قال الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم، العميد السابق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر فرع أسيوط، إن في سورة الفاتحة أسرار قرانية كثيرة.
وأضاف عبد الرحيم، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك”، أن قراءة سورة الفاتحة رقية وشفاء من الأمراض، قال تعالى عن الشفاء بالقرآن الكريم “وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا”.
وإليك حديث الرقية بفاتحة الكتاب أخرج البخاري عن أبي سعيد الخدري أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك فقالوا: هل معكم من دواء أو راق ؟ فقالوا: إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا، فجعلوا لهم قطيعا من الشاء، فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ ، فأتوا بالشاء فقالوا: لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه فضحك وقال “وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم”.
أسرار وعجائب سورة الفاتحة
من وجد صداعا في رأسه، أوقلقا في نفسه، أو انقباضا في صدره أو نحو ذلك من مرض، فعليه بهذا التحصين العظيم بفاتحة الكتاب فليجمع كفيه وليقرأ فيهما بفاتحة الكتاب أكثر من مرة ثم يمسح بهما رأسه وما استطاع من جسده مرات عديدة، وعليه أن يكون صادق النية فسوف يجد الشفاء إن شاء الله تعالى.
من فوائد الفاتحة قال ابن القيم في الاستشفاء بفاتحة الكتاب: إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالين ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا في غيره من الكتب مثلها لتضمنها جميع معاني الكتاب، فقد اشتملت مع ذكر أصول أسماء الله ومجامعها وإثبات المعاد وذكر التوحيد والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة والهداية منه وذكر أفضل الدعاء وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه، ولتضمنها ذكر أوصاف الخلائق وقسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق والعمل به ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته له، مع ما تضمنته من إثبات القدر والشرع والأسماء والمعاد والتوبة وتزكية النفس وإصلاح القلب والرد على جميع أهل البدع، وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من كل داء.
لما سبق وغيره فإن على المسلم أن يأخذ حظه من الشفاء بالقرآن عامة وبالفاتحة خاصة من الأمراض النفسية والبدنية ولذلك وصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك : عن عبدالله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكم بالشفائين العسل والقرآن).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سورة الفاتحة أسرار سورة الفاتحة صلى الله علیه وسلم سورة الفاتحة
إقرأ أيضاً:
التفكيكية والبعد الصوفي في النص الروائي لروايات الطيب صالح (2)
kargwell65@yahoo.co.uk
التفكيكية والبعد الصوفي في النص الروائي لروايات الطيب صالح (2)
التناص : حفريات البعدالصوفي والأولياء الصالحين
دكتورة سامية عباس كرجويل
أكاديمي -باحث- وناقد
ديباجة
"ياقوت العرش
دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الخاسر من لم ياخذ منها
ماتعطيه على استحيا
والغافل من ظن الأشياء هي الاشياء!
( الفيتوري:ياقوت العرش)
بالوقوف على نشأة الطيب صالح الريفية في شمال السودان وعلى ضفاف النيل العامر بأهل الطرق الصوفية (12) والاعتقاد في كراماتهم ، مع قراءته القران شكلت قاعدة دينية صلبة ومنبع لما جادت بة قريحته من بعد صوفي طفى على سطح النص الروائ فعكس التناص البين في النص الروائ القائم على أساس مفاهيم وردت في الآيات القرانية مما اكسب الديالوج بعدا دينيا فجاءت العبارة في ظاهرها بسيطة اللغة ولكنها حبلى بالمضامين ذات البعد الديني ، وقد كثر التناص في رواياته: " نخلة على جدول"، "وَدُومَة ود حامد" ، "ضو البيت ( بندر شاة). وهذا يدلل على الإدراك وتفتح البصيرة لمعاني القران حيث يورد مارمت اليه الاية دون ان يوردها نصا. فالطيب صالح حباه الله بنعمة البصيرة النافذة والتي تدل على الادراك والتمييز بالقلب وهي "العين الباطنة " كما يعتبرها الصوفية من امثال ابن عربي . وكما وان هناك آيات تدلل على ذلك ومنها قوله تعالى في محكم التنزيل الحكيم وفي اكثر من أية :" ماكذب الفؤاد ماراى" ، (a13 ) ، "انها لا تعمى الابصار ولكنها تعمى القلوب التى في الصدور"(b13) . وبالتالي نجد ان الطيب صالح قد وظف رصيده الصوفي في صياغة نظريتة المعرفية ، وهذا هو المستوى الإيجابي لاستعداده لقبول المعرفة والإدراك وقد ترجمها في النص الروائ. (13c) مما يدلل على فهمة المتعمق للخطاب القراني وانه تاثر بمدلول ذلك الخطاب.
التناص والبعد الصوفي في النص الروائي
من بين معاني التناص هو الإشارة الضمنية الى ما ورد في القران الكريم والحديث. ونجد ان الطيب صالح قد استخدمة في كثير من المواضع في النص الروائ. ففي روايته ' ضو البيت-بندر شاه-، عندما نادى 'شيخ نصر الله ود حبيب بصوت عالي ' بعد لحظات تجلي وغيبة روحانية واتصال بعالم الغيبيات قد اوحى اليه باسم "بلال " وبعودة الروح من عالم الأسرار ومايخفية الباطن منها الى العالم الظاهر نادى:" إلينا يابلال ...إلينا يابلال" ووسط دهشة القوم الجالسين أمامه اذا ب " حسن ود عيسى ود ضو البيت " مجيبا: " لبيك......لبيك" وهذا ما يردده الحجاج وهم في ارفع حالات الطهر والنقاء الروحي استجابة لأقدس مناداة من المولى عزه وجله وهم يؤدون مناسك الحج.
وهم يعبرون الى مكة عن طريق السودان قادمون عن طريق "درب الأربعين " من غرب افريقيا.
" يفتح الله" والبعد الصوفي في النص الروائ
عبارة مفتاحية /مفصلية وبالتأمل والتفكر فيها فهي حبلى بالامل والثقة في ان يفتح الله ابواب اليسر للانتقال من العسر الى الفرج.. وفي رواية " نخلة على الجدول" كثر فيها التناص من القران الكريم في إشارة الى تقلب الزمان وتغيير الأحوال من حال البؤس الى حال الترف، ثم الى حال البؤس مرة اخرى ثم الفرج ، حيث عكس الراوي كيف وان الدنيا قاسية عندما تكشر عن نابها الأزرق وجهها القمئ. كان محجوب يكابد شظف العيش والفاقة وعندما رمى ابن عمه " اسماعيل" شتلة لنخلة معتقدا انها غير صالحه ، التقطها محجوب وشتلها بالقرب من الجدول متعشم في الله خيرا بان تنمو ويشتد عودها وعندما تحقق حلمة ونمت وصارت شامخة باسقة وأثمرت جلبت له الخير كلة . وبعد سنتين من زواجه صارت الحياة مترفة كانما استجاب الله لدعائه عندما شق الارض وغرس الشتلة على حافة الجدول وتلا آيات من القران ، وقليل من ماء وضوء والده تفاؤلا وتيمنا بالخير ،وعندما أثمرت النخلة وكانت اول شئ يمتلكه في حياتة " وسارت الحياة رغدة كانما استجاب الله لدعائه يوم شق في الارض على حافة الجدول وغرس النخلة" . ففي استجابة الدعاء إشارة الى قوله تعالى: " اذا سالك عبادي عني فأنا قريب اجيب دعوة الداعي اذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) ( 14) . وبعد سنين من زواجه اشترى عجلة فصارت جميلة لها غرة في جبينها تجر الساقية وتدر اللبن وظهرت عليه مظاهر الدعة والترف وتغير سلوكه الى سلوك المترفين . ولما لم يدوم الحال وتبددت امواله ، ويبس الزرع والضرع، وشحت حتى مياه النيل، بتسأل الراوي هل هي نبوءة " الشيخ ود دوليب تحققت؟ قد أنذر الناس في يوم من الأيام انه سياتي عليهم يوم يصير فيه اللبن كثيرا تافها مثل الماء وتصير كيلة الذرة بقرشين، ويصبح ثمن النعجة ريالين. لكن الناس كدابهم أبدا سيضيقون بهذا الخير، وسينهمكون في الغي وينسون الله، فيأخذهم الله بذنوبهم." . وفي هذا إشارة الى قوله تعالى في محكم التنزيل الكريم :" كداب ال فرعون واللذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب. (15) . وفي هذة النبوءة تماشيا مع رؤية العزيز حاكم مصر والتي فسرها سيدنا يوسف عليه السلام لتكون له شفيعا فيخرج من السجن منتصرا ساحقا الكيد ويتبوء مكانة عالية وليتحكم في الكيل ، وقد ذكرت في القرا ن الكريم :" وقال الملك أني ارى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واُخرى يابسات يا ايها المُلا أفتوني في رؤياي ان كُنتُم للرؤى تعبرون " (16 ) . وعندما أدبرت الدنيا عن محجوب ليرى وجهها الأغبر ، ضاقت ثم ضاقت وعان من الفاقة وشظف العيش مضاف اليها هجرة ابنه الوحيد " حسن" وهو احوج ما يكون الى ساعده وقد بلغ من الكبر عتيه، ولم يبقى أمامه من حيلة فراودته فكرة ان يبيع النخلة وبينما الشاري امامة يمتطي حماره منتظرا اجابة سرح بخياله بعيدا يستعيد ويستحضرالذكريات لايام الرخاء ، وقطع علية سيل الذكريات صوت صاحب الحمار الذي يرغب في شراء النخلة. وعاد الى الواقع بعينين مترقرقين ودمعة حبيسة ليقول لا ارغب في بيع النخلة قائلا:" يفتح الله.... انا تمرتي ما ببيعها" ، يشير الراوي الى ان " يفتح الله" قادته الى التفكير في عمق معناها ، فهي في سورة الفتح ، قال تعالى في محكم التنزيل : " انا فتحنا لك فتحا مبينا"(17 ) وفي سورة النصر ، قال تعالي :" اذا جاء نصر الله وألفتح " (18) ولهذا فإنها عبارة مفتاحية لمن اثقلت كاهلة اعباء الحياة ، ولمن كابد العسر والضيق ، وهي عبارة حبلى بالتوكل على الله والامل في ان يفرجها الله ويفتح أبواب الرزق. وهو على تلك الحاله من الياس اذا بطفلته تركض نحوه لتزف اليه البشرى وخبر ان ' حسن ' 'قد أرسل له رسالة مع قادم من مصر. سلمه القادم جوابا من حسن ومعه 30 جنيها ، وملابس وقال له ان حسن يطلب منه العفو . فنظر الى نخلته ورأى جريدها تتلاعب بة نسمات الشمال فخيل اليه ان سعف النخلة " يرتجف مسبحا قائلا " يفتح الله ...يفتح الله"
فضاء الظاهر وأسرار الباطن :الأحلام والبعد الصوفي في النص الرؤي
ان الرؤى في الأحلام يكمن في باطنها قدر قليل من الحقيقة التي يكرم بها الله عبده الرائي وقد ذكرت في سورة الانفال قال تعالى: "اذ يريكم الله في منامكم قليلا " (19) وفي رواية "دومة ود حامد" كثر التناص من خلال التعبير عن الرؤى في الأحلام وتفسيرها ذلك مرده الى الإشارة الى سورة يوسف علية السلام كمفسر للرؤى في الأحلام(20). كما وان كل الأحلام الوارده في النص الروائ حبلى بالاعتقاد في كرامات الاولياء والصالحين . ذكر الراوي في روايته " دومة ود حامد" ان محجوب قال لضيفه :" اجلس الى اهل هذه البلد واستمع اليهم يقصون احلامهم. يصحو الرجل من نومه فيقص على جاره انه رأى نفسه في ارض رملية واسعة رملها ابيض كلجين الفضة مشى فيها فكانت رجلاه تغوصان فيقتلعهما بصعوبة. ومشى ومشى حتى لحقه الظمأ وبلغ منه الجوع، والرمل لا ينتهي عند حد . ثم صعد تلا،فلما بلغ قمته رأى غابة كثة من الدوم في وسطها دومة- دومة طويلة، بقية الدوم بالنسبة اليها كقطيع الماعز بينهن بعير. وانحدر الرجل من التل وبعدها وجد كأن الارض تطوي له. فما هي الا خطوة وخطوة وخطوة، حتى وجد نفسه تحت دومة ود حامد. ووجد إناء فية لبن رغوته معقودة علية وكأنه حلب لساعته، فشرب منه حتى ارتوى ولم ينقص منه شئ. فيقول له جاره:" أبشر بالفرج بعد الشدة". ركز الطيب صالح على الرؤى في الأحلام التي لم تخلو من الاولياء والصالحين ولسان حاله يؤكد اعتقاد الأهالي في كرامات الصالحين اللذين ذكروا في طبقات ود ضيف الله.
المصادر:
(12)محمد، ضيف الله محمد (. 1992). طبقات ود ضيف الله. الناشر المكتبة الثقافية- بيروت- لبنان
(13a)سورة النجم : (اية 11
(13b ) سورة الحج (الاية 46
(13c) عامر، توفيق( 2017 )." "في نظرية المعرفة عند ابن عربي" ص 101-120.
(14) القران الكريم سورة يوسف (الاية (43)
( 15 ) القران الكريم سورة الفتح( الاية 1)
(16 ) القران الكريم سورة النصر( الاية 1)
(17القران الكريم سورة يوسف ( الآية 46-49)
(18سورة الفتح( الاية1 )
(19)سورة الانفال ( الاية 43)
(20) سورة يوسف ( الاية 54)