على أوروبا ألا تُفاجَأ إذا فاز ترامب مرة أخرى
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
في مايو 2017 وبعد قِمَّتين مُرهِقتَين مع الرئيس الأمريكي الجديد وقتها دونالد ترامب اشتُهر عن أنجيلا ميركل قولها لنظرائها «نحن الأوروبيين علينا الآن أخذ مصيرنا بأيدينا. يجب أن نعلم بأننا يلزمنا أن نقاتل من أجل مستقبلنا بأنفسنا».
لسوء الحظ لم تطبّق ميركل هذه الكلمات التاريخية في الواقع العملي مطلقا. فعندما اجتاحت روسيا أوكرانيا في العام الماضي وبعد ثلاثة أشهر تقريبا من تخلي ميركل عن الحكم توجّب على أمريكا التدخل.
كان الأوكرانيون والأوروبيون محظوظين بما يكفي. فالرجل الذي يجلس في المكتب البيضاوي لم يكن ترامب ولكن جو بايدن.
اليوم على أية حال تقرع أجراس الإنذار في العواصم الأوروبية التي تراقب بشيء من الحذر استطلاعات الرأي الأمريكية قبل الانتخابات الرئاسية هذا العام.
في (انتخابات) عام 2016 أُخِذ الأوروبيون على حين غِرَّة. لكن هذه المرة هنالك مؤشرات كثيرة تنذر بالنتيجة التي ترعبهم. وعليهم إعداد العدة في مواجهة الاحتمال الواضح بعودة ترامب إلى البيت الأبيض. وأصدقاؤهم في واشنطن يحذرونهم من أن ترامب رقم 2 سيكون أسوأ من ترامب رقم 1. (ففي حال فوزه) لن يكون هنالك عقلاء (في البيت الأبيض) وسيتم إضعاف الضوابط والتوازنات (في النظام السياسي الأمريكي) وسيحضر الجمهوريون المتشددون في كل مكان.
بالطبع الطريق إلى البيت الأبيض يمكن أن يكون مليئا بالمفاجآت. لكن يوم 5 نوفمبر 2024 يبعد عنا بحوالي 11 شهرا فقط.
تقول ارانشا جونزاليس لايا، عميدة مدرسة باريس للشؤون الدولية «مهما يحدث. على أوروبا الاستعداد».
لاحظت ارانشا وزيرة الخارجية الإسبانية السابقة أن أمريكا تسلك طريقها الخاص بها دون النظر إلى المصالح الأوروبية حتى تحت قيادة بايدن. وقالت لي: «هذا واضح جدا في ميدان الاقتصاد». وهي تفضل «ترياقا» يتمثل في تعميق السوق الأوروبية الموحّدة.
الثقافة السياسية في واشنطن فوضوية ولا يمكن التنبؤ بتوجهاتها بقدر كاف. وحتى إذا فاز بايدن من الممكن جدا أن يكون آخر رئيسٍ مناصرٍ للأوروبيين في بلد انعطف الآن نحو الصين ومنطقة المحيطين الهندي والهادي.
والتحدي الذي يتبدى في مجالي الدفاع والأمن مهم على نحو خاص في أوروبا بسبب نفور ترامب المعلوم جيدا من حلف الناتو. ولكن أيضا لأن الحرب عادت إلى القارة. فحرب روسيا ضد أوكرانيا هي في النهاية حرب أوروبية. وقد يضجَر الناخبون الأمريكيون منها لكن الأوروبيين لا يملكون ترف هذا الضجر.
ويثور السؤال الحتمي مع حجب الكونجرس العون المالي لأوكرانيا. إنه: هل يمكن لأوروبا أن تتقدم لمساعدتها بدلا عن الولايات المتحدة؟
نعم. عليها أن تفعل ذلك. كاميل جراند مساعد الأمين العام لحلف الناتو للاستثمار الدفاعي سابقا والباحث بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية يعتقد أن أوروبا لديها القدرة على تحمّل نصيبها من العبء. وقال لي: «المطلوب أن يكون هنالك قدر أكبر من التفكير الاستراتيجي واتخاذ قراراتٍ الآن. أبطأنا كثيرا. علينا المحافظة على استمرار النقاش حول خطتنا التي نتمِّم بها المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا وخطتنا لتشكيل قوات تقليدية وللردع النووي. هذا مهم جدا إما لكي نكون في موقف أفضل إذا فاز ترامب أو لمساعدة بايدن على استدامة دعمه لأوكرانيا».
المثير أن هذا النقاش يدور أيضا في برلين. ففي مقابلة حديثة ترجَّى وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس البلدان الأوروبية أن تُولِي اهتماما للخطر الذي يواجه دول البلطيق إلى جانب جورجيا ومولدوفا. وهو يقول بوجوب أخذ التهديدات الروسية على محمل الجد.
على البلدان الأوروبية الآن التكيُّف مع مشهدٍ جيوسياسي جديد بما في ذلك خفضٍ محتمل للوجود الأمريكي في القارة. ويقول بوستوريوس محذرا «صناعتنا الدفاعية ستحتاج إلى وقت لزيادة قدراتها. نحن الآن لدينا ما بين خمسة إلى ثمانية أعوام لتحديث وتطوير القوات المسلحة والصناعة الدفاعية والجاهزية المجتمعية».
فيما يتعلق بأوكرانيا كان أداء الصناعة الدفاعية الأوروبية القوية ولكن المتشظية أقل من المطلوب. ففي مايو الماضي وعدت المفوضية الأوروبية بتزويد أوكرانيا بحوالي مليون قذيفة تحتاج إليها بشدة وذلك بحلول شهر مارس 2024. لكن الإنتاج لم يكن كافيا. فحتى الآن تم تسليم ثلث الذخيرة فقط وجزء كبير منها كان من المخزونات الموجودة أصلا.
عزا الرئيس التشيكي بيتر بافل تأخير أو فشل تسليم المعدات الغربية المتوقعة إلى عدم شن القوات المسلحة الأوكرانية هجومها المضاد. وبما أن بوتين أعدَّ اقتصاد روسيا للحرب يجب أن يضغط القادة السياسيون في أوروبا على الصناعة الدفاعية لجعل أولويتها الوفاء باحتياجات القارة بدلا من التصدير المربح إلى البلدان الأخرى.
لقد استثارت مراكز الأبحاث المتحالفة مع ترامب أخيرا عصفا ذهنيا في بروكسل حول تعزيز الركيزة الأوروبية للحلف. إنها المراكز التي تنصح الولايات المتحدة بتحويل اهتمامها بعيدا عن أوروبا وتُروِّج لمفهوم الناتو الخامل «غير النشط».
يجب أن يكون الحديث عن «الناتو الخامل» إنذارا لأوروبا. فالانتخابات الرئاسية الأمريكية لم يتبق لها سوى 11 شهرا فقط.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أن یکون
إقرأ أيضاً:
ترامب يهدد بفرض عقوبات واسعة النطاق ضد روسيا
مارس 7, 2025آخر تحديث: مارس 7, 2025
المستقلة/- قال دونالد ترامب إن روسيا “تضرب” أوكرانيا في ساحة المعركة، حيث هدد بفرض عقوبات مصرفية جديدة ضد موسكو من أجل إنهاء القتال.
في أكثر تحدياته المباشرة لروسيا منذ أن أصبح رئيسًا للمرة الثانية، قال السيد ترامب: “بناءً على حقيقة أن روسيا “تسحق” أوكرانيا تمامًا في ساحة المعركة الآن، فأنا أفكر بجدية في فرض عقوبات مصرفية واسعة النطاق وعقوبات ورسوم جمركية على روسيا حتى يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار واتفاق تسوية نهائي للسلام”.
في أمر مباشر لفلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي، أضاف: “إلى روسيا وأوكرانيا، اذهبا إلى الطاولة الآن، قبل فوات الأوان. شكرا لكما!!!”
في وقت سابق من هذا الأسبوع، علق ترامب جميع المساعدات العسكرية لأوكرانيا. ثم واصل تعليق قنوات تبادل المعلومات الاستخباراتية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا.
بين عشية وضحاها، شنت روسيا ضربات صاروخية وطائرات بدون طيار ضخمة على منشآت الغاز الأوكرانية. كما تقترب روسيا من تطويق عشرات الآلاف من القوات الأوكرانية التي استولت على أراضٍ في منطقة كورسك.
في قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل أمس، أيد فولوديمير زيلينسكي خططًا لهدنة جزئية لوقف الهجمات الجوية والبحرية والهجمات على البنية التحتية الحيوية واختبار ما إذا كان فلاديمير بوتن مستعدًا لإنهاء حربه على أوكرانيا.
أفادت مصادر لوكالة بلومبرج أن بوتين مستعد الآن لمناقشة المراحل الأولى من وقف إطلاق النار في أوكرانيا، ولكن فقط إذا كان هناك تقدم نحو تأمين تسوية سلمية نهائية.