بركة: العالم القروي يعاني جراء ندرة المياه واستراتيجية ربط وتشبيك الطرق السيارة للماء ببعضها لم تنفذها الحكومات السابقة
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
أقر نزار بركة، وزير التجهيز والماء، بوجود معاناة تمر منها ساكنة الأرياف المغربية، ناتجة عن إشكالية الجفاف التي باتت تهدد البلاد بعد تواليه ست سنوات بسبب انقطاع ماء السماء.
أمام هذه الأزمة المائية التي يمر منها المغرب، كانت الأهداف الاستراتيجية للطرق السيارة للماء منذ 2009، حسب الوزير الاستقلالي، تروم ربط المناطق الشمالية، بمنطقة سيدي قاسم، والربط المائي بين حوض اللوكوس وسبو، والربط أيضا، ما بين سبو وأبي رقراق، وربط هذا الأخير بمنطقة أم الربيع، لكن الوزير يقول في جوابه في مجلس المستشارين ملقيا بالمسؤولية على الحكومات السابقة: “عندما جئنا للحكومة تبين أن هذا العمل لم يتحقق، وظهرت لنا إشكاليات ذات أولوية مطروحة بالنسبة للمدن مثل الدارالبيضاء الرباط ومناطق في الشاوية، وبالتالي قررنا الربط بداية بين حوض سبو وأبي رقراق وقمنا بذلك بتطبيق البرنامج الملكي في هذا السياق، وهناك محطة ثانية للربط المائي من أجل الوصول إلى سد المسيرة في مرحلة لاحقة يضيف الوزير، لتبقى مرحلة أخرى ينتظر أن تربط مناطق الشمال بحوض سبو.
وقال بركة، إن تزويد الساكنة القروية بالمغرب، بالمياه الصالحة للشرب، بات مطلبا أساسيا وملحا وسط الأجندة الحكومية التي تسعى لتدبير أزمة الماء بالمغرب والحد من آثار الجفاف.
وكشف الوزير بركة، وهو يجيب عن أسئلة مستشاري الغرفة الثانية مساء الثلاثاء، طالبت الحكومة ببسط تصورها واستراتيجيتها المستعجلة لتدبير وإنجاز الطرق السيارة للماء، للحد من أزمة الجفاف وتداعياته على ساكنة القرى المغربية، حيث قامت السلطات بتزويد عدد من الدواوير في المناطق القروية بالمملكة بشاحنات صهريجية، معلنا في هذا السياق عن اقتناء وزارته وبشراكة مع وزارة الداخلية، حوالي 705 شاحنات صهريجية، لتزويد عدد من القرى المهددة بالعطش في مختلف الأقاليم، بالإضافة إلى اقتناء محطات متنقلة لتحلية المياه المالحة، التي يصعب استعمالها للشرب، حتى تتم معالجتها لكي تستفيد المناطق القروية من الإمكانيات المائية المتاحة.
وأعلن بركة، وهو يتحدث عن خطة الحكومة للحد من الآثار السلبية للجفاف على ساكنة القرى، عن إدراج مجموعة من المناطق القروية لكي تستفيد من تحلية المياه مثل أحواض أسفي، علاوة على قرار ربط الأحواض المائية بالطرق السيارة للماء.
وشدد بركة على أهمية الربط والتسليم ما بين السدود لضمان الماء الصالح للشرب، وهو الأمر الذي سيساعد على توفير وضمان الماء الصالح للشرب والسقي بالنسبة للمناطق القروية، في إطار التضامن بين السدود لفترات زمنية.
بالنسبة للوزير فإن كل ما يمكن استعماله تقوم به الحكومة ووزارته، لكي لا يتم ترك ساكنة العالم القروي تعاني من العطش، كاشفا أن هناك تسريعا في وتيرة بناء وتشبيك السدود، وشراء شاحنات صهريجية أخرى لإيصال الماء إلى كافة الدواوير في الأرياف.
من جهتهم، دعا مستشارون بالغرفة الثانية، الوزير، إلى العمل في القريب العاجل لتشبيك الجهود لمواجهة إشكالية الماء، ومنع الوصول للأشطر الخامسة عند استهلاك الماء وتوزيع عدادات جديدة على كل أسرة، وحذف العدادات المشتركة، مطالبين بتوفير الإمكانيات المادية لإيصال الماء الصالح للشرب إلى عدد من الدواوير بالعالم القروي.
كلمات دلالية البركة الجفاف العالم القروي الماء
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: البركة الجفاف العالم القروي الماء
إقرأ أيضاً:
مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
يناير 31, 2025آخر تحديث: يناير 31, 2025
محمد الربيعي
بروفسور ومستشار دولي، جامعة دبلن
تعتبر جامعة كامبردج، بتاريخها العريق الذي يمتد لاكثر من ثمانية قرون منذ تاسيسها عام 1209، منارة للعلم والمعرفة، وصرحا اكاديميا شامخا يلهم الاجيال المتعاقبة. تعد كمبردج رابع اقدم جامعة في العالم، وثاني اقدم جامعة في العالم الناطق باللغة الانجليزية، حاملة على عاتقها مسؤولية نشر العلم والمعرفة وخدمة الانسانية. لم تكن كمبردج مجرد مؤسسة تعليمية عابرة، بل كانت ولا تزال محركا رئيسيا للتطور الفكري والعلمي على مستوى العالم، وشاهدة على تحولات تاريخية هامة، ومخرجة لقادة ومفكرين وعلماء غيروا مجرى التاريخ، امثال اسحاق نيوتن، الذي وضع قوانين الحركة والجاذبية، وتشارلز داروين، الذي وضع نظرية التطور، والان تورينج، رائد علوم الحاسوب.
تتميز جامعة كمبردج بمكانة علمية رفيعة المستوى، حيث تصنف باستمرار ضمن افضل الجامعات في العالم في جميع التصنيفات العالمية المرموقة، مثل تصنيف شنغهاي. هذا التميز هو نتاج جهود مضنية وابحاث علمية رائدة في مختلف المجالات، من العلوم الطبيعية الدقيقة كالفيزياء والكيمياء والاحياء، مرورا بفروع الهندسة المختلفة كالهندسة المدنية والميكانيكية والكهربائية، وصولا الى العلوم الانسانية والاجتماعية التي تعنى بدراسة التاريخ والفلسفة والاقتصاد والعلوم السياسية. تضم الجامعة بين جنباتها العديد من المراكز والمعاهد البحثية المتطورة التي تساهم في دفع عجلة التقدم العلمي والتكنولوجي، مثل معهد كافنديش الشهير للفيزياء. تعرف كمبردج باسهاماتها القيمة في جوائز نوبل، حيث حاز خريجوها على اكثر من 120 جائزة نوبل في مختلف المجالات، مما يعكس المستوى العالي للتعليم والبحث العلمي فيها. من بين الاسهامات الخالدة لجامعة كامبريدج، يبرز اكتشاف التركيب الحلزوني المزدوج للحامض النووي (DNA) على يد جيمس واتسون وفرانسيس كريك عام 1953. هذا الاكتشاف، الذي حاز على جائزة نوبل في الطب عام 1962، غيّر مسار علم الاحياء والطب، وأرسى الاساس لفهم أعمق للوراثة والأمراض، ويعد علامة فارقة في تاريخ العلم.
اضافة الى مكانتها العلمية المرموقة، تتميز جامعة كمبردج ببيئة تعليمية فريدة من نوعها، حيث تتكون من 31 كلية تتمتع باستقلال ذاتي، ولكل منها تاريخها وتقاليدها الخاصة، وهويتها المعمارية المميزة. هذه الكليات توفر بيئة تعليمية متنوعة وغنية، تجمع بين الطلاب من مختلف الخلفيات والثقافات من جميع انحاء العالم، مما يثري تجربة التعلم ويساهم في تكوين شخصية الطالب وتوسيع افاقه. توفر الجامعة ايضا مكتبات ضخمة ومتاحف عالمية المستوى، تعتبر كنوزا حقيقية للطلاب والباحثين، حيث تمكنهم من الوصول الى مصادر غنية للمعرفة والالهام. من بين هذه المكتبات، مكتبة جامعة كمبردج، وهي واحدة من اكبر المكتبات في العالم، وتحتوي على ملايين الكتب والمخطوطات النادرة، بالاضافة الى متاحف مثل متحف فيتزويليام، الذي يضم مجموعات فنية واثرية قيمة، ومتحف علم الاثار والانثروبولوجيا.
يعود تاريخ جامعة كمبردج العريق الى عام 1209، عندما تجمع مجموعة من العلماء في مدينة كمبردج. لم يكن تاسيس كمبردج وليد الصدفة، بل جاء نتيجة لهجرة مجموعة من العلماء والاكاديميين من جامعة اكسفورد، بحثا عن بيئة اكاديمية جديدة. هذا الاصل المشترك بين كمبردج واكسفورد يفسر التشابه الكبير بينهما في العديد من الجوانب، مثل النظام التعليمي والهيكل التنظيمي، والتنافس الودي بينهما، الذي يعرف بـ “سباق القوارب” السنوي الشهير. على مر القرون، شهدت جامعة كمبردج تطورات وتحولات كبيرة، حيث ازدهرت فيها مختلف العلوم والفنون، واصبحت مركزا مرموقا للبحث العلمي والتفكير النقدي، ولعبت دورا محوريا في تشكيل تاريخ الفكر الاوروبي والعالمي.
كليات الجامعة هي وحدات اكاديمية وادارية مستقلة، تشرف على تعليم طلابها وتوفر لهم بيئة تعليمية فريدة من نوعها، تساهم في خلق مجتمع طلابي متنوع وغني، حيث يتفاعل الطلاب من خلفيات وثقافات مختلفة، مما يثري تجربتهم التعليمية ويساهم في تكوين شخصياتهم وهي ايضا مراكز اقامة للطلاب. هذا النظام الفريد للكليات يعتبر من اهم العوامل التي تميز جامعة كمبردج، ويساهم في الحفاظ على مستوى عال من التعليم والبحث العلمي.
تقدم جامعة كمبردج تعليما متميزا عالي الجودة يعتمد على اساليب تدريس متقدمة تجمع بين المحاضرات النظرية والندوات النقاشية وورش العمل العملية، مما يتيح للطلاب فرصة التعمق في دراسة مواضيعهم والتفاعل المباشر مع الاساتذة والخبراء في مختلف المجالات. يشجع نظام التدريس في كمبردج على التفكير النقدي والتحليل العميق، وينمي لدى الطلاب مهارات البحث والاستقصاء وحل المشكلات. هذا التنوع يثري تجربة التعلم بشكل كبير، حيث يتيح للطلاب فرصة التعرف على وجهات نظر مختلفة وتبادل الافكار والمعرفة، مما يساهم في توسيع افاقهم وتكوين صداقات وعلاقات مثمرة. كما توفر الكليات ايضا انشطة اجتماعية وثقافية متنوعة تساهم في خلق جو من التفاعل والتواصل بين الطلاب، مثل النوادي والجمعيات الطلابية والفعاليات الرياضية والفنية.
تخرج من جامعة كمبردج عبر تاريخها الطويل العديد من الشخصيات المؤثرة والبارزة في مختلف المجالات، الذين ساهموا في تغيير مجرى التاريخ وخدمة الانسانية، من بينهم رؤساء وزراء وملوك وفلاسفة وعلماء وادباء وفنانين.
باختصار، تعتبر جامعة كمبردج منارة للعلم والمعرفة، وتجمع بين التاريخ العريق والمكانة العلمية المرموقة والتميز في مجالات متعددة، مما يجعلها وجهة مرموقة للطلاب والباحثين من جميع انحاء العالم.