مع اقتراب الذكرى الثامنة والستين لاستقلال السودان، يظهر البلد في حالة من التجزؤ والصراع، حيث تسببت المعارك في نزوح أكثر من 7 ملايين سوداني داخليًا وخارجيًا، ويستمر الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) في النشاط العسكري، متجاهلين العمليات السياسية لحل الأزمة التي اندلعت في إبريل الماضي 2023.


وتواصل المعارك في الصراع السوداني بين الجيش والدعم السريع في منطقة الحفايا بالخرطوم البحري، ويترقب العالم لقاء القادة العسكريين عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو (حميدتي) في جيبوتي الأسبوع المقبل، وفي تطورات آخرى، أكدت الولايات المتحدة أن الصراع أسفر عن جرائم حرب وانتهاكات ضد الإنسانية، كما التقى حميدتي مع تنسيقية القوى الديمقراطية في أديس أبابا لمناقشة الوضع الإنساني والسعي لوقف الحرب.


هل يحل لقاء البرهان وحميدتي الخلاف؟

تسعى الحكومة السودانية لإنهاء الحرب في البلاد من خلال سحب قوات الدعم السريع من المدن التي تحتلها. وفي كلمته بمناسبة ذكرى الاستقلال، أعرب رئيس مجلس السيادة السوداني عن أن الميليشيات التابعة للدعم السريع ما زالت تسبب تدميرًا في السودان وتواصل عمليات القتل والتشريد.

أعربت وزارة الخارجية السودانية عن الحاجة إلى موقف دولي موحد ضد هذه الميليشيات، وطالبت بوقف إطلاق النار غير المشروط وانسحابها من القرى والمدن والمناطق المدنية. كما أكدت أنه يجب ألا يتم مكافأة هذه الميليشيات على جرائمها الإرهابية وانتهاكاتها للقانون الدولي الإنساني، وأنها يجب أن تحاسب على أفعالها.

ووفقًا لوكالة الأنباء السودانية سونا، أشارت وزارة الخارجية السودانية إلى الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والأعمال الإرهابية التي ترتكبها ميليشيا الجنجويد في ولاية الجزيرة، كما ظهرت تفاصيل صادمة عن عمليات التطهير العرقي والمجازر الجماعية ذات الطابع العرقي في ولاية غرب دارفور الشهر الماضي،

و تستهدف القرى والمناطق الريفية التي تخلو من أي تواجد عسكري، وارتكاب الفظائع ضد سكانها، خاصة النساء والفتيات، وتجنيد الشباب والأطفال بالقوة، هو أسلوب يشبه تلك المتبعة من قبل جماعات إرهابية مثل بوكو حرام وجيش الرب اليوغندي وتنظيم داعش.

و أكد بلينكن، أن الولايات المتحدة تولي اهتمامًا كبيرًا للمعاناة المستمرة التي يعانيها الشعب السوداني بسبب الصراع غير المجدِّر بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية.


وعبّر بلينكن عن قلقه إزاء ارتفاع حالات النزوح في السودان وتدهور الأمن والوضع الاقتصادي والبنية التحتية المتدهورة في البلاد. كما أشار إلى تعرض النساء والفتيات في السودان للاعتداء الجنسي والعنف والرعب، وطالب بضرورة وقف هذه الحرب الوحشية وإعادة الحكم إلى المدنيين.

و تلتزم الولايات المتحدة بدعم الشعب السوداني والعمل على إنهاء الصراع، وذلك بهدف تحقيق السلام والأمن والازدهار الذي يستحقه الشعب السوداني في العام الجديد، وأعرب عن أمله في أن تستعيد السودان استقراره الديمقراطي وتتجاوز الأزمات الحالية.


الحوار هو الحل لتحقيق الاستقرار


قال الدكتور صلاح هاشم، أستاذ العلوم السياسية، إنه من الصعب التنبؤ بتأثير اللقاء بين قادة السودان على حل الأزمة، ولكن الحوار والتفاوض قد يكونان خطوة إيجابية نحو تحقيق التسوية.

وأضاف هاشم في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أنه خلال الشهر الماضي، شهد الصراع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع تصاعدًا مدمرًا، حيث تسبب في مذابح ونزوح جماعي، ومن الأفضل لكل الأطراف إنهاء هذا الصراع الأهلي الذي أودى بالسودان الشقيق إلى حافة الهاوية.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن التقديرات تشير إلى أن الجيش السوداني يمتلك نحو 200 ألف عنصر، بينما تتراوح قوات الدعم السريع بين 70 ألف و100 ألف فرد، وتتميز هذه القوات بطابع يشبه جماعات الحرب والعصابات، عكس الهيكلية التقليدية للجيش.

التفاهم سيعزز الاستقرار

قالت الدكتورة ناهد عز الدين، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إن الحوار يلعب دورًا حاسمًا في حل أزمة السودان، إذ يمكن أن يساهم في تحقيق التفاهم والتوافق بين الأطراف المختلفة وتعزيز السلام والاستقرار في البلاد من خلال إيجاد فرص للقاء والتحاور وتبادل وجهات النظر، يمكن أن يتم ذلك عبر المفاوضات المباشرة أو من خلال وسطاء محايدين.

و أضافت في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، لقاء حميدتي والبرهان سيوفير بيئة آمنة ومحايدة للحوار والتفاوض، ويعيد الثقة بين الأطراف المتنازعة من خلال التزامها بالاتفاقيات والتعهدات المشتركة.


أزمة السودان

وكانت قد اشتعلت النزاعات المسلحة في السودان بين الجيش الوطني السوداني وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل الماضي، حيث أسفرت عن خسائر فادحة بحياة مئات السكان وشهدت تهجيرًا ولجوءًا يفوق 3 ملايين شخص من العاصمة الخرطوم ومدن أخرى نحو ولايات آمنة ودول الجوار، ومنذ ذلك الوقت تعاني البلاد من ظروف اقتصادية صعبة وهيكل تحتية تشهد تدهورًا، وقد زاد النزاع الحالي من معاناة السكان وتفاقم من ضعف الأوضاع الأمنية والاقتصادية في السودان.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وزارة الخارجية السودانية الحكومة السودانية حكومة السودان شعب السودان الصراع السوداني الأزمة السوداني لقاء البرهان و حميدتي الجيش والدعم السريع قوات الدعم السريع العاصمة الخرطوم صراع السودان النشاط العسكري مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو حميدتي عبد الفتاح البرهان الدعم السريع محمد حمدان دقلو رئيس مجلس السيادة السوداني الازمة السودانية الدعم السریع فی السودان من خلال

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يتقدم وسط الخرطوم وقوات متحالفة معه تحقق انتصارات بدارفور

قالت مصادر صحفية سودانية إن منطقة المقرن وسط الخرطوم تشهد مواجهات عنيفة بين الجيش والدعم السريع تمكن خلالها الجيش من السيطرة على مقر البنك المركزي وبعض المؤسسات الحكومية المحيطة بعد أن عزز وجوده في دائرة نصف قطرها عدة كيلومترات.

وأكدت تلك المصادر أن المعارك لا تزال مستمرة مع تراجع الدعم السريع إلى منطقة السوق العربي، وأصبح الجيش قريبا من الوصول إلى القصر الجمهوري.

على الصعيد نفسه، قال مصدر عسكري في الجيش السوداني للجزيرة إن قتالا عنيفا اندلع صباح اليوم بين قوات من الجيش السوداني وما سماها مليشيا الدعم السريع في ولاية سنار قرب جبل موية. وأضاف المصدر أن قوات الجيش حققت تقدما ملحوظا في معارك اليوم دون أن يقدم تفاصيل إضافية.

في غضون ذلك، أعلنت القوة المشتركة المساندة للجيش السوداني، الأربعاء، السيطرة على قاعدة عسكرية تتبع لقوات الدعم السريع في ولاية شمال دارفور، وتكبيدها خسائر في الأرواح والآليات العسكرية، بالإضافة إلى أسر العشرات من الجنود.

الدخان يتصاعد فوق الخرطوم، يوم الخميس 26 سبتمبر/أيلول 2024 (أسوشيتد برس)

وقال بيان أصدره المتحدث باسم القوة المشتركة، أحمد حسين مصطفى إن "القوات المشتركة تمكنت من تحرير قاعدة بئر مزة، التي تبعد نحو 28 كيلومترًا شمال مدينة كتم بولاية شمال دارفور".

ونوه البيان إلى أن القاعدة التي تم الاستيلاء عليها كانت مركزًا لتجميع وتدريب المقاتلين القادمين من خارج السودان، إضافة إلى أنها كانت مركزًا رئيسيًّا لإيصال الوقود والأسلحة من الحدود الشمالية الغربية للسودان مع دولتي ليبيا وتشاد.

وأشار إلى أن قواتهم فرضت سيطرتها الكاملة على الحدود الثلاثية التي تجمع السودان وليبيا وتشاد، ودمرت كل القواعد والارتكازات الرئيسية لقوات الدعم السريع في مناطق الصحراء الكبرى مثل "وادي هور، وادي أمبار، بئر مرقي" وغيرها.

تحركات سياسية

سياسيا، أكد سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي محمد جاد في تصريحات نقلتها صحيفة الشروق المصرية رفض مصر بشكل قاطع إرسال قوات أفريقية للسودان.

وكان المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريلو، قد أعلن عن فتح قنوات اتصال مع الاتحاد الأفريقي بخصوص تهيئته لإعداد وتجهيز قوات للتدخل، بهدف حماية المدنيين في السودان.

وأكد السفير المصري رفض بلاده القاطع لهذا الطرح الذي سبق أن نوقش في اجتماع على هامش فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة في يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي، وقد رفضته مصر والدول الأفريقية الأخرى التي شاركت فيه.

وتساءل السفير المصري "كيف يمكن إرسال قوات وما زال القتال دائرا في عدة مناطق في البلاد؟"، في حين أن الأولوية يجب أن تكون لوقف إطلاق النار.

المبعوث الأميركي للسودان توم بيريلو (وسائل التواصل)

وكان وفد رفيع من مجلس السلم والأمن الأفريقي بدأ، اليوم الخميس، اجتماعات مكثفة مع مسؤولين سودانيين لبحث سبل وقف الحرب المستمرة في البلاد منذ نحو 18 شهرا.

وقد أبلغ النائب العام السوداني الفاتح طيفور أعضاء الوفد بأن لجنة تقصي الحقائق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان خالفت اختصاصاتها وتفويضها، ولم تلتزم بالمعايير المتبعة في منهجية عمل لجان التحقيق.

مساعدات تركية كويتية

على الصعيد الإنساني، وصلت سفينة المساعدات الإنسانية الثالثة المقدمة بشكل مشترك من تركيا والكويت إلى بورتسودان يوم الأربعاء، وعلى متنها 2500 طن من المساعدات للدولة التي مزقتها الحرب. وكانت سفن مساعدات مشتركة من البلدين قد وصلت إلى بورتسودان في 19 يوليو/تموز و23 سبتمبر/أيلول الماضيين.

متطوع يوزع الطعام على الناس في أم درمان (رويترز)

وقد أشادت مفوضة المساعدات الإنسانية السودانية سلوى آدم بالجهود التركية والكويتية لتقديم المساعدات للشعب السوداني، بينما أكد السفير التركي فاتح يلدز دعم بلاده المستمر للسودان شعبا وحكومة.

وأوضح يلدز أن السفينة لم تكن تهدف فقط إلى إيصال المساعدات إلى الشعب السوداني الذي في أمسّ الحاجة إليها، ولكن أيضًا للفت انتباه العالم إلى المأساة الإنسانية في السودان.

وأشار القائم بالأعمال الكويتي إلى أن المساعدات قدمت من الجمعية الكويتية للإغاثة تنفيذا لأمر أمير الكويت مشعل الأحمد الجابر الصباح.

وتدور حرب أهلية في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. وقُتل نحو 21 ألف شخص، وشُرد 10 ملايين، بحسب الأمم المتحدة.

علاوة على ذلك، أدت الأمطار الغزيرة إلى فيضانات شديدة في جميع أنحاء البلاد. وتتزايد الدعوات الدولية والأممية لإنهاء الحرب لتجنيب السودان كارثة إنسانية دفعت الملايين بالفعل نحو المجاعة والموت بسبب نقص الغذاء.

مقالات مشابهة

  • شاهد بالصور.. لماذا تحولت جسور الخرطوم إلى مفتاح للحسم العسكري بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع؟
  • بالفيديو: الجيش السوداني يسيطر على شوارع بحري بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع
  • البرهان لوفد مجلس السلم والأمن الإفريقي: السودان يواجه “استعمارا جديدا”
  • البرهان لوفد إفريقي: السودان يواجه “استعمارا جديدا”
  • الجيش السوداني يتقدم وسط الخرطوم وقوات متحالفة معه تحقق انتصارات بدارفور
  • وزيرة “القراية” السودانية الحسناء تسخر من “حكامة” الدعم السريع التي خلعت ملابسها الداخلية: (ح استف ليك مية دسته وانا جاية الخرطوم وارسلهم بصابونهم)
  • هجوم الجيش السوداني المفاجئ يثير الشكوك والاستفهامات
  • حركات الكفاح:الجيش السوداني يحقق انتصارا ساحقا على قوات الدعم السريع في واحدة من أكبر المعارك
  • تدعم الجيش أم الدعم السريع.. أين تصطف دول الجوار في حرب السودان؟ (3)
  • حلفاء للجيش السوداني يعلنون تحقيق انتصار ساحق على قوات الدعم السريع