ashuily.com
وأنا اقرأ عن بدايات العام الجديد تمهيدا لكتابة هذه الزاوية لفت نظري موضوع يتطرق فيه كاتبه عن أحزان نهاية العام والبدايات الحزينة المرافقة للعام الجديد مع إعطاء بعض النصائح للتخلص من تلك الأحزان خصوصًا عن الاحتفال ببدايات العام الجديد. توقفت طويلًا أمام جملة «أحزان نهاية العام» وتأملت في أحوال العالم المتصارعة والمتحاربة التي تشهد أوضاعًا سياسية واقتصادية هشة، وهل يمكن مع كل هذه المآسي أن نشهد بعض الفرح وإن كان بعيدًا ليزيل غمامات الكآبة عن المشهد الإنساني بأكمله وحاولت مع كل ما أستطيع من قوة لاستجلاب الفرح والسعادة وأن أجد مبررا ولو بسيطا لما يسمى بأحزان بداية العام ولماذا لا يرى المصابون بهذا الداء أي بارقة أمل تلوح في الأفق في أن تتحسن أوضاع العالم وأن تعود الدنيا للفرح والسرور بدلا من التشاؤم والقنوط.
ربما نسمع قريبًا أن علماء الطب السلوكي قد صنفوا أحزان بداية العام كمتلازمة نفسية تصاحب الشعور بانتهاء عام وبدايات عام جديد، وقد يمتد ذلك إلى إسداء بعض النصائح والإرشادات والجلسات النفسية المصاحبة لبدايات العام ونهاياته، مع وصف بعض العقاقير المهدئة للحالة المزاجية التي تعين المريض على البقاء في حالة مزاجية معتدلة على الأقل عند الاحتفال ببدايات عام جديد.
الباحثون في مجالات الطب النفسي والمشتغلون في العلاجات النفسية يقرون أن العالم بات يعاني من حالات اكتئاب عميقة ومتجذرة مع ازدياد في الحالات النفسية والعصبية المصاحبة للكثير من المشاكل والمآسي والكوارث والحروب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، فمشاكل الحياة المدنية الحديثة عمقت كثيرا من أوجاع العالم النفسية والسلوكية، ورفعت من أعداد المرضى النفسيين إلى نسب عالية فمثلا تقرير منظمة الصحة العالمية يقول إن شخصًا واحدًا من أصل ثمانية أشخاص مصاب باضطراب نفسي مثل القلق والاكتئاب وأن عددَ من يعانون من هذه الاضطرابات بلغ خلال عام ٢٠١٩ أكثر من مليار شخص مع ارتفاع تلك الأعداد خلال أزمة كورونا، وما صاحبها من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
استمعت إلى حلقة من حلقات بودكاست «جلسة كرك» كانت مع الدكتور والطبيب النفسي محمد الحسني مؤلف كتاب «عقدك النفسية سجنك الأبدي» الذي بيعت منه كما يقول المؤلف ذاته أكثر من 65 ألف نسخة وشجعني ذلك على تحميل وقراءة الكتاب إضافة إلى ما قاله الدكتور المؤلف عن الأمراض النفسية خصوصا في عالمنا العربي التي شخصها بأنها تبدأ من الطفولة، وتمتد حتى الشيخوخة ويعزوها الدكتور إلى كثير من عوامل الموروث الفكري وطريقة تربية الوالدين لأبنائهم وأثر ذلك على تنشئة الأبناء وتشكيل هوياتهم بالإضافة إلى تحليل بعض المعضلات النفسية المرتبطة بالأسرة والعمل والمدرسة وتأثير تلك العقد النفسية على الفرد والمجتمع وغيرها من الفصول التي استوحى فيها المؤلف قصصه من واقع ما شخصه من مرضاه المترددين عليه والذين يعانون من أمراض نفسية مختلفة يعزو المؤلف أكثرها إلى التنشئة والتربية خصوصًا في بيئتنا العربية.
ناقشت صديقا في جلسة مطولة أسباب انتشار الأمراض النفسية والهشاشة النفسية خصوصا في مجتمعنا المعاصر والأسباب التي تؤدي إلى ازدياد أعداد المصابين بتلك الأمراض خصوصًا عند المراهقين والشباب وإن كان كبار السن لا يخلون من أعراض تلك الأمراض ولو بنسب أقل، فاتفقنا على أن المدنية الحديثة ووسائل التحضر والتقدم والشبكات الاجتماعية ربما هي ما يعزى إليه كثرة انتشار المرضى النفسيين إضافة إلى هشاشة الجيل الحديث الذي لا يستطيع تحمل الكثير من المسؤوليات والعواقب التي بدورها تؤدي إلى مشاكل نفسية لدى الجيل الجديد من الشباب فضلا عما ذهب إليه الدكتور يوسف في كتابه من الآثار النفسية التي تتركها التنشئة في الصغر على جيل الشباب والمراهقين وتمتد حتى الشيخوخة.
لا أستغرب بعد كل ما شاهدت وقرأت وسمعت من أن بدايات العام الجديد قد تحولت من أفراح إلى أحزان وأن العالم بدلا من أن يفرح بدخول عام جديد بتفاؤل وسعادة وفرح سوف ينظر إلى العام الجديد بأنه ليس سوى نسخة من العام الذي سبقه مليء بالسواد والقتامة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: العام الجدید
إقرأ أيضاً:
يوم الحسم.. العالم ينتظر الرئيس الأمريكي الجديد
تترقب الولايات المتحدة الأمريكية، التى تفصلها ساعات قليلة عن يوم حسم الانتخابات الرئاسية، ومعها العالم أجمع، تحديد هوية الساكن الجديد للبيت الأبيض، حيث تعتمد المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على الدعم المتزايد من الديمقراطيين، ودفاعها عن حقوق الإجهاض، ويشكل دفاعها عن الطبقة الوسطى نقطة تلعب لصالحها، بينما يعتمد المرشح الجمهورى دونالد ترامب فى حملته الانتخابية على مزاياه فى المواضيع الاقتصادية، إضافة إلى الآراء الإيجابية التى تشكلت خلال فترة رئاسته السابقة.
وتشير أحدث استطلاعات الرأى فى الولايات المتحدة إلى القلق المتزايد بين المواطنين بشأن وضع الديمقراطية فى البلاد، حيث أفاد أكثر من ثلاثة أرباع المشاركين بأن الديمقراطية «مهددة حالياً»، وفقاً لاستطلاع مشترك بين صحيفة «نيويورك تايمز»، و«كلية سيينا»، ورغم تأكيد مسئولى الانتخابات أن عملية التصويت ستكون عادلة وآمنة وشفافة، واصل «ترامب» التعبير بشكل متزايد عن قلقه بشأن احتمال لجوء خصومه الديمقراطيين لـ«الاحتيال» للتلاعب بنتائج الانتخابات لصالح منافسته «هاريس».
وأكد المرشح الجمهورى لأنصاره أن عليهم أن يتوقعوا فوزاً كبيراً فى الانتخابات، مشيراً إلى أنه لا يستطيع أن يتخيل خسارته إلا «إذا كانت انتخابات فاسدة»، فيما قالت «هاريس» فى مقابلة بُثت الشهر الماضى على شبكة «إن بى سى»، إن فريقها سيكون جاهزاً للذهاب إلى المحاكم إذا خسر الأول وحاول تقويض الانتخابات.