السيدة فاطمة بنت رسول الله.. علي جمعة يحكي سيرتها العطرة ووصيتها
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
حكى الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، عن السيرة العطرة للسيدة فاطمة بنت سيدنا رسول الله ﷺ، قائلا: هي سيدة نساء العالمين ،البضعة النبوية، والجهة المصطفوية، أم أبيها ، أم الحسنين، بنت سيد الخلق ﷺ أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية.
أمها : السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها وأرضاها.
قال الواقدي " إنها ولدت والكعبة تبني، والنبي ﷺ ابن خمس وثلاثين سنة".
مولدها قبل المبعث بقليل.
تزوجها الفتى الغالب الامام علي بن أبي طالب رضى الله تعالى عنه ، من سنة اثنتين بعد وقعة بدر.
وقال ابن عبد البر: دخل بها بعد وقعة أحد.
فولدت له الحسن، والحسين، ومحسنا، وأم كلثوم، وزينب.
وروت عن أبيها. وروى عنها ابنها الحسين، وعائشة، وأم سلمة، وأنس بن مالك، وغيرهم.وروايتها في الكتب الستة.
وقد كان النبي ﷺ يحبها ويكرمها ويسر إليها ، ومناقبها غزيرة.
وكانت صابرة دينة خيرة صينة قانعة شاكرة لله.
وقد غضب لها النبي ﷺ لما بلغه أن أبا الحسن هم بما رآه سائغا من خطبة بنت أبي جهل، فقال ﷺ: " والله لا تجتمع بنت نبي الله وبنت عدو الله، وإنما فاطمة بضعة مني، يريبني ما رابها، ويؤذيني ما آذاها " فترك علي الخطبة رعاية لها.
فما تزوج عليها ولا تسرى.
فلما توفيت تزوج وتسرى، رضي الله عنهما.
ولما انتقل النبي ﷺ حزنت عليه، وبكته، وقالت: يا أبتاه ! إلى جبريل ننعاه ! يا أبتاه ! أجاب ربا دعاه ! يا أبتاه ! جنة الفردوس مأواه ! وقالت بعد دفنه: يا أنس، كيف طابت أنفسكم أن تحثوا التراب على رسول الله ﷺ !. وقد قال لها في مرضه: إني مقبوض في مرضي هذا.فبكت. وأخبرها أنها أول أهله لحوقا به، وأنها سيدة نساء هذه الأمة.فضحكت، وكتمت ذلك.فلما انتقل ﷺ، سألتها السيدة عائشة.فحدثتها بما أسر إليها.
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: جاءت فاطمة تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله ﷺ. فقام إليها -ﷺ- وقال: " مرحبا بابنتي ".
توفيت بعد النبي ﷺ بخمسة أشهر، أو نحوها.وعاشت أربعا أو خمسا وعشرين سنة. وأكثر ما قيل: إنها عاشت تسعا وعشرين سنة. والاول أصح.
وكانت أصغر من السيدة زينب زوجة أبي العاص بن الربيع ، ومن السيدة رقية زوجة عثمان بن عفان.
وقد انقطع نسب النبي ﷺ إلا من قِبل السيدة فاطمة ; لان أمامة بنت زينب، التي كان النبي ﷺ يحملها في صلاته ، تزوجت بعلي ابن أبي طالب، ثم من بعده بالمغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبدالمطلب الهاشمي ، فجاءها منه أولاد. وانقرض عقب زينب. وصح أن النبي ﷺ جلل فاطمة وزوجها وابنيهما بكساء، وقال: " اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ".
وعن أبي هريرة: نظر النبي ﷺ إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال: " أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم ". [رواه الحاكم في المستدرك].
وقال رسول الله ﷺ :" لا يبغضنا أهل البيت أحد، إلا أدخله الله النار".[رواه الحاكم].
عن حذيفة: قال النبي ﷺ: " نزل ملك فبشرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ". [رواه الحاكم].
عن الشعبي، عن سويد بن غفلة، قال: خطب علي بنت أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام، فاستشار النبي ﷺ فقال: أعن حسبها تسألني ؟ قال علي: قد أعلم ما حسبها.ولكن أتأمرني بها ؟ فقال: " لا، فاطمة مضغة مني، ولا أحسب إلا أنها تحزن أو تجزع " قال: لا آتي شيئا تكرهه.
وكان لها من البنات: "أم كلثوم" زوجة عمر بن الخطاب ، و"زينب" زوجة عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
عن عكرمة، عن ابن عباس: قال رسول الله ﷺ: " أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، ومريم، وآسية".
عن المنهال بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول الله ﷺ من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها، فقبلها، ورحب بها، وكذلك كانت هي تصنع به.
عن عائشة، قالت: عاشت فاطمة بعد النبي ﷺ ستة أشهر، ودفنت ليلا.قال الواقدي: هذا أثبت الاقاويل عندنا.قال: وصلى عليها العباس، ونزل في حفرتها، هو وعلي والفضل.وقال سعد بن عفير: ماتت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة.وهي بنت سبع وعشرين سنة أو نحوها، ودفنت ليلا.وعن أبي جعفر الباقر: أنها توفيت بنت ثمان وعشرين سنة.
- وكانت وصية السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها أن تدفن ليلاً ويعفي قبرها ، وحملت الزهراء رضي الله عنها إلى مثواها الأخير، في نعش صنعته لها أسماء بنت عميس رضي الله عنها بمواصفات خاصة، وذلك لشدة حيائها رضي الله عنها فقد استقبحت أن تحمل على الآلة الخشبية ويطرح عليها الثوب فيصفها، فكان نعشها عبارة عن سرير شدت جرائد النخيل على قوائمه، ثم غطي بثوب، فكانت السيدة فاطمة أول من حملت في نعش.
عن أنس: أن رسول الله ﷺ كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر، إذا خرج لصلاة الفجر يقول: " الصلاة يا أهل بيت محمد، {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}".
ومما ينسب إلى السيدة فاطمة:
ماذا على من شم تربة أحمد * ألا يشم مدى الزمان غواليا
صبت علي مصائب لو أنها * صبت على الايام عدن لياليا .
من أسماء وألقاب السيدة فاطمة الزهراء :
• فاطمة : أخرج الحافظ أبو القاسم الدمشقي أنه ﷺ قال : "يا فاطمة لِمَ سميت فاطمة ؟ قال علي : لِمَ سميت فاطمة يا رسول الله ؟ قال : إن الله قد فطمها وذريتها من النار " [الصواعق المحرقة]
روى الديلمي عن أبي هريرة: "إنما سميت فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار"[كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال]
قال محب الدين الطبري : " إن الله فطمها وولدها عن النار" [ذخائر العقبي]
• الزهراء : يقال : بأنها كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة ، وكانت العرب تسمي الأبيض المشرب بالحمرة بالأزهر ومؤنثه الزهراء. وهناك قول : أن سيدنا محمد ﷺ هو من سماها بالزهراء لأنها كانت تزهر لأهل السماء كما تزهر النجوم لأهل الأرض، وذلك لزهدها وورعها واجتهادها في العبادة.
• البتول : تعددت الأقوال حول هذه التسمية، منها:
-ذكر الإمام النووي : قال العلماء : التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى عبادة الله ،وأصل التبتل القطع ومنه مريم البتول وفاطمة البتول لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلا ورغبة فى الآخرة .
وقال الطبرى : التبتل هو ترك لذات الدنيا وشهواتها والانقطاع إلى الله تعالى بالتفرغ لعبادته. [شرح النووي على مسلم]
-قال الإمام ابن حجر العسقلاني : وقيل لفاطمة البتول أما لانقطاعها عن الأزواج غير علي ،أو لانقطاعها عن نظرائها في الحسن والشرف.[فتح الباري]
• الحوراء الأدمية : لقوله ﷺ : "ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث...".
• أم الأئمة: ذكر أبو الفرج الأصفهاني : "وكانت أول هاشمية تزوجها هاشمي وهي أم سائر ولد أبي طالب .. ". [الأغاني]
قال رسول الله ﷺ : " إذا كان يومُ القيامةِ قيل : يا أهلَ الجمعِ غُضُّوا أبصارَكم حتى تمرَّ فاطمةُ بنتُ محمدٍ ،فتمرَّ وعليها رَيْطَتان خضراوان". "ريطتان" : مثنى رَيْطة : وهى ملاءة كلها نسج واحد . (الطبرانى فى الأوسط ، والحاكم ، وأبو نعيم فى فضائل الصحابة عن على) .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السيدة فاطمة بنت رسول الله رضی الله عنها السیدة فاطمة رسول الله ﷺ أبی طالب النبی ﷺ عن أبی بن عبد
إقرأ أيضاً:
أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان.. المهاجرة التي زوّجها النجاشي لرسول الله
زوجة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وابنة عمه وأقرب أزواجه إليه نسبا وأكثرهن مهرا وأبعدهن عنه حين خطبها، ومن أوائل من أسلم في مكة. هاجرت إلى الحبشة وتوفي زوجها هناك، فأرسل النبي لملك الحبشة النجاشي يريد الزواج منها، فزوّجها منه وجهزها وأعطاها مهرا ثم أرسلها للمدينة.
المولد والنشأةولدت رملة بنت صخر المكنى بأبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، قبل بعثة الرسول بـ17 عاما، وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، الزوجة الأولى لأبي سفيان، وأخوها من أبيها معاوية كاتب وحي رسول الله، وعتبة والي عمر بن الخطاب على الطائف.
عمتها هي أروى بنت حرب (أم جميل) زوجة عبد العزى بن عبد المطلب (أبو لهب)، وفيهما نزلت سورة المسد في القرآن الكريم تنذرهما بالنار. وعمها ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وكنيّت أم حبيبة نسبة لابنتها من زوجها الأول عبيد الله بن جحش الأسدي، وتزوج ابنتها حبيبة داود بن عروة بن مسعود الثقفي.
وعرفت أم المؤمنين (أم حبيبة) رضي الله عنها بذكائها ودهائها وفطنتها وحصافتها وسداد رأيها.
تزوجت رملة بنت أبي سفيان من عبيد الله بن جحش الأسدي، وأسلمت معه مبكرا في بدايات الدعوة المكية، وهاجرت معه إلى الحبشة في الهجرة الثانية.
وحلمت بزوجها حلما سيئا ظهر فيه "بأسوأ صورة"، فلما أصبحت جاءها يقول "يا أم حبيبة، إني نظرت في الدين قبل إسلامي، فلم أر دينا خيرا من النصرانية، وكنت قد دنت بها، ثم أسلمتُ ودخلتُ في دين محمد، ولكني الآن أرجع إلى النصرانية"، ففزعت مما قال ونهرته، وأخبرته بما رأت، لكنه بقي على شركه، فتركته حتى مات على النصرانية.
إعلانوتقول أم حبيبة إنها حزنت مما آل إليه زوجها، حتى حلمت بشخص يناديها "أم المؤمنين"، فأوّلتها بزواجها من ابن عمها رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام.
وفور انتهاء عدتها، جاءتها جارية أرسلها النجاشي لتخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه ليزوجها له، ففرحت أم حبيبة وقالت "بشّرك الله بخير"، فردت عليها الجارية "يقول لك الملك وكّلي من يزوّجك"، فأرسلت إلى خالد بن سعيد العاص فوكّلته، وأعطت الجارية ما عندها من حليّ وجواهر مكافأة لها على ما بشّرتها به.
وأمر النجاشي بعدها بحضور جعفر بن أبي طالب ومن معه من المسلمين، وخطب فيهم، ثم قال "إن رسول الله كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبته إلى ما دعا إليه، وقد أصدقتها 400 دينار".
ثم سكب النجاشي الدنانير بين يدي قومها، فتكلم خالد بن سعيد وقال بعدما خطب "فقد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوّجته أم حبيبة ابنة أبي سفيان، فبارك الله لرسوله"، ثم قام ودفع لأم حبيبة مهرها، ولمّا هموا بالانصراف قال النجاشي "اجلسوا؛ فإنّ سنّة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على الزواج".
وبعد انقضاء الجمع نادت أم حبيبة بالجارية التي بشرتها، فلما جاءتها أعطتها 50 درهما جزاء نقلها للبشرى، لكن الجارية رفضت، وأعادت لها المال وكل ما أعطته إياها سابقا، وقالت إن الملك أمرها ألا تأخذ شيئا منها، وطلبت من أم المؤمنين أن تنقل لرسول الله سلامها وتخبره بإسلامها.
وأُرسلت أم حبيبة مع شرحبيل بن حسنة عام 7 للهجرة، وعمرها 36 عاما، ومع عمرو بن أمية الضمري مبعوث رسول الله إلى النجاشي، ويقول بعض المفسرين إن زواجها هذا من نبي الله هو سبب نزول قوله تعالى: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) (سورة الممتحنة-7).
فرح خالها عثمان بن عفان بقدومها المدينة زوجة لرسول الله فأقام لها وليمة كبيرة، طعم منها الناس في أجواء فرح عامرة، خاصة وأن ذلك صادف زمنا قريبا من فتح خيبر.
إعلان
صلح الحديبية
تضمن صلح الحديبية -الذي وقّع في السنة السادسة للهجرة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبيلة قريش- بندا يمنح القبائل حرية الانضمام إلى أحد الطرفين والتحالف معه، فاختارت قبيلة خزاعة التحالف مع النبي، بينما انضمت بنو بكر إلى قريش، وهما قبيلتان كانت بينهما عداوة قديمة.
استغل بنو بكر الفرصة لمهاجمة خزاعة وأخذ ثأر قديم، فهجموا عليها ليلا وقتلوا عددا من رجالها، وقدمت قريش الدعم سرا لبني بكر بالسلاح والرجال، وكان ذلك خرقا واضحا لشروط الصلح مع النبي.
وبناء على ذلك أمر النبي المسلمين بالاستعداد للتحرك نحو مكة نصرة لحلفائهم، وأوصى بأن يحاط الأمر بالكتمان حتى لا تتهيأ قريش لمواجهة جيش المسلمين.
وعندما أدركت قريش خطورة الموقف، سارع زعيمها أبو سفيان إلى المدينة المنورة في محاولة للصلح وتمديد الهدنة مع المسلمين، لكن كان الأوان قد فات، وعزم النبي على المسير إلى مكة وأصدر أمره بالتجهيز للحملة، فذهب أبو سفيان لمنزل ابنته خلسة، ليعرض عليها مطلب قريش لعلها تتوسط له عند رسول الله.
تفاجأت أم حبيبة بأبيها في منزلها، وكان لم يرها منذ هجرتها إلى الحبشة، ولمّا همّ ليجلس على فراش النبي، اختطفته من تحته وطوته، فسألها مستفهما "يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني، أم بي عنه؟" قالت "بل هو فراش رسول الله، وأنت امرؤ نجس مشرك"، فقال "يا بنية، لقد أصابك بعدي شر" وانصرف.
الوفاة
عندما شعرت بقرب أجلها، دعت أم حبيبة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وقالت لها "قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك"، فأجابتها عائشة "غفر الله لك ذلك كله وحللك منه" فردت عليها "سررتني سرك الله"، ثم أرسلت إلى أم سلمة وفعلت معها الأمر ذاته.
توفيت أم حبيبة سنة 44 للهجرة زمن خلافة أخيها معاوية، كما يذكر الواقدي وأبو عبيد والفسوي، وقيل سنة 42 للهجرة كما يورد المفضل الغلابي، وتفرّد أحمد بن زهير فقال توفيت قبل معاوية بسنة أي عام 59 للهجرة.
إعلانوروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 65 حديثا، صحح البخاري منهما حديثين ومسلم مثلهما، وحدث عنها أخواها معاوية وعتبة، وابن أخيها عبد الله بن عتبة، والصحابي عروة بن الزبير وأبو صالح السمان وصفية بن شيبة وينبت بنت أبي سلمة، وغيرهم.