موسكو– شكّل التخلّي التدريجي عن التعامل بالدولار أبرز معالم التعاون الاقتصادي والتجاري بين روسيا والصين خلال العام المنصرم، وحقق البلدان خطوات ملموسة باتجاه تقريب البلدين مما يمكن تسميته بـ"التحالف المالي".

ووفقا لرئيس الوزراء الروسي، ميخائيل ميشوستين، حوّلت روسيا والصين خلال 2023 أكثر من 90% من التجارة إلى اليوان والروبل، وهو ما يوضح- حسب قوله- الإلغاء شبه الكامل للدولار في العلاقات الاقتصادية بين البلدين.

ورغم أن الاتجاه نحو تقليل روسيا الاعتماد على "ملك العملات" بدأ بعد أزمة 2008، عندما أظهر النظام المالي الأحادي القطب نقاط ضعف وألحق الضرر بالتجارة والإنتاج وتشغيل العمالة؛ فإنه مع اشتداد العقوبات الغربية ضد موسكو، بدأت الأخيرة عملية إلغاء "الدولرة" في سياق ربط الدولة بين القوة المالية والقوة الجيوسياسية، وعلى قاعدة أن محاولات التنمية وتقوية الجيش وتطوير التقنية والحفاظ على قوة عاملة منتجة، يتطلب وجود قاعدة اقتصادية متينة.

وسجل الروبل هبوطا قياسيا خلال 2023، وهو الأعلى خلال السنوات التسع الماضية، حيث ارتفع الدولار بنسبة 30%، وقد رأى فيه الخبراء أحد النتائج السلبية لخروج رؤوس الأموال من البلاد، والديناميكيات السلبية لصادرات النفط في بداية العام، ونمو الواردات.

تقليم أظافر الدولار

أمام هذا الواقع، جرت نقاشات جادة بين الصين وروسيا بالفعل لدمج أنظمتهما المالية، حيث أكدت موسكو لبكين أنها مستعدة لاستخدام اليوان في احتياطاتها من النقد الأجنبي لتسريع العملية.

وتكشف البيانات الرسمية الروسية عن نقلة نوعية في التبادل التجاري بين البلدين رافقها تبادل بالعملات الوطنية. فقد ازداد حجم التجارة الثنائية بين البلدين ليبلغ 218 مليار دولار.

وبناء على نتائج الأشهر التسعة الأولى من 2023، ارتفع إجمالي حجم التجارة بين روسيا والصين بنسبة 29.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي وحده، بلغ حجم التجارة بين البلدين نحو 21.2 مليار دولار، وواصلت التجارة البينية ارتفاعها لتصل إلى 21.5 مليار دولار في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ومنذ بداية 2023 صدّرت الصين بضائع بقيمة 81.4 مليار دولار نحو روسيا، بزيادة 56.9% عن 2022، أما روسيا فصدّرت نحو 95 مليار دولار نحو الصين، وبزيادة سنوية بلغت 12.7%.

ويأتي ذلك بالتوازي مع خطة تحويل مدفوعات النفط والغاز الروسية، التي ستستمر في العمل -حسب مسؤولين روس- طالما أن الدول الأوروبية تعتقد أنها لا تستطيع تقليل اعتمادها على موسكو دون تكبد مصاعب مالية غير مقبولة.

وهذا يظهر -حسب مراقبين روس- وجود سعي لدى موسكو وبكين لتقويض الهيمنة العالمية للدولار الأميركي، بالحد الأدنى في التبادل التجاري بينهما.

ويرى الخبير الاقتصادي، فكتور لاشون، أن هذا التطور يبشر ببداية نهاية الهيمنة المالية الأميركية، رغم تمكن الدولار من استعادة موطئ قدمه عموما بفضل الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار التجاري، لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا، فضلا عن نقص الغذاء الذي تفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا.

وحسب قوله للجزيرة نت، فإنه رغم تكبد روسيا لمصاعب مالية، فإنه من الواضح أنها تتجه نحو تقويض الهيمنة العالمية للدولار الأميركي، عبر تعزيز التعاون مع التنين الصيني.

فالصين -وفقا له- تعدّ عملاقا اقتصاديا ليس من حيث الإنتاج والصادرات فقط، بل من حيث حجم قطاعها المالي كذلك، الذي يعدّ حاليا الأكبر في العالم، إذ تبلغ قيمة أصوله 60 تريليون دولار، أي ما يعادل 340% من الناتج المحلي الإجمالي للصين.

ويتابع أنه رغم القوة الواضحة التي شهدها الدولار في النصف الأول من 2022، واستخدامه سلاحا لفرض العقوبات على روسيا، فإن ذلك أعطى زخما جديدا لبعض أكبر الاقتصادات في العالم لاستكشاف سبل للالتفاف حول العملة الأميركية، وعلى رأسها روسيا والصين.

إلغاء الدولرة

وفي حين أنه لا أحد يقول إنه سيتخلص من الدولار كونه وسيلة التبادل الأساسية في وقت قريب، إلا أن إلغاء "الدولرة" أصبح خيارا إستراتيجيا بالنسبة لموسكو وبكين.

وثمة من يرى بأن عملية التخلص من التعامل بالدولار لن تكون بالسهولة التي يتحدث عنها بعض المحللين، كما يؤكد الباحث بالمعهد الأعلى للاقتصاد فلاديمير أوليتشينكو، الذي يقول للجزيرة نت إن نجاح هذه العملية يتوقف على التطوير الشامل للسوق المحلية، كشرط لتمكن روسيا من التخلي عن استخدام الدولار؛ لأنها تعتمد بشكل أكبر على المبيعات في السوق الأجنبية.

ويضيف بأن الأمر نفسه ينطبق على الاقتصاد الصيني، لكن الصين، على عكس روسيا، منخرطة بشكل هادف في تطوير السوق المحلية، في وقت أصبح السوق الأجنبي يشكل دخلا إضافيا للصين، لكن ليس الدخل الرئيس.

ويوضح بأن الخطوات التي اتخذتها الصين وروسيا للتخلي عن الدولار الأميركي ترافقت مع نقاط مهمة، كان يجب أخذها في الاعتبار بالنسبة لكل اقتصاد من الاقتصادات؛ مثل: اعتماد الاقتصاد الروسي إلى حد كبير على بيع الموارد الطبيعية والأخشاب والقمح والمحاصيل الزراعية الأخرى في السوق العالمية، التي يحصل في مقابلها على ما يعادله نقدا بالعملة الأميركية.

ويشير أوليتشينكو بأن المشكلة في معظم العملات هي أن سعر صرفها يعتمد بشكل كبير على مجموعة ضيقة من السلع، وهي بالنسبة لروسيا، موارد الطاقة والمعادن والمواد الخام.

وبما أن بيئة أسعار هذه السلع تؤثر في ميزان المدفوعات في البلاد، ومن ثم على سعر صرف الروبل، فإن حالة التقلب هذه لا تتيح للروبل أن يصبح عملة احتياطية، ولذا لا تريد أي دولة أن تصبح احتياطاتها من العملة الروسية أرخص؛ بسبب تقلب أسعار النفط، يختم المتحدث ذاته.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: روسیا والصین بین البلدین ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

ما العمر الافتراضي لأدوات المطبخ ومتى يجب التخلص منها؟

يتطلب تجهيز مطبخ متكامل استثمارًا في الوقت والمال، فبالإضافة إلى الأدوات الحديثة، هناك عناصر أساسية لا غنى عنها. ومع ذلك، لا يكفي مجرد امتلاك الأدوات المناسبة، بل يجب العناية بها من خلال الصيانة الدورية واستبدالها عند الحاجة للحفاظ على جودتها وضمان سلامة الطعام.

ومع مرور الوقت، قد تفقد أدوات المطبخ فعاليتها، كما يمكن أن تتراكم عليها الجراثيم والأوساخ التي قد تؤثر على نظافة الطعام. لذلك، يعد استبدال الأدوات البالية أو التالفة أمرًا ضروريًا للحفاظ على بيئة مطبخ نظيفة وآمنة، حتى لو بدا الأمر غير ضروري للوهلة الأولى.

لا شيء يدوم إلى الأبد

قد تبدو بعض الأدوات وكأنها تدوم مدى الحياة، لكن الحقيقة أن كل أداة لها عمر افتراضي يجب مراعاته. وبمرور الوقت، قد تتراكم البكتيريا والجراثيم، أو تتلف الطبقات الواقية، مما يجعلها غير آمنة للاستخدام. لذا، من الضروري معرفة متى يجب استبدال الأدوات المختلفة للحفاظ على سلامة الطعام والصحة العامة.

ملاعق خشبية

تُعد الملعقة الخشبية واحدة من أكثر أدوات المطبخ شيوعًا، لكنها عرضة لتراكم البكتيريا والأوساخ بسبب طبيعة الخشب المسامية. كما أن الخشب مادة حساسة قد تتضرر بسهولة عند تعرضها للماء لفترات طويلة، مثل نقعها أو غسلها في غسالة الأطباق، مما قد يؤدي إلى تشققها وانقسامها. لذلك، يُنصح باستبدال الملاعق الخشبية كل 5 سنوات تقريبًا، أو فور ظهور أي علامات تلف لضمان سلامة الاستخدام.

الملعقة الخشبية تعد واحدة من أكثر أدوات عرضة لتراكم البكتيريا والأوساخ بسبب طبيعة الخشب المسامية (غيتي) ألواح التقطيع إعلان

بمرور الوقت، تتآكل ألواح التقطيع سواء كانت بلاستيكية أو خشبية، مما يؤدي إلى ظهور أخاديد وشقوق يصعب تنظيفها، فتُصبح بيئة مثالية لتراكم البكتيريا. لذا، يُوصى باستبدالها كل 6 إلى 12 شهرا، خاصة إذا ظهرت عليها تشققات، تغير في اللون، أو انبعاث روائح غير مستحبة.

إسفنجة المطبخ

تُعد إسفنجات المطبخ من أكثر الأدوات عرضة لتراكم البكتيريا، حيث تحتفظ بالرطوبة لفترات طويلة، مما يخلق بيئة مثالية لنمو العفن والجراثيم. توصي الأبحاث باستبدالها كل أسبوعين إلى شهر، أو حتى قبل ذلك في حال تغير لونها أو صدور رائحة غير مستحبة. ولضمان نظافتها، يُفضل تعقيمها بانتظام عبر غليها في الماء أو تسخينها في الميكروويف لبضع ثوان.

إسفنجات المطبخ من أكثر الأدوات عرضة لتراكم البكتيريا (شترستوك) المقالي غير اللاصقة

يُعد الطهي بأواني التفلون آمنًا عند استخدامها بشكل صحيح وتجنب تسخينها الزائد، ولكن عند تعرضها للخدوش أو التآكل، قد تتسرب مواد كيميائية ضارة إلى الطعام، مما يثير القلق بشأن سلامتها. لذا، يُنصح باستبدالها كل سنتين أو ثلاث أو فور ظهور خدوش واضحة لضمان الطهي الآمن والحفاظ على جودة الطعام.

الحاويات البلاستيكية

إذا بدأت حاويات تخزين الطعام في التآكل أو أصبحت مليئة بالبقع، فقد يكون الوقت مناسبًا لاستبدالها. فمع مرور الزمن، يمتص البلاستيك الروائح والنكهات، مما قد يؤثر على مذاق الأطعمة والمشروبات. لذلك، يُفضل استبدال الحاويات البلاستيكية بأخرى زجاجية، نظرًا لمقاومتها العالية للبقع والخدوش، إضافة إلى كونها آمنة للغسيل في غسالة الأطباق، مما يجعلها خيارًا أكثر صحة واستدامة.

إذا بدأت حاويات تخزين الطعام في التآكل أو أصبحت مليئة بالبقع، فقد يكون الوقت مناسبًا لاستبدالها (غيتي إيميجز) الملاعق السيليكون

الملاعق المسطحة أداة أساسية في المطبخ، حيث تتيح الوصول إلى شقوق الأوعية دون خدش السطح. لكن عيبها أنها تمتص الروائح والبقع بمرور الوقت. إذا لاحظت رائحة كريهة أو تغير اللون، فقد حان وقت استبدالها. يُفضل امتلاك ملعقة مخصصة للحلويات لتجنب انتقال النكهات.

إعلان العناية بالأدوات يطيل عمرها

العناية بالأدوات لا تطيل عمرها الافتراضي فقط، بل تحافظ أيضًا على سلامة استخدامها. إليك بعض النصائح للحفاظ على أدوات المطبخ بحالة جيدة:

التجفيف الجيد: بعد غسل الأدوات، يجب تجفيفها جيدًا لمنع تراكم الرطوبة التي قد تؤدي إلى نمو البكتيريا.

التخزين الصحيح: يُفضل تخزين السكاكين في حاملات خاصة لحماية شفراتها ومنع الصدأ. كما يجب تخزين الأواني في أماكن جافة وجيدة التهوية.

استخدام الأدوات المناسبة: يُنصح باستخدام أدوات خشبية أو سيليكون مع المقالي غير اللاصقة لمنع الخدوش التي قد تؤدي إلى تسرب المواد الضارة.

التنظيف المناسب: يعتمد تنظيف الأدوات على المادة المصنوعة منها. على سبيل المثال، يُفضل غسل الأواني غير اللاصقة بإسفنجة ناعمة، وتنظيف الإستانلس ستيل بمحلول صودا الخبز، وتنظيف ألواح التقطيع بالخل والليمون لقتل البكتيريا، كما تتطلب ألواح التقطيع عناية دائمة، حيث يمكن صقلها ومعالجتها بالزيت دوريًا، مما يساعد على إغلاق المسام، ويجعلها أكثر متانة واستدامة للاستخدام طويل الأمد.

بعض أواني المطبخ قد تُعرّض صحتك وصحة أسرتك للخطر إذا لم يتم اختيارها أو استخدامها بشكل صحيح (شترستوك) اختر أدوات مطبخ آمنة لصحتك

الحرص على اختيار أدوات المطبخ المناسبة واستبدالها بانتظام لا يقتصر فقط على الجودة أو التكلفة، بل يمتد ليشمل جانبا بالغ الأهمية: سلامتك وصحتك. فبينما تُصنع بعض الأدوات من مواد آمنة وغير سامة، قد تحتوي أخرى على مكونات تشكل خطرا عند تعرضها للحرارة أو عند تفاعلها مع الأطعمة، حتى مع العناية المستمرة بها.

متى تصبح أدوات المطبخ خطرا على صحتك؟

بعض أواني المطبخ قد تُعرّض صحتك وصحة أسرتك للخطر إذا لم يتم اختيارها أو استخدامها بشكل صحيح. على سبيل المثال:

أواني الألمنيوم غير المؤكسد قد تتفاعل مع الأطعمة الحمضية، مما يؤدي إلى تسرب جزيئات الألمنيوم إلى الطعام.

أواني التيفلون المخدوشة قد تطلق مواد كيميائية ضارة عند تعرضها للحرارة، لذا يجب استبدالها فور ظهور أي خدوش.

إعلان

الأدوات البلاستيكية ليست جميعها آمنة للطهي أو التخزين، خاصة عند وضعها في الميكروويف، لذا من الضروري التحقق من ملاءمتها قبل الاستخدام.

مقالات مشابهة

  • ما العمر الافتراضي لأدوات المطبخ ومتى يجب التخلص منها؟
  • اختتام مناورات “الحزام الأمني البحري 2025” بين روسيا والصين وإيران
  • روسيا والصين تشددان على الحوار لحل ملف إيران النووي
  • روسيا تعتمد على العملات المشفرة في تجارة النفط مع الصين والهند
  • وفد أمريكي إلى روسيا.. اتصالات ولقاءات لإقناع موسكو بمقترح وقف إطلاق النار
  • رداً على موسكو..بريطانيا تطرد دبلوماسيا روسياً وزوجة آخر
  • التجارة بين روسيا والهند تبلغ مستوى تاريخيا
  • روسيا تعلنها رسميا : أي حل للأزمة مع أوكرانيا بشروط موسكو وليس واشنطن
  • الصين تستضيف روسيا وإيران لبحث برنامج طهران النووي
  • 17.5 مليار دولار حجم التجارة الثنائية بين طهران وأنقرة في 2024