الحال الذي تردت فيه الأوضاع . لذا حين تساقطت مدن دارفور كقطع الديمينو في يد الدعم السريع لم نسمع أي عويل أو نرى أي رد فعل لهولا المعنيين كأن دارفور لا حرمة لها عندهم ولا بواكي لها بينهم . نعم لم يشعر أحد بمعاناة أهلنا في الجنينة والقتل والتشريد الذي ألم بهم والذي فاق بشهادة الداخل والخارج ما حدث في مدني بدرجات . وبالرغم من أن استبسال جنودنا في حاميات دارفور في الجنينة ونيالا والفاشر و زالنجي كان أبين وأوضح وأطول عمرا من زمن الهزيمة وطعن الخيانة في مدني. إلا أن معركتهم لم تحرك ساكنا في أحد من المعنيين. رغم قاتلهم المستميت حتى نفدت ذخيرتهم باعتراف قادة الجيش ولكن كل ذلك لا دارفور عند المعنيين مثل سيدنا حمزة لا بواكي له.
إن المؤسف أننا لم نسمع أي دعوات مناصرة لأهلنا في نيالا والجنينة وزالنجي والفاشر . لم تعل الأصوات ولم تشتعل مواقع التواصل كما الآن تطالب بالتسليح والمقاومة الشعبية لاسترداد مدن دارفور المسلوبة لأنها فقط لم تبلغ عند المعنيين موقع الجلد حتى تؤلم حكتها فهي عندهم لا تعدو سوى جلد آخر يمكن جره في الشوك من دون أدنى استحياء.. وشوك ذوي القربى كظلمهم أشد مرارة .
لقد ظن المعنيون أن الحرب طالما أنها قد انحصرت في الخرطوم التي غادروها إلى الولايات الآمنة ودارفور التي ليست سوى جلد آخر يمكن جره في الشوك فليست هناك أدنى مشكلة . ويمكن للحياة أن تستمر وأن يتعايش الناس وتفتح المدارس والجامعات وتمارس الحكومة سلطتها المسلوبة والمغلوبة من بورسودان وتسافر الوفود للخارج لعمل الزيارات الرسمية والغير رسمية وتستخرج الجوازات فالدولة مازالت في أمان . فقد كانت الحرب سابقا في دارفور وما زالت الآن فيها وستظل فما الداعي للقلق طالما أنها لن تحدث أثرا فيهم.
مات الناس في الجنينة . سحلوا...تشردوا ودُفِنُوا أحياء . هجروا من ديارهم وذهبوا سيرا على الأقدام إلى أباشي وأدري بل حتى انجمينا دون أن يبكيهم أحد . وعندما شاءت إرادة الله الغالبة أن تسقط مدني ومن دون أي مقاومة تذكر ولا بطولة كأستماتة حاميات نيالا والجنينة و زالنجي في الدفاع عن نفسها ... عندما استلمت مدني تسليم مفتاح... ارتفع على إثر ذلك سقف الخوف من طموحات الدعم السريع للوصول إلى تخوم نهر النيل عقر دار أولاد البحر... أظهر المعنيون الجلبة وقلبوا لنا ظهر المجن. وتعالت صيحاتهم مطالبة بالتسليح والانتظام في المقاومة الشعبية دحرا للأعداء. وخرج قادة الجيش ليخاطبوا الجماهير أن أرضهم يجب أن تكون عصية على المليشيات .
وكأن دارفور لم تكن يوما أرضهم حتى تستحق منهم ما يفعلون.
إن الذي يريد أن يعرف أزمة الدولة السودانية الحقيقة فليقرأ سفر سقوط حاميات ومدن دارفور في مقابل قصة سقوط مدني ولينظر ويقيس مدى استجابة المعنيين َوردة فعلهم تجاه ما ألم بالمنطقتين.
إن هذا المشهد هو تمثيل واضح لدولة 56 التي يجب أن يتم تهشيمها وإعادة بنائها مرة أخرى في فسيفساء يرى السودانيين جميعهم فيها أنفسهم على السواء . إذا اشتكى منها عضو تداعى له الجميع بدون استثناء للمقاومة الشعبية .

yousufeissa79@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

مدني: المليشيا خرجت بالباب والآن تدخل بالشباك

شكاوى عديدة من مواطني مدينة ود مدني، الذين ظلوا فيها ولم يبارحوها منذ سقوطها في يد المليشيا وحتى استردادها وتحريرها من قبل الجيش والقوات النظامية والمشركة. وتركز الشكاوى حول عودة أفراد يتبعون للمليشيا مرة أخرى إلى المدينة بعد تحريرها، وفقط قاموا بتغيير كاكي الدعم السريع واستبداله بكاكي قوات كيكل.
يقول أحمد القدال: (توجد مشكلة حقيقية، تفاجأنا بعودة المليشيا، نصفهم يقولوا لك نحن نتبع لكيكل وكانوا دعامة، وعاملوا الناس أسوأ معاملة وكانوا في الارتكازات، واعطيك مثال حي واحد اسمه “خ ا” ده لقيناه لابس كاكي الدعم تاني يوم معاهم وبدبورتين، ويوم دخول الجيش الناس ديل هربوا فوجئنا بهم بعد أن هدأت الأمور جاي بدبورة واحدة، لاحظ أول باتنين وقال عمه عقيد في الدعم عينه، الآن حايم هو واخوانه بزعم انهم تبع كيكل، واخوانه “ع ي ع” وعندهم مخابز استغل الوضع ده واشتغل دقيق ومخابزهم شغالة وكان ببيع الدقيق بكميات).
بينما تقول حجة زهرة لـ(السوداني): (يا ولدي نحن فرحنا بدخول الجيش، وقلنا بجيته خلاص نرتاح من الجنجويد، لكن ديل طردهم الجيش بالباب والآن دخلوا بالشباك، احترنا ذاتو، كيف نشوف الحرامية والنهابة العذبونا وسرقونا وحمونا النوم، ووجعوا قلوبنا، ماشين عادي في الشوارع، يا عيب الشوم، ورسالتي لناس الجيش والأمن، شوفوا شغلكم يا أولادي).
وعلى ذات الصعيد، يروي محمد الضي لـ(السوداني) المشكل الذي يعانيه معظم سكان مدني من عودة العديد من المتعاونين ومنسوبي المليشيا مرة أخرى إلى المدينة عقب تحريرها: (هناك متعاونون معروفون بالاسم للجميع، فكأنما يدخلون على الناس رفقة قوات الدعم السريع، يرشدون على الضباط والمعاشيين، وعلى المنازل التي يوجد بها سيارات وخزن أموال، للأسف نشاهدهم الأن نهاراً جهاراً، والاغرب من ذلك أنهم يجدون الحماية من الاستخبارات ويقولون إنهم تبع كيكل).
وأضاف: (هذا الأمر مرفوض، وسيتسبب في مشاكل كبيرة آجلاً أم عاجلاً، الآن بعض الناس تتحدث أنها ستأخذ حقها بيدها يدفعها الانتقام، على الدولة والولاية أن تقوم بعملها).
في وقت، طالب عثمان بشاقرة، والي الولاية بأن تعود الشرطة والأمن لعملها داخل مدني بقوة، ولا يتم السماح لأي قوة نظامية اخرى بالوجود داخل الأحياء، وأن يتم اخراج قوات المدعو كيكل من مدني تماما (الناس ما طايقة سيرته، الله يقطع طاريه).
وعلى صعيد متصل، كشف النور الزين ومجاهد باشري، أن الكثير من الأعمال السالبة في عهد احتلال المليشيا لمدني لازالت تحدث الآن مثل بيوت الدعارة التي كانت تجد الرعاية من المليشيا الآن تجد الرعاية من ذات الأفراد الذين نسمعهم يقولون انهم استخبارات كيكل الآن.
وأضافا: “نخشى أن يتم اختراق المدينة مرة أخرى كما تم خرقها قبل أكثر من عام، واحتلتها المليشيا بمساعدة الطابور الخامس، والآن الطوابير يعمل في النور برعاية نظامية مقننة”.
وشكا عدد من سكان أحياء المدينة من ظهور عمليات السرقات (الشفشفة) من جديد، حيث تتم سرقة ما تركه الدعامة من سيارات معطلة وركشات، وعودة الدخول للمنازل بهدف سرقة ما تبقى، وطالبوا بأن بتم وضع حد لهذه التجاوزات.

صحيفة السوداني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحذّر من “هجوم وشيك” لقوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في دارفور
  • بعد انقضاء المهلة.. الأمم المتحدة تحذر من هجوم وشيك للدعم السريع على الفاشر
  • السودان: الدعم السريع توسع هجماتها على مناطق بشمال دارفور
  • 40 ألف ليرة لليلة واحدة، ولكن لا أمان: تفاصيل مرعبة حول الكارثة التي أودت بحياة 66 شخصًا في تركيا
  • 16 قتيلا في قصف للدعم السريع على مخيم يعاني المجاعة في دارفور  
  • مذابح ود مدني و«الذاكرة السمكية»
  • مدني: المليشيا خرجت بالباب والآن تدخل بالشباك
  • القوة المشتركة تكشف تفاصيل عملية تدمير ضخمة لعتاد وعناصر الدعم السريع
  • الدعم السريع تستخدم متفجرات محرمة دوليًا وتقتل أكثر من 600 مدنيًا في مجزرة جديدة بالجزيرة
  • هيئتان طبيتان: 20 قتيلا و21 جريحا برصاص “الدعم السريع” في ولايتي شمال دارفور (غرب) والجزيرة (وسط)، فيما لم تعقب على الفور قوات الدعم السريع