صدر حديثاً عن دار صفحات للدراسات والنشر، الجمهورية العربية السورية، دمشق ضمن سلسلة مطبوعاتها للعام (2024( كتاب (بيوتات دمشق العلمية وإسهاماتها الحضارية من القرن الخامس الهجري حتى القرن العاشر الهجري)،

للدكتور رياض سالم عواد/ أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد في كلية الآداب/ جامعة كركوك/ العراق، وفيه قال عواد: إن الحضارة العربية الإسلامية عنوان مختصر في كلماته، ولكنه مفهوم واسع في مدلولاته، وهو وسام طالما تغنّت بأصالته، أَنامل المؤرّخين المسلمين سابقاً، وأقلام الباحثين العرب حاضراً، مسطّرين في قراطيسهم أبلغ عبارات المدح، وأروع تآليف الفخر، مجتهدين في البحث عن أدوات سمو هذه الحضارة، مستنتجين أن اسهامات علماء الاسر الدمشقية هي أَدواتها، وهم أبرز صنّاعها، مثبّتين تلك الاسهامات وأسماء صانعيها في مؤلّفات ظلت خالدة بالرغم من فناء كاتبيها.

ولأجل تسليط الضوء على تلك الاسهامات والتعريف بصنّاعها وضعت كتابي هذا بين يدي المهتمين، تناولت فيه الانجازات الحضارية للبيوتات العلمية الدمشقية منذ القرن الخامس حتى القرن العاشر للهجرة، والتي عملت على دفع عجلة الأزهار الحضاري في الدولة العربية الاسلامية عموماً، ومدينة دمشق على وجه الخصوص، والحيلولة دون تعثّرها بالاضطرابات السياسية، والأمنية، والاقتصادية التي عصفت بالدولة آنذاك، إذ توزّعت هذه الاسهامات على مختلف المجالات الحضارية كالدينية، والسياسية، والعسكرية، والإدارية، والعلمية في دمشق، فضلاً عن إبراز دور السلطة الحاكمة وقتذاك في دعم هذه البيوتات اقتصادياً واجتماعياً، وغيرها من صور الدعم .

انتظمت خطّة الدراسة في أَربعة فصول مسبوقة بمُدخل، عُرضت فيه صورة مختصرة عن صمود دمشق حضارياً خلال القرون من الخامس إِلى العاشر الهجري بالرغم من تعرّضها لنكبات سياسية كبيرة إبّان تلك المدّة

أما الفصل الأَول من الدراسة فإنّه اختص بعرض دور الملوك والسلاطين والأمراء والأعيان في دعم بيوتات دمشق العلمية، مقسّماً على مبحثين تناول الأول منه إِنشائهم ودعمهم للمؤسسات التعليمية في دمشق، أَما المبحث الثاني فقد عكس صور دعمهم وتقريبهم لعلماء البيوتات العلمية، كإعطائهم المناصب، وبذل الأَموال عليهم، وإجلالهم وتعظيمهم لهذه البيوتات .

 

وخُصص الفصل الثاني للحديث عن ذكر وفود البيوتات العلمية وتدفّقها إِلى مدينة دمشق خلال الحقبة موضوع البحث، فاشتمل المبحث الأَول من هذا الفصل على بيان ومناقشة أَبرز الدوافع التي وقفت وراء توجّه هذه البيوتات إِلى دمشق كالدوافع الدينية، والسياسية والعسكرية، والاقتصادية، والجغرافية فضلاً عن الدوافع الاجتماعية، في حين عرض المبحث الثاني أشهر البيوتات العلمية التي اتجهت إِلى دمشق، من العراق، وبلاد المشرق الإسلامي، وبلاد الشام، والجزيــرة، ومصـــر، وبــلاد

المغرب والأندلس .

بينما عنى الفصل الثالث بدراسة اسهامات بيوتات دمشق العلمية في دعم وتطوير الحركة العلمية في دمشق، فسلّط المبحث الأَول منه الضوء على النتاج العلمي لبيوتات دمشق العلمية في العلوم الدينية مثل علوم القرآن الكريم، كعلم القراءات، وعلم التفسير، وعلوم الحديث الشريف، وعلم الفقه وأصوله، الى جانب العلوم الإنسانية، منها علوم اللغة العربية، والتاريخ، والجغرافية، والعلوم العقلية، كعلم الطب، والحساب والفرائض، أَمّا المبحث الثاني فإنّه تناول دور البيوتات العلمية في دعم النظام التعليمي بدمشق، كإنشاء المؤسسات التعليمية، والتدريس فيها، وتقديم الدعم الاقتصادي لهذه المؤسسات، كتخصيص الأوقاف الدارّة على المدارس، ووقف المؤلفات العلمية على مكتباتها، والإحسان على طلبة العلم فيها .

أما الفصل الرابع فقد احتوت مباحثه الثلاثة اسهامات بيوتات دمشق العلمية في النظم الدينية والسياسية والعسكرية والإدارية في دمشق، إذ بيّن المبحث الأَول دور البيوتات في النظم الدينية من خلال تقلّد علمائها أَرفع المناصب الدينية في دمشق كمنصب قضاء القضاة، وقضاء العسكر، وإفتاء دار العدل، فضلاً عن منصب الحسبة، أَمّا المبحث الثاني فقد تطرّق إِلى دور البيوتات العلمية في النظم السياسية والعسكرية في دمشق، وذلك بتولّى علماء البيوتات الدمشقية المناصب السياسية والعسكرية كمنصب نائب الملك أَو السلطان، ومنصب الوزير، ووظيفة شحنة دمشق، ونظر ديوان الجيش، وغيرها من المناصب، إِلى جانب عرض صورٍ من جهاد البيوتات الدمشقية في مقارعة أَعداء المسلمين، في حين ركّز المبحث الثالث على اسهامات بيوتات دمشق العلمية في النظم الإدارية فيها، بتصدرها لأجل الوظائف الإدارية بدمشق منها نقابة الإشراف، ووكالة بيت المال، وكتابة ديوان الإنشاء وغيرها

 

المصدر: موقع حيروت الإخباري

إقرأ أيضاً:

بعد أنباء عن قتل مدنيين : دمشق تؤكد نيتها منع الأعمال الانتقامية في محافظة اللاذقية

دمشق - سعاد جروس - أكدت إدارة الأمن العام السورية «عدم السماح بأي أعمال انتقامية تحت أي ظرف في محافظة اللاذقية»، وذلك بعد يومين من اضطراب الأوضاع الأمنية في الساحل، على خلفية شن مجموعات مسلحة من فلول النظام السابق هجمات على القوى الحكومية. بينما حضّ الرئيس السوري، أحمد الشرع، مساء الجمعة، المسلحين المؤيدين للنظام السابق، على تسليم سلاحهم وأنفسهم «قبل فوات الأوان». وقال الشرع، في خطاب بثّته قناة الرئاسة على منصة «تلغرام»: «قد اعتديتم على كل السوريين، وإنكم بهذا قد اقترفتم ذنباً عظيماً لا يغتفر، وقد جاءكم الرد الذي لا صبر لكم عليه، فبادروا إلى تسليم سلاحكم وأنفسكم قبل فوات الأوان». وأضاف: «سنستمر بحصر السلاح بيد الدولة، ولن يبقى سلاح منفلت»، وفقا للشرق الأوسط . 

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مدير الأمن العام في اللاذقية، المقدم مصطفى كنيفاتي، تأكيده «الالتزام التام بحماية السلم الأهلي، وضمان أمن جميع المواطنين... لن يكون هناك أي تهاون في هذا المبدأ»، مشدداً على أنه «وكما نلاحق فلول النظام البائد وضباطه لن نسمح بأي أعمال انتقامية تحت أي ظرف»، مشيراً إلى أنه ستتم محاسبة «كل من يثبت تورطه في الاعتداءات؛ سواء من فلول النظام، أو من اللصوص والعابثين بالأمن، وسنتخذ كل الإجراءات القانونية بحقهم». وعدم السماح بـ«إثارة الفتنة أو استهداف أي مكون من مكونات الشعب السوري، وسيادة القانون هي الضامن الوحيد لتحقيق العدالة»، داعياً المواطنين «إلى عدم الانجرار وراء أي دعوات تحريضية، وترك الأمر للمؤسسات المختصة».

وجاء تصريح كينفاتي مع إعلان السلطات السورية إغلاق الطرق المؤدية إلى منطقة الساحل، بهدف ضبط «المخالفات، ومنع التجاوزات، وعودة الاستقرار تدريجياً إلى المنطقة»، وذلك بعد «استعادة السيطرة على معظم المناطق»، وفق ما قاله مصدر في وزارة الدفاع، حيث تم نشر عناصر لأمن العام في مختلف أنحاء مدينة اللاذقية، ونقاط مؤقتة لضبط الأمن ومنع التجاوزات الحاصلة، كما تم الإعلان عن استعادة عدد كبير وكميات ضخمة من المسروقات واعتقال كثير من اللصوص.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) إنه تمت مصادرة أكثر من 200 آلية سرقت من «قبل ضعاف النفوس واللصوص من مدينة جبلة وما حولها، مستغلين حالة عدم الاستقرار بسبب أفعال فلول النظام البائد». وأشارت إلى أنه تم اعتقال عدد كبير من اللصوص، وستتم إعادة الآليات إلى أصحابها أصولاً. كما تم ضبط كميات من الأسلحة في أحد أوكار الفلول في اللاذقية، وسيارة «بيك آب» محملة بالسلاح.

وفي وقت سابق من يوم السبت، هاجم مسلحون من فلول النظام السابق رتلاً عسكرياً تابعاً لوزارة الدفاع على طريق طرطوس - حمص صباح السبت، أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، بينما نشبت اشتباكات متقطعة في ريف بانياس. وفي اللاذقية، هاجم مسلحون من الفلول مشفى ابن سينا، وانتهى الهجوم باعتقال عدد من المهاجمين، ليعود الهدوء النسبي إلى المدينة. بينما سلم عدد من المسلحين أنفسهم لقوات الأمن في جبلة بعد اشتباكات عنيفة حصلت خلالها عمليات نهب، قبل أن تتم السيطرة على الوضع. وبالتوازي، جرت اشتباكات متقطعة على طريق جبلة - اللاذقية، قبل أن يتم إغلاق الطرق المؤدية إلى الساحل السوري، وإعادة الأشخاص غير المكلفين بمهام عسكرية.

ويشار إلى أن الدعوات الشعبية في عدة مدن سورية لمؤازرة القوات الحكومية، أدت إلى توافد مئات المسلحين غير المنظمين إلى الساحل. وصرح مصدر في وزارة الداخلية في وقت سابق، بأنه «بعد اغتيال فلول النظام البائد كثيراً من عناصر الشرطة والأمن، توجهت حشود شعبية كبيرة غير منظمة للساحل، ما أدى لبعض الانتهاكات الفردية»، وأكد المصدر أنه يتم العمل على إيقاف هذه «التجاوزات التي لا تمثل عموم الشعب السوري».

ناشطة في اللاذقية أكدت لـ«الشرق الأوسط» وقوع تجاوزات ومنفلتة، وأن الأوضاع الإنسانية كارثية، فالكهرباء والماء مقطوعتان عن مناطق واسعة في اللاذقية وجبلة منذ يومين، مع فقدان الاتصال مع كثيرين، وهناك نقص بالأدوية والمواد الإغاثية. وأضافت أنها فرت مع عائلتها إلى البراري، وتوجد حالات نزوح كثيرة. وأمرت وزارة الدفاع السورية وجهاز الأمن العام بالقبض على كل متجاوز ارتكب جرماً بحق المدنيين في الساحل السوري خلال العملية العسكرية، وإحالتهم إلى القضاء. وطلب قيادي بإدارة الأمن العام من الأهالي في جميع المناطق، الإبلاغ بشكل فوري عن أي حالة سرقة أو اعتداء تطولهم، عبر أرقام التواصل المعروفة، أو عن طريق إبلاغ أقرب نقطة أمنية.

وفي توضيح لما يحصل في الساحل، قال مصدر قيادي بإدارة الأمن العام: «نتيجة زعزعة الاستقرار والأمن التي نتجت عن أفعال فلول النظام البائد، انتشرت عمليات السرقة بشكل كبير في عدة مناطق بالساحل السوري».

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القتال في اليومين الماضيين، أسفر عن مقتل 213 شخصاً، منهم 93 في صفوف القوات الحكومية، و120 من المهاجمين المسلحين المؤيدين للنظام السابق.

 

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • اليوم.. انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني في مدارس الإمارات
  • اقتربت من دمشق.. اتساع المواجهات بين قوات الأمن السوري وفلول النظام السابق
  • وفاة 10 أطفال في مأرب بسبب الحصبة منذ بداية العام
  • امتحانات نهاية الفصل الثاني تنطلق اليوم
  • امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني تنطلق غداً الإثنين وتستمر حتى 19 مارس
  • رحلة تاريخية للملك تشارلز الثالث وكاميلا إلى الفاتيكان
  • بعد أنباء عن قتل مدنيين : دمشق تؤكد نيتها منع الأعمال الانتقامية في محافظة اللاذقية
  • الأمم المتحدة: عودة نحو مليون نازح سوري إلى منازلهم منذ بداية العام
  • «التربية» تحدّد ضوابط منع الغش في امتحانات نهاية الفصل الثاني
  • مسئول بوزارة الأوقاف يشارك في أعمال المجالس العلمية الهاشمية بحضور ولي العهد الأردني