1 لابد من إعادة تعريف ما يجري في بلادنا الآن حتى نصل للخلاصات الصحيحة، وينبغي هنا طرح سؤال: هل ما نتعرض له غزو أم تمرد .

قوات الدعم السريع قامت بالخطوة الأولى التي خططت لها زمناً طويلاً وهي الاستيلاء على الدولة من مركزها الخرطوم، فلما فشلت تلك المؤامرة عمدت لتوسيع دائرة الحرب والاستعانة بالخارج مالياً وعسكرياً وبشرياً.

هذا التحول في إحداثيات الحرب لم يجد منا العناية الكافية فظللنا ندور في محطة تعريف الحرب بأنها تمرد وسعينا لامتلاك وسائل مقاومة التمرد، لأن الوسائل لمكافحة هذا التمرد تختلف كلياً عن كل تلك الوسائل والتكتيكات والسياسات التي يمكن اتخاذها في حالات الغزو، أو هكذا ينبغي.

2
فرق كبير بين أن تقاتل متمردين سودانيين وأن تقاتل غزاة تدججوا بأموال الخارج وسلاحه ويجدون غطاءً سياسياً دولياً وإقليمياً لا يخفى على أحد، تدعمهم آليات إعلامية ضخمة موجهة من الخارج.

عرف السودان في تاريخه تمردات شتى منذ فجر الاستقلال ابتداءً من تمرد توريت 1955 ثم تمرد الأنانيا ستينيات القرن الماضي ثم تمرد قرنق فى 1983 إضافة لتمرد حركات دارفور المسلحة. وفي كل هذه التمردات كنا نتقاتل كسودانيين دون أن نحس هذا الإحساس الذي نحسه الآن في مواجهة الغزو الحالى رغم أن تلك التمردات وجدت دعماً خارجياً، تمويلاً وتسليحاً سواء من دولة القذافي أو دول الجوار أو حتى بعض الدول العربية، فما الذي يجعل حركة 1976 غزواً وما يقوم به مرتزقة الجنجويد الآن تمرداً؟، علماً بأن حركة 76 سودانية مائة بالمائة.؟!!

3
الآن اختلف الوضع، إذ بدأت سمات الغزو الأساسية أكثر وضوحاً، أولها أن المقاتلين الذين نواجههم ليسوا سودانيين بالكامل، حيث تم حشد عرب الشتات من ست دول أفريقية وهم بالآلاف الآن يجلسون في مدننا وقرانا نهباً وسلباً واغتصاباً، صورهم وفيديوهاتهم منشورة في الأسافير. كما تشهد هذه الحرب الآن دعماً لا محدوداً للغزاة، ابتداءا من المعسكرات التي فتحت على الحدود السودانية التشادية وأخرى على الحدود الليبية وثالثة على حدودنا مع أفريقيا الوسطى للتدريب والتشوين والإمداد. كما تولت قوات فاغنر وقوات ليبية مسئولية التدريب في تلك المعسكرات على كافة أنواع الأسلحة من مسيرات لراجمات إسرائيلية ودبابات إماراتية وغيرها.

4
تأسست أيضاً في دولتي تشاد وأفريقيا الوسطى قواعد للإمداد العسكري والغذائي والدوائي في أم جرس، وتأسست قاعدة عسكرية ومستشفيات لإخلاء الجرحى وعلاج المصابين من قوات المرتزقة والجنجويد وتوفرت فيها طائرات ضخمة لجلب كل احتياجاتهم وقد أحصت صحيفة النيويورك تايمز عدد 48 رحلة خلال شهرين فقط كلها مؤن وذخائر وأدوية قادمة من الإمارات.

5
تدفق السلاح من مخازن دولة الإمارات (الشقيقة) إلى ساحات القتال مباشرة وقبل أيام هبطت طائرة هيلكوليز بالقرب من مدينة الجنينة وهي تحمل أسلحة متطورة لأجل تعزيز سيطرة الجنجويد على مناطق واسعة في دارفور وكردفان لفرض شروطهم في أي مفاوضات متوقعة.

6
لم يتوقف الدعم الخارجي على الدعم المالي والتدريب والسلاح والغذاء فقط بل انتقل الدعم إلى الفضاء السياسي، إذ رفضت كل الدول بما فيها (أشقاءنا) العرب أن يدينوا التمرد ببيان مثل بياناتهم الميتة التي ظلوا يصدرونها في كل فارغة ومقدودة، ولكن حين غزا الجنجويد ديارنا لاذوا بالصمت ووقفوا يشاهدون الشعب السوداني يذبح ولا أستثني منهم إلا دولة قطر التي فعلت كل شيء لدعم الشعب السوداني.

7
موقف الأفارقة أسوأ بكثير، فكل دول الجوار اتخذت مواقف عدائية وداعمة للتمرد وفتحت عواصمها لاستقبال المتمردين وحلفائهم في قحت ومن أفضل ما جاء في خطاب الرئيس البرهان أمس تحذيره لتلك الدول من فتح المجال لاستقبال الجنجويد ابتداءا من زعيم الجنجويد الذي يتجول الآن في العواصم الأفريقية ويستقبل استقبال الزعماء بالبساط الأحمر.!!.

8
كذلك قامت المنظمات الأفريقية التي ساهم السودانيين فى تأسيسها من الاتحاد الأفريقي إلى الإيغاد بدور الحامي المدافع عن غزو الجنجويد والمرتزقة دبلوماسياً وسياسياً، كما لم تقصر دول الترويكا وعلى رأسها أمريكا في احتضان التمرد ودعم الغزاة ومحاولة انقاذها من السحق بل وعجزت عن إلزام الجنجويد ومرتزقتهم بمخرجات اتفاق جدة الذي وقعه المتمردون بأيديهم وشهدت عليه كل دول الترويكا.

8
هذا الدعم المالي والعسكري، سلاحاً ومقاتلين، والسياسي والإعلامي من جانب آخر ساهم فى هذه النقلة النوعية من تمرد محدود للجنجويد يمكن هزيمته والسيطرة عليه إلى غزو منفلت يفعل كل شيء بأهل السودان.

إذا كان هذا هو المشهد بعد تسعة أشهر من بداية الحرب ينبغي تجاوز فكرة أننا نواجه تمرد جنجويدي داخلي لنعرف كيف نتعامل مع تحديات مواجهة غزو أجنبي كامل الملامح، كيف سنقاومه؟ وما هي التكتيكات المناسبة لهزيمته؟ هل الجيش وحده قادر على هزيمة الغزو أم بحاجة لما هو أكثر من قدرات الجيش وحده.؟ نواصل

عادل الباز

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني

 

أوضح المبعوث الأمريكي للسودان، توم بيرييلو، أن السبيل الوحيد لإنهاء معاناة السودانيين هو إنهاء الحرب وتمكين الشعب السوداني من اتخاذ قراراته بشأن مستقبله.

الخرطوم ــ التغيير

قال بيرييلو في منشور على منصة “إكس” إنه عقد  اجتماعات مثمرة في بورتسودان مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، وقادة المجتمع المدني وفريق الأمم المتحدة الإنساني.

أكد أن الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني بشكل فوري، مشيرًا إلى أن السبيل الوحيد لوضع حد للمعاناة هو إنهاء هذه الحرب ومنح الشعب السوداني القدرة على تحديد مستقبله.

أوضح أن الرسالة التي تلقاها بوضوح من ممثلي المجتمع المدني الذين قابلهم في بورتسودان تنص على أن الجرائم التي تستهدف النساء السودانيات يجب أن تتوقف، ويجب حماية المدنيين.

وأضاف “نحن نتشارك معهم في حرصهم على إنهاء هذه الحرب، وإيقاف الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين، وضمان سودان موحد وديمقراطي وسلمي.

ورحب المبعوث الأمريكي بالتحسينات الأخيرة في توسيع الوصول للمساعدات الإنسانية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة، كأكبر دولة مانحة للمساعدات للسودان، ستبذل قصارى جهدها لضمان وصول الغذاء والماء والأدوية إلى الناس في جميع الولايات الثماني عشرة بالإضافة إلى اللاجئين.

و قال: “أعبر عن تقديري للجهود الأخيرة التي تهدف إلى تحسين تدفق المساعدات الطارئة لـ 25 مليون سوداني يعانون من المجاعة والجوع الحاد. يجب علينا الاستمرار في زيادة كميات الغذاء والدواء المرسلة من بورتسودان وأدري، وتوسيع نطاق رحلات الإغاثة إلى المناطق النائية”.

أشار إلى أنه استمع إلى الآراء التي طرحها العاملون في المجال الإنساني من الأمم المتحدة في بورتسودان، مضيفًا: “مع تقديم الولايات المتحدة لأكثر من نصف الدعم الإغاثي في السودان، أُقدِّر التقدم الذي تم إحرازه في جهود تقديم المساعدة للمجتمعات الضعيفة في مختلف أنحاء البلاد، وستستمر الولايات المتحدة في دعم جهود الشركاء لتوسيع نطاق الإغاثة الطارئة للسودانيين الضعفاء”.

الوسومالحرب المبعوث الأمريكي بورتسودان توم بريللو

مقالات مشابهة

  • موقعة ستمبالا .. كيف ساعدت مصر الدولة العثمانية في السيطرة على تمرد اليونانيين
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار
  • هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها خلال حكم ترامب الثاني المرتقب؟
  • روسيا من دنا عذابها إلى أخت بلادي!
  • معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالانت في عزلة دبلوماسية؟ ومستعدة لاعتقالهما!
  • مجلس الأمن الذي لم يُخلق مثله في البلاد!
  • عمود الشعب
  • الجنجويد منظمة إرهابية
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • استراتيجية بريطانية قديمة في زمن جديد .. دعم المرتزقة لن يوقف قوات صنعاء