توني بلير وتفاصيل المهمة المستحيلة الخبيثة .. ما سر اختيار بلير لتنفيذ أخطر مخططات إسرائيل؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
سرايا - عاد اسم توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ليتصدر المشهد الساخن داخل الأراضي الفلسطينية، بعد أن تم الزج باسمه في أخطر المخططات "الإسرائيلية" التي تُحاك ضد الفلسطينيين داخل قطاع غزة، بعد انتهاء الحرب الدامية التي دخلت يومها الـ87 على التوالي.
بلير الذي زار “تل أبيب” سرًا خلال الأيام الماضية، لم يعلن أو يتحدث عن تفاصيل زيارته “الغامضة والمفاجئة” بشكل صريح، لكن الإعلام العبري قام بتلك المهمة حين كشف أن "إسرائيل "ستوكل له أخطر و”أخبث” المهمات لإنجاح مخططها الكبير في تهجير سكان قطاع غزة للخارج وإقناع الدول باستقباله مئات الآلاف منهم.
زيارة بلير لـ”تل أبيب” ترافقت مع الدعوات "الإسرائيلية" المتصاعدة لتهجير سكان غزة للخارج وحث الدول الغربية وحتى العربية على استقبالهم، والتي كان آخرها ما دعا له وزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش، لتهجير الفلسطينيين من القطاع إلى دول أخرى.
وأضاف سموتريتش، زعيم حزب “الصهيونية الدينية” المتطرف، في حديث للإذاعة العسكرية "الإسرائيلية": “من أجل تحقيق الأمن، علينا السيطرة على القطاع، ومن أجل السيطرة عليه على المدى الطويل نحن بحاجة إلى وجود مدني”، وفق ما أوردت صحيفة “تايمز أوف (إسرائيل)”.
وتابع قائلاً: “نحن بحاجة إلى تشجيع الهجرة من غزة، لو كان هناك 100 ألف أو 200 ألف عربي في القطاع وليس مليونين، فإن خطاب اليوم التالي (للحرب) سيكون مختلفاً تماماً”، معتبراً أن الفلسطينيين داخل غزة “يعيشون في الجيتو منذ 75 عاماً”.
والجيتو هو مكان مخصص لمجموعة معينة من السكان، يعيشون في عزلة عن محيطهم بسبب خلفياتهم العرقية.
وقال سموتريتش أيضاً للقناة 12، مساء السبت، إن "إسرائيل " “لا يمكن أن تسمح ببقاء غزة تحت سيطرة مليوني شخص يريدون تدمير (دولة إسرائيل)"، وتابع: “نريد تشجيع هجرتهم، ونحتاج إلى العثور على دول مستعدة لاستقبالهم”.
المهمة المستحيلة
وأجلت "إسرائيل "في عام 2005 جيشها ونحو 8 آلاف مستوطن من قطاع غزة المحتل منذ عام 1967، خلال فترة رئيس الوزراء حينذاك أرييل شارون. وتم اعتقال سموتريتش خلال ذلك العام، احتجاجاً على هذا الانسحاب.
وبالعودة لزيارة بلير والملفات التي سيُكلف بها، قالت قناة 12 العبريةالأحد، إن بلير سيترأس طاقماً يعمل على إقناع دول أوروبية باستقبال لاجئين من قطاع غزة، مشيرةً إلى أن بلير وصل إلى تل أبيب الأسبوع الماضي، والتقى بكل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والوزير في مجلس الحرب بيني غانتس في اجتماعات لم يتم الكشف عنها بشكل رسمي.
بحسب القناة، فإن الهدف من هذه الزيارة هو أن يكون مبعوث سيتوسط فعلياً بين الرغبات "الإسرائيلية" في “اليوم التالي بعد الحرب على قطاع غزة، وبين الدول العربية المعتدلة، ودراسة إمكانية قبول اللاجئين من غزة في دول العالم”.
وقالت إن بلير “يتعامل فعليا مع اليوم التالي، من دون أن تقرر الحكومة أو ترسم الخطوط السياسية حول الموضوع، وذلك على خلفية أن نتنياهو منع مناقشة المسألة داخل مجلس الحرب، لكن سيجري نقاشه داخل المجلس السياسي والأمني وبشكل جزئي وليس بكل التفاصيل”.
وكان من المقرر مناقشة مسألة “اليوم التالي بغزة”، قبل 3 أيام، لكن تيار الصهيونية الدينية، الذي يمثله وزير ما يعرف بالأمن القومي، المتطرف إيتمار بن غفير، أعرب عن غضبه، ورفض نقاشه داخل سوى في الحكومة الأمنية المصغرة “الكابينيت”.
ولاحقا ذكرت القناة الـ12 أن المتحدث باسم توني بلير نفى ما ورد في تقرير القناة وقال: ” “إن التقارير التي تفيد بأن توني بلير له علاقة بالهجرة الطوعية غير صحيحة، ولم يكن هناك مثل هذا النقاش ولا ينوي النظر فيه أيضًا”.
وفي الحادي عشر من أكتوبر الماضي، أصدر بلير، وهو عضو قديم في “مجموعة أصدقاء (إسرائيل)” بحزب “العمال” البريطاني، بياناً عبر منصة التواصل الاجتماعي “إكس” (تويتر سابقاً)، أدان فيه ما وصفه بـ”الهجوم الوحشي” الذي شنته “حماس” على جنوب "إسرائيل"، داعياً إلى التغيير.
في المقابل، قال مكتب بلير في بيان لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، إن “السيد بلير لديه مكتب في "إسرائيل"، ويواصل العمل في المسائل المرتبطة بها والفلسطينيين. ومن المفهوم أنه أجرى محادثات مع أشخاص في المنطقة، وأماكن أخرى لمعرفة ما يمكن القيام به، ولكنه لم يمنح أو يعرض عليه المنصب”.
وشغل بلير منصب رئيس وزراء بريطانيا خلال الفترة بين عامي 1997 و2007، وعمل مبعوثاً خاصاً للجنة الرباعية للشرق الأوسط في الفترة من 2007 وحتى 2015.
وتتألف اللجنة الرباعية للشرق الأوسط من الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وروسيا، وتأسست للمساعدة في التوسط في محادثات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ولكنها أصيبت بالجمود إلى حد كبير خلال السنوات الأخيرة، في ظل توتر العلاقات الغربية مع روسيا.
ويرى مراقبون بان اختيار شخصية بلير لهذه المهمة لم يكن وليد الصدفة، بل لما يتمتع به المسؤول البريطاني من علاقات قوية وكبيرة داخل الأوساط العربية والغربية، تؤهله لاستلام الملف والبدء بالتحركات والاتصالات لتنفيذ وبكل جدارة للمخطط الإسرائيلي الكبير في تهجير سكان قطاع غزة، وإقناع الدول باستقبالهم على أراضيها.
وتوقع المراقبون أن يواجه بلير صعوبات كبيرة جدًا في مهمته الجديدة، لكن أصوات أخرى تؤكد أن أوراق المساومة والضغوطات التي ستمنح له قد تنجح ولو جزئيًا في تنفيذ هذا المخطط، الذي يرفضه الفلسطينيون وأكدت كذلك دول عربية وغربية على رفض تنفيذه.
هل سينجح؟
ويتهم الفلسطينيون "إسرائيل "بالسعي إلى “نكبة” جديدة، على غرار ما حدث في أعقاب حرب عام 1948 عندما أجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على الفرار من منازلهم عند إعلان قيام إسرائيل.
ويشن الجيش "الإسرائيلي"، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حرباً مدمرة على غزة، خلّفت حتى الأحد 21 ألفاً و822 شهيدا، و56 ألفاً و451 جريحاً، ودماراً هائلاً في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
وفي ذات السياق أفاد موقع “تايمز أوف إسرائيل”، بأن “تل أبيب” تسعى لتعيين بلير، منسقاً للشؤون الإنسانية لقطاع غزة، وذلك بدافع من رغبتها في “تحسين الوضع الإنساني داخل القطاع، وتخفيف الضغوط الدولية في الوقت الذي تواصل حربها على قطاع غزة”.
ونقل الموقع عن تقرير لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، الأحد، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يأمل في الاستفادة من تجربة بلير كمبعوث سابق للجنة الرباعية الدولية للشرق الأوسط، لتهدئة حدة المخاوف الدولية بشأن الأضرار المدنية للحملة الإسرائيلية في غزة، وفقاً لمسؤولين رفيعي المستوى لم يذكر التقرير أسماءهم.
وأشار التقرير إلى أنه جرى الاتصال ببلير بشأن هذه المسألة، والمحادثات كانت جارية خلال الأسابيع الأخيرة، في حين قال مكتب رئيس الوزراء البريطاني السابق للصحيفة رداً على ذلك إنه “لم يُمنح أو يعرض عليه منصب”، لكنه لم ينفِ بشكل مباشر أي اتصال.
وأوضح التقرير أن التعريف الدقيق ونطاق وسلطة المنصب المقترح لم تحدد بشكل واضح حتى الآن، مضيفاً أنه سيكون هناك تركيز على “توفير العلاج الطبي والأدوية، وعلى إمكانية إجلاء الجرحى والمرضى من القطاع”.
ووفقاً للتقرير، يجري تنسيق الجهود المبذولة لتخفيف الوضع الإنساني في غزة من قبل وزارتي الصحة والدفاع الإسرائيليتين.
في سياق متصل، أفاد “تايمز أوف إسرائيل” بأن وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي يدركان أيضاً أنه من أجل كسب (المزيد من) الوقت لصالح الحرب ضد “حماس”، من الضروري أن “يُنظر إلى عمليات الجيش في غزة على أنها مشروعة، وأن هذه المشروعية مشروطة بالوضع الإنساني”.
وأمام هذه التطورات الساخنة… فهل سينجح بلير في مهمته؟ ومن سيقدم له المساعدة في تنفيذ مخطط التهجير؟
إقرأ أيضاً : بالفيديو .. الأمن اللبناني يلقي القبض على عميل بعد اغتيال العاروريإقرأ أيضاً : جيش الاحتلال يرفع حالة التأهب بعد اغتيال "العاروري"إقرأ أيضاً : ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال اليابان إلى 62 قتيلاً
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: رئيس الوزراء غزة غزة القطاع القطاع اليوم غزة غزة غزة رئيس الوزراء رئيس الوزراء مجلس غزة اليوم الحكومة مجلس الحكومة العمل رئيس بريطانيا وليد القطاع الوضع رئيس الوزراء رئيس الوزراء الوضع غزة الصحة الدفاع غزة روسيا بريطانيا المنطقة الوضع مجلس الصحة اليوم الحكومة العمل الدفاع غزة الاحتلال تويتر رئيس الوزراء القطاع وليد رئیس الوزراء الیوم التالی تونی بلیر قطاع غزة تل أبیب
إقرأ أيضاً:
السودان ليس جزيرة معزولة عن العالم بل في إنتظار بروميثيوس من أجل كسر دوائره الخبيثة
الإسلامويين السودانيين لهم قدرة على السردبة و هم يلفهم الظن بأن جرة الحركة الإسلامية سوف تسلم كل مرة رغم أن اللطمة التي أخذوها بسبب ثورة ديسمبر كانت مدوخة لهم لأنها كسرت سر وجودهم و أوهامهم بأن الحركة الإسلامية خالدة لا تزول و لا يغشاها التغيير الى الأبد.
مسألة أوهام الإسلاميين بأنهم لا يغشاهم التغيير هي أوهام أتباع فكرة الإرادة الإلهية من كل شاكلة و لون و أنهم في أوهامهم يعيدون أخطاء أتباع المهدي في السودان و أوهام أن جيوش المهدية لا تهزم كذلك كان الإسلاميون في السودان لهم القدرة بأن يسلموها لعيسى الى أن جاءت ثورة ديسمبر بشعارها الجبّار حرية سلام و عدالة ليقول لهم أن الإنسانية تاريخية و الإنسان تاريخي و أن هناك تحول هائل في المفاهيم على ضؤه يصبح مفهوم الدين تاريخي و قد أصبح الدين في مستوى لا يستطيع لعب أي دور بنيوي في السياسة و الإجتماع و الإقتصاد و وفقا لعلماء الإجتماع فقد أصبح الدين في مستوى دين الخروج من الدين كما يقول مارسيل غوشيه في إستلافه من ماكس فيبر.
و لك أن تتخيل كيف تكون الصدمة لمن يعتقد بان الإسلام هو الحل عندما تدور به الدوائر و يجد نفسه محاصر بالهزائم من كل ناحية ها هي حماس و بنفس أوهام الإسلاميين السودانيين تدخل في مغامرة و هي متسلحة بوهم أن جيوشها لا تعرف الهزيمة فاذا بها تحصد أكبر هزيمة بل ستكون الهزيمة النهائية للإسلاميين و قد رأينا كيف غيرت إسرائيل الخارطة لصالحها فاذا بحماس تفتح على نفسها أبواب الجحيم و إذا بحزب الله يذهب مع الريح و يتهاوى عرش الأسد في سوريا بعد أن حولها الى ملكية وراثية.
و إيران تعود الى داخل إيران و هي تلعق جراح الهزيمة بعد أن إستثمرت بطموح في فكرة الإرادة الإلهية و نسيت أن عالم ما بعد الثورة الصناعية لأول مرة يصبح تاريخه واحد لكافة الإنسانية و أن ديناميكيته تكمن في الفعل الإنساني الذي يفترض أن الفرد عقلاني و أخلاقي و بالتالي لا تسوقه النصوص الدينية بل معادلة الحرية و العدالة.
و بالتالي قد أصبح العالم بأكمله متساوق و يسير عبر معادلة الحرية و العدالة و بالتالي قد أصبحت العقلانية هي من أكثر الأدوات لكسر حلقات الدوائر الخبيثة و الشب عن طوقها لكي تلحق الشعوب التي ما زالت في طور النمو بمواكب البشرية و قد حققت الإزدهار المادي. و هنا يتحدد دور النخب الحية التي لها قدرة على التمييز بين الفعل الإنساني و بين الإرادة الإلهية و هنا تظهر بوضوح قدرة الإنسانية في إبداع العقل البشري و مجد العقلانية.
و من هنا يمكننا أن نقول أن الشب عن طوق الحلقات الخبيثة و الدائرة الشريرة على وجه الخصوص في السودان تحتاج لنخب سودانية يخرج من بينها برميثيوس سارق النار بعد أن رأى هوان الإنسان و ذله فقام بسرقة نار الآلهة و أعطاها للإنسان و بعدها تحمل عذابه الأبدي و برميثيوس سارق النار السوداني يحتاج لقدرة عباقرة الرجال في تقديم فكر يفارق فكر الإسلاميين عبدة النصوص و قتلة النفوس لأن كل أفعالهم لا تفتح إلا على ذل الإنسان و هوانه و هم محبوسين في سياجاتهم الدوغمائية.
و بالتالي قد حان زمان أن يظهر سارق النار من بين النخب السودانية و ينتصر للإنسان و للحياة بعد أن دمرها تيتان الحركة الإسلامية السودانية و التيتان هم ما سادوا قبل سيطرة آلهة الأولمب و بعدهام قد أصبح العالم عالم حب و سلام. لذلك يمكننا القول أن كسر حلقات الدوائر الخبيثة و الشب عن طوقها في السودان سوف يقاومه الكيزان و كعادتهم بعقلهم التقليدي و سيبشعون بأنفسهم بشاعة تفوق الوصف و قد رأينا أفعال مليشياتهم و كيف تقوم بالقتل على الهوية و كلها أفعال تدل على أن الكيزان لا يمكن أن يكونوا أخلاقيين و لا عقلانيين على الإطلاق و هم منطلقيين من منطلق الإرادة الإلهية.
في وقت قد أصبحت الإنسانية التاريخية تفترض بأن الإنسان و ظاهرة المجتمع البشري لا تفرز إلا فردا عقلاني و أخلاقي و بالتأكيد يحدث هذا في المجتمعات التي ظهر فيها بروميثيوس سارق و قد رفض هوان الإنسان و ذله و بالتالي فقد سرق نار الآلهة و أهداها للإنسان لكي يتخلص من هوانه و ذله.
و في غياب سارق النار أي بروميثيوس يظل سلوك الكيزان و مليشياتهم محاولة للتبرير بأنهم ما زالوا لهم القدرة على لعب دور بنيوي على صعد السياسة و الإجتماع و الإقتصاد في السودان و هيهات و يمكن تفسير فعلهم القبيح من أدب النظريات الإقتصادية في تفسيرها للمعادلات السلوكية للمستهلك مثلا إذا إنخفض دخل المستهلك لأي سبب من الأسباب سوف يستمر في شراءه لكل ما كان يطلبه من قبل لمدة شهور و كأن دخله لن ينخفض الى أن يدرك بأن هناك متغيرات قد غشيت دخله و بعدها يكف عن سلوكه السابق و يكيّف سلوكه فيما يتعلق بالمنفعة و الإشباع وفقا لدخله الجديد.
كذلك الكيزان الآن كل سلوكهم القبيح و كأن ثورة ديسمبر لم تلطمهم اللطمة المهينة و المذلة لهم و قد أخرجتهم من التاريخ لذلك كل سلوك مليشياتهم و القتل على الهوية و سلوك كتّابهم و مفكريهم و صحفيهم يدخل في حيز سلوك المستهلك الذي قد إنخفض دخله إلا أنه مصر على معادلاته السلوكية السابقة رغم إنخفاض دخله.
و سيستمر الإسلاميين و مليشياتهم و كتّابهم و صحفييهم في تكرار محاولاتهم البائسة ليظهروا بمظهر خادع أي كأنهم لم يفقدوا زمام الأمور في السودان الى أن يدركوا بأنهم قد أصبحوا خارج التاريخ. و المضحك أن الإسلاميين يظنون بأن رهانهم على الزمن يجعلهم سيكسبون و يعودون من جديد و نسوا أن الرهان على الزمن لا يعمل فيما يتعلق بالتغيير الذي قد أخرجهم من التاريخ. و في الحقيقة أن الكيزان أصلا لم يدخلوا التاريخ البتة.
لذلك يختلط عليهم الأمر فيما يتعلق بالرهان على الزمن في أمر تغيير المجتمع الذي قد نتج عنه مفهوم الإنسانية التاريخية و مفهوم الإنسان التاريخي الذي لا يفهمه الكوز و هو أسير لاهوته الجدلي و لم يكتسب منه الكوز غير التحامل و المغالطة و الحدة و العنف و العدوانية كما يقول الكاتب على العميم.
لذلك أيام ثورة ديسمبر ظهر من بين الإسلاميين احمد عبد الرحمن و هو من أمكر الإسلاميين و لا يفوقه في المكر إلا الترابي و هو يوصي الإسلاميين بعد أن رأى ثورة ديسمبر قد أصبحت قصبة مرضوضة لن تنكسر و فتيلة مدخنة لن تنطفي خرج احمد عبد الرحمن و قد أوصى الإسلاميين بالسردبة و هو يظن بأنهم سيعودوا للرهان على الزمن بأفعالهم الماكرة و ما دروا بأن ثورة ديسمبر هي نهايتهم التي لن تقوم لهم قائمة بعدها و نسى احمد عبد الرحمن بأن حقبة الإسلاميين الكالحة خلال ثلاثة عقود من التحشيد ما هي إلا ديناميكية فاشلة و لا يمكن أن تعود إلا إذا قلنا أن ديناميكية النيوليبرالية تصلح الآن بعد أن إتضح أننا في زمن ديناميكية الحماية الإقتصادية.
لذلك نقول للكيزان أن السردبة و الرهان على الزمن لن يعيدكم إلا إذا أصبحت النيوليبرالية هي بديلا للحماية الإقتصادية و هيهات لذلك تعتبر حقبة الكيزان في السودان نهاية لفلسفة التاريخ التقليدية و نهاية للممارسة الفكر العابر و المؤقت الذي يظهر في لحظات التحولات الكبرى كما ظهرت النازية و الفاشية و الشيوعية كفكر مؤقت و فكر عابر لن يفهم أتباعه فكرة معادلة الحرية و العدالة و هي وحدها القادرة على تفسير ظاهرة المجتمع البشري.
لذلك يمكننا أن نختم هذا المقال و نقول أن نهاية فكر الكيزان كفكر مؤقت و عابر يشبه نهاية النازية و الفاشية و الشيوعية كفكر عابر و مؤقت و يفتح الطريق الى معادلة الحرية و العدالة و هذه تحتاج لبرميثيوس سارق النار في قدرته على القرار و الإختيار لسودان علماني ديمقراطي ينتصر للفرد و العقل و الحرية بفضل أفكار عقل الأنوار و أفكار الحداثة التي قد قضت على جلالة السلطة و قداسة المقدس و فيها و بها قد أصبح الإنسان غاية في حد ذاته و ليس وسيلة و نقول للكيزان أن زماننا زمن تأليه الإنسان و أنسنة الإله و هذا يفتح على فكر جديد لم يألفه الكيزان و أذيالهم.
و كذلك نقول لمن وقفوا أمام الدائرة الشريرة في السودان بعقل الحيرة و الإستحالة و قد عشعش على عقلهم الخوف المرضي أن كسر الدوائر الخبيثة المفرغة و محكمة الإغلاق في السودان لا يكون إلا بفكر برميثيوس سارق النار بعد أن رأي هوان الإنسان و ذله و في سبيل ذلك إرتضى أن ينال عذابه الأبدي و لا يهمه بأن يربط على عامود و يأكل النسر كبده و الى الأبد.
و نقول لهم أن فكر بروميثيوس بالتأكيد يرفض فكرة الموآلفة بين العلمانية و الدين و يرفض المساومة التاريخية بين يسار سوداني رث و يمين سوداني غارق في وحل الفكر الديني و يرفض فكر من يهادن أحزاب الطائفية و يرفض فكر من يتحدث عن محاولة إيجاد نقطة توازن بين الحداثة و الأصالة و غيرها من الأفكار التي لا تنتجها غير ذاكرة محروسة بالوصاية و ممنوعة من التفكير ذاكرة أبناء نسق الطاعة كما يقول الفيلسوف التونسي فتحي المسكيني.
و مع ذاكرة أبناء نسق الطاعة قد ينجح الكيزان على رهانهم على الزمن الى حين في صراعهم مع نخب سودانية فاشلة لم تعرف طريقها لمفهوم القطيعة مع التراث الديني المؤدلج الذي يستمثر فيه الكيزان إلا أن الكيزان و النخب الفاشلة المنكسرة أمام فكر الكيزان سيدركون أنهم خارج نموذج عصرنا الحديث.
لذلك قلنا مرارا و تكرارا أن السودان الآن يعيش و حاله كحال أوروبا بين الحربين العالمتين و أحتاجت لثلاثة عقود لكي تفهم بأن فكر النازية و الفاشية و الشيوعية فكر عابر و مؤقت و قد كلف أوروبا كثير من الدم و العرق و الدموع و هكذا ستكون قصة الشعب السوداني مع الكيزان و قد ساد في عهدهم الكالح و لمدة ثلاثة عقود عنف الكل ضد الكل و حرب الكل ضد الكل و سوف يختفون من مسرح الأحداث كما إختفت النازية و الفاشية و الشيوعية.
taheromer86@yahoo.com