اعتقال شبكة تجسس إسرائيلية.. رسائل أنقرة إلى تل أبيب
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
بعد أكثرَ من شهر على إحباط جهاز الاستخبارات التركية، محاولةَ الموساد الإسرائيلي، اختطافَ مهندس فلسطيني، ساهم في اختراق منظومة "القبّة الحديدية" عامَي 2015 و2016، تعود أنقرة لتعلن اعتقال أكثر من أربعين شخصًا، نجحت الاستخبارات الإسرائيلية في تجنيدهم؛ من أجل القيام بالتجسس والتعقب وخطف ناشطين فلسطينيين مقيمين في تركيا وعائلاتهم.
الإعلان عن اعتقال أفراد الشبكة والنجاح في تفكيكها حمل في طيه رسائل تركية في توقيت مهم، لكن قبل التعرض لها دعونا نستعرض تقرير المخابرات الصادر بشأن الشبكة، والذي ألقى الضوء على كيفية عملها.
تقرير استخباراتيأثناء تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبعد أقل من شهر من تهديد مدير جهاز الاستخبارات الإسرائيلية "الشاباك"، رونين بار، باستهداف قيادات حماس في كل مكان بما في ذلك تركيا، شنّت الاستخبارات التركية "MIT " – بالتنسيق مع رئاسة الاستخبارات بالشرطة – عمليات متزامنة في 8 ولايات، في مقدمتها إسطنبول؛ لاعتقال أفراد يعملون لصالح الموساد.
تقرير المخابرات الذي نشرته وسائل الإعلام التركية، تضمن معلومات مهمة عن كيفية تجنيد أعضاء الشبكة، الذين ينتمون إلى جنسيات غير تركية (لم يتم الإفصاح عنهم حتى الآن)، وإرسال الأموال إليهم والاجتماع الدوري بهم، على النحو التالي:
التجنيديقول التقرير: إنَّ الموساد جنّد هؤلاء الأشخاص، عن طريق نشر إعلانات توظيف على مواقع التواصل أو مجموعات الدردشة المختلفة، أو وضع روابط معينة، ثم يتم التواصل مع الأشخاص الذين يستجيبون لتلك الإعلانات، ما يفتح الباب أمام الموساد للتواصل معهم عقب إتمام تجنيدهم عبر تطبيقَي تليغرام، وواتساب.
ثم يكون لزامًا على هؤلاء العملاء تجنيد آخرين بعد ذلك؛ لجمع المعلومات المطلوبة عن الفلسطينيين المقيمين في تركيا وعائلاتهم.
التمويليشير التقرير إلى أن الموساد كان يرسل الأموال إلى أعضاء الشبكة باستخدام إحدى الطرق التالية:
إما عن طريق التسليم باليد خارج تركيا، وفي حال كان المبلغ المدفوع كبيرًا، فإن الموساد كان يوفر حقائب ذات أماكن سرية لمنع اكتشاف الأموال أثناء الفحص باستخدام الأشعة، أو يتم تسليم الأموال عن طريق وسطاء، أو باستخدام العملات المشفرة؛ للحيلولة بين الأمن التركي، وبين كشف الشبكة.
التدريبيؤكد التقرير أن الموساد كان يجتمع مع عملائه، خارج تركيا؛ لتجنب رصدهم من قبل الأجهزة الأمنية التركية، حيث يتم استقبال عملاء الشبكة في فنادق ذات مستوى عالٍ، ودعوتهم إلى مطاعم فاخرة، وجدولة كل هذه التحركات ضمن برامج ورحلات سياحية خاصة.
وفي تلك الرحلات كان العملاء يخضعون لاختبار كشف الكذب، ثم يقوم خبراء الموساد بتدريبهم على الاتصال السري، من خلال تسليمهم أنظمة اتصال سرية، كما تشمل التدريبات أمن التواصل والتشفير.
إسناد المهامكذلك يشير التقرير إلى أن أبرز مهام هؤلاء المجنَّدين القيام بأعمال التصوير بالفيديو والفوتوغراف، وتركيب أجهزة "جي بي إس" في سيارات الأهداف، والاعتداء على الأهداف وابتزازهم، بالإضافة إلى أعمال الدعاية المضللة، ونشر أخبار كاذبة على الشبكة العنكبوتية، وإنشاء قواعد بيانات للأجانب المقيمين في تركيا حتى من خارج الجالية الفلسطينية.
إضافة إلى مهام من نوعية أخرى، مثل: تهريب الأشخاص والبضائع عبر الحدود بين إيران والعراق إلى تركيا، وتوفير منازل آمنة داخل تركيا، وتجهيز سيارات إسعاف لاستخدامها وقت الحاجة.
رسائل أنقرةنشْر الاستخبارات التركية تقريرها عقب اعتقال أفراد الشبكة، يؤكد أن هؤلاء العملاء كانوا تحت السيطرة والمتابعة من فترة ليست بالقصيرة، لكن يبدو أن التهديدات الإسرائيلية باستهداف قادة حماس في الخارج، عجّلت بكشف الشبكة أمام الرأي العام.
فتركيا أرادت إرسال رسالة عملية إلى الجانب الإسرائيلي، بالابتعاد عن تصفية الحسابات على أراضيها، وهذا ما أكده مسؤول استخباراتي تركي كبير لموقع "ميدل إيست آي"، حيث قالَ: "تماشيًا مع تحذيرنا السابق من أن أي محاولة للعمل بشكل غير قانوني في تركيا ستكون لها عواقب وخيمة، فإننا نشجع بشدّة جميع الأطراف المعنية على عدم الانخراط في أنشطة مُماثلة في المستقبل."
كذلك تريد تركيا تذكير إسرائيل أن إبرام أي اتفاقيات أمنية وعسكرية بين الجانبَين، لا يعني السماح باستهداف أيّ من المقيمين على أراضيها، وخاصة الفلسطينيين.
ففي الاتفاقيات المبرمة بين الجانبَين أواخر عام 2022، في إطار التمهيد لتطبيع العلاقات مجددًا، كانت هناك مذكِّرة أمنية تسمح لجهاز "الشاباك" الإسرائيلي بممارسة أنشطة؛ لضمان حماية السفارة والقنصلية الإسرائيليتَين، كما أشارت المذكرة إلى زيادة التعاون في مجالات مكافحة الإرهاب ومكافحة التجسس.
لكن في مقابل ذلك تعهد الموساد بعدم تنفيذ أي اغتيالات ضد الفلسطينيين على الأراضي التركية.
لكن الأنشطة الاستخباراتية الإسرائيلية، كانت تشير إلى عكس ذلك، ففي ديسمبر الماضي، أعلن المدعي العام في إسطنبول، لائحة اتهام ضد 17 شخصًا بتهمة العمل لصالح الموساد الإسرائيلي، حيث ذكر تقرير المخابرات التركية بشأن القضية أن المتهمين خططوا "لارتكاب جرائم مثل القتل والاختطاف والتهديد والابتزاز في تركيا باستخدام البيانات السرية التي حصلوا عليها من المؤسسات العامة".
وهذا يعني أن الجانب الإسرائيلي كان يجهز لعمليات قتل نوعية داخل الأراضي التركية متى احتاج إليها.
ومع عملية "طوفان الأقصى"، كان القرار الإسرائيلي باستئناف الاغتيالات خارج فلسطين المحتلة، الأمر الذي دفع أردوغان إلى تحذير تل أبيب من الإقدام على تلك الخطوة، ثم اتخذ الأمن التركي تدابير ملموسة، ليثبت لتل أبيب أن الإجراءات المتخذة لن تتوقف على مجرد التحذيرات الشفهية، بل ستتعداها إلى استهداف المتعاونين مع الموساد.
الرسائل التركية ربما لا تتوقف هنا على تل أبيب وحدها، بل ربما تريد أنقرة إيصالها إلى جارتها إيران أيضًا، والتي تورطت قبل ذلك في محاولة اغتيال إسرائيليين على الأراضي التركية، قبل أن ينجح الأمن التركي في الوصول إلى المسؤولين عنها واعتقالهم.
كما سبق أن وجهت أنقرة الاتهامات إلى موظفين إيرانيين رسميين باغتيال معارضين للنظام الإيراني على أراضيها، كان آخرها اعتقال الموظف في القنصلية الإيرانية، محمد رضا ناصر زاده، قبل نحو ثلاثة أعوام، للاشتباه في تورطه في اغتيال المعارض، مسعود مولوي، في إحدى مناطق إسطنبول عام 2019.
ومع إمكانية تصاعد الصراع بين طهران وتل أبيب على هامش "طوفان الأقصى"، تعمل تركيا على الحيلولة دون استخدام أراضيها لتصفية تلك الحسابات.
المفارقة أنه في مساء نفس يوم إعلان تركيا عن شبكة الجواسيس، اغتالت إسرائيل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري وآخرين في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، لتتأكد أنقرة أن ضرباتها الأمنية الاستباقية ضرورة ملحّة لا ينبغي التهاون بشأنها.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+
تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی ترکیا
إقرأ أيضاً:
مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي يعترف: تلقينا تحذير من هجوم حماس ليلة 7 أكتوبر لكن نتنياهو ظل نائما
#سواليف
أقر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن أمانته العسكرية تلقت ليلة 7 أكتوبر معلومات حول استعداد حماس تنفيذ هجوم، وهو ما يناقض مزاعم سابقة بأن مكتبه لم يتلق أي تحذيرات مسبقة.
ويعد هذا البيان اعتراف هو الأول من نوعه، وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو مساء السبت، أن “ضابط الاستخبارات في السكرتارية العسكرية لرئيس الوزراء تلقى في تلك الليلة رسالة تحتوي على عدة إشارات دالة، إلى جانب تأكيد بأن حماس تتصرف كالمعتاد، وأن قائد المنطقة الجنوبية سيعقد مناقشة حول الأمر في صباح اليوم التالي فقط”.
وأوضح البيان أن الرسالة نقلت حرفيا إلى السكرتير العسكري، لكن “نظرا لعدم اعتبار الأمر عاجلا، اختار الضابط عدم إيقاظ رئيس الوزراء”.
مقالات ذات صلةيتناقض هذا الاعتراف مع الموقف الرسمي السابق لمكتب رئيس الوزراء، حيث زعم لفترة طويلة أن أي معلومات استخباراتية متعلقة بهجوم محتمل لم تصل إلى المكتب بأي شكل خلال الساعات الأربع والعشرين التي سبقت الهجوم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كشف الصحفي رونين بيرجمان في تقارير أن العقيد (س)، وهو ضابط استخبارات بارز في مكتب نتنياهو، تلقى تحذيرات عبر اتصالات مشفرة ومكالمات هاتفية من مركز عمليات مديرية الاستخبارات، لكنه لم ينقلها إلى رئيس الوزراء. ولم ينف مكتب نتنياهو صحة هذه التقارير آنذاك.
وكشف تحقيق أجراه جيش الدفاع الإسرائيلي أن تقييما للوضع أعده قائد المنطقة الجنوبية اللواء يارون فينكلمان، بالتنسيق مع رئيس الأركان هرتسي هاليفي ورئيس قسم العمليات عوديد بيوك، قد تم إرساله إلى الهواتف العملياتية للأمناء العسكريين لرئيس الوزراء ووزير الدفاع آنذاك، يواف غالانت.
لكن وفقا للتحقيق، لم يستيقظ نتنياهو أو غالانت من النوم، ولم يتأكد أحد في الجيش من وصول تقييم الوضع إليهما أو قراءته. وعند الاستفسار من الجيش حول البروتوكول المتبع في مثل هذه الحالات، لم يقدم أي رد بشأن ما إذا كان يتوجب التأكد من أن السكرتيرين العسكريين قد تلقوا المعلومات واطلعوا عليها.
كما كشف التحقيق أن الاستخبارات العسكرية والقيادة الجنوبية تلقت خلال تلك الليلة خمس إشارات واضحة على هجوم وشيك، شملت تفعيل عشرات بطاقات الهواتف المحمولة في غزة، ورصد تحركات مشبوهة في منظومة الصواريخ التابعة لحماس، وعلامات أخرى غير واضحة.
في سياق متصل، شن يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء، هجومًا حادًا على قيادات المؤسسة الأمنية، متهمًا إياهم بعدم إيقاظ والده ليلة الهجوم.
وكتب على منصة “إكس”: “كان بإمكانهم الوصول إلى رئيس الوزراء مباشرة في أي وقت عبر هاتفه المحمول، والهاتف الأحمر بجانب سريره، والخط الأرضي في منزله. لو فعلوا ذلك، لما تعرض أي مدني أو جندي للقتل أو الاختطاف”.
ونشر الجيش الإسرائيلي تحقيقا حول هجوم “طوفان الأقصى”، الذي نفذته كتائب القسام وفصائل فلسطينية في 7 أكتوبر، كاشفا عن إخفاقات أمنية واستخباراتية سبقت الهجوم وفي أثنائه.