لا يمكن للتنمية المستدامة أن تنجز أهدافها وتبلغ غاياتها بعيدا عن تفعيل سياسات التنويع الاقتصادي، المحرك الأساسي لقاطرة التقدم وتحقيق الرفاه الاجتماعي وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين.
وفي غضون ثلاثة أعوام قطعت سلطنة عمان شوطا على طريق رؤيتها المستقبلية، والمتحقق لم يكن محضَ صدفة، ولكنه نجاح مبني على سياسات وخطط وبرامج قادت البلاد إلى الاستقرار المالي والاقتصادي، مع خفض الدَّين إلى قرب حدوده الآمنة بما يعادل حاليا 35 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، واستغلال فوائض النفط وموازنة توزيعها بين مستهدفات التنمية الأساسية من دعم للجوانب الاجتماعية التي تمس معيشة المواطن وسداد الدَّين وتعزيز توجهات التنويع.
على قدر التنويع تكون الاستدامة ويزداد الرفاه الاجتماعي، فعلاوة على الأرقام والتقديرات والمبادرات المبشرة، التي تحملها الموازنة العامة للدولة لعام 2024، كانت هناك رسائل مهمة حول وضوح وجدّية جهود الاستدامة والشفافية في كل ما يتعلق بتوجهات سلطنة عمان الاستراتيجية، وما تحرص عليه من سياسات تضع البعد الاجتماعي وتحسين مستوى المعيشة في صدارة اهتمام جهود التنمية.
لقد مكّن استقرار الوضع المالي من إحراز تقدم مريح في الجانبين الاجتماعي والتنموي؛ فميزانية العام الجاري تتضمن حجما غير مسبوق من الإنفاق الاجتماعي بما يحافظ على تطوير الخدمات الأساسية وجودتها في قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والضمان والرعاية الاجتماعية، حيث يصل إجمالي مخصصاتها إلى 41 بالمائة من إجمالي الإنفاق العام. كما عززت سلطنة عمان عمل منظومة الحماية الاجتماعية، التي يبدأ تطبيقها هذا العام، إذ تقدم الميزانية نحو 560 مليون ريال عماني للمنافع التي تشملها المنظومة وتستفيد منها فئات عديدة من المجتمع وترفع مستويات الحماية الاجتماعية إلى ما يواكب أفضل الممارسات الدولية في هذا المجال.
وفي الجانب الإنمائي، ساهم التوجه نحو ترتيب الأولويات في سرعة انتهاء العمل في عدد كبير من المشروعات ودخولها حيز العمل بمساهمة جيدة في دعم النمو والتنويع خلال الأعوام الماضية، وضمن ميزانية هذا العام تأتي حزمة جديدة من المشروعات في عدد من القطاعات مع الاهتمام بدعم التنمية في المحافظات والتوسع في المشروعات ذات الأثر التنموي، فقد خصصت الميزانية 900 مليون ريال للمشروعات الإنمائية، في حين يقدّر إجمالي الإنفاق الإنمائي والاستثماري لهذا العام بـ 3.4 مليار ريال.
من اللافت أيضا في ميزانية 2024 التأكيد على دورها كإطار مالي يدعم خطط التنمية، والإشارة إلى أن أولوية تحسين بيئة الأعمال وتوسيع مشاركة القطاع الخاص مستهدفات أساسية للوصول إلى الاستدامة، وهذا في حد ذاته رسالة مهمة وواضحة للمستثمرين مفادها أن الحكومة تمضي قدما في تمكين القطاع الخاص من دوره في قيادة النمو وتنفيذ البرامج الاستثمارية في كافة قطاعات التنويع الاقتصادي، وأنها عازمة على تقديم كل ما يلزم من مبادرات وبرامج. وما تحقق خلال الأعوام الماضية مؤشر على النقلة الجيدة في تحسين بيئة الأعمال ورفع تنافسية الاقتصاد مع التقدم في تنفيذ برنامج التخصيص، وطرح العديد من المبادرات لتشجيع الاستثمار الخاص ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
ومما يعزز ذلك إعادة تنظيم بنك التنمية ورفع سقف التمويل، وإطلاق صندوق عمان المستقبل الذي سيبدأ عمله قريبا ليكون داعما نوعيا للمشروعات العمانية وجذب الشراكات الجديدة وأنشطة ريادة الأعمال لتمكين الشباب وتشجيعهم على المبادرة والمساهمة في دعم النمو الاقتصادي.
وثمرة لتلك الخطط، تأخذ مساهمة القطاعات غير النفطية في الإيرادات العامة منحى تصاعديا، حيث تقدّر هذا العام بـ 3.5 مليار ريال لتسجل زيادة 5.7 بالمائة عن 2023، وتظل الجهود حثيثة نحو مزيد من العائدات من خارج قطاع النفط.
إن ثمار التنويع والاستقرار المالي تتوالى خاصة وأن فرصة ارتفاع النفط ما زالت مواتية لمزيد من تحفيز النمو وخفض الدَّين وتعزيز الجانب الاجتماعي للتنمية.
ومع ما حققته سلطنة عمان من إنجازات في فترة وجيزة على الصعيدَين المالي والاقتصادي بحكمة قائدها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- نشعر بالثقة أننا على الطريق الصحيح لمستقبل أكثر نموا وازدهارا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سلطنة عمان هذا العام
إقرأ أيضاً:
وزير المالية: نعتزم إطلاق حزمة حوافز ضريبية جديدة خلال العام المالي المقبل
كشف أحمد كجوك، وزير المالية؛ عن اعتزام وزارته اجراء عدد من الاصلاحات في المنظومة الايرادية، منوها بأن المرحلة الثانية من حزمة الحوافز والتسيرات الضريبية الجديدة المزمع اطلاقها بحلول العام المالي 2026/2027 المقبل تتضمن اجراءات على قانون الضريبة العقارية والمنظومة الجمركية.
وأكد وزير المالية في تصريحات له قبل قليل، أن المرحلة الجديدة من الحوافز الضريبية التي تعمد الوزارة العمل عليها تتضمن سلسلة من التيسيرات والتسهيلات المختلفة التي تستهدف الممولين خصوصا فيما يتعلق بالضرائب العقارية من حيث سهولة التقييم والسداد الضريبي.
وأوضح وزير المالية، ان الوزارة تسعي من خلال الحوافز الضريبية إلى جذب ثقة المجتمع الضريبي.
في سياق اخر، أكد أحمد كجوك وزير المالية، أننا نُراهن على تنامى وزيادة دور القطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى؛ لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، موضحًا أن المجموعة الوزارية الاقتصادية تعمل فى تناغم، بأولويات ومستهدفات متسقة فى إطار رؤية واضحة لتحفيز النمو والتنمية.
وقال، فى حلقة نقاشية مشتركة مع المهندس حسن الخطيب وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، نظمتها الجمعية المصرية للاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر وأدارها أيمن سليمان، رئيس الجمعية، إننا منفتحون جدًا على رؤى وأفكار مجتمع الأعمال، ونتحرك بمرونة لتخفيف الأعباء على القطاعات الإنتاجية والتصديرية، لافتًا إلى أن أولويات ومستهدفات السياسات المالية ستؤثر بقوة فى تهيئة بيئة أعمال محفزة لتنافسية الاقتصاد المصرى.
وأضاف أننا نعمل على استعادة الثقة مع مجتمع الأعمال بحزم متتالية من التيسيرات، على نحو يرسخ لتغيير ملموس فى الواقع الضريبي، مؤكدًا أننا لمسنا تجاوبًا مشكورًا وإقبالًا ملحوظًا من مجتمع الأعمال للاستفادة من المزايا الكبيرة فى الحزمة الأولى للتسهيلات الضريبية.
وأشار كجوك، إلى أن تحديات كثيرة ستنتهي تلقائيًا مع توجهنا الصحيح لتوسيع القاعدة الضريبية وإرساء دعائم الشراكة مع الممولين، موضحًا أن الإيرادات الضريبية خلال النصف الأول من العام المالى الحالى ارتفعت بنسبة ٣٨٪ مع انطلاق مسار الثقة والشراكة والمساندة لمجتمع الأعمال.
وأكد أننا نستهدف مخصصات لبرامج ومبادرات تحفيز القطاعات الاقتصادية خلال العام المقبل تعادل «ثلاثة أمثال» السنة الحالية، قائلاً: «لا إعفاءات.. ولكننا منفتحون على تقديم مساندة نقدية لبعض الأنشطة ذات الأولوية لتحقيق أهداف واضحة فى توقيتات محددة».
وأضاف أننا نعمل جميعًا على الاستغلال الأمثل لأصول الدولة وإدارتها بشكل جيد؛ لضمان تحقيق أفضل عوائد ممكنة لدعم الاقتصاد المصرى.