مسقط-أثير

نشرت مجلة (SBR) ورقة بحثية للباحث العماني الدكتور نصر اليحيائي عن نتائج الدراسة التي أجراها لقياس دور البنية الأساسية في التنويع الاقتصادي لرؤية عمان ٢٠٤٠.

والغرض الرئيسي من الدراسة الحالية هو تحديد تأثير البنية الأساسية كمحدد غير اقتصادي لجدول أعمال التنويع الاقتصادي المدرجة في برامج وحدة دعم رؤية عمان ٢٠٤٠، ثم صياغة إطار شامل يربط عدة عوامل إستراتيجية (وبالتحديد التنويع الاقتصادي، وبرنامج التنمية المستدامة) نحو النمو الاقتصادي في سلطنة عمان.

وأوضحت النتائج أن البنية الأساسية كعامل محدد غير اقتصادي له تأثير كبير على أجندة التنويع الاقتصادي. علاوة على ذلك ، تشير النتائج إلى أن تأثير التنويع الاقتصادي على النمو الاقتصادي في هذه الدراسة يتوافق مع غالبية الدراسات السابقة التي وجدت أن التنويع الاقتصادي هو المحرك الأساسي للنمو الاقتصادي على المدى الطويل.

وتشير هذه النتيجة أيضا إلى أن التنويع الاقتصادي يقدم فوائد للبلاد مثل إيجاد فرص العمل، وتشجيع التغيير الهيكلي، ورعاية التنمية الاقتصادية التي تعزز في النهاية النمو الاقتصادي. علاوة على ذلك، أظهرت النتيجة أيضًا أن برنامج تنفيذ يؤثر بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي في سلطنة عمان.

وتتوافق هذه النتيجة مع ما توصلت إليه السياسة الاقتصادية من وضع رؤية عمان ٢٠٤٠ كسياسة وطنية تكشف أن السياسة الاقتصادية لها تأثير كبير على التقدم الاقتصادي على المستويين الدولي والمحلي.

كما تثبت الأدلة التجريبية باستمرار أن البنية الأساسية تتمتع بالقدرة على تحقيق أكبر اثر تراكمي على النمو الاقتصادي والتنويع الاقتصادي. واستنادا إلى الخبرة الواسعة في البلدان المتقدمة الأخرى، تحتاج حكومة سلطنة عمان إلى توجيه الاستثمار الأجنبي المباشر نحو تسريع توفير البنية الأساسية الكافية ومرافق النقل والمنشآت الجاذبة للاستثمار وتعزيز التنويع في الصناعات الرئيسية التي تعتمد على التكنولوجيا المنخفضة مثل الزراعة والمنسوجات. في حين أن هذا من شأنه أن يحسن متوسط جودة التصنيع، كما أن للصادرات القدرة أن تساعد أيضًا في خلق فرص عمل للعمانيين. وستكون نتائج الدراسة مفيدة لسلطنة عمان لتحقيق أهداف رؤية عمان 2040 في إعادة صياغة السياسة الحالية التي من شأنها تحسين مستوى التنويع الاقتصادي للبلاد وفي الوقت نفسه فصل الإيرادات الحكومية عن النفط والغاز.

وتمهد هذه الدراسة الطريق للبحث المستقبلي في القضايا الأخرى المتعلقة بالتنويع الاقتصادي، وليس فقط في سلطنة عمان لكن أيضًا في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى المجاورة. ونظرًا لنجاح الدراسة في ربط جميع البيانات تجريبيًا، فيمكن أن تكون بمثابة نقطة انطلاق مفيدة لمزيد من المناقشة باستخدام الإطار المقترح.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: التنویع الاقتصادی النمو الاقتصادی البنیة الأساسیة سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

في بيت مغامر عُماني لا يخشى المجهول

يوم الجمعة الثالث عشر من ديسمبر (2024) كان يومًا حافلًا، فقد بدأناه بزيارة بيت التاجر والمغامر العُماني حمد بن محمد المرجبي الشهير بـ«تيبو تيب» فـي منطقة «شنجاني». وبيتُ تيبوتيب يُعدّ من المعالم التاريخية المميزة التي تعكس الطابع الثقافـي والمعماري لزنجبار، وقد ارتبط بفترة التجارة المزدهرة التي شهدتها الجزيرة فـي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، عندما كانت زنجبار مركزًا تجاريًّا مهمًّا للتوابل والعاج. ومعظم من سكن منطقة شنجاني هم من أثرياء العرب، وما يلفت النظر أنّ هناك شجرة كبيرة فـي الجانب الأيمن من البيت، قال لي الشيخ سالم بن محمد الخنجري الخبير بشؤون زنجبار، إنها تسمى «أوشنجا»، استجلبها المرجبي من خارج زنجبار، وسببُ التسمية أنّ ثمار الشجرة تشبه فصوصًا حمراء اللون وسُمِّيت المنطقة نسبة إلى هذه الشجرة، التي قاومت كلَّ الأحداث وبقيت صامدة حتى يومنا هذا، وشهدت كلَّ الأحداث الحلوة والمرة، ولو قُدّر لها أن تتكلم ماذا عساها أن تقول؟!. لم ندخل البيت لأنه مغلق، وقد أخَذَنا شابٌّ زنجباري إلى قبر المرجبي القريب من المكان، حيث كانت هناك مقبرة، إلا أنها طمرت ولم يبق إلا قبر المرجبي، والذي كان كثيرون يعتقدون لسنوات طويلة أنّ اسمه الأول «حُميد»، إلى أن جاء الباحث والمترجم العُماني الدكتور محمد المحروقي صحّح الاسم فـي مقدمته لكتاب «مغامر عُماني فـي أدغال أفريقيا» إلى حَمَد، معتمِدًا على طريقة كتابته من قبل المستشرقَيْن «برود» و«وايتلي» اللذين كانا يرسمانه هكذا (Hamed).

فـي تجوالنا بين البيت والقبر، بدتْ لنا المنطقة مرتبة نوعًا ما بوضع «الإنترلوك» على الممرات. أخذني الشاب إلى القبر فـيما انشغل سيف بتصوير بعض اللقطات للذكرى، قبل أن يقول لي: «أريد إطلاعك على شيء، ولكن ليس الآن». وقفنا أمام قبر «تيبوتيب»، مستذكرين سيرة ذلك المغامر الذي شغل العرب والأوروبيين سنين طويلة. رآه البعض مغامرًا، ورآه آخرون جنديَّا مقاتلًا شجاعًا مقدامًا، فـيما ذهب البعض إلى أنه مستكشف ساعد الغربيين على اكتشاف مجاهل إفريقيا وبحيراتها ومن ثَم استعمارها ونهب ثرواتها، ولَمْ يَخْلُ الأمر من كارهين له وحانقين عليه، لم يروا فـيه أكثر من كونه تاجرًا للعبيد لا يستحق تلك السمعة التي نالها؛ لكن تيبوتيب فـي الحقيقة هو كلّ هؤلاء.

ربما يسأل البعض من هو هذا المرجبي بالضبط؟ ولماذا أضحى شهيرًا لهذا الحد؟ وفـي ذلك نقول إنه أحد أبرز الشخصيات العُمانية فـي شرق إفريقيا خلال القرن التاسع عشر؛ فقد بدأ حياته تاجرًا، إلا أنه لم يكن تاجرًا عاديًّا، إذْ كان قائدًا للقوافل التي كانت تتنقل ما بين زنجبار والعمق الإفريقي، ولعب دورًا محوريًّا فـي تجارة العاج والقرنفل، وقيل الرقيق، وقادته همّته لاستكشاف المناطق الداخلية فـي العمق الإفريقي حتى وصل لأعماق الكونغو، حيث أضحى زعيمًا محليًّا على عدد من المناطق، ممّا ساعده على تأسيس شبكة تجارية واسعة، وأقام علاقات قوية مع السلطان العُماني برغش بن سعيد. كانت للمرجبي علاقات مع الأوروبيين وساعدهم فـي رحلاتهم الاستكشافـية باعتباره صاحب خبرة لا تدانى فـي العمق الإفريقي. أما لقب «تيبو تيب» فقد أُطلق عليه بسبب الصوت الذي كانت تصدره أسلحته النارية، والذي كان يُسمَع هكذا: «تيبو تيب»، وهذا الصوت يشير غالبًا إلى صوت سلاح رشاش، وربما أنّ كلامه كان سريعًا كهذا السلاح أو أنه كان سريعًا فـي مغامراته ولا يخشى المجهول ولا العواقب. وقد ظلّ المرجبي ذا نفوذ كبير فـي القارة الإفريقية حتى قبل سنوات قليلة من وفاته عام 1905، حين تقلّص هذا النفوذ لتنامي الهيمنة الأوروبية فـي القارة.

فـي طريق عودتنا من قبر تيبوتيب إلى الفندق أطلعني سيف على ما أثار انتباهه، وهو أنه شاهد أغطية الصرف الصحي مكتوبًا عليها باللغة العربية «بلدية أبوظبي». أخبرتُه أنني قرأتُ بعض الأخبار عن بيع المنزل لشركةٍ خليجية بغرض استخدامه كمرفق لفندق ضمن الكثير من المنازل التي بيعت لمستثمرين، ولكن البيع لم يثبت حتى الآن، لأنّ اللوحة التعريفـية بالمرجبي ما زالت معلقة فـي الجدار. تعود ملكية المنزل أساسًا إلى الشيخ مسعود بن علي الريامي بعد أن اشتراه من ورثة المرجبي، إلا أنّ حكومة زنجبار صادرته ضمن الممتلكات التي صادرتها من العُمانيين عام 1964، وتركت تلك المنازل نهبًا للسرقات المنظمة من قبل لصوص الآثار، شارك فـيها -كما قيل- بعض المسؤولين، حتى أصبحت الأبواب والنوافذ ومتعلقات هذه المنازل تباع فـي الأسواق العالمية للآثار خاصة فـي جنوب إفريقيا. باعت حكومة زنجبار بعض منازل المدينة الحجرية للأوروبيين والهنود أولًا، والآن دخل على الخط مستثمرون خليجيون ومغاربة عملوا على مسح أيِّ ذكر لأصحاب تلك المنازل، ومن المباني التاريخية التي بيعت بالفعل، المنازل التابعة لقصر بيت الساحل وتقع خلف القصر مباشرة، وكذلك بيت الشيخ سالم بن بشير البرواني.

من جهتي كنتُ أؤمن دائمًا أنّ هذه الهجمة الشرسة على التاريخ العُماني فـي شرق إفريقيا ومحاولات البعض طمسه من الذاكرة لن تنجح؛ لأنّ المد العُماني فـي الساحل الشرقي لإفريقيا موثقٌ ومحصنٌ تمامًا، هكذا عبّرتُ عن رأيي لسيف الذي باغتني بالقول: «لا تحلم كثيرًا؛ فالمالُ يلعب دورًا مُهمًا فـي تحقيق ذلك الهدف، هذا إذا أضفنا إليها إهمالنا».

بجانب بيت حمد المرجبي، هناك مدرسة الشيخ عبد الله بن سليمان الحارثي لتعليم القرآن الكريم فـي منزل يسمى «بوماني». وقد أفادني الشيخ سالم الخنجري أنّ ورثة المنزل (عائلة عُمانية حارثية) اتفقوا على جعل هذا العقار وقفًا خيريًّا بعد إجراء أعمال الترميم والصيانة والتعديلات المناسبة، ليصبح مدرسة لتعليم القرآن وعلوم الدين الإسلامي، وتعيين ناظر للوقف. تكفّل بالمشروع المكرم الشيخ محمد بن عبد الله بن حمد الحارثي، عضو مجلس الدولة العُماني، وسلم الوقف إلى جمعية الاستقامة الخيرية، تحت مسمى «مدرسة الشيخ عبد الله بن سليمان الحارثي»، وذلك بتاريخ ٦ ديسمبر ٢٠٢٤م. وبدأت الدراسة الفعلية فـي يناير ٢٠٢٥م للإناث فقط بعدد يفوق المائة طالبة.

حقيقةً إنّ عرب زنجبار كانوا متقدمين فـي وقف أموالهم ومزارعهم، ويأتي على رأسهم السيد حمود بن أحمد بن سيف البوسعيدي الذي ترك أوقافًا كثيرة، منها بيتا الرباط فـي مكة المكرمة؛ الأول يسمى بيت الرباط الكبير، والثاني بيت الرباط الصغير، ومسجدان فـي «بوبوبو»، بالإضافة إلى مسجده فـي زنجبار -الذي صلينا فـيه غير مرة- ويدير أموره حاليًّا الشيخ عبد الله بن حميد البحري أحد نشطاء جمعية الاستقامة، وكذلك أوقف السيد حمود مبنى يسمى مبنى القطار فـي زنجبار.

ونحن نغادر منطقة شنجاني ومدرسة الحارثي، بُحتُ لسيف بما يدور فـي نفسي عن شخصية المرجبي التي أرى أنها لم تنل ما تستحقه من الدراسة، إذْ إنّ معظم من كَتب عنها هم مستشرقون غربيون تناولوها من وجهة نظرهم هم فقط، وهي بحاجة إلى اهتمام منا نحن العرب، كما فعل محمد المحروقي بترجمته سيرة تيبوتيب. ومن أبسط أبجديات المحافظة على تراث هذا الرجل المحافظة على إرثه وعدم التفريط بمنزله التاريخي المهدد بالاختفاء من الوجود، مثلما هي معظم مباني المدينة الحجرية فـي زنجبار إن لم تُفَعَّلْ منظومة فاعلة للحفاظ على هذا الإرث. كنتُ أبُثُّ سيف هذه الهواجس وأنا أستذكر تعليق أحد القراء العُمانيين على مقال قديم لي عن المرجبي دعوتُ فـيه إلى هذا الاهتمام به، فإذا به -أي القارئ- يكتب إليَّ متسائلًا: «أيُّ اهتمام تريد بمنزل هذا الرجل الذي اشتهر بأنه نخاس يبيع العبيد؟!! وما فائدة الاهتمام ببيته؟!». وفـي الحقيقة فإنّ ما لم يستطع هذا القارئ استيعابه أنّ التاريخ لابد أن يُكتب بكلِّ علاته وحسناته لفائدة الأجيال القادمة وأيضًا لفائدة التراث الإنساني العالمي. ولو سلّمنا جدلًا بصحة الادعاءات على تيبوتيب (وأنا شخصيًّا أعلم أنها مبَالغٌ فـيها) فإنّ علينا ألا ننسى أنّ القرآن الكريم حكى لنا قصصًا كثيرة عن الطغاة والكفرة والمجرمين والملحدين منذ أن خلق الله آدم عليه السلام، ولنا أن نتخيّل كم سيكون تاريخ البشرية مبتورًا لو أنّ كتاب الله حدثنا فقط عن الصالحين والأتقياء.

مقالات مشابهة

  • سلطنة عمان في أكسبو أوساكا عبر جناح مستلهم من البيئة العمانية
  • الصين ترحب بالشركات من جميع الدول لتعزيز استقرار النمو الاقتصادي العالمي
  • سكان سلطنة عمان بين 8 ـ 11 مليون نسمة بحلول 2040
  • تعزيزًا للبحث العلمي في “طب الفضاء”.. “فلك” تستعد لإطلاق أول مهمة بحثية سعودية إلى الفضاء بنهاية الشهر الجاري
  • في بيت مغامر عُماني لا يخشى المجهول
  • الغرفة ومركز الأعمال العُماني الأمريكي يوقعان مذكرة تفاهم
  • إنتاج سلطنة عمان من الغاز الطبيعي يرتفع 9.5%
  • رمضان حول العالم| في عمان: تقاليد عريقة وأجواء روحية تملأ الأرجاء
  • العصيمي : الأجواء ستكون مناسبة لرؤية هلال شوال السبت القادم
  • تامر عبد الحميد: خفض الفائدة على الشهادات البنكية خطوة لتعزيز النمو الاقتصادي