النازحون .. بين نار الحرب وبرد الشتاء
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
رفح"رويترز": حول النار وحدها تجد عائلة معروف الفلسطينية المأوى وبعض الدفء في برد الشتاء وعراء مدينة رفح التي تكسوها المخيمات. لكن هذا الدفء قد لا تجده لاحقا الأسرة التي جاءت إلى رفح بعد فرارها من منزلها مع بداية القصف الإسرائيلي قبل نحو ثلاثة أشهر .
فموارد الأخشاب التي يتم جمعها من المباني المدمرة نضبت منذ فترة طويلة في القطاع الفلسطيني المدمر.
وقال شادي معروف "والله ما في أمان، اقسم بالله بنخاف، والله العظيم بنخاف، وأولادي بيخافوا وبيقولي يا بوي (أبي) احنا في الخلاء. باقولهم المعين الله وين بدنا نروح".
وفقد تقريبا جميع سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منازلهم بعد القصف المدمر والهجوم البري الذي شنته إسرائيل في السابع من أكتوبر .
وتقول السلطات الصحية في غزة التي تديرها حماس إن أكثر من 22 ألف فلسطيني قتلوا في القصف الإسرائيلي.
ويعيش سكان القطاع الساحلي الصغير الآن مكدسين في ملاجئ جماعية في مدارس الأمم المتحدة أو في مخيمات مؤقتة مكتظة في شوارع رفح، بالقرب من الحدود الجنوبية لغزة مع مصر، وفي عدد قليل من المراكز الأخرى.
وفرت عائلة معروف من بيت لاهيا القريبة من الحدود الشمالية مع إسرائيل في اليوم الأول من الحرب. ولجأت العائلة إلى منطقة شمالية أخرى، لكنهم وجدوا أنها غير آمنة فارتحلوا ثانية.
ومكثوا في مخيم النصيرات بوسط غزة، لمدة شهر، لكن الغارات الجوية كانت قريبة منهم في كثير من الأحيان. ثم انتقلوا جنوبا إلى رفح، على الحدود مع مصر مباشرة.
ويجلس أفراد الأسرة الآن حول النيران التي يشعلونها خارج خيمتهم المصنوعة من الخشب والبلاستيك. ومن بين أفراد الأسرة طفلة عمرها أربعة أشهر ولا يجد الأبوان إلا هذه النار مصدرا لتدفئة الطفلة الصغيرة.
وتصير المخيمات مدينة أشباح ليلا. فقد انقطعت الكهرباء في غزة في وقت مبكر من الحرب بعد أن قطعت إسرائيل إمدادات الكهرباء والوقود للمولدات. وفي بعض الأحيان، لا يضيء الخيمة إلا مصباح ببطارية يرسل ضوءه خافتا عبر أغطية البلاستيك المصنوعة منها الخيمة.
ويتجمع شادي معروف وزوجته صفية وأطفالهما الستة حول النار التماسا للدفء في مواجهة البرد القارس.
وقال شادي "والله الحياة مأساة في رفح. جينا (أتينا) مشردين من بيت لاهيا وملقناش (لم نجد) ولا حاجة، ولا مأوى ولا بطانية ولا فرشة، وهاي تحت الصقعة (البرد الشديد) وزي ما انت شايف حتى ما في حطب ولا فيه مايه حتى المايه... اتيمم في الرمل إذا بدي أصلي ومفيش مايه للشرب".
وقالت صفية معروف التي تكافح من أجل العثور على حفاضات وحليب أطفال لابنتها "ايش بدنا نسوي (نفعل). الوضع صعب والحياة صعبة علينا وعلى الجميع، للناس كلها مش بس علينا، الناس كلها بتعاني، الناس كلها وجعانه (تتألم)، مفيش حمامات، مفيش ميه (لا يوجد ماء) مفيش دفا، مفيش أمان، احنا بننام واحنا خايفين".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
بعد تدميرها القطاع هل تستطيع إسرائيل تهجير الغزيين؟
اعتمدت إسرائيل في حربها غير المسبوقة على قطاع غزة سياسة التدمير الممنهج لمختلف مدنه وبلداته وبنيته التحتية، وهو ما يرى محللون أنه يتخطى مفهوم تدمير كافة مقومات الحياة في القطاع المحاصر إلى التهجير.
ويقول المحاضر في العلوم السياسية مهند مصطفى إن هدف الحرب القادمة بالنسبة لإسرائيل هو تحويل غزة إلى مكان غير صالح للسكن بشكل أكبر مما هو عليه الوضع حاليا، مما يعني عمليا المضي قدما بتهجير الغزيين.
وأشار مصطفى إلى أن التدمير الذي أحدثته إسرائيل في القطاع ممنهج باعتراف جنود وضباط إسرائيليين، مؤكدا أنه يندرج في إطار تحويل غزة إلى مكان غير صالح للسكن.
بدوره، استبعد الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة أن يكون خطر التهجير القسري لا يزال ماثلا بمعناه الدقيق، لكنه أقر بوجود طرق بديلة لتحقيق ذلك من وجهة النظر الإسرائيلية.
ووفق الحيلة، فإن إسرائيل قد تتحكم بعملية خروج وعودة الفلسطينيين من وإلى القطاع، إذ قد لا تسمح بعودة من خرج منه بالعودة إليه لاحقا.
ولفت مصطفى إلى وجود تصور إسرائيلي يتم تداوله حاليا يربط إعادة الإعمار في قطاع غزة بالجانب السياسي، مما يعني الربط عمليا بين الشأنين الإنساني والسياسي، في إشارة إلى تحكمها بعملية إعادة الإعمار.
إعلانوتعتبر إسرائيل -حسب مصطفى- إدخال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار القطاع بمثابة موارد سلطوية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) تستطيع أن تستعملها لإعادة بناء ذاتها سياسيا، واصفا ذلك بأنه ابتزاز إسرائيلي للفلسطينيين فيما يتعلق بمستقبل قطاع غزة.
وتحولت أحياء بأكملها في غزة إلى أنقاض، مما جعل مئات الآلاف من الغزيين يعتمدون على المساعدات الإنسانية من أجل المأوى والبقاء على قيد الحياة، فضلا عن تدمير البنية التحتية، وهو ما يسلط الضوء على التحديات الهائلة التي تواجهها غزة في إعادة البناء.
وأعرب مصطفى عن قناعته بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، والانتقال إلى مفاوضات المرحلة الثانية، لكنه يفكر أيضا بإمكانية فرض حل سياسي على الفلسطينيين من خلال التعاون مع الولايات المتحدة.
وأظهرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بوادر تشجع إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب، مثل إلغاء العقوبات على المستوطنين، مؤكدا أن إنهاء حكم حماس في غزة يمثل مفهوم الانتصار عند إسرائيل.
أما الحيلة فشدد على أن اتفاق وقف إطلاق النار بغزة لا يمنح إسرائيل السيادة على معبر رفح، لكنها تريد سلب الفلسطينيين أحد المظاهر السيادية على القطاع، والتحكم بكل من يدخل ويخرج منه.
وخلص الحيلة إلى أنه "ليس بالضرورة أن كل ما يريده الاحتلال يمكن أن ينجح ويتحقق"، مستدلا بسحب إسرائيل قطاعاتها العسكرية من غزة دون أن تحقق أهداف الحرب.
وبحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (يونوسات)، فإنه حتى الأول من ديسمبر/كانون الأول 2024 تضرر أو دمر ما يقارب 69% من مباني القطاع، أي ما مجموعه 170 ألفا و812 مبنى.