الموقف اليمني ثابت رغم التحديات
تاريخ النشر: 3rd, January 2024 GMT
امتزجت الدماء اليمنية بالدماء الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى، فالعدو واحد والمعركة واحدة، عشرة شهداء من القوات البحرية اليمنية التحقوا بقافلة شهداء القدس والأقصى وغزة من وسط البحر الأحمر في المياه اليمنية نتيجة عدوان أمريكي يهدف إلى منع القوات اليمنية من مساندة غزة وشعب فلسطين ومقاومته من خلال استهداف السفن والمصالح الإسرائيلية، ولكن الموقف اليمني ازداد قوة وصلابة وثباتاً وعنفوانا في مساندة غزة وعمّد ذلك بالدماء والأرواح ومواصلة المشوار في منع واستهداف السفن الصهيونية والسفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني من باب المندب والبحرين الأحمر والعربي، وحظي اليمن – شعباً وقيادة وجيشاً – بشرف الجهاد في سبيل الله تعالى في مواجهة فراعنة العصر الحديث وفي مقدمتهم الصهاينة والأمريكان وحلفاؤهم وعملاؤهم الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، وما يجب أن تدركه أمريكا ومعها بريطانيا وإسرائيل هو أن الموقف اليمني المساند لغزة مستمر وثابت مهما كانت التحديات.
كان من أبرز ما أكد عليه المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع في بيانه الأخير – عقب العدوان الأمريكي على القوات البحرية اليمنية الذي أدى إلى استشهاد عشرة من منتسبي القوات البحرية اليمنية – هو أن “العدو الأمريكي يتحمل تبعات الجريمة وتداعياتها”.. وأضاف ان تحركات العدو الأمريكي في البحر الأحمر لحماية السفن الإسرائيلية لن تمنع اليمن من أداء واجبه دعما ونصرة لفلسطين ومساندة لإخواننا في غزة.. مؤكداً أن القوات المسلحة اليمنية لن تتردد في التصدي لأي عدوان ضد بلدنا وشعبنا وهذا يعني أن المعركة التي تخوضها القوات اليمنية في البحر الأحمر ثابتة وقائمة ومستمرة في استهداف السفن والمصالح الصهيونية حتى وقف العدوان الصهيوني وفك الحصار على غزة مهما كانت التحديات ولن تستطيع أمريكا أن تعيق أو تمنع الجيش اليمني من مواصلة موقفه المساند لغزة، فالجيش اليمني على أتم الاستعداد لخوض غمار المعركة مع القوات الأمريكية التي تعمل على حماية السفن والمصالح الصهيونية.
اليمن بقيادته وجيشه وشعبه لو كان يخاف أمريكا لما ساند غزة ولاقتصر موقفه على بيانات التنديد والتظاهرات لكن لأنه لا يخشى أمريكا فقد كان موقفه قوياً في مساندة غزة من خلال استهداف السفن الصهيونية في البحر الأحمر وكل السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، مع العلم أن القيادة الثورية والسياسية والعسكرية اليمنية تدرك جيداً ان الموقف اليمني سيكون له ردة فعل صهيونية وأمريكية لأنه بلا شك سيؤثر تأثيراً كبيراً على مخططاتهم وأهدافهم وطغيانهم وهو ما حصل بالفعل وقد حسبت القيادة اليمنية حساب أي تحرك أمريكي أو غربي أو صهيوني يهدف إلى منع اليمن من مساندة غزة وإلى حماية إسرائيل، لهذا استمر الموقف اليمني رغم الإرهاب السياسي والإعلامي الذي مارسته أمريكا بل أنه عندما تورطت أمريكا في الاعتداء على القوات البحرية اليمنية لم يؤثر ذلك على الموقف اليمني المساند لغزة الذي لا يزال مستمراً إلى الآن والذي لن يقتصر فقط على الاستمرار في استهداف السفن والمصالح الصهيونية بل سوف يشمل الرد العدوان الأمريكي وخوض غمار التحديات حتى وقف العدوان وفك الحصار الصهيوني على غزة.
لهذا تحاول أمريكا بكل الطرق أن توقف الموقف اليمني المساند لغزة في باب المندب والبحرين الأحمر والعربي بالترهيب والترغيب والسياسة وتكوين تحالف دولي فتفشل في ذلك لأن الموقف اليمني موقف محق ومشروع بكل ما تعنيه الكلمة، وتعمل أمريكا على حماية إسرائيل من الضربات اليمنية التي تستهدف الصهاينة ومصالحهم الاقتصادية من خلال إرسال بارجات إلى المياه الإقليمية للتصدي للصواريخ والمسيّرات اليمنية التي تستهدف السفن الإسرائيلية، ولكن ذلك لم يحقق ما تطمح اليه فالضربات اليمنية التي توجهها القوات المسلحة للسفن الصهيونية والسفن المتجهة إلى الموانئ الصهيونية تحقق أهدافها وتستمر وتؤتي ثمارها بشكل مؤثر وسريع سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني والعسكري وعلى مستوى الداخل الصهيوني الذي يعترف للعالم أن الموقف اليمني في البحر الأحمر ضربه في مقتل وألحق به أضراراً وخسائر كبرى في الجانب الاقتصادي وتعطيل ميناء أم الرشراش (إيلات) ونقص في المواد الغذائية بمختلف أنواعها في المستوطنات الصهيونية المحتلة بسبب توقف شركات الشحن العالمية عن شحن البضاع إلى الموانئ الصهيونية خوفا من الضربات اليمنية، والموقف والقرار اليمني المساند لغزة الذي قضى باستهداف كل ما له علاقة بإسرائيل حتى وقف العدوان وفك الحصار الصهيوني على غزة وهذا أقوى موقف عربي وإسلامي مؤثر وناجح وأثبت فاعليته بقوة في نصرة الشعب الفلسطيني أمام الصلف والطغيان الصهيوني والأمريكي، والموقف اليمني المساند لغزة وشعب فلسطين ثابت ومستمر مهما كانت التحديات ومهما كلف الثمن فهذا موقف حق في مواجهة باطل، والوعد الإلهي يقول (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ).
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هل ينجح المغرب في تطوير صناعة السفن؟
في خطوة تعكس طموحات المملكة المغربية لتعزيز موقعها البحري الإستراتيجي، أطلقت الحكومة المغربية مناقصة دولية تهدف إلى استقطاب شركات عالمية متخصصة لتشغيل أكبر حوض لبناء السفن في القارة الأفريقية، يقع في مدينة الدار البيضاء على المحيط الأطلسي. وتأتي هذه الخطوة ضمن إستراتيجية وطنية متكاملة تستهدف توطين صناعة بحرية قوية وتقليل الاعتماد على الخارج في صيانة وتوفير السفن.
التحركات المغربية لم تكن محلية الطابع فقط، بل امتدت إلى محاور التعاون الدولي، حيث برزت زيارة وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، إلى كوريا الجنوبية ولقاؤه بقيادات من شركة "هيونداي للصناعات الثقيلة"، كإشارة واضحة على الانفتاح نحو شراكات آسيوية تملك خبرة راسخة في صناعة السفن. هذه الزيارة، وفق مراقبين، تعكس التوجه الجاد للمغرب في بناء صناعة بحرية متطورة، قادرة على التفاعل مع الأسواق الإقليمية والدولية.
جذور بحرية ضاربة في التاريخيؤكد الباحث في الجغرافيا الإستراتيجية، بدر الدين محمد الرواص، في حديثه لـ"الجزيرة نت"، أن اهتمام المغرب بصناعة السفن ليس جديدًا، بل يعود إلى ما قبل الميلاد بحوالي 200 سنة، وازدهر بشكل ملحوظ خلال عهود المرابطين والموحدين والمرينيين.
إعلانكما شهد العصر العلوي، خاصة في عهد السلطان محمد بن عبد الله في القرن الـ18، طفرة في الصناعة البحرية، إذ أنشأ دورًا لصناعة السفن في سلا والعرائش، وبنى سفينة ضخمة استنزفت ميزانية الدولة آنذاك، وأثارت إعجاب القوى الأوروبية الكبرى مثل فرنسا وإسبانيا والبرتغال.
الرواص يربط بين ذلك الإرث البحري العريق والطموح المعاصر، حيث يرى أن المغرب اليوم يدرك أهمية موقعه الإستراتيجي على المحيط الأطلسي والمتوسط، ويسعى لامتلاك عرض مينائي متكامل وأسطول وطني قادر على مواكبة التطورات الحديثة في قطاع النقل البحري العالمي.
وتشير تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي إلى أن المملكة أنفقت أكثر من 14 مليار درهم (1.4 مليار دولار) على واردات السفن بين عامي 2002 و2022، في وقت لم تتجاوز فيه مداخيل قطاع بناء وإصلاح السفن 500 مليون درهم (50 مليون دولار) سنويًا خلال الفترة ما بين 2012 و2023. كما لا تتجاوز مساهمة هذا القطاع 0.17% من القيمة المضافة و0.01% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو ما يعكس الهوة الكبيرة بين الطموح والواقع.
ووفق التقرير، فإن عدد الشركات العاملة في هذا القطاع تراجع بشكل مقلق من 40 شركة سنة 2000 إلى 10 شركات فقط في عام 2023، بينما لا يتعدى عدد فرص العمل المحدّثة سنويًا في هذا القطاع 700 فرصة.
ضرورة وطنية قبل أن تكون خيارا اقتصادياويرى الخبير الإستراتيجي هشام معتضد أن مشروع توطين صناعة السفن لم يعد رفاهية صناعية أو خيارًا اقتصاديًا لتحسين الميزان التجاري، بل أصبح ضرورة سيادية ترتبط بالأمن الاقتصادي واللوجستي للمغرب. ويقول في حديثه للجزيرة نت: "الرهان لا يتعلق فقط بتقليص الاستيراد أو خفض النفقات، بل بإرساء استقلالية تقنية وتحكم إستراتيجي في مفاصل أساسية تؤثر في استقرار البلاد خلال الأزمات".
إعلانويضيف معتضد أن المغرب يطمح إلى بناء ما يُعرف بـ"الاستقلال اللوجستي"، وهو ما يتطلب منظومة متكاملة تشمل التصنيع، الصيانة، التكوين المهني، والخدمات المالية المصاحبة. ويؤكد أن امتلاك أسطول وطني قوي يجب أن يُفهم كاختبار لقدرة الدولة على بناء سلسلة قيمة بحرية مغربية كاملة، قادرة على الاستجابة للطلب المحلي والتعامل مع الطوارئ، كما حدث خلال جائحة كوفيد-19 واضطرابات سلاسل الإمداد.
الأسطول المغربي بين الواقع والطموحوبحسب الخبير الإستراتيجي محمد الطيار، فإن المغرب يُجري تحركات لبناء أسطول بحري تجاري مكون من 100 سفينة بحلول 2030، كاستجابة مباشرة للنواقص التي أشار إليها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. ويُذكر أن 97% من المبادلات التجارية المغربية تتم عبر النقل البحري، بينما لا تمتلك البلاد سوى 9 شركات بحرية تشغل 16 سفينة فقط، وهو ما يطرح تحديًا لوجستيًا كبيرًا في ظل موقع المغرب كمحور عبور إقليمي.
ويمتلك المغرب ثروة بحرية ضخمة، تشمل 3500 كلم من السواحل، و75 ألف كلم مربع من المياه البحرية الإقليمية، و1.2 مليون كلم مربع من المنطقة الاقتصادية الخالصة. كما يضم 14 ميناء للتجارة الخارجية، أربعة منها مجهزة لاستقبال سفن الركاب، ما يجعل البلاد مؤهلة لتكون منصة بحرية قارّيّة.
تحول إستراتيجي نحو الاقتصاد الأزرقويشير معتضد إلى أن مشروع بناء صناعة بحرية لا ينبغي أن يُقرأ فقط من منظور تصنيع السفن، بل باعتباره بوابة نحو اقتصاد بحري متكامل يشمل الطاقات البحرية المتجددة، والتقنيات الصديقة للبيئة، والصناعات الدفاعية المرتبطة بالمجال البحري.
ويضيف أن الرهان الحقيقي يكمن في تحويل ميناء طنجة المتوسط إلى منصة إنتاجية وليس مجرد مركز لوجستي، مستفيدًا من تراكماته في مجال التوزيع العالمي. كما توفر السواحل الأطلسية إمكانيات هائلة لإنشاء أحواض بناء وصيانة مخصصة للأسواق الأفريقية وأميركا اللاتينية.
وتُعد الشراكة مع كوريا الجنوبية، وتحديدًا مع شركة "هيونداي"، خطوة محورية ضمن هذا التوجه. ويؤكد معتضد أن هذا التعاون ليس فقط ذا طابع صناعي، بل يحمل بعدًا دبلوماسيًا إستراتيجيًا، حيث يسعى المغرب لتوجيه شراكاته نحو نقل التكنولوجيا وتوطينها، وبناء نموذج إنتاجي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الاقتصادية والجغرافية المغربية.
إعلانويضيف أن تجربة الشراكة مع قوى صناعية صاعدة يمكن أن تساعد المغرب في تطوير سياسة بحرية هجينة تجمع بين الاستفادة من التجربة الآسيوية والملاءمة مع التحديات الإقليمية.
بين قوانين التمويل والتكوينورغم الفرص الواعدة، لا تخلو الطريق من تحديات معقدة. فصناعة السفن قطاع يتطلب استثمارات ضخمة، وأطرًا قانونية دقيقة، وموارد بشرية عالية التأهيل. ويشير الأكاديمي محمد الطيار إلى أن المغرب يعمل على تطوير ترسانة قانونية متماشية مع الاتفاقيات الدولية الخاصة بالأمن والسلامة البحرية وحماية البيئة.
كما يعمل على تحسين جودة التكوين البحري ومواءمته مع احتياجات السوق، لكن يبقى التحدي قائمًا في إعداد رأس مال بشري مؤهل في مجالات تقنية متقدمة مثل التصميم والهندسة البحرية.
في السياق ذاته، يؤكد معتضد ضرورة بناء نظام مالي محفز يشجع الاستثمار في قطاع عالي المخاطر مثل صناعة السفن، مشيرًا إلى أن نجاح المشروع يتوقف على قدرة الدولة في توفير بيئة اقتصادية مشجعة وخطط تمويل مرنة ومستقرة.
وفي ضوء هذه المعطيات، يتضح أن المغرب لا يسعى فقط إلى تأسيس صناعة بحرية، بل إلى إعادة تعريف موقعه في الاقتصاد البحري العالمي. فالسؤال لم يعد: هل يمكن للمغرب بناء سفن؟ بل: هل يستطيع بناء منظومة بحرية مستدامة تُمكنه من قيادة تحول إستراتيجي نحو اقتصاد أزرق يضمن الأمن، التنمية، والسيادة؟