هل ستنجح حماس في فرض شروطها لإيقاف إطلاق النار؟
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
منذ انتهاء الهدنة الإنسانيّة مطلع الشهر الماضي، دخلت حرب الإبادة الصهيو- أميركية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة؛ حرب استنزاف شديدة القسوة، لم تستطع إسرائيل أن تحقق فيها أيًا من أهدافها المعلنة، واضعة التحالف الصهيو- أميركي في مأزق سياسي وعسكري وإنساني شديد، سيكلفه الكثير كي يخرج منه.
ومع ذلك، واصل هذا التحالف البربري حربه ضد المدنيين بلا هوادة، محاولًا بذلك تعويض فشله في الميدان العسكري ضد حركة (حماس)، وكتائب المقاومة، فلم يستطع إضعاف قدرتها القتالية ولا أن يحرر أيًا من الأسرى والمختطفين الذين ازدادت مطالب الشعب الإسرائيلي بإيقاف الحرب، والإفراج الفوري عنهم.
هذه المطالب باتت تضغط بشدة على مجلس الحرب الصهيوني لإيجاد صيغة تحفظ ماء وجهه لإتمام صفقة تبادل الأسرى، فأوعز لرئيس استخباراته ليتواصل من جديد مع الوسطاء؛ من أجل إحداث اختراق في الشرط الذي وضعته حماس لذلك، وهو وقف دائم لإطلاق النار، وسحب كامل للقوَّات من قطاع غزة. فهل ستسفر هذه الجولة عن إيقاف الحرب؟ أم ستفشل من جديد لتواصل الحرب دورتها مخلّفة المزيد من الدمار، والرعب، والقتل، والتشريد، والمعاناة؟ ما المحاذير التي تواجه حماس وفصائل المقاومة في هذه المفاوضات؟ وكيف يمكن مواجهتها؟
هل ستسفر جولة المفاوضات القادمة عن إيقاف الحرب؟ أم ستفشل من جديد لتواصل الحرب دورتها مخلّفة المزيد من الدمار والرعب والقتل والتشريد والمعاناة؟ ما المحاذير التي تواجه حماس وفصائل المقاومة في هذه المفاوضات؟ وكيف يمكن مواجهتها؟
محاذير التفاوضيمثل الموقف التفاوضي لحركة حماس وفصائل المقاومة حول الأسرى تحديًا كبيرًا كذلك، فهي من جهة تريد أن تخفف المعاناة عن شعبها، وتعطي المقاومة فرصة لالتقاط الأنفاس؛ ولكنّها في الوقت نفسه لا تريد أن تعطي فرصة للكيان الصهيوني للعودة مرة أخرى ليواصل حرب الإبادة الهمجية ضد المدنيين؛ لتهجير السكان وإفراغ قطاع غزة؛ تمهيدًا لضمّه.
وهذا التحدي يدفع حماس وفصائل المقاومة لتكون أكثر تشدّدًا في موقفها التفاوضي، وأكثر إصرارًا على شرط الإيقاف الكامل لإطلاق النار قبل تسليم أي أسير أو مختطف، برغم ما يترتّب على هذا التشدد من استمرار الكيان الصهيوني في حربه، وارتفاع فاتورة الدمار، والقتل في صفوف المدنيين، وهي الفاتورة نفسها التي سيعود إليها الكيان الصهيوني، عندما يعاود حربه بعد تسلُّم الأسرى، إذا لم يتم الاتفاق على الإيقاف الكامل والدائم لإطلاق النار؛ ليتمكن من التفرغ لمواصلة تحقيق هدف القضاء على حماس والمقاومة. وإزاء هذا المأزِق التفاوضي تجد حماس نفسها مع فصائل المقاومة بحاجة إلى الانتباه للمحاذير التالية:
موقف الإدارة الأميركية، الشريك الأكبر في التحالف البربري ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فهي ما زالت تصرّ على تمكين الكيان الصهيوني من تحقيق كافة أهدافه المعلنة وغير المعلنة، رغم ما يصدر عنها من تصريحات بين الفينة والأخرى، تظهرها على غير ذلك.وهذا الموقف من شأنه ممارسة الضغوط على حلفائها الإقليميين للضغط على حركة حماس؛ من أجل الموافقة على تبادل الأسرى، والالتفاف على مطلب الإيقاف الكامل والدائم لإطلاق النار. حلفاء الولايات المتحدة الإقليميون سيكونون معنيين بالتعاون معها ومع والكيان الصهيوني، حتى لو كان ذلك على حساب حركة حماس والمقاومة، بدليل أنهم لم يقوموا بأي خطوة عملية من شأنها الإضرار بأسس هذا التعاون، منذ بدء العدوان الصهيو- أميركي على قطاع غزة. حسب ما يتردد في وسائل الإعلام، فإن الحديث عن ترتيبات الإيقاف الدائم لإطلاق النار يشتمل دخولَ أطراف خارجية عربية أو دولية أو مشتركة؛ لقطع الطريق على عودة السلطة لحماس والمقاومة إلى ما كان عليه الوضع قبل الحرب، والإشراف على ترتيبات ما بعد إيقاف إطلاق النار. وهذا من شأنه الإضرار بمكتسبات المقاومة ودورها في المرحلة القادمة. تقسيم عملية الإفراج عن الأسرى – إلى عدة مراحل، تنتهي بالإيقاف الشامل والدائم لإطلاق النار- يترك البابَ مفتوحًا أمام التحالف الصهيو- أميركي للتنصّل مما تم الاتفاق عليه أمام الوسطاء، والعودة إلى الحرب للقضاء على حماس والمقاومة بعد تسلُّم الأسرى.
وهذا يدعو حماس إلى المطالبة بضمانات دولية؛ لتجنّب حدوث ذلك، بالرغم من صعوبة قيام هذه الضمانات بالحيلولة دون حدوث اختراق لبنود الاتفاق، فالطرف الآخر في الاتفاق هو زعيم النظام العالمي. لا معنى للدّخول في مفاوضات حول الإيقاف الشامل والدائم لإطلاق النار؛ بينما تدور رحى الحرب بالوتيرة نفسها على رؤوس المدنيين، وعملية إرغام الشعب على النزوح تسير على قدم وساق من منطقة إلى أخرى، ومن مربع إلى آخر باتجاه الجنوب.
وهذا يعني أنه ينبغي العمل على تهدئة جبهات القتال، والتوقف عن تدمير المباني والأسواق وأماكن الإيواء، وإجبار المواطنين على النزوح، كمؤشر على صدق النوايا في الذهاب إلى إيقاف شامل ودائم لإطلاق النار، فإن كل يوم يمر في التحضير للمفاوضات وفي أثنائها يسقط فيه أكثر من ألف من المدنيين ما بين قتيل وجريح.
إن عملية استيعاب النازحين الفلسطينيين في مناطق إيواء آمنة مؤقتة جنوب رفح تجري على قدم وساق، وأصبح الأمر يتطلب من حركة حماس والقوى الفلسطينية والمؤسسات الفلسطينية، بحث سبل مواجهة هذه الكارثة، والتحرك الفوري للحيلولة دون وقوعها، بمنع عبور النازحين الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية
في مواجهة التهجيرحسب تقارير الأمم المتحدة، فقد بلغ عدد القتلى والجرحى في صفوف المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة الشهر الماضي حوالي 7 آلاف شهيد، و18 ألف جريح، ليصبح الإجمالي حوالي 22 ألف شهيد و57 ألف جريح، 70٪ منهم من النساء والأطفال، عدا الذين استشهدوا تحت الأنقاض، وتعذر استخراج جثامينهم. وهذا يعني أن وتيرة الدمار وعدد القتلى والمصابين في الشهر الماضي لم تقل عن الشهرين: الأول والثاني للحرب، بل زادت.
وقد ذكر تقرير الأونروا لشهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن حوالي 1.9 مليون شخص في قطاع غزة أصبحوا نازحين، أي ما يقارب 85٪ من السكان، ومنهم أشخاص تعرضوا للنزوح مرات متعددة، حيث تجبر الأسر على الانتقال مرارًا وتكرارًا؛ بحثًا عن الأمان.
وأشار التقرير إلى تزايد الافتقار إلى الغذاء والمواد الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة، بالإضافة إلى تردّي ظروف النظافة الصحية، وتفاقم الأحوال المعيشية البائسة في الأصل، وتضخم المشكلات المتصلة بالحماية والصحة العقلية، وزيادة تفشّي الأمراض.
هذه الأوضاع التي ذكرها التقرير ضاعفت من عملية النزوح والإذعان للضغط المتزايد من قبل جيش الكيان الصهيوني؛ للنزوح باتجاه الحدود مع مصر؛ طمعًا في الحصول على مراكز إيواء آمنة توفر الحد الأدنى من الموارد اللازمة للحياة في مثل هذه الظروف؛ مما يسهل عملية تفريغ قطاع غزة، وخاصة بعد أن يضطر السكان- تحت ملاحقة آلات القتل الصهيونية- إلى عبور الحدود، والانتقال إلى الأراضي المصرية، والتحول من نازحين إلى لاجئين.
إن هذه العملية تتم على قدم وساق، وهناك العديد من الإجراءات الإقليمية والدولية تجري على الأرض؛ لتوفير مناطق إيواء آمنة مؤقتة للنازحين الفلسطينيين، في جنوب رفح على الحدود مع مصر.
هذه العملية لم يعد يجدي معها بيانات الإدانة والشجب والاستنكار، ومناشدة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية، بل تتطلب من حركة حماس على وجه الخصوص، والمؤسسات الفلسطينية بحث سبل المواجهة، والتحرك الفوري للحيلولة دون وقوعها بمنع عبور النازحين الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حماس وفصائل المقاومة الکیان الصهیونی حماس والمقاومة حرکة حماس قطاع غزة فی قطاع
إقرأ أيضاً:
سلاح المقاومة… درع الكرامة وخط النار الأخير في وجه العدوان الصهيوني
يمانيون../
في مواجهة غطرسة الكيان الصهيوني وتصعيده المستمر في جنوب لبنان، يبرز سلاح حزب الله بوصفه أكثر من مجرد ترسانة عسكرية؛ إنه التعبير العملي عن إرادة شعب، ودرع الأمة الأخير في وجه مشروع توسعي لا يزال يحلم بحدود الدم والنار. بهذا الفهم، يؤكد قادة الحزب مرةً بعد أخرى أن سلاح المقاومة ليس موضع نقاش، بل هو حاجة استراتيجية وضرورة وجودية فرضها العدوان، وثبّتها الصمود، وباركها دم الشهداء.
الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، وجّه رسالة واضحة وقاطعة خلال خطابه الأخير، إذ شدد على أن الحديث المتكرر عن نزع سلاح المقاومة ليس سوى امتداد للضغوط الأمريكية المتزايدة على الحكومة اللبنانية الجديدة، والتي تحاول واشنطن من خلالها استخدام ملف السلاح كأداة ابتزاز سياسي لفرض أجندتها. وأكد قاسم بلهجة حاسمة أن “سلاح المقاومة ليس خاضعًا لأي مساومة أو تفاوض، ولا يمكن أن يُسلّم تحت أي ظرف”.
وأشار قاسم إلى أن الحزب لا يعبأ بتهديدات واشنطن ولا بالحملات الصهيونية والإعلامية التي تُشنّ ضده، مؤكدًا أن بقاء السلاح مرتبط باستمرار الاحتلال، واستمرار العدوان، وأن أي محاولة للمساس به تصب مباشرة في مصلحة الكيان الصهيوني ومشروعه التوسعي في لبنان والمنطقة.
ويؤيد هذا الموقف عدد من القيادات السياسية والدينية في لبنان، ممن يعتبرون أن المقاومة وسلاحها ليسا خيارًا، بل قدرًا فرضته الضرورة، وحقًا شرعيًا كرّسته الوقائع والتضحيات. وفي هذا السياق، صرّح نائب رئيس المجلس السياسي في الحزب، محمود قماطي، بأن “اليد التي ستمتد إلى سلاح المقاومة ستُقطع”، مُستعيدًا عبارة خالدة للشهيد القائد السيد حسن نصر الله، الذي كان أول من وضع معادلة الردع منذ عقود.
أما المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، فقد عبّر عن الموقف بوضوح أكبر حين قال إن “لبنان بلا مقاومة بلد بلا سيادة”، محذرًا من أن مجرد التفكير في نزع سلاح المقاومة هو انتحار سياسي ووطني، ويمثل وصفة جاهزة لتفجير الداخل اللبناني وتمزيقه أمام الأطماع الصهيونية.
وفي تأكيد آخر لصلابة موقف المقاومة، قال مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في الحزب، وفيق صفا، إن “الحديث عن نزع سلاح المقاومة ليس إلا جزءًا من حملة نفسية وإعلامية تحريضية، تقودها أطراف مرتبطة بمحاور خارجية، في محاولة فاشلة لتفكيك البنية الصلبة للمقاومة، والضغط على بيئتها الشعبية المتجذرة”. ولفت إلى أن “الاستراتيجية الدفاعية التي تُطرح ليست لتسليم السلاح، بل لحماية لبنان، ولا مجال لأي حوار في هذا الشأن ما لم يُحرر كامل التراب الوطني، وتُكف الاعتداءات الصهيونية”.
من جهته، أكد النائب حسن فضل الله، عضو كتلة الوفاء للمقاومة، أن أي حوار وطني بشأن مستقبل المقاومة واستراتيجيتها الدفاعية يجب أن يتم فقط مع القوى التي تعترف بالعدو الصهيوني كعدو، وتضع السيادة اللبنانية فوق أي ارتباط خارجي، سواء كان أمريكيًا أو صهيونيًا. وقال: “نحن لا نتحاور مع من يهاجم المقاومة، ولا مع من يضلل الرأي العام، بل مع من يشاركنا القناعة بأن سلاح المقاومة هو صمّام الأمان الوحيد في مواجهة تهديدات الكيان الغاصب”.
بين سلاح يشهر للردع وواقع سياسي مأزوم
تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على المقاومة في ظل مساعٍ متكررة لتفكيك عناصر القوة اللبنانية، وتفريغها من محتواها السيادي. هذه الضغوط – سواء أتت من دول غربية أو جهات محلية – تصطدم دوماً بجدار الوعي الذي أسسه حزب الله بين جمهوره، والذي جعل من سلاح المقاومة جزءًا من الهوية الوطنية ومن الذاكرة الجماعية التي نُحتت بالدم.
وإزاء هذا المشهد، يتأكد مجددًا أن معادلة الردع التي فرضها حزب الله لم تكن فقط توازنًا عسكريًا، بل خطابًا سياسيًا أخلاقيًا يعيد تعريف العلاقة مع العدو: لا تفاوض على الكرامة، ولا مساومة على السيادة، ولا انحناء تحت مقصلة الابتزاز الدولي.
من “عناقيد الغضب” إلى “الوعد الصادق”.. سلاح المقاومة يتطوّر في وجه العدوان
لم يكن سلاح حزب الله وليد لحظة عابرة، بل جاء نتاجًا لتجربة نضالية عميقة تشكّلت منذ الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، حين فرض الاحتلال نفسه بقوة الحديد والنار حتى العاصمة بيروت، ليبدأ الحزب رحلة بناء عقيدة مقاومة مسلّحة، تمازجت فيها العقيدة الإيمانية مع الفعل العسكري المنظم.
شهدت التسعينيات محطات فارقة، أبرزها تصدي المقاومة لعدوان “عناقيد الغضب” عام 1996، الذي عرّى وجه الصهاينة أمام العالم بمجزرة قانا، وأرسى قواعد اشتباك جديدة فرضت على الكيان حسابات دقيقة قبل شنّ أي هجوم. لكن المنعطف الأخطر جاء في العام 2000، حين أجبر حزب الله جيش الاحتلال على الانسحاب من جنوب لبنان بلا قيد ولا شرط، وهو أول انسحاب صهيوني من أرض عربية تحت ضغط السلاح المقاوم، دون اتفاق سياسي.
غير أن ذروة تطور سلاح المقاومة تجلّت بوضوح في عدوان تموز 2006، حين فاجأ حزب الله الكيان الصهيوني والعالم بإمكاناته العسكرية المتقدمة، من صواريخ الكاتيوشا إلى صواريخ “خيبر” و”فجر”، وصولًا إلى الطائرات المسيّرة وقدرات الحرب الإلكترونية والتشويش والرصد الدقيق. ولأول مرة، وجد العدو نفسه أمام عدو غير تقليدي يملك القدرة على إحداث شلل في جبهته الداخلية، بل واستهداف عمقه.
ومع توسع الخبرات وتراكم التجربة، لم يعد سلاح الحزب مجرد بنادق ومضادات، بل أصبح منظومة متكاملة تملك قدرات دقيقة في الرصد، والتوجيه، وتحديد بنك الأهداف، الأمر الذي حوّل “الردع” من شعار إلى واقع ميداني أجبر الصهاينة على التراجع والارتباك مرارًا.
اليوم، وفي ظل التصعيد الجاري، يعود سلاح المقاومة ليتصدر الواجهة، لا بوصفه أداة مواجهة آنية، بل كقوة استراتيجية إقليمية باتت تحسب لها تل أبيب ألف حساب، وسط قناعة متزايدة لدى جمهور المقاومة بأن هذا السلاح ليس فقط لحماية لبنان، بل لحماية مستقبل المنطقة من المشروع الصهيوني بكل تجلياته.
من بعد 2006 إلى عتبة 2024: سلاح حزب الله في مسار تصاعدي نحو الردع الإقليمي
2006 – “الوعد الصادق” يرسم بداية جديدة:
شكّل انتصار المقاومة في حرب تموز 2006 نقطة تحوّل نوعية في الوعي العسكري الصهيوني، إذ كشفت الحرب أن حزب الله بات يمتلك منظومة صاروخية قادرة على إصابة العمق الصهيوني، من حيفا إلى ما بعد ما يسمى “غوش دان”، وهو ما أدّى إلى تغيّر العقيدة الأمنية الصهيونية من الهجوم إلى الاحتواء والردع المتبادل.
2008 – بعد اغتيال القائد عماد مغنية:
كان اغتيال الحاج عماد مغنية (رضوان) بمثابة إعلان من المقاومة للدخول في مرحلة الرد الطويل الأمد، حيث بدأت العمل على تطوير سلاحها النوعي، لاسيما تقنيات التخفي، ونقل الخبرات، وإعادة تشكيل وحدات النخبة (الرضوان) بأساليب متقدمة في القتال غير المتماثل.
2011–2017 – الحرب السورية ومراكمة الخبرات:
انخراط حزب الله في الحرب السورية، رغم كل ما أثاره من جدل، وفّر له فرصة استراتيجية لاختبار أسلحته في بيئة حرب حقيقية متعددة الجبهات، واكتساب خبرات غير مسبوقة في العمل البرّي والتكتيك العسكري، ما عزّز قدرته على القتال في التضاريس المفتوحة والمدن على السواء.
2018 – الكشف عن الأنفاق الهجومية:
أعلنت “إسرائيل” عن عملية “درع الشمال” لاكتشاف أنفاق يمتلكها حزب الله على الحدود، وهو ما أكد تطور قدرة الحزب الهندسية والتخطيط الاستراتيجي، حيث كشفت العملية عن مدى اقتراب الحزب من تحويل الحرب القادمة إلى حرب هجومية داخل الأراضي المحتلة.
2020 – تكنولوجيا الطائرات المسيّرة تتصدر المشهد:
بدأ حزب الله باستخدام المسيّرات بشكل أكثر علنية، سواء في عمليات رصد أو في توجيه رسائل ردع، وقد اعترف العدو بسقوط طائرات مسيّرة داخل أراضيه وتحليق أخرى في عمق مناطقه، في إشارة إلى أن المقاومة باتت تستخدم الذكاء الاصطناعي والمراقبة الجوية ضمن منظومة قتالية متكاملة.
2022 – “سيف القدس” وتكامل الجبهات:
في ظل المواجهات في فلسطين المحتلة، أعلن حزب الله أكثر من مرة جاهزيته للدخول في أي مواجهة شاملة، مما شكّل تطورًا نوعيًا في تكتيك “وحدة الجبهات” ضمن محور المقاومة، حيث تم التلويح بإمكانية ضربات متزامنة من لبنان وغزة واليمن والعراق وسوريا، لتشتيت القدرة الصهيونية على إدارة حرب متعددة الاتجاهات.
2023 – صواريخ “دقيقة” وخارقة للردع الصهيوني:
أكدت تقارير استخباراتية أن حزب الله بات يمتلك مئات الصواريخ الدقيقة القادرة على إصابة أهداف حيوية، من المرافئ العسكرية إلى منشآت الطاقة، ومن مطار بن غوريون إلى مباني الكنيست. وقد أقر قادة العدو علنًا أن “أي مواجهة مقبلة مع الحزب ستكون تدميرية وغير قابلة للحصر”.
2024 – “توازن الرعب” يتحول إلى توازن الردع المحسوم:
مع تزايد التصعيد في جنوب لبنان، وارتباط حزب الله استراتيجيًا بالمواجهة الكبرى في غزة، أصبحت أي عملية عسكرية ضد لبنان محفوفة بثمن باهظ على الكيان الصهيوني. وقد تحوّل سلاح المقاومة إلى “صندوق أسود” لا يعرف العدو محتوياته كاملة، لكنه يدرك تمامًا أنه كفيل بتغيير قواعد اللعبة.